المغربيّ سعيد كريمي يبحث في مسرح القسوة من خلال سيرة أنطونان آرتو

صدر في منشورات دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة كتاب «مسرح القسوة والمسارح التجريبية الحديثة»، للناقد المغربي سعيد كريمي. الذي يعرض من خلاله لسيرة المسرحي والشاعر السوريالي أنطونان آرتو 1896 ـ 1948 وتأثيره في التجارب المسرحية التي تلته، وخاصة رؤاه الجمالية والفكرية.

يستهلّ الناقد المغربي سعيد كريمي كتابه قائلاً: «مثلما إن الحضور المكثف للجسد -جسده الخاص- داخل كتابات آرتو قادنا عامة إلى التوقف عند هذه النقطة، إذ أبرزنا تمظهرات هذا الحضور وتجلياته، إيمانا منا بأن المسرح هو فنّ الجسد بامتياز، إن لم يكن هو الجسد نفسه. كانت حياة أنطونان آرتو ـ رائد مسرح القسوة ـ صاخبة صخب القرن العشرين. فحماقات الحرب في هذا القرن تلقى صداها في الاضطراب العقلي لدى هذا الكاتب المسرحي الكبير. إن التيارات العديدة، الأدبيةَ والفلسفية والفنية التي ميّزت هذا القرن، تسير في المستوى نفسه، مع الطبع القلِـق لهذا المفكر، لهذه الشخصية. «كل مأساة تتميز بالعناصر الستة الآتية: الحكاية، المزاج الإيدوس ، الفكرة، الغناء، التعبير والإخراج. أرسطو . أما مسرح القسوة فتُسنده فلسفة حياتية تجريبية. بلورها آرتو من لحمه ودمه، من عقله وانفعالاته. عتبة العتبات في هذه الفلسفة هي جسده. بعدما جرب السّوريالية في ثوريتها وتمردها على العقلانية والنمطية، لاحظ أن تمردها ليس تمرده نفسه. فانفصل عنها ومارس سورياليته الخاصة به. لم يكُن الدين بالنسبة إليه أقانيم ولا شعائر بقدر ما كانت آلام المسيح آلامه، واعتبره الثوري الحقيقي الوحيد، مثلما اعتبر أن خلف كاثوليكيته يتموضع مبدأ هو الهدم، وهذا ما كان يهمه».

يقول الباحث إدريس كثير معلقاً على هذا الكتاب: «امتداد القسوة في مسرح العبث يبدو في عبث الأقدار ولا معنى الحياة. وامتدادها في مسرح الحي يبدو في انهيار القيم وهيمنة الرأسمال الأميركي واللامبالاة».

أما جان لوي بارو فكان تلميذاً لأنطونان آرتو، عايشه وعاشره وأخذ منه عصارته. وتأثر به بيتر بروك من خلال إنجيله «المسرح وقرينه»، وبات قريناً له في المسرح. واعتُبر هذان العلمان «تجريباً» حقيقياً لنجاح أطروحات آرتو النظرية منها والتطبيقية.

يخلص كثير إلى القول: «استطاع سعيد كريمي أن يُلفت انتباهنا إلى هذا الهرم المسرحي المشاكس، وأن يقدم لنا تجربته التراجيدية والدرامية بتفاصيل الإخراج المتقن أكاديمياً وأدبياً، وأن يتابع انتشار رقعة «القسوة» عبر الجغرافيا البشرية، والمسرحية. وكان هاجسه وحرصه في هذا كله بحسب تقديرنا هو البيت المسرحي العربي. فما هي حدود وحظوظ حضور «مسرح القسوة» في حضرة المسرح العربي؟».

سعيد كريمي كاتب وقاص وناقد مغربي، من أعماله «سفر الروح» و»خطابات ثورية في المسرح والسوريالية والثقافة» و»بورتريهات: حفر في الجسد والذاكرة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى