بنود التوافق الأميركي الروسي في سورية…

باريس نضال حمادة

رغم النفي الخجول الصادر عن البيت الأبيض، والذي أعلن عن عدم الاتفاق مع روسيا حول تنسيق الضربات الجوية في سورية، فإنّ تسريبات التوافق وتفاصيله التي تنشرها الصحافة الغربية منذ فترة، تشير الى اتفاق على بنود أساس في الموضوع السوري، وهذا ما يبرّر الانعطافة التركية التي بدأت عبر الاتصال الذي جرى بين أردوغان وبوتين، وتبعه ما يمكن وصفه بـ «رفع اليد» التركية عن مسلحي مزارع الملاح عند معبر الكاستيلو آخر منافذ الجماعات المسلحة الموالية لتركيا من داخل مدينة حلب الى محيطها، وأتت تصريحات رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم والتي أعلن فيها عن تمنيات تركيا بإقامة علاقات جيدة مع كلّ من سورية والعراق لتشير الى نَفَس تركي جديد في التعاطي مع الحرب في سورية.

التسريبات الإعلامية في الغرب تتحدّث عن توافق روسي ـ أميركي، وموافقة إيرانية على هذا التوافق الذي ناقشه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف مع نظيره الأميركي حون كيري في اوسلو منتصف حزيران الماضي. وتقول التسريبات إنّ الأميركي وافق على وضع جبهة النصرة على لائحة المنظمات المصنّفة إرهابية، وبالتالي يشملها القصف الروسي وقصف التحالف الغربي. في المقابل تعهّد الروس بممارسة الضغوط على سورية لوقف قصف بعض مواقع المسلحين الذين لا تعتبرهم واشنطن إرهابيّين. وهذا ما ادّى الى توالي الهدن في مناطق الاشتباك في سورية من الشمال السوري حتى الغوطة الشرقية في الريف الدمشقي. وتقول التسريبات إنّ الروس اعتبروا المطالب الأميركية بتنحي الرئيس السوري بشار الأسد غير واقعية، وانهم لن يغامروا بالضغط في هذا الاتجاه لأنّ النتائج قد تكون الفوضى العارمة التي لا يمكن ضبطها واحتواؤها، وتقول التسريبات أيضاً إنه لسنوات مقبلة لن تسير روسيا بأيّ خطة لتنحي الأسد.

أيضاً تشير التسريبات إلى انّ أميركا لم تُعطِ لحدّ الآن الروس خرائط المناطق التي يجب عليهم عدم قصفها.

هذا التوافق الروسي الأميركي انعكس على العلاقة بين روسيا وتركيا، حيث حصل اتصال بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بعدما قدّمت تركيا اعتذاراً رسمياً عن إسقاط الطائرة الروسية العام الماضي في ريف اللاذقية الشمالي، وتعهّدت بدفع تعويض لعائلة الطيار الروسي الذي قتله مسلح تركستاني يتواجد في تركيا.

في هذا الاتصال اتفق الجانبان التركي والروسي على عقد قمة ثنائية خلال الأسابيع المقبلة، حيث يعكف الدبلوماسيون من الطرفين على إنهاء العمل في الملفات العالقة، ولا شك في انّ الملف السوري سوف يكون في صدارة هذه الملفات، ولا يمكن لأردوغان ان يأمل بعودة العلاقات مع روسيا وتطبيعها اذا لم يقدّم تنازلات في الملف السوري خصوصاً في كلّ ما يتعلق بمدينة حلب، ويبدو انّ إشارات هذا التنازل التركي بدأت في معركة الملاح عند أبواب حلب، حيث كانت تركيا الغائب الكبير في هذه المعركة وعلى عكس المرات السابقة التي حصلت فيها معارك وهجمات من قبل الجيش السوري، لم ترسل تركيا أيّ دعم لمسلحي الملاح، الذين دعمتهم في شباط عام 2015 بسبعة آلاف مقاتل من التركستان عندما وصلت قوات الجيش السوري وحلفاؤه الى بلدة رتيان، وكان لدعم تركيا الأثر الأكبر في وقف هذا الهجوم بعدما قطعت الجماعات المسلحة الطريق في الملاح.

وكان لعبور الأكراد الضفة الشرقية نهر الفرات وتثبيت تواجدهم غرب النهر بدعم أميركي كبير وغير مسبوق أثر كبير في الإسراع التركي لاسترضاء موسكو، خصوصاً مع تقديم أكراد سورية طلباً رسمياً للدعم الجوي الروسي ضدّ داعش، وقد ارسل الطلب الكردي مكتوباً الى قيادة عمليات الجيش الروسي في مطار حميميم.

في هذا السياق قالت مصادر في المعارضة السورية إنّ تركيا أبلغت موسكو أنها لن تسمح للجماعات المسلحة باستخدام الصواريخ المضادّة للطائرات في معركة الملاح، وكانت هذه الصواريخ قد وصلت الى جماعات مسلحة في الريف الشمالي لحلب وفي المدينة ضمن شحنات أسلحة ارسلتها كلّ من السعودية وقطر عبر تركيا خلال شهر أيار الماضي. وقالت المصادر إنّ تركيا أبلغت الجانب الروسي أنّ هذه الصواريخ لن يتمّ استعمالها الا بإرادة الدولة التي سلّمتها وهي تركيا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى