الملاح تتكفّل بعاصفة الشمال… ومئات القتلى لـ «النصرة»… والجيش يتقدّم في داريا تكهّنات متضاربة حول الزيارة الفرنسية… وحردان يدعو إلى مبادرات وطنية

كتب المحرّر السياسي

كرّست واشنطن عبر مؤتمر وارسو لحلف الأطلسي الذي أرادت الإيحاء بمكانه بوراثتها لموسكو في أوروبا الشرقية، وراثة حلفها العسكري لذراعها السياسية والاقتصادية التي مثلها الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا، ودخول الاتحاد أزمة بنيوية، تخشى واشنطن معها موجة هجرة معاكسة من الاتحاد تستثمرها روسيا في دول البلطيق وشرق أوروبا، فقرّر الحلف نشر قواته على حدوده مع روسيا، بينما كانت واشنطن توازن اللغة مع روسيا وحلفائها بتوظيف الاتحاد الأوروبي بنقل الرسائل الإيجابية، حيث نظم البرلمان الأوروبي أول زيارة لوفد علني رسمي إلى دمشق للقاء الرئيس السوري بشار الأسد، الذي حمّل الحكومات الأوروبية وسياساتها الخاطئة بالرهان على استعمال الإرهاب كأداة للضغط أو لتحقيق المكاسب السياسية الصغيرة، بتمكين هذا الإرهاب من النمو والتجذّر والتحوّل إلى تهديد عالمي.

ميدانياً كان مسار ملحمة الملاح يختصر المشهد السوري، حيث نجح الجيش والحلفاء بتحويل المزارع المفتوحة إلى ميدان لحرب دبابات ومساحة لحركة مريحة للطيران الحربي والمدفعية والصواريخ، وتحوّلت السيطرة والتقدّم الثابت في محاور الكاستيلو والليرمون إلى فخ تستدرج فيه الكتل المقاتلة للجماعات المسلحة وفي مقدّمتها جبهة النصرة، التي استقدمت المئات من عناصرها وقادتها وآلياتها من إدلب وريفها، لفك الحصار عن أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة التي تقودها النصرة وتشكل أقواها، وخسرت النصرة المئات منهم بين قتيل وجريح في مواجهات اليوم الأول بعدما انهارت جماعة نور الدين زنكي التي كانت تتولى المرابطة في منطقة الكاستيلو انطلاقاً من إمساكها بحي بني زيد، وتبدو مزارع الملاح تستعيد دور منطقة المليحة التي دفنت فيها قرب دمشق «عاصفة الجنوب» بكمائن الجيش والمقاومة، لتتولى معارك الملاح دفن «عاصفة الشمال» التي أعدّت لها النصرة شهوراً ووفّرت لها تركيا تسليح جيش أكمل وأمّنت لها السعودية تمويلاً يعادل موازنة دولة. بينما سجلت جبهات دمشق وريفها تحوّلاً نوعياً في مسار المواجهات بتقدّم واسع للجيش والحلفاء في ميدعا والإطباق على الغوطة الشرقية وقطع طرق إمداد المسلحين فيها، وتحقيق توسّع كبير في انتشار الجيش في داريا.

لبنانياً، ينشغل الوسط السياسي بزيارة وزير الخارجية الفرنسية، والتكهّنات حول الدور الفرنسي المقبل، بعدما استضافت فرنسا بتمويل سعودي ومشاركة «إسرائيلية» مؤتمراً للمعارضة الإيرانية، تحدّث فيه رئيس المخابرات السعودية السابق تركي الفيصل عن السعي لإسقاط النظام الإيراني، وتحدّث فيه جون بولتون السفير الأميركي السابق في نيويورك وأحد أبرز رموز السياسة الأميركية المساندين لـ «إسرائيل» عن وحدة وشراكة شعوب المنطقة وحكوماتها بما فيها «إسرائيل» في مواجهة إيران وحلفائها وفي مقدّمهم خطر حزب الله، كما قال، ليصير السؤال عن قدرة فرنسا بعد هذا المؤتمر على لعب دور وسيط مقبول إيرانياً، كما أوحت اللقاءات الفرنسية مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. في المقابل كان كلام لرئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان مع مسؤولين حزبيّين، للتأكيد على قدرة اللبنانيين إذا توافرت الإرادة الوطنية لاجتراح حلّ وطني سواء للاستحقاق الرئاسي أو لقانون الانتخابات النيابية.

تسعير الخطاب الإعلامي يخدم القوى المتضرّرة من أيّ اتجاه إيجابي

رأى رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، خلال لقائه عدداً من مسؤولي الحزب أنّ المطلوب اليوم، هو أن تتحمّل القوى السياسية اللبنانية مسؤولياتها، وتدفع باتجاه ترقية الخطاب السياسي والإعلامي بما يُسهم في تحصين الوضع الداخلي، لا تسعير هذا الخطاب خدمة لبعض القوى المتضرّرة من أيّ اتجاه سياسي إيجابي يُفضي الى إتمام الاستحقاقات اللبنانية، وفي مقدّمها استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية وسنّ قانون انتخابات نيابية على أساس الدائرة الواحدة والنسبية بما يحقق صحة التمثيل، وإلى تحصين استقرار البلد وأمنه في مواجهة الأخطار المتمثلة بالعدو الصهيوني وبالمجموعات الإرهابية المتطرفة.

