«المنار»
بمقدارِ ما تساءلَ العالمُ عن دوافعِ انقلابِ تركيا يسألُ بعدَ فشلِه عن حجمِ إجراءاتِ رجب طيب أردوغان… الرجلُ وحزبُه أَطلقا حملةَ تطهيرٍ في معظمِ مؤسّساتِ الدولةِ لإعادةِ ترتيبِ الأولويّاتِ والمسؤوليّات، ولتجتازَ البلادُ المطبّاتِ المتوقّعةَ بحسبِ معظمِ المراقبين.
واليومَ أمس ، اجتازَ مئاتُ اللبنانيّينَ المطبّاتِ الهوائيّةَ في الأجواءِ التركيّةِ عائدينَ إلى بيروتَ وفي جُعَبِهم شهاداتٌ حولَ رعبٍ عايشُوه لساعاتٍ طويلةٍ فيِ المطاراتِ التركيةِ يومَ الانقلابِ وبعدَه.
في السياسةِ اللبنانية، تزدادُ الملفاتُ تعقيداً معَ ارتفاعِ منسوبِ العرقلاتِ على خطِّ الانتخاباتِ الرئاسية، ليبقى الأملُ بحركةٍ يُطلقُها الرئيس نبيه برّي في ميدانِ مجلسِ النوّابِ بعناوينِ الضرورةِ، ومنها تلوّثُ نهرِ الليطاني الحاضرُ يومَ الخميسِ على طاولةِ الحكومةِ مسبوقاً بنقاشٍ بالملفِ الماليِّ المتشعبِ يومَ غدٍ الاثنين اليوم .
إقليميّاً، الحدثُ البحرينيُ إلى مزيدٍ من التأزّم السلطاتُ زادت جدرانَ القمعِ سماكةً بحلِّ جمعيةِ الوفاقِ الإسلاميّةِ المعارضةِ، ضاربةً عُرضَ الحائطِ باتّساعِ تمثيلِها لها في الشارعِ البحرينيِّ المنتفضِ على ممارساتِ التعسّفِ والظلم منذُ خمسةِ أعوام.
«أن بي أن»
هل بدأت عمليّة جديدة لرسم الأدوار على مستوى المنطقة؟ مرحلة ما بعد الانقلاب في تركيا لن تكون كما قبلها، عادت تركيا إلى تركيا والحلم الأردوغاني بالتوسّع سقط، لا تأشيرة شنغن لدخول الاتحاد الأوروبي ولا ربيع عربي يُعيد أحلام السلطنة. حان وقت الانكفاء إلى الداخل، لتصفير الأصوات المعارضة ولتمتين حكم رجب طيب أردغان، الذي لن يجد فرصة أفضل ممّا حصل ليصدر فرماناته بحقّ كل من يعارضه في العسكر والقضاء والسياسة، وهو تخلّى عن عواطفه وسيقدِم على قرار إعادة الروح إلى أحكام الإعدام، وكفى الله الأردوغانيّين كل شر.
الجيش التركي الذي وضع نفسه رهن الدولة والشعب في بيان اليوم أمس ،هل سيهضم مشاهد إذلال عسكره وضبّاطه من قبل مناصري حزب العدالة والتنمية؟ أم ستبقى ردّة فعله كبركان خامد ولكنّه حي؟ تكبيل الجيش لن يقتصر على دوره كحارس لعلمنة الدولة أو كعامود فقريّ لها، وقد يصل دوره الأطلسي بعد اعتقال قائد قاعدة أنجرليك لاتّهامه بالتورّط بالانقلاب، وهي القاعدة التي تعيش بتقنين كهربائيّاً مقصوداً معطوفاً على توجيه أصابع الاتّهام نحو واشنطن الحاضنة لفتح الله غولن بعلاقتها المكهربة مع أنقرة. واليوم أمس ، بدأ طيران الشرق الأوسط بإجلاء المواطنين الذين علقوا في المطارات التركيّة وسط متابعة من المدير العام للمغتربين هيثم جمعة.
في الجولان السوري المحتلّ اعترف جيش العدو «الإسرائيلي» بمقتل جنديّين في انفجار عبوة من دون كشف التفاصيل، هذا صباحاً صباح أمس ، أمّا مساءً مساء أمس فدوّت صفارات الإنذار في المستوطنات «الإسرائيليّة» في الجولان السوريّ، ولم تنجح القبّة الحديدية بصواريخها في اعتراض جسم غريب حلّق في سماء الأراضي المحتلة، تبيّن لاحقاً أنّه طائرة من دون طيار قادمة من سورية.
وقبل الدخول في تفاصيل النشرة، أظهرت نتيجة استفتاء أجراه برنامج TOP TEN على قناة الجديد، أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي هو الشخصيّة السياسية اللبنانيّة الأكثر شعبيّة في لبنان.
«او تي في»
هل أن الانقلاب في تركيا كان ليل الجمعة السبت، أو أنّه فعليّاً يحصل اليوم أمس ؟ سؤال يبدو مطروحاً بقوة بعد عمليّات التطهير في السلكين العسكري والقضائي التي يقودها أردوغان، عبر اعتقال الآلاف وإقالة الآلاف من مناصبهم، فيما بدا كأنّه حملةُ إقصاء لكل من يعارض السلطان التركي، وانقلابٍ يقوده الرئيس ضدّ كل من لا يدين له بالولاء المطلق في مفاصل الدولة وتركيبة مؤسّساتها. وبعد هذه الخطوات، يبدو أنّ أردوغان كان المنتصر الأوحد من محاولة الانقلاب، خصوصاً أنّ الصوت بدأ يعلو من معارضي الرئيس التركيّ على أنّها محاولة مدبّرة من قِبَله، لإطلاق اليد بالكامل تحت شعار «الأمر لي». خطوات أردوغان تلك أقلقت حتى الأصدقاء، فكان بارزاً الموقف الباريسي المعتبِر أنّ فشل الانقلاب لا يعني أنّ أردوغان لا بات يملك شيكاً على بياض، في وقت استمرّت القراءة بين سطور التصريحات التركيّة والأميركيّة التي تشي بواقع العلاقة بين الجانبين، وسط التلميحات التركيّة إلى دور أميركي ما بالأحداث الأخيرة. وفي خضمّ لعبة الأمم حول المسرح التركي، بدت تطورات أنقرة مادة انقسام جديدة في لبنان… البلد عندنا بلا رئيس، فما المانع إذاً في أن يملأ الجدل حول رئيس تركيا الفراغ في لبنان، بين مؤيّد ومعارض… وكأنّ انقساماتنا الأساسيّة لا تكفينا!
«الجديد»
في مثلِ هذا اليوم أمس ، ومنذ عامٍ بالتمامِ والكمال، أطلّت أزمةُ النُفايات برأسِها وبغطاءٍ سياسيّ. تزامنَ انتهاءُ العقد مع الشركة الملزَّمة واتّخاذُ قرارٍ بإقفال مطمر الناعمة، وما هي إلّا أيّام قليلة حتى اجتاحت النفايات الأقضية والمدن، وتحوّل لبنان إلى مكبٍّ كبير وشوارعُ بيروت إلى مستوعباتٍ نضحت بما فيها. وصلت الزبالة المتراكمة إلى أبواب السرايات والمقار، ولم تحرّك ساكناً في طبقةٍ سياسيّةٍ حاكمة تواطأت مع الوقت، أهملت حلَ المشكلة بفتح أبواب مناقصاتِ التلزيم لغايةٍ في نفسِ تمديدٍ لشركةٍ تقف خلفها جهاتٌ سياسيّةٌ معروفةٌ وغير معروفة، وككرةِ الثلج كبرت الأزمة، وأدّى خلاف السياسيّين على تقاسم الصفقات والحصص والطمعُ في تعبئة الجيوب إلى التسريع في نضوج الكارثة، وفي الوقت نفسه أعاد النبضَ إلى الشارع فكان الحراكُ الشعبي وكانت انتفاضة الحملات بمختلف عناوينها، شهور من الأزمة والسلطة تهرب إلى الأمام. رئيسُ حكومة هدّد بفضح النفايات السياسية ولم يُقرِن القول بالفعل، وزيرُ بيئةٍ استقال من مسؤوليّاته مسؤولون تورّطوا بقتل الشعب على الريحة، وعمِلوا على إجهاض الحراك بالتكافل والتضامن. وغداة الذكرى السنوية الأولى لأزمة النفايات، ستُّ شركاتٍ سيفُضُ مجلسُ الإنماء والإعمار عروضَها الأسبوع المقبل، ومن بينها شركة جهاد العرب التي ما خرجت من طاقةِ العروض إلّا لتدخلها من بابِها الواسع، وما أدراك ما مجلس الإنماء والإعمار بعدما تحوّل إلى «لويا جيرغا» الطوائف، وبات لكلِ زعيمٍ سياسيٍ متموّلٌ يمثّله فيه من رأس الهرم نبيل الجسر والمحسوب على سعد الحريري، إلى نائبه ياسر شقيق الرئيس بيه برّي، إلى البقيّة المتبقيّة في مجلسٍ يحكمُه خمسةُ «بارونات» انتهت صلاحيّتُهم منذ خمس سنوات. وفيما أسبوعنُا الطالع يشهد جلساتٍ وزاريةً متلاحقة لن تقدّم ولن تؤخّر في معالجة الملفات العالقة، فإنّ الأسبوع الإقليمي الذي انتهى على محاولة الانقلاب في تركيا لم تنتهي مفاعيله بانتهاء انقلاب الساعات القليلة، فالرئيس رجب طيب أردوغان أعلنها حربَ خطاباتٍ مفتوحة بالتوازي مع حملة التطهير التي أعدّها سلفاً حتى وصل عداّدُ الاعتقالات اليوم أمس إلى ستة آلاف معتقل في الجيش والأمن والقضاء، بالتزامن مع حملة الاتّهامات التي يقودها ضدّ المعارض البارز فتح الله غولن بأنّه العقل المدبّر للانقلاب، والذي رجّح في مقابلة تلفزيونيّة أن يكون أردوغان نفسه وراء الانقلاب العسكريّ بهدف تغطية نفوذه والقضاء على المعارضين.
«ام تي في»
يدفع تمادي أردوغان في التعاطي بقسوة مع مفاعيل الانقلاب الفاشل إلى سؤالين، هل محاولة الانقلاب هي التي نفّذتها المجموعة العسكريّة التي ردعت واستسلمت؟ أم الانقلاب الحقيقي هو الذي ينفّذه أردوغان الآن أمس من خلال سجنه مئات الضباط الكبار والقضاء والمدّعين العامين؟
هل سيُحسن أردوغان استغلال الانقلاب لصيانة الديمقراطيّة، أم أنّه سينجح نحو عسكرة مقنّعة للحياة السياسيّة يؤمّنها له التأييد الشعبي عبر صناديق الاقتراع؟
يدفع إلى هذين السؤالين الهبّة الدولية العارمة التي رفضت الانقلاب العسكريّ، لكنها ترفض الانقلاب على الديمقراطي الذي شكّل حلماً طالما راود أردوغان.
لبنانياً، لا تزال الدولة أسيرة مفاعيل انقلاب 2008 الذي أعطب المؤسسات، فاللجان المشتركة تنفض يدها شيئاً فشيئاً من قانون الانتخاب، ومجلس الوزراء يتحاشى بحث الملفّات الخِلافية رغم الجلستين اللتين سيعقدهما الأسبوع الطالع، ورئاسة الجمهوريّة مخطوفة، والكلّ يُحيل الكلّ إلى طاولة الحوار مطلع آب رغم تجاربها الفاشلة.