إنها حركة التاريخ… لكن ما وراء مسرحية الانقلاب في تركيا؟
جمال رابعة
إنها حركة التاريخ لكن ما وراء مسرحية الإنقلاب في تركيا وحتى لا يصيب كلامنا في موقع ما، وإن تكون هناك ظلامة لأحد من الذين شاركوا بالعملية الإنقلابية بصدق للتخلص من دكتاتور أنقرة وإنقاذ بلادهم التي ترقد على صفيح ساخن مخرجاتها حرب أهلية، لا محالة بسبب السياسات الرعناء لأردوغان وحزبه الخارجية منها والداخلية ذات الطابع المذهبي والتحريضي، وتبنّيه المطلق ودعمه لتوجهات السياسات الإخوانية، وتصفية ما تبقى من يعارض دكتاتور أنقرة في الجيش والدولة التركية.
فمن غير المعقول أنّ الذي حصل في تركيا بعيد عن العين الأميركية والصهيونية وأجهزة الاستخبارات التي ترصد كلّ حركة وسكون إنطلاقاً من قاعدة أنجرليك المتواجدة في أضنة.
ما أريد قوله أنّ في صلب السياسات الأميركية ولتحقيق أهدافها تسهّل وتمهّد ذلك بصناعة حدث ما يبرّر ما يجيز تحقيق ذلك، هذا شهدناه في أحداث برجي التجارة العالمية، وفي دخول صدام حسين إلى الكويت، وفي عودتها من جديد تحت غطاء ما سمّي «الربيع العربي» بعد أن صنعت جيوشاً بالإنابة كـ»داعش» و»القاعدة» تحت رمزية الحرب على الإرهاب لجهة التواجد في المنطقة وبحضور واسع، وتالياً توقيع عقود لإقامة قواعد عسكرية كما هو عليه الآن في تركيا السعودية قطر البحرين وآخرها كردستان العراق بإقامة خمس قواعد عسكرية فيها مقابل أن تقوم الادارة الاميركية بدفع 450 مليون دولار رواتب البشمركة.
في خضم معركة لعبة الأمم والتي يدور رحاها على أرض المشرق العربي ومغربه وتدير دفتها إدارة أميركية بأبعاد جيوسياسية تصل عمق الاتحاد الروسي شمالاً والصين شرقاً وأوربا غرباً.
ووفق متطلبات إدارة المجموعات الإرهابية الفاشية، وحجم التجنيد الذي تقوم به تركيا بأموال بني سعود. ولزوم توجيه هذه الجيوش التي تقاتل بالإنابة عنها من الفاشية الوهابية والتي صنعتها في أقبية أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية، لأجل تلك الأهداف مجتمعة وما حققته من إنجازات ومكاسب اقتصادية، أعادت التوازن والقوى للاقتصاد الأميركي بما حققت من أرباح شركات السلاح والنفط من تخفيض في أسعار النفط، لتأثير على اقتصاديات بعض الدول التي تعتبرها واشنطن معادية كروسيا وإيران وفنزويلا
كان لزاماً ولمصالحها الاستراتيجية إحباط محاولة الانقلاب وتقديم كلّ الدعم السياسي والمادي والعسكري وعدم إحداث فراغ مركب يعيق تحقيق ما ذكرناه سابقاً من أهداف واستراتيجيات.
ولا يمكن تجاهل آثار ونتائج ذلك على البنية العسكرية التركية وتالياً انعكاسها على البنية الاجتماعية ونسيجها الذي هو أساساً أصابه الوهن والخلل بسبب سياسات دكتاتور أنقرة ذات النفحات المذهبية العرقية، وهذا ما لوحظ من خلال الشعارات التي أطلقتها مجموعات مسلحة تنتمي لحزب العدالة والتنمية، تتطابق مع شعارات «داعش» وما اشتقّ منها حتى بأسلوبها الميداني، عندما أقدمت على ذبح العسكريين الأتراك.
أما في ما يتعلق بالموقف التركي ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، فليس هناك فرق بين موقف المؤسسة العسكرية التركية وموقف أردوغان دكتاتور انقرة منذ تأسيسها على يد كمال أتاتورك وعلاقتها المميّزة وارتباطها الوثيق المميّز والتنسيق المطلق مع الكيان الصهيوني في تكريس الاحتلال لفلسطين ولكلّ فلسطين وضدّ قضايا الشعب العربي التحرّرية ومصالحه بتغطية سياسية من الغرب الأطلسي الذي هو عضو في حلفها تتقدّمهم واشنطن.
إنّ الحركة الإسلاموية التركية والتي يتبناها حزب العدالة والتنمية كانت أشدّ خطراً ووباءً على الأمة العربية والاسلامية من التيار العلماني في تركيا. حيث لم يقتصر على علاقاته المميّزة مع الكيان الصهيوني بل تقدّم أكثر وساهم بتنفيذ مخططات تدمير كيانات الدول العربية، ابتداءً من ليبيا ومصر وتونس والعراق واليمن وسورية هذه هي تركيا العلمانية والاسلاموية.
وهنا لا بدّ من الإشارة لجهة تحطم حلم بزوغ فجر السلطنة الإخوانية واندحاره من الساحة العربية من مصر إلى تونس وليبيا واليمن ومقبرته في سورية ترسم ملامحها معركة حلب الكبرى أم المعارك والتي قال عنها السيد الرئيس بشار الأسد انها ستكون مقبرة لأحلام السفاح أردوغان الذي يطمح لتحقيق مشروعه الإخونجي الفاشي في المنطقة من مدخل حلب وانكفاءه وتقوقعه وانحساره داخل تركيا بمواجهة مع العلمانية التركية نشهد فصولها وسيناريوات مختلفة يتصدّرهم حزب العدالة والتنمية، والميليشيات الفاشية المسلحة التابعة لها.
أخيراً لا يمكن تجاهل ارتدادات ما سيحصل في تركيا في القادمات من الأيام على المستويين العسكري والمدني، بعبارة أوضح نحن سنشهد تحوّلات وتقلبات نتلمّسها على كافة الأصعدة… فلننتظر!
عضو مجلس الشعب السوري