ايرولت وريتشارد

تتزامن زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت بيروت اليوم، مع وصول السفيرة الأميركية الجديدة المعيّنة في لبنان اليزابيت ريتشارد في الساعات القليلة المقبلة، بعدما انجزت الدوائر المختصة في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس والبيت الأبيض المعاملات المتصلة بتعيينها، على أن تقدم نسخة عن أوراق اعتمادها الى وزير الخارجية جبران باسيل.

ويرافق ايرولت وفد يضمّ رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في الخارجية جيروم بونافون، المستشار الخاص للوزير تييري لامير، مستشار الوزير لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا داميان كريستوفاري، المسؤولة الإعلامية فريديريك تاريد، نائب مدير المشرق كزافييه شاتيل، المحررة لشؤون لبنان كاترين لوتوما والمترجمة يولا ابو حيدر.

الرئاسة خارج الأقطاب الأربعة

وتقول مصادر مطلعة ومواكبة لتحضيرات وزير الخارجية الفرنسي الى لبنان لـ «البناء» إن عنوان الزيارة يتمحور حول الملف الرئاسي وأزمة النازحين من دون استبعاد التطرق بشكل جانبي لموضوع النفط والمخاطر الأمنية على الحدود الشرقية ودعم الجيش. وترى المصادر من خلال الاتصالات التمهيدية أن الملف الرئاسي سيعالج من قبل ايرولت من خلال تلمّس احتمال إجراء الانتخابات الرئاسية خلال الشهرين المقبلين، فإذا تبينت له إيجابيات في هذا النطاق ينتقل الى البحث في مرشح توافقي خارج الأقطاب الأربعة الذين تقول المصادر القريبة إن الظرف غير مناسب لأحدهم في الوقت الراهن.

لبنان حارساً لحدود أوروبا

ولفتت المصادر إلى تناقض بين ما يُشاع في الحركة الداخلية والمواقف من موجة تفاؤلية رافقت تهاني عيد الفطر وسبقتها إلى الحدّ الذي جعل البعض يعتبر أن الرئاسة ستحصل في آب المقبل، وبين المهمة التي يقوم بها وزير الخارجية الفرنسي. واستغربت المصادر هذا الربط والسقف العالي للتفاؤل، حيت ترى وجوب التحلي بالواقعية والصبر في هذا الموضوع. وفي ملف النازحين أشارت المصادر إلى أن «ما يهم الفرنسيين راهناً عدم اقتداء لبنان بتركيا واتخاذه من ورقة النازحين ورقة ضغط فهم يريدون أن يكون لبنان في هذه المسألة حارساً لحدود أوروبا بوجه النازحين».

وتقول مصادر في تكتل التغيير والإصلاح لـ «البناء» إن «الظروف لم تتهيأ لوفاق داخلي حول إجراء الانتخابات الرئاسية في آب المقبل»، مشيرة إلى «أن الحديث عن أن الرئاسة غداً غير دقيق، فإذا نضجت الظروف كما نراها بواقعية سياسية من المؤكد أن لبنان سيتحصّن بالميثاق، نحن لا نراهن في موضوع ميثاقي وفي حقنا دستوري، نحن ننتظر أن تنضج الظروف، فالميثاق يختصر في الموقع الأول بالدولة بالرئيس القوي الذي نادت ورقة بكركي بأن يأتي قوياً من مكوّنه لاسيما بعد المراكمات التي حصلت في هذا المكوّن تفاهم معراب وأن يكون منفتحاً على كل الأطراف».

الثقة بالعماد عون صعبة لكن ليست مستحيلة

وأكدت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ «البناء» أن «ما يجري محلياً ربطً بالمساعي الفرنسية لانتخاب رئيس تؤكد أن هناك حراكاً لإيجاد حل لأزمة الفراغ، لكنه لم يصل الى نتيجة بعد». ولفتت إلى أن زيارة ايرولت الى لبنان ليست الزيارة الأولى لمسؤول فرنسي، فباريس تواصل جهودها لإنجاز الاستحقاق منذ فترة طويلة، لكن القضية لا تزال عن الإيرانيين الذين لم يُفرجوا بعد عن رئاسة الجمهورية لأسباب منطقية مرتبطة بتحسن الأوضاع في سورية»، لا سيما أن السلة المتكاملة الإيرانية المرتبطة بالوضع في سورية والترتيبات الجديدة تختلف عن السلة التي طرحها الرئيس نبيه بري، من دون أن يعني ذلك أننا موافقون على «سلة بري». وأشارت المصادر إلى «أن لقاءات رئيس حزب القوات مع الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط وزيارة العماد ميشال عون الى دار الإفتاء واتصاله بالسفير السعودي كلها مفيدة»، لكن الأمور عملياً لم تصل إلى «أن يذهب تيار المستقبل لتأييد الجنرال عون، فبناء الثقة بيننا وبين العماد عون صعب، لكن ليس مستحيلاً».

فرنسا تسعى لإحداث خرق

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ «البناء» أن «فرنسا الدولة الوحيدة حالياً التي تسعى، رغم كل الصعوبات لإحداث خرق في ملف رئاسة الجمهورية، لكن جهودها لم تتكلّل بنتائج إيجابية نظراً لحدّة الصراعات في المنطقة، ولانحياز أطراف رئيسيين في لبنان إلى محاور الصراع الخارجية». وفي ملف النازحين، قال قزي: «ننتظر من فرنسا إن تساعدنا على معالجة الأزمة من زاوية وضع برنامج دولي لإعادتهم إلى بلدهم بأمان من خلال إنشاء مناطق عازلة ومحميّة دولياً بانتظار الحل السياسي الذي يبدو أنه سيأخذ وقتاً مديداً».

جلسة مالية بامتياز غداً

وفيما دعا رئيس الحكومة تمام سلام إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء الخميس المقبل لمناقشة جدول أعمال من 59 بنداً عادياً، يجتمع مجلس الوزراء في جلسة مالية بامتياز غداً الثلاثاء برئاسة الرئيس تمام سلام، وسيستمع الوزراء إلى التقرير المالي الذي أعدّه الوزير علي حسن خليل، والمؤلف من سبعين صفحة يشرح بالتفاصيل وبالأرقام الوضع المالي، ويتضمّن تحليلاً واقتراحات ومقاربات اقتصادية ومالية.

لا دعوة للجنة النفطية والمطلوب الاستعانة بخبراء نرويجيين

في غضون ذلك، لم يتلقَّ أعضاء اللجنة الوزارية النفطية الأسبوع الماضي أية دعوة إلى اجتماع يُخصّص للبتّ في مرسومي النفط والقانون الضريبي.

أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج في حديث لـ «البناء» أن «الخلاف بين حركة أمل والتيار الوطني الحر حول ملف النفط لم يكن يوماً خلافاً تقنياً، إنما خلاف سياسي، فالخلافات التقنية تحلّ ولا يمكن أن تصل الى طريق مسدود أو تؤدي الى توقف عن عقد الاجتماعات سنة ونصفاً». وإذ لفت الى أننا في «اللجنة الوزارية المعنية بهذا الملف لم نتلقّ أية دعوة للاجتماع هذا الأسبوع، فرئيس الحكومة عاد بالأمس من زيارته السعودية»، أشار إلى أن «أحداً لم يضعنا كلجنة وزارية في أجواء أن رئيس الحكومة طلب من الرئيس نبيه بري والوزير جبران باسيل التفاهم حول هذا الملف قبل عرضه على مجلس الوزراء».

وشدّد على أن حل الخلافات التقنية يتطلب الاستعانة بخبراء وتحديداً الخبراء النروجيين الذين زاروا لبنان في عهد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2005 -2006 وكان الوزير محمد فنيش يومذاك وزيراً للطاقة، وعقدوا معه اجتماعات دورية، أعطوا آراءهم في إقرار قانون النفط، وما يدرّه من أموال على الدولة، يُودع صافي عائداتها في صندوق سيادي، وتلزيم البلوكات دفعة واحدة أو على دفعات، فضلاً عن أنهم حضروا مع الفريق اللبناني مشروع قانون تنظيم قطاع النفط، وتحديد دفتر الشروط، واقتراح الضريبة الخاصة بالشركات النفطية التي تنوي التنقيب عن النفط في لبنان. وسأل دوفريج «هل المكوّنات السياسية التي تشترط النزول الى المجلس لتشريع الضرورة، انتخاب الرئيس وإقرار قانون انتخابي، على استعداد للمشاركة في جلسة عامة للتصويت على قانون الضرائب؟».

مجلس الوزراء ليس كاتب عدل

وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ «البناء» «أن ملف النفط غير موجود على جدول أعمال جلستي الثلاثاء والخميس»، رغم أنه لم يستبعد «أن يطرح من خارج جدول الأعمال في باب الاستفسار عن الاتفاق الحاصل بين التيار الوطني الحر وحركة أمل وموعد اجتماع اللجنة الوزارية. وإذ اعتبر أن التفاهم السياسي بين الرابية وعين التينة على تلزيم بلوكات النفط جيد وإيجابي، لفت الى أن «هذا لا يعني أن الأمور قد حلت، فمجلس الوزراء سينظر في الموضوع إذا كان الاتفاق مؤاتياً للمصلحة العامة او العكس، فالحكومة ليست «كاتب عدل» يسجل اتفاق القوى السياسية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى