الجميع بات يتحدث بمنطق الدولة السورية هل يبرز التحوّل؟

د. محمد بكر

لم يكن دافع الجديد السعودي في اعتقادنا لجهة المبادرة لفتح حوار مباشر مع الحوثيين لإنهاء الحرب اليمنية وتوقيع اتفاق سياسي يراعي مطالب الحوثيين «بكبشي فداء» صالح وهادي، هو فقط ما أكده مصدر دبلوماسي خليجي بأنّ السعوديين ضاقوا ذرعاً بطول مسار المفاوصات في الكويت، فعلى ما يبدو أنّ العربية السعودية قد تترك رحال «تعنتها» جانباً، وتمضي إلى حيث مضى أردوغان، بعد تفجيرات مطار أتاتورك ولاحقاً التقجيرات التي هزت السعودية، وأربكت لا بل نسفت العناد السعودي، حتى إمام المسجد الحرام بات يدعو بالويل على الداعشيين ومن سلك مسلكهم، وترامب هو الآخر تفرّد في طرح نظريته التي تجد في بقاء الديكتاتورية الخيار الأفضل للشرق الأوسط، مضيفاً في تعليق على الرئيس الراحل صدام حسين: صحيح أنه كان رجلاً سيئاً لكنه كان يقتل الإرهابيين، وكان على الولايات المتحدة أن لا تزعزع الاستقرار عندما تدخلت في العراق، مؤكداً «أنّ العراق اليوم تحوّل إلى جامعة هارفارد للإرهاب» على حدّ تعبيره.

فهل بات خصوم دمشق وإيران وموسكو على قناعة تامة بأنّ الإرهاب قد انفلت عن المسار المرسوم له، وهل سينتهي الاستثمار في ورقة الإرهاب كاستراتيجية أميركية قديمة متجدّدة، وهل ما كانت تحذر منه دمشق خلال سنوات الحرب بات اليوم في رأس الأولويات الذي يوحّد الرؤى الدولية والإقليمية المتصارعة في جغرافية عديدة في هذه المنطقة وتالياً نحن أمام ولادة حقيقية لتحوّل قد يبرز بقوة إلى واجهة المشهد؟

يقول مركز أبحاث الأمن القومي الصهيوني في جامعة تل الربيع «تل أبيب» بالتسمية الاسرائيلية، إنه برغم «إخفاقات داعش وهزائمه، إلا أنّ ذلك لا يشير إلى قرب الانتهاء والانهيار، ولن يختفي دوره كلاعب مؤثر في المنطقة، وذلك لأنه لا زال يملك وحلفاؤه موارد اقتصادية وبشرية كبيرة، مضيفاً إنه على الدول التي تحارب التنظيم أن تضع مصالحها الخاصة وخلافاتها في جدول أعمال أقلّ ارتفاعاً لصالح المصلحة العامة، وهذا مستبعد بحسب توصيف المركز.

في اعتقادنا أنّ استبعاد ترحيل الخلافات الدولية، وكذلك تقديم توحيد الجهود لمكافحة الإرهاب على أيّ صراع دولي بحسب المركز، يشي في اعتقادنا بأنّ اليد الأميركية الإسرائيلية لا تزال تحيك خلف الكواليس وإنْ بدا في الظاهر تحوّل في مواقفها ومنطوق حديثها، لا تزال تحيك استراتيجيات السيطرة على هذه المنطقة من خلال تقسيمها وشرذمتها وضرب مكوناتها وسحق نسيجها الذي تبدو فيه ورقة المحافظة على داعش وأخواتها من لزوميات تطبيق فكر برنارد لويس في ضرب الخصوم والأصدقاء وتغذية تناحر العرب والأكراد والأتراك بعضهم ببعض.

نأمل أن تدرك الدول «المتحوّلة» خطورة ما يُحاك للمنطقة كلّ المنطقة، والتيقن من أنّ ولاءهم للولايات المتحدة والكيان الصهيوني لن يلغي الأفكار الشيطانية التي ستنفخ في خطواتها الإبليسية لتعمّ سائر الجغرفيا. فهل ستثمر دعوة بوتين خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي لجهة ضرورة فصل المعارضة المعتدلة عن جبهة النصرة وباقي التنظيمات الارهابية؟ وهو الذي أي الأميركي لا زال يتمنّع ويماطل حتى اللحظة في وضع خارطة تنفيذية لذلك الفصل، وهل تكون إشادة أوباما بالجهود الروسية هي مقدّمة حقيقية لتنسيق عسكري حقيقي ودفع الحلّ السياسي للحرب السورية للمضيّ بطرق سلمية؟ أم أنّ «حليمة» الأميركية ستستمرّ في عادتها القديمة وكلام ليلها يمحوه النهار؟ أسئلة برسم القادمات من الأيام التي لن تطول كثيراً لنعرف الإجابة الصحيحة عليها.

كاتب صحافي فلسطيني مقيم في ألمانيا

Dr.mbkr83 gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى