هل تنتصر الوحدة والعقل على الفتنة؟

بلال شرارة

هل ينتصر منطق العقلاء، ومنهم الشيخ خالد الملا رئيس الأوقاف السنية الوحدوي الذي عبّر عنه خلال إمامته للمصلين السنة والشيعة يوم الجمعة 8/7 في أحد مساجد الكرادة أم تنتصر الفتنة المذهبية؟

هل يؤدّي التصعيد السياسي على خلفية بعض المشاركة العربية الرسمية في مؤتمر المعارضة الإيرانية ورأس حربتها مجاهدي خلق وما تضمّنه من مواقف الى زيادة التوترات في الشرق الاوسط، أم أنه يمثل ذروة الاختلاف وبعده ستنحدر التوترات نحو مصالحات؟

هل موقف العلماء المسلمين بقيادة الشيخ القرضاوي منسَّق مع بعض النظام العربي أم انه موقف يمثل الإسلام الإخواني ويحاول ان يستثمر على الخلاف الخليجي الإيراني؟

هل الأعمال الدموية العشوائية التي ينفذها «داعش» و»النصرة» وبقية التنظيمات المتطرفة هي أعمال تضع القيادة السياسية الشيعية وقواها الشعبية ومشروعها الايديولوجي على السوية نفسها من مختلف أنماط السلطات السنية والمجتمعات الخاضعة لها أم أنها تضرب حيناً على الحافر وأحياناً على المسمار بقصد توقيع فتنة الشرق؟

هل هذه الحرب جارية بقفازات وستتأجّج على مختلف المحاور من اليمن إلى العراق إلى سورية!

طيّب… في ليبيا أيّ مذهب يقاتل أيّ مذهب؟ وفي مصر ألا يقتل تنظيم بيت المقدس الجنود المصريين المسلمين السنة؟ وهل هناك في مصر أهداف ومصالح شيعية؟

حرب الإرهاب هي حرب ضدّ كلّ النظام العربي والإسلامي وأنماط سلطاته، وهو الإرهاب يستثمر على رغبات ونيات، والخلافات في ما بين الأنظمة التي تعتقد أنها تستخدم الإرهاب ضدّ خصومها فيما هي في واقع الأمر تموّل وتسلّح انتحارها!

مما لا شك فيهأن الإجابة على التساؤلات انّ هناك محاولة لجعل العراق خط تماس أولي للحرب المذهبية، بحيث تحرّر الحكومة المركزية مع العشائر المناطق السنية لمصلحة حكم ذاتي سني مقابل رعاية الدولة المركزية السلطة المركزية لمناطق الحماية الشيعية. فقد كانت واشنطن ومن خلفها بعض النظام العربي تحول دون تدخل قوات الحشد الشعبي في معارك الفلوجة، كما حاولت وضع العراقيل امام مشاركة الحشد الشعبي في معارك الأنبار، وبالتالي الدفع بالعراق لينقسم الى جغرافية سياسية شيعية وسنية وكردية.

لقد حال تدخل المرجعية الشيعية في النجف دون مذهبة الحرب ضدّ الإرهاب او استخدام الحرب ضدّ الإرهاب لتبرير نشوء دويلات مذهبية وعرقية كونفيدراليات وجعل تحرير الفلوجة كمقدّمة لتحرير الموصل مهمة كلّ المكونات العراقية، وبالتالي تقديم مشروع الوحدة على مشروع التقسيم.

وفي الأنموذج السوري تجدر الإشارة الى الحرب في أرياف حلب، والتي تعبّر عن فيتو رسمي سوري إيراني على المشروع الروسي – الأميركي تثبيت وقف لإطلاق النار على حدود الكونفدراليات – مشروع دولة حلب مقابل دولة الشام والتي ينشأ على أطرافهما كيان درزي وآخر كردي، مما يعني في واقع الأمر تقسيم سورية الى دويلات مذهبية وعرقية، الا أنّ هناك اعتراضاً بالنار في حلب وأريافها على هذا المخطط ونشوء صراع بين مشروع الكونفيدرالية والمشاريع الفدرالية في إطار الدولة المركزية بما يحكّ على بيت الجرب لدى الذين لا يريدون التعايش مع الآخرين.

إنّ انتصار أحد المشروعين سيشكل النواة لترسيم جغرافية الشرق الأوسط الجديد وسيتمّ على حساب أموات السنة والشيعة والأكراد والدروز على حدّ سواء، وكذلك الخراب الذي سيصيب مناطقهم وممتلكاتهم.

واعتقد أنه بات من الضروري عقد مؤتمر مرجعي بين الأزهر والنجف ينضمّ اليهما السعودي، وبات ضرورياً معه دعوة القيادات المسيحية للمشاركة فيه ومباركة الفاتيكان لمؤتمر كهذا، نظراً للإرهاب التهجيري الذي وقع على المسيحيين في العراق وسورية وامتداداً الى نيجيريا.

منطق النجف يؤكد عدم وجود اختلاف معتقدي سني وشيعي وهذا صحيح ، وانّ هناك اختلافات بين السياسيين تظهر بلبوس متأسلم، وهذا منطق صحيح ايضاً. ولكن لا بدّ من التفاهم على حتمية إصدار فتوى مرجعية ترفع الغطاء الإسلامي عما يسمّى دولة داعش وعن حصاد الدم بواسطة التفجيرات الإرهابية ضدّ المقامات والمقدسات والتفجيرات العابرة للقارات، وكذلك مختلف عمليات القتل والإبادة، وبالتالي جعل الإسلام فوق التداول ومنع استثماره على النحو الجاري وجعله مادة فتنوية.

لقد آن الأوان لإصدار فتوى مرجعية بتجريم الإرهاب وإهدار دمه وإسقاط دولته وخلافته وتحريم مدّه بالعتاد والسلاح والمال او الموارد البشرية.

هل تُرانا نحتاج الى المزيد من الموت ليقترب إعلان مثل هذه الفتوى المصيرية؟ أنا أضمّ صوتي إلى صوت الشيخ خالد الملا وأفهم مبلغ الوجع الذي أصاب العراق في الكرادة، وفي كلّ مكان انفجر وترك ندوباً في أجسادنا عبر العراق وعبر حدوده الى جواره العربي والمسلم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى