جحا الأميركي ومساميره من وارسو إلى سورية… 2

محمد أحمد الروسان

البلدربيرغ الأميركي ونواة الإدارة الأميركية الحالية، وأي نواة لأيّ إدارة قادمة ولو كانت جمهورية، يدركون جيداً أنّ سورية بنسقها السياسي الحالي ونظامها وديكتاتورية جغرافيتها، هي مفتاح السلم والحرب في العالم، ومن ينتصر في الحرب الدائرة في سورية وعلى سورية الآن، هو من يحق له إعادة رسم خرائط المنطقة وتوازانات القوى في كينونة النظام العالمي الجديد، لذلك نرى أنّ الفدرالية الروسية والصين معاً وبتشاركية إيرانية عميقة، يدركون أنّ انتصار واشنطن في سورية سيكون مقدّمة لتنفيذ استراتيجية الاستدارة نحو آسيا، للعبث بأمن روسيّا والصين ومحاصرتهما لإضعافهما حدّ الأنهيار الكامل، من هنا روسيّا أيتها الدواعش السياسية والاستخبارتة المخابراتية في بعض الدواخل العربية، لم ولن تتخلّى عن سورية بنسقها السياسي وبأسدها، وبإسناد صيني كبير، وإصرار إيراني على إفشال المشروع الأميركي، وحاجة روسيّا والصين لإيران لدورها في سياقات النظام العالمي الجديد، بسبب موقعها الجيواستراتيجي، كونها طريق الحرير الجديد بين الشرق الأوسط وآسيا، بجانب قوّتها العسكرية والاقتصادية والبشرية، وتقاطع ايديولوجيتها الثورية مع المبادئ القانونية والأخلاقية، التي يؤمن بها هذان البلدان جعلهما يدعمان سورية بنسقها السياسي ونظامها وأسدها بلا حدود وبلا قيود.

وواضح أنّ روسيّا لن تسمح لواشنطن أن تعربد في العالم على هواها، ولن تسمح لمثيلات حقبة بوريس يلتسين وفريق الليبراليين الجدد في الداخل الروسي ذوي البناطيل الورديّة القصيرة بالعودة من جديد وبلباس آخر ومختلف للتعمية السياسية على عودتهم، فهذا زمن ولّى ولن يعود بعد تعاظمات في الشعور القومي الروسي الذي أعاده بوتين وفريقه الى وجدان الشعب الروسي المتعاظم. أميركا بعربدتها ومتاهاتها المقصودة كسياسة ونهج، تريد ضرب الخاصرة الروسية الرخوة في القوقاز، فإذا تحقق لها ما تريد في المسألة السورية والحدث السوري، فإنّ العبور سيكون في غاية السهولة الى الجنوب القوقازي، خاصةً في ظلّ أنّ إيران تعتبر الخاصرة الروسية الضعيفة بالمعنى الاستراتيجي الجغرافي كمجال حيوي للأمن القومي الروسي. فميزة الروس أنّهم يوزّعون جلّ بيضهم في أكثر من سلّة بأكثر من مكان وساحة في منطقة كمنطقتنا الشرق أوسطية، رمالها متحركة تنزلق نحو المزيد تلو المزيد من الكوارث. اللقيط داعش والذي هو نتاج تلك الليلة الحرام تحت السقف الحرام في الفعل الحرام لوكالة الاستخبارات الأميركية ومجتمع المخابرات الإسرائيلي الصهيوني في فراش الوهابية ونتاجات فكر ابن تيمية، وصل هذا اللقيط الى باكستان وأفغانستان وإلى مجمل شبه القارة الهنديّة، وهنا قرون استشعارات مجتمعات المخابرات الروسيّة والصينيّة والهنديّة كانت ترصد كلّ شيء، بل وقبل وصول هذا اللقيط داعش الى تلك المناطق والساحات، فاستدعى كلّ ذلك تدخلاً من هذه الأطراف لرصد النوايا الأميركية من الحرب على دواعش الماما ذاتها ومدى جدية ماما أميركا لمحاربة فيروساتها، لخلق متاهاتها ومنها المتاهة الأميركية المقصودة في شبه القارة الهنديّة.

لعبة الفوضى الخلاّقة الأميركية الغربية الصهيونية فشلت حتّى اللحظة في تغيير موازين القوى على الأرض، من خلال سلاح الإرهاب الذي انقلب على رعاته وتمدّد وصار يهدّد الجميع بالجميع، لذا طالبت روسيّا والصين والهند، من باراك أوباما وإدارته والتي اقتربت من دخولها في مرحلة البطة العرجاء لجهة اتخاذا القرارات، من تحديد موقفه من محاربة الإرهاب بوضوح، وذلك في إشارة واضحة الى مخطط البلدربيرغ الأميركي للاستدارة نحو آسيا بهدف زعزعة الاستقرار في دولها، وتمّ رفع كرت أحمر رابح في وجهه وهو يتموضع في التالي: تقويض الدولار الأميركي كعملة مرجعية دولية واستبداله بعمله جديدة في إطار منظمة دول بريكس، كمعادل دولي اقتصادي وعسكري ومدني بجانب منظمة شنغهاي، حيث من شأن ذلك أن يصيب الاقتصاد الأميركي في مقتل، خاصةً أنّ الصين هي البلد الكبير الذي يشتري سندات ديون واشنطن بمئات المليارات من الدولارات، وفي حال طرحها في السوق الأممي فسينهار اقتصاد أكبر دولة في العالم، ليجرّ معه قاطرة كلّ الدول المرتبطة به عضويّاً الى الهاوية وما أدراك ما الهاوية…!

الغرب لا يفهم الاّ لغة المصالح والاقتصاد، لذلك قرّر باراك أوباما بإيعاز من البلدربيرغ الأميركي جنين الحكومة الأممية وعبر إدارته حكومة الأتوقراطية الأميركية، وذراعها العسكري المجمّع الصناعي الحربي، تعديل الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط من خلال الرهان على التقارب مع إيران من مدخل ملفها النووي، كمقدمة لتحسين علاقات بلاده معها ومحاولة إحداث التغيير الهادئ من داخلها، تنفيذاً لتوصيات مجتمع المخابرات الأميركي ومفاده: أنّ مفتاح التغيير في المنطقة يمرّ من البوّابة الإيرانية، وأنّه لا حلّ لاحتواء إيران سوى الانفتاح عليها والرهان على مخطط تثويري بعيد المدى لزرع ثقافات الماكدونالدز بديلاً عن ثقافات الثورة، في وجدان وعقول الأجيال المقبلة في إيران نفسها، واللعب بالطبقة الوسطى الإيرانية، والتغلغل داخل مفاصل الدولة الإيرانية للتفجير الناعم لها، فالتطبيع مع إيران هو أحد آليات تنفيذ هذا السيناريو. اذاً هذا الهدف الاستراتيجي يؤكد أنّ التوصل الى الاتفاق النووي مع إيران والتنازل لها عن حقوقها دون مقابل يذكر سوى تنازل إيران في الهوامش للغرب هو حاجة أميركية بالأساس، فتمّ الاستثمار في الجزرة النووية الإيرانية لاحتواء إيران والنفاذ الى دواخلها، ومن ثمّ إعمال أدوات التخريب الناعمة حتّى تعطي ثمارها على المدى البعيد، وقد يكون هذا هو السبب الرئيس لمعارضة الحرس الثوري الإيراني والجناح المحافظ للاتفاق النووي مع السداسية الدولية حتّى اللحظة تصريحات الصديق رئيس هيئة الطاقة النووية الإيرانية علي أكبر صالحي من تحذيره لواشنطن من نقض الاتفاق النووي مع طهران بعد تسييله في إيران وأميركا، تجيء في سياقات قراءات لنا عديدة حول استراتيجيات التطبيع الناعم مع إيران لتفجيرها من الداخل . وهل نحن أمام ريح عقيم هبّت لتحمل معها لفحات تنذر بحرب أعمق من باردة، من شأنها ومآلاتها أن تجمّد كلّ التفاهمات والحلول في العديد من الساحات؟ ألا يمكن اعتبار سورية الصاعدة رغم النزف اليومي، والعراق الساخن، وغزّة النازفة، وأوكرانيا غير المستقرّة، والصراع على ثروات آسيا الوسطى بمثابة الخماسية القاتلة، وستكون محور كلّ الحكاية الباردة؟ من سينتصر على من في النهاية، الجليد السيبيري أم ثلوج ولاية ألاسكا؟ وهل لنا أن نكيّف إصرارات هنا وهناك لأعضاء الناتو وفي قمتهم الأخيرة في وارسو، هو مؤشر تذكير بالهدف الذي أنشئ من أجله حلف شمال الأطلسي، بمثابة إعلان عداء لنواة الاتحاد الروسي؟ ما هي مديات عدم سماح الأميركي للروسي بالتمدّد في العديد من الساحات؟ هل ستستثمر واشنطن وبلدربيرغها ومجتمع استخباراتها، وبالتعاون مع مجتمعات المخابرات الغربية والإسرائيلية وبعض مجتمعات مومياءات الاستخبار العربي، في استغلال الجمهوريات الإسلامية أو التي يتواجد بها مسلمون لإثارة القلاقل والمشاكل حول روسيّا؟ في المحصّلة ستلجأ الولايات المتحدة الأميركية وجلّ حلفائها من بعض غرب وبعض مومياءات الحكم العربي بإسناد إسرائيلي لدعم مكثف ومتعدّد لكييف عسكرياً وسيآسيا ولوجستياً واقتصادياً ودبلومآسيا وإعلامياً، وسوف تزداد العقوبات على موسكو وستجهد أوروبا بالبحث عن مصدر آخر للغاز انْ أمكن، وستحسم بقوّة بعض الملفات داخل نواة الإدارة الأميركية وداخل المجمّع الصناعي الحربي الأميركي، كون أيّ تباطؤ هنا او تلكّؤ هناك سيعني ويشي تقدّماً وانطلاقاً روسيّاً الى الأمام خاصةً في سورية والعراق وأوكرانيا وانْ شئت الصراع العربي الإسرائيلي حالياً الى حدّ ما ولاحقاً بعمق.

السؤال هنا: هل ترى واشنطن دي سي في تطوير حقل سردار النفطي والغازي الواقع بين الحدود التركمانستانية والمناطق الأذربيجانية الى حدّ ما مصدراً غازياً هاماً لأوروبا وبديلاً الى درجة تكتيكية مؤقتة؟ كيف رعت ومهّدت الولايات المتحدة الأميركية لبناء الشراكات السعودية الإسرائيلية لاستثمار نفط تركمنستان وأذربيجان؟ ما هي أسرار العلاقات بين الشركة السعودية للبترول والتي يملكها الأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز ومجموعة ميرهاف التي يديرها مسؤول الموساد السابق يوسف ميامان؟ الى أيّ مدى استطاع هذا البيدق الموسادي يوسف ميامان وخلال فترة وجوده في وسط آسيا وعمله مع آخرين من بعض عرب في تعزيز الوجود الإسرائيلي هناك، عبر تكثيف الحضور الأمني والمخابراتي في تلك المنطقة الغنية بالطاقة في حوض بحر قزوين و/أو بحر الخزر الذي يشكل المركز الاقتصادي لخمس جمهوريات سابقة للاتحاد السوفياتي في وقته وحينه؟ يوسف ميامان «رائد المشاريع النفطية والغازية في وسط أوروبا» وصف أطلقته الصحافة العالمية عليه وخاصةً الأوروبية، ونشاطات شركته منذ أكثر من عشر سنوات في تركمانستان، وقد حاز على الجنسية التركمانستانية من السلطات الرئاسية بمرسوم خاص من الرئيس سبار مراد نيازوف، وتوفي الرئيس بعد عامين من منح يوسف ميامان مسؤول الموساد ومعزّز الوجود الإسرائيلي في وسط آسيا بالتعاون مع آخرين من بينهم عرب. من منكم أيّها القرّاء لا يتذكر السيد روفين داينايا أول سفير إسرائيلي في تركمانستان؟ وقد أفرد كاتب هذا التحليل، تحليلاً خاصاً نشر في كلّ وسائل الميديا قبل أكثر من تسع سنين حول هذا الروفين العميل السابق للموساد، فهو بيدق موسادي كغيره وكان يدير عمليات موسكو قبل عام 1996، حيث استطاع يوسف ميامان تعيين روفين سفيراً هناك بتنسيق مع وزير الخارجية الإسرائيلي السابق ووزير الأمن الحالي، الموغل بالتطرف أفيغدور ليبرمان. انخراط واضح وعميق لعنوان الإدارة الأميركية العنوان السطحي باراك أوباما، بالإشراف على حرب ضدّ روسيّا في شرق أوكرانيا وعبر عقوبات اقتصادية دولية تديرها وزارة المال الأميركية وجهاز الاستخبارات الخاص بها، أعلن هذا الرئيس أنّه سيرسل مستشارين عسكريين أميركيين لدعم عمليات أوكرانيا العسكرية ضدّ المتمرّدين الموالين لروسيّا في الجمهوريات الانفصالية في شرق أوكرانيا، بالرغم من أنّه يعلم أنهم موجودون هناك ويعملون تبعاً للدليل السياسي والعملياتي للعمليات الدفاعية الدولية الجديدة، وفي حال كان المجتمع العسكري والاستخباري الأميركي يقوم بالعمليات بالطريقة السليمة، فإنّ هناك فرقاً شبه عسكرية من عناصر وكالة الاستخبارات الأميركية والعمليات الخاصة تراقب ما يحدث في روسيّا وعن قرب. الدمية الأميركية الجديدة الرخ الأوكراني أيضاً هو الذي سيشرعن النشاط العسكري الأميركي على الحدود الروسية، وهذا الرخ الأميركي الجديد الرئيس يقود حكومة من عناصر متنافرة تمثل مصالح الأثرياء والمجموعات النازية الجديدة التي تتركز قواعدها وبيادقها وقواعد دعمها وبيادق دعمها في غرب أوكرانيا. البلدربيرغ الأميركي وعبر الرئيس أوباما استخدم تدمير الطائرة الماليزية ام ايتش 17 فوق شرق أوكرانيا ككرة قدم سياسية لغايات شيطنة موسكو والقاء اللوم عليها. اذاً من الزاوية الأميركية روسيّا بزعامة فلادمير بوتين مسؤولة بطريقة ما عن موت أكثر من ثلاثمائة راكب، كونها تدعم المتمرّدين الموالين لها في قتالهم ضدّ النازيين المجرمين الأوكرانيين المدعومين من واشنطن ومن البلدربيرغ الأميركي. حسناً أيّها القرّاء الأذكياء: ماذا ستفعل الولايات المتحدة الأميركية والبلدربيرغ عندما تقوم المجموعات الانفصالية في المكسيك والمدعومة من الحكومة المكسيكية بالعبور الى أميركا وولاياتها، وتزرع العبوات الناسفة في مدن وبلدات أريزونا وتكساس وبالتنسيق مع القاعدة وأخواتها في الداخل السوري والعراقي والأفغاني والباكستاني؟ نعم من حق الولايات المتحدة الأميركية ان تغضب وتجنّ بجنون مطبق، كون الفدرالية الروسية بزعامة الزعيم الأممي فلادمير بوتين ومجتمع المخابرات الروسية استعادوا شبه جزيرة القرم وعبر استفتاء شعبي نزيه وبدون إطلاق رصاصة واحدة، قبل أن تتمكّن واشنطن والبلدربيرغ الأميركي من وضع الأيادي عليها وتعطيل خطط روسيّا والصين والاتحاد الأوروبي الرامية الى ربط اقتصادات آسيا وأوروبا بواسطة السكك الحديدية وخطوط الغاز والمرافئ والطرقات السريعة. في الجانب الصراعي الأممي الآخر من موضوعة الصراعات على آسيا الوسطى، واذا كنّا في تحليل وتوصيف سياسي وقبل أكثر من أربع سنوات خلت، قد وصفنا قيرغيزستان بالمعنى السياسي والأمني الاستراتيجي بإسرائيل ثانية في آسيا الوسطى ، بالنسبة لمحور واشنطن تل أبيب، فانّها من الناحية الاقتصادية وبمعناها الواسع الشمولي الاستراتيجي، وبالنسبة لذات المحور السابق، بمثابة سويسرا آسيا الوسطى وذلك لكثرة، تمتعها بالثروات الطبيعية والمعادن الثمينة والهامة مثل: الأنتيمون، الفحم الحجري، اليورانيوم، واحتياط كبير ونوعي، من النفط والغاز الطبيعي. من يتابع مفاعيل تقرير دايان فنشتاين رئيسة لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي حول فضائح «سي أي آي» يصل الى حقائق مذهلة، وأنّ التعذيب في السجون السريّة لم يكن بهدف انتزاع اعترافات جماعات «القاعدة»، بل التأثير عليهم وفيهم بحيث يتمّ تغيير السلوك والتحكم بتصرفاتهم ويصبحون خانعين خاضعين للأوامر، بما فيها الاستعداد لتقديم اعترافات عن جرائم لم يقوموا بها، ونورد هنا مثالين توضيحيّين: أولاً: اعترافات أشخاص من القاعدة ممّن ادّعت الحكومة الأميركية مسؤوليتهم عن أحداث أيلول 2001. ثانياً: أو قيام أشخاص بجرائم دون أن يكون هناك أدنى شعور أو وعي داخلي لما يفعلون، وهو ما يفعله الداعشيون الزومبيات في الرقة والموصل.

