مهنّا: قيامة لبنان ومغادرة الواقع الطائفي المرير لا تتمان إلّا من خلال نموذج جديد خارج الولاءات الطائفية والمذهبية
شيّع الحزب السوري القومي الاجتماعي وأهالي البقاع الغربي الأمين المناضل رياض عزّام في بلدته خربة قنافار بمأتم حزبيّ وشعبيّ حاشد، شارك فيه رئيس المجلس الأعلى الوزير السابق محمود عبد الخالق، نائب رئيس الحزب توفيق مهنّا، ناموس مجلس العمد نزيه روحانا، عميد الداخلية عبد الله وهاب، عميد الاقتصاد فارس سعد، أعضاء المجلس الأعلى: جبران عريجي، حسام العسرواي وأحمد سيف الدين، منفذ عام البقاع الغربي الدكتور نضال منعم، منفذ عام راشيا كمال عساف، وعدد من أعضاء المجلس القومي وهيئات المنفذيات ومسؤولي الوحدات الحزبية.
كما حضر التشييع المربّي علي فايق ممثلاً وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور، النائب السابق هنري شديد، رئيس بلدية خربة قنافار طوني شديد، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات المنطقة، رجال دين، وحشد من القوميين والمواطنين.
سلوان
بعد الصلاة، أقيم احتفال تأبينيّ تحدث في بدايته ناظر الإذاعة والإعلام في منفذية البقاع الغربي طوني سلوان عن الراحل وصفاته الإنسانية والاجتماعية. لافتاً إلى أن الأمين الراحل إنسان محبّ، خلوق، معطاء وكريم، عاش حياة مليئة بالصراع والنضال من أجل انتصار الحق. ما عرف اليأس يوماً فزرع الأمل في نفوس كل من حوله حتى في أصعب الظروف وأشدّها تعقيداً. لقد آمن بأن قوّة المجتمع تكمن في وحدة أبنائه وتكاتفهم وتعاونهم.
وقال: الحقّ الذي لطالما ناصرت سوف ينتصر والباطل الذي طالما واجهت سوف ينهزم وأن ساحات الوغى التي كنت حاضراً فيها لن يتركها رفقاؤك الذين يبذلون الدماء التي في عروقهم من أجل عزّة الأمة وكرامتها وسيادتها.
فايق
ثم ألقى علي فايق كلمة بِاسم الوزير أبو فاعور فقال: رياض عزّام هو من الذين رحلوا وما نكّسوا هاماتهم إلا لباريهم. أرادوا ما نريده اليوم اللقمة الحلال المجبولة بعرق الجهد وعطر الكرامة. ينشدون نشيد الوطن الواحد والكتاب الواحد. لقد جسّد رياض عزّام في دروب الحياة التي ترك قيم المشاركة على قاعدة «أنت أنا يا أخي… نحن بناة هذا الوطن الجميل».
وأضاف: اليوم والعالم كلّه يلفّه القلق والتشنّج والإرهاب وعدم الاستقرار في شرق يتبدّل من يومٍ إلى آخر، يشهد على ذلك تهديد وجوديّ للكيانات الوطنية، علينا أن نعيد قراءة أنفسنا وبصوتٍ مرتفع، لنتبنّى الحقيقة لأجل المعرفة والوحدة، والحفاظ على البنيان الوطني والمؤسسات الجامعة، وقوة مكونات بلدنا المتعدّدة وروعتها، وعندما يتم لنا هذا الوعي في كلّ نفس لبنانية سينعكس ذلك، بحسب تقديرنا، في تصرّفنا كمواطنين.
الخوري
كلمة أصدقاء الراحل ألقاها الدكتور توما الخوري، الذي رأى أن رياض عزّام غادر هذه الدنيا الفانية ليستوطن دنيا الخلود، تاركاً بيننا بصمات لا تمحى، مليئة بالبطولة والعزّة والكرامة.
مهنّا
كلمة المركز ألقاها نائب رئيس الحزب توفيق مهنّا فرأى أن الحياة، يقصر فيها العمر أو يطول، هي سجل أعمال ووقفات وإنجازات، نحياها من أجل أهداف كبيرة وغايات وعظيمة تحملها النفوس الأبيّة، النفوس المتمرّدة والثائرة والنهضوية.
وأضاف: كنّا جيلاً من الطلبة في ثانويّة الأرز ـ عاليه عام 1968، عندما تفتحت عيوننا على مجموعة من الشباب النهضويّ الثائر المتمرّد في أمّتنا ومجتمعنا، وفي طليعتهم الأمين الراحل رياض عزّام وشاعرنا القومي الكبير خالد زهر والمفكّر الرفيق الراحل جورج توما وغيرهم من جيل فتح أمامنا الآفاق، وفتح بصيرتنا على الانتماء الجديد إلى قضية جديدة تساوي وجودنا.
الأمين رياض عزّام هو من جيل آمن بالنهضة القومية الاجتماعية، آمن بالحزب السوري القومي الاجتماعي، آمن بسعاده، آمن بأن طريق الخلاص لأمتنا لمجتمعنا لأهلنا لناسنا، هو طريق هذه النهضة التي تأتي بنا من عائلات أو من طوائف أو من مذاهب أو من كيانات، لتجعل منّا بيتاً واحداً، عائلة واحدة، نموذج حياة اجتماعية حضارية راقية، تمثل قيم الحق والخير والجمال، تمثل الوحدة والمحبّة. لذلك، كان رياض فارساً من فرسان هذه النهضة، يمدّ يده إلى الأهل والأحبّة، إلى الأجيال الجديدة مخاطباً إياها بالدعوة القومية الاجتماعية. أقسم اليمين، برّ بقَسَمه، آمن بالحزب فاتخذ مبادئه إيماناً له وشعاراً لبيته ولعائلته. عبر فوق حواجز الموت والتفرقة والبغضاء والخوف والشكّ والتباعد، ونظر إلى أبناء أمّته نظرة واحدة، نظرة ترى فيهم شعباً واحداً لا بدّ لنا جميعاً أن نعبر به نحو الحياة الجديدة، كي لا نبقى في مستنقع الموت والخوف والتقاتل والتذابح والتهلكة التي نحن نحياها اليوم.
وقال مهنّا: الأمين رياض عزّام، كان مثال الإنسان الجديد في القيم والمفاهيم الجديدة. لم يرَ في الدين إلا نظرة توحيدية سامية، نظرة تدعو الناس إلى المحبّة والألفة، نظرة تتجاوز حدود الحواجز، لا بل تكسّرها إن اقتضى الأمر، من أجل مصلحة الإنسان، رأى أنّ الدين ليس بغضاء، ولا تفرقة، وليس إقامة جدران بين الإنسان والإنسان، أو إقامة جدران على الأرض من أجل الوصول إلى السماء. فمن يقيم جدران الفواصل والتفرقة على الأرض لا يعرف طريقاً إلى السماء. هذا هو رياض، لذلك نراه بيننا في عائلته، نراه بيننا في طارق، في أمال، في الصبايا، نراه بيننا في توفيق، في إيلي، في حياة، نراه بيننا عائلة نموذجية من عائلاتنا القومية التي نفتخر بها ونعتزّ بها.
ورأى مهنّا أن الأمين رياض آمن بنظام جديد للبنان، لا مكان فيه لتشريع طائفيّ تمييزيّ عنصريّ. نظام جديد لجمهورية جديدة، فأرباب الطوائف يخدعوننا، يغشّوننا، يتآمرون من جديد علينا، وكأنّ قدر لبنان أن يبقى في دوامة التقاتل والانقسام والفراغ وأهله متروكون للهواجس والخوف.
وآمن بأن لا سبيل إلى قيامة لبنان ومغادرة هذا الواقع الطائفي المرير، إلا من خلال نموذج جديد للبنان الجديد، خارج الولاءات الطائفية والمذهبية، خارج أنظمة التمييز والقهر، خارج أنظمة الفساد والمحسوبيات والمحاصصات.
وأضاف: ما ميّز هذا المناضل العصاميّ في قيمه وأخلاقه وفي جهاده، أنه كان يرى بأنّ الأمّة بحاجة إلى ثقافة قومية مقاومة وحدوية. وبأنّ الخطر، سواء كان خطراً صهيونيّاً، أم خطراً إرهابياً، لا يتهدّد كياناً بعينه، ولا يتهدّد فئة بعينها، ولا يتهدّد مذهباً بعينه، بل يتهدّد الجميع ورأى أن الخطر كل الخطر في الفكر التقسيمي الطائفي أو العنصري أو الانعزالي أو الكياني. لذا دعا إلى الوحدة القومية.
واستطرد مهنّا قائلاً: نرى اليوم أنّ وحدة بلادنا لم تتحقق، فها هو عراقنا يتخبّط، وها هي شامنا، وفلسطين، ولبنان، وها هو البقاع هنا على مرمى حجر، يتهدّده الإرهاب، الذي يريد أن يقول لنا في هذا الزمن، إن هذا الزمن هو زمن إمارات طوائف، أو دولة خلافة ولّى عليها الزمن.
نحن نقول هذا زمن الإنسان المدني الحضاري، الزمن الذي نحيا فيه بكرامة وبحرّية ضمير ومعتقد. من شاء منكم فليؤمن ومن شاء منكم فلا يؤمن. هذا زمن الأفكار الحرّة، لا زمن القتل والسحل وفتاوى الإرهاب الملعونة.
وقال: إذا كان هناك من مزايا جسّدت حياة هذا المناضل الكبير الذي تبوّأ في حزبنا منذ نعومة أظفاره مواقع في القيادة، من منفذ عام إلى عضو في المجلس الأعلى، إلى عميد، فهي أنه كان لا ينام الليل من أجل نصرة قضيته، وهناك شهادات على نضاله وسجلّ نضاله، كيف كان يوصل النهار بالليل، والليل بالنهار من أجل أن يبعث الرسالة والفكرة والمفهوم الجديد والنظرة الجديدة إلى الحياة.
إنّي بِاسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، أحيّيكم، أحيّي كلّ المشيّعين، وأخصّ بالتحيّة ممثل سماحة شيخ العقل الذي نريد أن يشقّ هذا التشييع اتجاهاً صالحاً ليتميّز رجال الدين بالدعوة إلى الوحدة والألفة والمحبّة، انسجاماً مع رسالتهم وانسجاماً مع تطلّعهم إلى الحياة الجديدة التي نريدها.
وتوجه مهنّا بالحديث إلى ابن الراحل ورفيقه فقال: يا طارق، أنت ابن هذا الفارس، أنت رفيق الدرب، أنت في مقتبل العمر، لقد ترك لك هذا الوالد رأسمال عظيماً في القيم، وفي المحبّة، وفي المفاهيم، وفي النضال، وهذه الطريق اخترناها بملء إرادتنا وقناعتنا لأنها الطريق الأسلم التي تبقينا أحياء في هذه الحياة. نحن على هذه الأرض نريد أن نبني جنّتنا، على هذه الأرض نريد أن نحيا أحراراً من أمّة حرّة، على هذه الأرض.
وختم: نحيّيك يا أمين رياض، نرفع التحيّة إلى شهدائنا وأبطالنا المقاومين ضدّ العدوّ الصهيونيّ، وضدّ الإرهاب في كلّ مكان، خصوصاً اليوم على أرض الشام، لتحيا سورية… والبقاء للأمّة.
كلمة العائلة
وألقى الرفيق طارق عزّام كلمة العائلة، قال فيها: كيف لي أن أؤبّنك يا أبي ورفيق عمري يا جبلاً ركعت تحت قدميك العواصف، كنت نبع المحبة والكرم والعطاء، كان صوتك هادراً في وجه الظلم والإقطاع، وقلبك كان منزلاً لكل أفراد العائلة ومحبّيك، كنت كالسيل الجارف في الحقّ.
وأضاف، ترحل يا والدي ويا رفيقي، وأنت الذي كسرت حواجز الطائفية والاقطاع وكنت مصلحاً… أيّها الأب والرفيق، أيها الحامل، يا من حملت قيم الحق والخير والجمال، وأنشأت عائلة قومية اجتماعية تؤمن بفكر سعادة وحزبه، أمثالك لا يرحلون. أنت باقٍ في نفوسنا ووجداننا، سنفتقدك ويفتقدك الرفقاء والجميع.
أقسم لمن كانت حياته وقفات عزّ، أن يبقى هذا البيت قومياً على خطاك… وأن أربّي أبنائي على تعاليم سعاده.
وختم كلمته بتوجيه الشكر لكلّ من شاركهم العزاء وتجشّم عناء السفر.
بعد ذلك، رُفع جثمان الراحل ملفوفاً بعلم الزوبعة على أكتاف رفقائه وأبناء بلدته إلى مثواه الأخير، يتقدّمهم حَمَلة الأكاليل بِاسم رئيس الحزب النائب أسعد حردان والمنفذية والعائلة وأصدقاء الراحل، وأُدّيت له التحية الحزبية قبل مواراة جثمانه في الثرى.