سياسات أردوغان الفاشلة تضع تركيا على مفترق طرق
بشرى الفروي
تشهد المنطقة تغييرات دراماتيكية سريعة من تقهقر داعش جراء ضربات الجيش العراقي والحشد الشعبي من جهة والجيش السوري وحلفائه من جهة أخرى، بالإضافة للإنجازات الأخيرة التي تحققت في حلب، وهذا بالتالي أدى لتراجع المشروع الأميركي وغيّر من تكتيكاته على حساب حلفائه، ولاسيما تركيا التي انزعجت من الدعم الأميركي للأكراد، هذا الأمر أفضى لتوترات أمنية بالجنوب من الجغرافيا التركية والذي قد يدخلها في دوامة من الصراعات، والانتقال إلى حالة مئة بالمائة مشاكل مع دول الجوار الذي أضعف الدور التركي دولياً، هذا بالإضافة لضغط المعارضة التركية التي اشتدّت قوّتها من نتائج سياسات أردوغان الفاشلة في الداخل والخارج، وحالة الخذلان لداعش من تخفيض الدعم عنها سيجعل من باب الانتقام مفتوحاً .
تركيا فعلياً أصبحت على موعد دائم مع التفجيرات والاختراقات الأمنية وآخرها استهداف مطار أتاتورك الدولي باسطنبول مساء يوم الثلاثاء الذي يعتبر من أهمّ المطارات في تركيا ومن الأماكن المحصنة والمراقبة أمنياً بشكل كبير فهي المرة الأولى التي يتمّ استهداف المطارات التركية منذ استهداف مطار أنقرة قبل 35 عاماً. وبالرغم من ذلك تمّ اختراقه بعمليه مخططة بشكل عالي المستوى، وهنا تطرح تساؤلات عن الجهة المسؤولة وعن وجود جواسيس بالداخل التركي تحضر لعمليات جديدة خاصة أنّ داعش لم تعلن مسؤوليتها عن تنفيذ الهجمات رغم إعلانه بإعتداءات بأماكن أخرى، التفجيرات أدّت إلى مقتل 41 شخصاً على الأقلّ وجرح 239 آخرين بينهم أشخاص في حالة خطرة، في هجوم قاده ثلاثة مسلحين باستخدام متفجرات وسلاح كلاشينكوف .
بالرغم من إعلان أردوغان أنّ بلاده تدعم العمليات الحربية التي يقودها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضدّ تنظيم داعش إلا أنّ أصابع الاتهام الموجهة لأروغان من قبل المعارضة التركية باتت تضعه في موقف محرج، فهنالك مصادر كردية تؤكد استمرار التعاون الكامل بين النظام التركي وتنظيم داعش. وقال البرلماني التركي السابق سوات كينيكلي أوغلو: «لسوء الحظ، ما نراه هو آثار جانبية لسياسة تركية كارثية في سورية جلبت الإرهاب إلى قلب اسطنبول». وأضاف: «تلك التفجيرات تستهدف بوضوح خلق جوّ من الفوضى وضرب الاقتصاد والسياحة».
أثرت المقاطعة الروسية والتفجيرات المتكرّرة في تركيا على قطاع السياحة بشكل كبير حيث شكلت حادثة إسقاط الطائرة الحربية الروسية ضربة قاصمة للعلاقات الروسية التركية، الأمر الذي أدّى إلى تصعيد التوتر بين البلدين وفرض عقوبات اقتصادية روسية موجعة ضدّ تركيا. حيث اتخذت موسكو رداً على ذلك، جملة من الإجراءات العقابية تجاه أنقرة، بما فيها تعليق حركة السياحة، ورحلات الطيران، وحظر استيراد حزمة من السلع والمنتجات الزراعية التركية، حيث أظهرت بيانات رسمية أنّ عدد السائحين الذين استقبلتهم تركيا هبط أكثر من الثلث في أيار/مايو مسجلاً أكبر انخفاض في 22 عاماً على الأقلّ مع استمرار تضرّر نشاط السياحة جراء التوترات مع روسيا وموجة التفجيرات. ويشير هذا الانخفاض إلى مزيد من المعاناة للاقتصاد التركي الذي تضرّر جراء تباطؤ الصادرات وضعف الاستثمارات الخاصة. ويتوقع بعض خبراء الاقتصاد انخفاض إيرادات السياحة بمقدار الربع في العام الحالي، مما يكبّد الاقتصاد خسائر تبلغ نحو 8 مليارات دولار أو ما يعادل نحو واحد بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. يعتقد بعض الخبراء الاقتصاديين أنَّ السياحة قد تتسبّب في تراجع أكبر للاقتصاد. استمرار الهجمات الإرهابية وازدياد الأمور سوءاً، فإنَّ التأثير قد يكون كبيراً، بحيث يقتطع نقطة مئوية كاملة من النمو الاقتصادي.»
المتغيّرات أدّت بأردوغان إلى أن يلهث لتعويم نفسه على حساب حلفائه، فقبل بالإهانة وقدّم اعتذاره لروسيا وللرئيس بوتين عن إسقاطه الطائرة الروسية على حساب المجموعات الإرهابية فهذا الأمر لا ينتهي فقط بالاعتذار ، واستعجاله لتطبيع العلاقات مع «إسرائيل» على حساب حماس، كلّ هذا يدلّ على المأزق الذي أوقع نفسه به والسؤال إلى متى سيبقى حتى يعلن خسارته لمشروعه في سورية؟
يبدو أنّ حلم أردوغان بالسلطنة العثمانية انتقل إلى حلمه بالبقاء على رأس النظام في تركيا وحلمه بانتشال بلده من صراعات قد تدوم لسنيين طوال، وانّ خطر ارتداد الإرهاب إلى عمق الداخل التركي أصبح أمراً واقعاً، وهذا ما حذرت منه الدولة السورية مراراً وان لا مفرّ من انتقاله وانتشاره إلى دول العالم بحال الاستمرار بدعمه.