لقد أنفقت استخبارات حكوماتكم أيّها الغربيون مئات الملايين من الدولارات واليوروات، وارتكبت أبشع الجرائم من أجل تصنيع خرافة تفيد بأنّ تنظيم القاعدة الذي أنشأته تلك الاستخبارات ذاتها للقتال ضدّ السوفيات في أفغانستان وثم في يوغوسلافيا وفي الشيشان أنّه قد صار العدو الأول للغرب. لقد خضع قادة داعش أبو بكر البغدادي ورفاقه من أبي مسلم التركماني الى حجي بكر الى أبي القاسم وغيرهم كثير، لنفس البرنامج التعذيبي لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بين الأعوام 2004 الى 2009 أثناء اعتقالهم في معسكر أو سجن بوكا في الجنوب العراقي، نراهم قبل دخولهم السجن كانوا يقاتلون القوّات الأميركية الغازية، واذا بهم وبقدرة قادر وبعد خروجهم السجن راحوا يقاتلون سورية الى جانب قوات حلف الناتو!؟

وحده الزمن سيكشف لكم تلاعب أجهزة استخبارات حكوماتكم وتورّطها في دعم الإرهاب ايّها الأوروبيون، ليس فقط لأهداف أنانية قذرة، حيث الجشع وحب السيطرة على العالم وعلى الثروات ولو كان الثمن سفك دماء الشعوب الضعيفة وإغراقها في بحور من الدماء، ولا مانع لديهم كما ترون في مثل هذا المثال الصارخ من نقل المشاهد الإجرامية الى قلب بلادكم وعواصمكم وسفك دمائكم، طالما أنّ الهدف هو التجييش الإعلامي باتجاه معيّن ورسم سياسات تتجاوز البروباغندا الإعلامية في محاربة الإرهاب لغايات دنيئة. رفض وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية نشر وثائق جديدة تتضمّن معلومات مفصّلة عن برامج الاستجواب واعتقال مشتبه بهم، بممارستهم لما يسمّى بالإرهاب الأممي بالخارج بحجة لا تسمن ولا تغني من جوع وعلى شاكلة الحجّة التالية: تمسّ الأمن القومي في شكل جديّ ، فهذا يتعارض مع قرارات القضاء الأميركي الفدرالي، ويعتبر جريمة فدرالية وحسب منطوق التشريعات الأميركية الفدرالية المتعلقة بهذا الخصوص القضائي. السجون السريّة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «سي أي آي» حقيقة موجودة منذ أحداث أيلول 2001 وحتّى هذه اللحظة، وقد اعترفت إدارتا الرئيس السابق بوش الابن بوجودها، وبعد أن تمّ فضحها عبر وسائل الميديا العالمية بمساعدة حثيثة وواضحة من جناح محدّد من داخل أروقة «سي أي آي» ساءه السلوك السيّئ والمنبوذ المتبع في مخابراته، سلوك غير قانوني وغير إنساني وغير أخلاقي وغير حضاري، سلوك دموي سادي، وهذا ما حاولت أن تخفيه ادارتا الرئيس أوباما وتحذر الكونغرس الأميركي من نشر تقريره، الى أن أصدر الكونغرس الأميركي تقريره الأخير حول ذلك أواخر العام 2014، رافضاً محاولات الديمقراطيين لعرقلة ذلك.

«سي أي آي» تمارس سلوك دموي ومنذ تأسيسها على يد الرئيس هاري ترومان، والذي كان يخشى انزلاقات الوكالة الى مثل ما انزلقت إليه الآن، فهي بمثابة الغستابو الولاياتية الأميركية نظراً للمسارات المريبة لعمليات تقوم بها هذه الوكالة، ما يقود الكثير من اللاعبين الدوليين والمتابعين لشؤون الاستخبارات، الى ضرورة وضرورة وضرورة حظر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية الحالية، حيث لم يعد هناك من أمل في إصلاحها وإعادة هيكلتها من جديد، مما يستدعي هندرتها بصورة مختلفة، بعبارة أخرى: شطبها وإعادة تأسيس وتشكيل أخرى وفقاً لمعايير صارمة ومحدّدة، تختلف عن المعايير التي حكمت نشوء الحالي من وكالات الاستخبارات المختلفة.

محام، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

mohd ahamd2003 yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى