بعد إيلان… طفلة من نيس!
فدى دبوس
على ما يبدو أن صور الأطفال الضحايا هي الصور الأشدّ تاثيراً بالرأي العام، فلا ننسى منذ أكثر من عام عندما انتشرت صورة الطفل السوري إيلان الذي غرق في أحد مراكب المعاناة. وبعد هذه الحادثة لم يكن هناك أقوى من هذه الصورة لتنقل المعاناة والألم التي يذهب ضحيتها أطفال أبرياء لا ذنب لهم سوى انهم ولدوا في هذا العالم المليء بالقتل والإرهاب.
وعلى ما يبدو أن الصورة الجديدة لطفلة لاقت حتفها في هجوم نيس أيضاً استحوذت على اهتمام الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رغم عدم ظهور الطفلة إلا أن مشهد الدمية الملقاة إلى جانبها كان مؤثراً. فتلك الطفلة التي كانت تلعب وتنظر إلى المستقبل بعين واعدة سقطت ضحية ظلم العالم وماتت وبقيت لعبتها شاهداً على معاناتها.
ومهما يكن إيلان الذي مات غرقاً أو الطفلة التي ماتت بطلقات رصاص أو أطفال قانا الذين ماتوا ولم يستطيعوا العثور على ألعابهم بجانبهم بسبب همجية العدو وقصفه الدامي، أو أطفال سورية والعراق وفلسطين، فإن العالم اليوم بات ينذر بالشؤم وما عادت الحلول تجد لها منفذاً.
ربما الطفلة الفرنسية كانت محظوظة قليلاً، إذ ماتت وهي سعيدة تلعب وتحتضن لعبتها وتمشي في شوارع بلادها، لكن ماذا عن أطفال العالم العربي؟!
هؤلاء الأطفال الذين يقتلون يومياً بلا ذنب، ذنبهم فقط هوياتهم وجنسياتهم المتعددة، ذنبهم أنهم ولدوا في دول يدفعون ضريبتها من أرواحهم ودمائهم.
الغريب اليوم هو لمَ هذا التحرّك العالمي للهجمات الإرهابية التي تحصل في دول العالم الغربي، ولمَ النوم على ما يحصل في دولنا وعالمنا نحن، هل في ذلك أيضاً تفرقة بين دول عالم ثالث ودول عالم أوّل؟
هل لأننا ولدنا أحراراً علينا دفع الضريبة دائماً؟ العالم ضجّ لصورة طفلة فرنسية ملقاة على الأرض بجانب لعبتها، لكن لماذا لم يضج العالم بصور أطفال العراق وسورية وفلسطين يومياً؟ هل أصبح مشهد الموت عادياً في دولنا؟ ام أن هذا الأمر بات طبيعياً؟
أولادنا أيضاً يستحقون الحياة، يستحقون أن يمتلكوا ألعاباً ويلهون بها، يجولون في شوارعهم آمنين. أولادنا أيضاً أطفال يستحقّون الحياة فلمَ لا تكفوا عن إرهابكم ولمَ لا تتوقفون عن قتل أطفالنا؟ سؤال نوجّهه إلى الغرب الذي زرع الفتنة والحرب والدمار والإرهاب في أرضنا، أرض السلام والمحبة.
اليوم طباخ السمّ يتذوّق سمّه، هجمات إرهابية بالجملة يواجهها العالم الغربي والصرخة بدأت تتصاعد من كل زاوية من زوايا دول هذا العالم فهل يجدون حلاً لإيقاف بحر الدمّ الذي أثمروا في إنتاجه؟!
لا يسعنا سوى القول في النهاية إن كلّ شخص يموت بعمل إرهابيّ مظلوم، وإن الظلم بات أمراً مزعجاً يحيط بنا من كل جانب وصوب، فالعالم اليوم مجنون!