الترياق والإبراء المستحيلان في لبنان!
خليل إسماعيل رمال
ألا يستحي الساسة في مسخ النظام من أنفسهم وهم ينتظرون الترياق من الخارج دوماً بينما وطنهم يذوب أمام أعينهم؟ فالكيان الجهيض تأسّس بقدرة النفوذ والتدخل الخارجيّين، منذ إمارة فخر الدين المعنيّ وابن عمه بشير الشهابي، اللذين يكاد بعض اللبنانيين من أحفاد الفينيقيّين أن «يؤلهوهما»، مع أنّ الأول كان خائناً أراد استبدال سلطنة عثمانية مجرمة بسلطة أوروبية أشدّ جرماً توسكانة ، أما الثاني فكان طاغيةً وديكتاتوراً ظالماً لم يقف في وجه الغزوة الفرنسية. لكن هذا لم يمنع كتب تاريخ لبنان، التي تعلّمها جيلنا، من اعتبارهما بطلين عملا على استقلال لبنان، مثلهما مثل «شهداء» 6 أيار.
على كلٍّ الحديث عن تاريخ لبنان يطول، لكن باختصار نقول إنه كله مزوّر أفرغت فيه كلّ مساحيق التجميل الكلامي في العالم، لكن بقي كما قال العبقري زياد «ناطر كفّ من غيمة»! ألم يقولوا لنا إنّ الذي منح للبنان استقلاله، حزبا الكتائب والنجادة! لا الصراع الفرنسي البريطاني على النفوذ في المنطقة الغنية بالموارد. حتى في العصر الحديث لم تنته الحرب الأهلية العبثية المجرمة إلا بعد أنْ ذهبت الطغمة السياسية الحاكمة بأكملها إلى مملكة آل سعود في الطائف لتجد الأكسير هناك. وبعد أنْ تدهورت الأمور وأفلس الحكام من جديد، حملتهم طائرة قطرية إلى الدوحة لعقد اتفاق أخرج الأزمة من عنق الزجاجة!
واليوم الوضع في البلد أسوأ مما قبل الطائف والدوحة، والساسة لا يبادرون ولا يهتمّون في حين أنّ التحديات أخطر من كلّ مرة، ومنها:
1 – عدم تنظيم وجود اللاجئين السوريين من خلال التنسيق مع الحكومة السورية التي لا زالت تجمعنا معها اتفاقيات ثنائية ومصير مشترك، رغم كلام كلّ الجاحدين الذين لحم أكتافهم من سورية، من أجل إعادة اللاجئين إلى المناطق التي تتحرّر، لكن هذا خط أحمر لدى جماعة «السعودية أولاً». ولن ينفع عويل المسؤولين اللبنانيين وتضرّعهم أمام الأوروبيين حول عبء اللاجئين السوريين، لأنّ مصلحة هؤلاء تقتضي بإبعادهم عنهم وتوطينهم في الدول المجاورة لسورية.
2 – خطر «إسرائيل» المتربّصة بنا دوماً، والتي زادت في الآونة الاخيرة من تحرّكها المريب وخرقها السافر للأراضي والأجواء اللبنانية، مقابل الاستمرار في تآمر البعض على المقاومة التي شرّفتْ هذا العصر والتي نحتفل هذه الأيام بذكرى انتصارها العاشر المؤزّر في حرب تموز. وخير دليل على موت هذه الدولة الساقطة أنّ رئيس وزراء العدو يعتزم زيارة 4 دول أوروبية لبثّ سمومه، حيث علّمتنا التجربة أنّ أيّ نفوذ وتدخل صهيوني في القارة السوداء يعني التآمر على الوجود اللبناني الجنوبي الفاعل فيها. فالدولة المسخ تعامل المغتربين كالبقرة الحلوب ولا تفعل شيئاً في المقابل لوقف الخطر الداهم عليهم!
3 – خطر التكفيريين الذين يجدون عضداً لهم في الداخل، مثلهم مثل عملاء «إسرائيل» المدّعي بعضهم على الإعلاميين حسن عليّق بعد أنْ أصبحت العمالة وجهة نظر. فالجيش مشتّت ومنهَك ولا يملك السلاح الكافي لهزيمتهم بعد أنْ منع فريق آل سعود تمويله المجاني من إيران، ولو بعد رفع العقوبات عنها التي كان هذا الفريق يتحجّج بها، بينما صفقة السلاح الفرنسي متوقفة وبحكم المنتهية.
الجديد هذه المرة أنّ الترياق لن يأتي من الخارج، فأميركا غير مهتمة وبريطانيا تمرّ بمرحلة انتقالية بعد انقلاع كاميرون وطلاق بلاده من أوروبا. أما فرنسا فقد أثبتت زيارة وزيرها المملّ إيرولت أنها لم تعد تملك الأوراق المطلوبة و «الحنان» الكافي. بالمناسبة لم يكلف أحد المسؤولين نفسه مساءلة ممثل النظام الاشتراكي المتصهين عن المناضل الأسير جورج عبدالله. وبمناسبة ذكرى »الثورة الفرنسية» التي محتها سنوات الاستعمار الفرنسي المجرم، نحيّي الأبطال صادق حمزة وأدهم خنجر ويوسف العظمة وسلطان الأطرش وجورج عبدالله. بالإضافة لذلك دور الجامعة العربية والسعودية وقطر معطّل، لذا يبدو أنّ حشيش الحلّ لن ينبت، وخلال الوقت الضائع لا بأس أنْ يحرتق اللبنانيون على بعضهم فيستنفر السنيورة على وزير المال، لأنه ممنوع على أحد ان يدقّ باب الوزارة المطوّبة له والمؤيَّدة بالإبراء المستحيل لمخالفاته المالية وعلى رأسها «مبلغ بسيط» مقداره 11 مليار دولار…!