منفذية الشوف في «القومي» تحْيي يوم الفداء
أحيت منفذية الشوف في الحزب السوري القومي الاجتماعي ذكرى استشهاد باعث النهضة الزعيم أنطون سعاده في مدينة بعقلين، بحضور عميد الاقتصاد فارس سعد، عضو المجلس الأعلى عامر التل، منفذ عام الشوف كميل الطويل وأعضاء هيئة المنفذية، وعدد من أعضاء المجلس القومي، ومسؤولي الوحدات وجمع من القوميين والمواطنين.
عرّفت الاحتفال شادية أبو ذياب بكلمة من وحي المناسبة، وألقت يسرى حمزة يزبك قصيدة من نَظْم والدها الشاعر القوميّ الراحل مزيد حمزة. وألقى الشاعر القومي عماد منذر قصيدة من وحي المناسبة.
كلمة أُسَر الشهداء
شقيقة الشهيد نضال الحسنية لبنى الحسنية ألقت كلمة عائلات الشهداء، فرأت أنّ تمّوز هو شهر الفداء، شهر العطاء والحصاد، شهر الارتقاء والانتصار، إنه تمّوز الذي يأبى إلا أن يكون رمزاً للمجد والخلود.
وقالت: لست هنا لأتكلّم بِاسم شقيقيَّ نضال وخلدون ولا بِاسم عاطف الدنف أو سناء محيدلي أو ابتسام حرب، فالدم قد تكلّم عن نفسه زوابع بطولة وعزّ، لأنه أبلغ من أيّ كلام. وكما قال معلمنا «شهداؤنا هم طليعة انتصاراتنا الكبرى»، و«إنّ الدماء التي تجري في عروقنا عينها ليست ملكاً لنا بل هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها».
وفي فجر 8 تمّوز عام 1948 علت أصوات الحقد والتآمر ظنّاً منها أنها ستُسكت صوت الحق. صوتاً رفض التجزئة والتقسيم وهاجم الطائفية والكيانية، فكان الأمر بالرصاص، وكان الصدى «شكراً»، فأضحى الموت حياة وما الحياة كلّها إلّا وقفة عزّ فقط.
اليوم، ونحن في حضرة تمّوز الفداء، يرى سعاده أنّ أسباب نجاح المشروع الصهيوني لا يعود إلى مهارة اليهود، إنما إلى التفسّخ الروحي الذي اجتاح الأمة السورية ومزّق قواها وبعثر حماستها، وهو رفض مصير المستسلمين الذين يستجدون حقوق الأمة استجداء، ورفض تلامذته ذلك من بعده، فبقي الحزب ومعه القضية، وها هم أبناء الحياة يسطّرون ملاحم البطولة.
وختمت بالقول: جراحنا كبيرة وثقيلة، لكنّها تهون عند سلامة نهضتنا وأمتنا.
كلمة المنفذية
كلمة منفذية الشوف ألقاها المنفذ العام كميل الطويل ورأى فيها أنّ سعاده حجز في التاريخ موعداً لمشروعه لا لشخصه، ومحطة لأمته لا لجماعته، وهكذا صار حضوره أقوى من الغياب. لم يهمل الجسر الذي يربط بين السياسة والأخلاق، حتى خاله البعض أنه لا يؤمن بالسياسة لشدّة إيمانه بالمبدأ، وهو الذي تقدّم بالسياسة، ووحيداً بين السياسيين احترم القانون حتى في لحظة اغتياله.
وأضاف: نلتقي اليوم في ذكرى اغتيال سعاده وفي شهر الفداء، تخليداً لذكرى شهدائنا واستشهاديينا، نلتقي وأمتنا تمرّ بأصعب مراحل تاريخها، وهي تتعرض لتنفيذ ما تبقى من مشروع «سايكس ـ بيكو»، تحت أيّ غطاء يتوفر سواء كان محلياً أم عربياً أم خليجياً أم دولياً، لكن حزبنا بأبطاله وشهدائه هو أول المتصدّين للمؤامرة، بدأنا بالتصدّي من فلسطين ولن تكون النهاية هنا اليوم.
ورأى أن سعاده لم يكتفِ بالتحذير والتنبيه حول المخاطر المحدقة بالأمة، بل عمد إلى الدفاع المنظّم من أجل فلسطين بكلّ الوسائل، ومنها المقاومة المسلّحة، معتبراً ذلك واجباً قومياً. فالخطر الصهيوني لا يقتصر على فلسطين وحدها بل يطال جميع كيانات الأمة.
وتحدّث الطويل عن شهداء الحزب منذ البدايات وصولاً إلى اليوم، حيث ارتقى ويرتقي الشهداء من حزبنا دفاعاً عن وحدة الأرض والشعب في الشام بمواجهة أكبر عملية إرهابية تهدف إلى احتلال أرضنا وتفتيت وحدتنا.
ولفت إلى أنه في وقتٍ يعوم لبنان على بحر من فساد الإقطاع ورأس المال والطوائف وكانتونات الطوائف وأحزاب الطوائف والإقطاع، يبقى حزبنا، على رغم كلّ المعوقات، حزب الطليعة الرائد في حماية الوطن وبناء الإنسان الجديد.
وختم كلمته بقول سعاده: «إنكم ارتبطتم بعضكم ببعض، وربطتم أرواحكم بعضها ببعض، لأنكم تعملون في سبيل المبادئ التي جمعتكم بعضكم إلى بعض، فابقوا منظّمين متضامنين، وكونوا عصبة واحدة أينما سرتم وكيفما توجّهتم».
التل
وألقى عضو المجلس الأعلى في الحزب عامر التل كلمة استهلها بالقول: حضرت من الأردن الذي تم فيه الردّ على جريمة اغتيال الزعيم أنطون سعاده، وفي الأردن عُيّن ابن الشوف رشيد طليع أوّل رئيس وزراء عند تشكيل الإمارة الأردنية عام 1921، عندما لم يكن فيروس الكيانية والطائفية قد نجح في التسلّل إلى أمّتنا. وأشار إلى دور مدينة بعقلين في حياتنا القومية، التي شكّلت أحد المراكز الأساسية لانطلاقة الحزب وقدّمت الشهداء والمناضلين دفاعاً عن قضيتنا القومية.
ورأى التل أن إحياء ذكرى الثامن من تمّوز ليس طقساً نمارسه، إنما هو تجديد للشهادة في حزبنا وتأكيد على نهج زعيمنا في الفداء والتضحية. نحتفل بالثامن من تمّوز وقد توهّجت عقيدتنا وأصبحت بنظر الغالبية من أبناء شعبنا الخلاص من الاحتلال والاستعمار والتجزئة والطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية. وعدد من النخب من مختلف التيارات الفكرية والسياسية أصبحوا على قناعة تامة أن لا خلاص لأمتنا إلا بالفكر السوري القومي الاجتماعي، فالفكرة الحيّة مهما حوصرت تأخذ دورها وتبرز في المراحل التاريخية المفصلية. وعلى ضوء ما تشهده أمتنا من أزمات متواصلة، جاءت رؤية زعيمنا لتؤكد لغالبية المفكرين والمثقفين وعموم شعبنا أن فكرة حزبنا هي الضرورة الموضوعية التي تؤكد ترسيخ طريق الخلاص وتحقق لنا حتمية الانتصار.
وأشار التل إلى التحذير المبكر الذي أطلقه سعاده حول خطر الحركة الوهابية ومعها الخطر التركي على أمتنا عام 1937 ، وقال: في الثامن من تمّوز نؤكد أن حزبنا ماضٍ في طريق الصراع، قوياً فاعلاً بإرادة القوميين الاجتماعيين وعزيمتهم في الوصول إلى الشعب. فالتحديات مهما كانت كبيرة، تصغر أمام إصرارنا على بلوغ ما نصبو إليه، وحزبنا يسعى إلى دور أفعل لأنه يريد توسيع مساحة الفعل المقاوم على المستويات كافة في مواجهة المؤامرات المستمرة على أمتنا، منذ مؤامرة اغتيال زعيمنا وحتى اليوم. لذا نؤكد أننا ماضون في الصراع، نخوض حرباً لا هوادة فيها على أرض الشام ضدّ قوى الإرهاب والتطرّف، يهود الداخل المدعومين من العدو اليهودي والقوى الاستعمارية الدولية والإقليمية وأدواتها العربية. وها هم القوميون الاجتماعيون في الشام، نسور الزوبعة الأبطال، يواجهون الإرهاب، يبذلون الدماء دفاعاً عن أرضنا وشعبنا، يستشهدون لأنهم أحبّوا الموت طريقاً للحياة، يهتفون بحياة سورية وسعاده، وهم إضافة إلى البطولات، يقدّمون نموذجاً راقياً في التعامل مع الناس، فيعكسون المناقبية القومية الاجتماعية.
وأضاف التل: إن عَظَمة سعاده في تأسيس الحزب تتمثل بالعمل من أجل وحدة الأمة ومجدها، وقد انتشر الحزب في كلّ كيانات الأمة ومختلف دول العالم، فهو الحزب الذي لا يغيب عنه الضوء لانتشار أعضائه في كل بقاع الأرض، حزب ثابت على مواقفه وخياراته، يقاوم ويناضل من أجل انتصار قضيته، يحمل مشروعاً قومياً لوحدة الأمة والشعب، في وجه مشاريع التفتيت والتقسيم والفدرلة التي سيحاولون فرضها على الأردن وفلسطين خدمة للعدو الصهيوني ولتكون نموذجاً يمكن تعميمه على باقي كيانات أمتنا. ولكننا نقول لهم إننا سنتصدّى لكل مخططاتهم. فكما أسقطنا المشروع «الإسرائيلي» في لبنان واتفاق 17 أيار الذي أرادوا من خلاله أسرلة لبنان والمنطقة، وأسقطنا مشروع الشرق الأوسط الجديد، وما زلنا نقاومه في الشام والعراق وفلسطين، سنسقط كل المشاريع المعادية. الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي واجه «سايكس ـ بيكو» الأولى عام 1916 سيواجه «سايكس ـ بيكو» الثانية التي تهدف إلى تفتيت المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وإثنية. فالقوة الموجودة فينا قادرة على هزيمة كلّ المشاريع التي تصبّ في خدمة «إسرائيل»، وهذا يكون من خلال العمل على تحصين المجتمع، وأن يتحوّل كلّ المجتمع إلى مجتمع مواجهة ضدّ الاحتلال والإرهاب.
وختم التل: في ظل الظروف الراهنة في أمتنا والمنطقة والعالم، نحن أحوج ما نكون إلى تكريس شعار كلّ سوري قومي اجتماعي خفير دفاعاً عن الحزب ومؤسساته، وتذكروا أن سعاده اختلف عن باقي المفكرين أنه تحدث بحتمية واحدة هي حتمية الانتصار، على كلّ ما يحاك لأمتنا ببناء الإنسان الجديد والتمسك بمؤسسات الحزب والنظام الذي هو مصدر قوّتنا. وإذا كنا أقوياء نسير إلى النصر.
سعد
وألقى كلمة مركز الحزب عميد الاقتصاد فارس سعد بدأها بالقول: لا يبدأ الاستشهاد من الشجاعة على رغم أنه لا يكون إلا بها. ولا ينتهي فقط إلى البطولة على رغم أنه لا يكون إلا بممارستها. فبين الشجاعة والبطولة ثابت الوعي، وبين الشجاعة والوعي ثابت الثقافة، وبين الثقافة والوعي ثابت العقيدة.
أضاف: يشكل تمّوز بالنسبة إلى حزبنا منعطفاً هاماً في تاريخ مسيرتنا الحزبية. فقد رسّخ في دروب النهضة القومية الاجتماعية الإيمان بدور المؤسسة الحزبية في حمل الرسالة وإرساء قواعد الديمقراطية في نهج الحزب والولاء للمؤسسات. وتمّوز الفداء يضيف اليوم إلينا معنى جديداً في مسيرتنا القومية، ذكرى انتصار المقاومة على العدو الصهيوني في حرب تمّوز 2016، وكسر غطرسة هذا العدو وزعزعة وجود هذا الكيان المغتصب الذي أنشأه الصهاينة بالتآمر مع الاستعمار الغربي على أرض فلسطيننا.
وقال سعد: سعاده في تمّوز أنذر المتآمرين بقوله «أنا أموت أما حزبي فباقٍ»، وبالفعل بقي الحزب وبقيت النهضة على رغم الصعاب والمؤامرات والأعباء القومية الكبيرة الناتجة عن ممارسة الأنظمة الرجعية التي أسّسها الاستعمار، في إطار المؤامرة المجرمة لتمزيق أمتنا، والتي بدأ تموضعها على الأرض باتفاقية «سايكس ـ بيكو» المشؤومة في مطلع القرن الماضي، والتي كان في أولى استهدافاتها التمهيد لـ«وعد بلفور» وإنشاء الكيان اليهودي على أرض فلسطين. فاستشهاد المعلم على قاعدة بقاء الحزب في دوره الطليعي نموذج فريد من نوعه في تاريخ الحركات والأحزاب في الممارسة الديمقراطية والنضال اجتماعياً وسياسياً.
وأضاف: بالتأكيد أن حزبنا الذي ينجز كل الاستحقاقات الدستورية بتواريخها منذ عشرات السنين، خصوصاً في أيامنا الصعبة. هو حزب الحياة والاستمرار على مختلف الصعد القومية والسياسية والاجتماعية. … والحزب يخوض أشرس المعارك ضدّ الإرهاب الذي تقوده دول التآمر ضدّ الشام الصامدة بجيشها وقيادتها، ولقد انكشف زيف ادّعاءات دول التآمر حول حقوق الإنسان والحرّية والديمقراطية. وكان لصمود الجيش السوري وحلفائه وفي طليعتهم الحزب السوري القومي الاجتماعي، القول الفصل في تحطيم هذه المؤامرة وانقلاب السحر على الساحر، حيث ارتدّ الإرهاب الذي موّلته ونظّمته استخبارات هذه الدول ضدّ سورية والعراق وجميع كيانات الأمة والعالم، ارتدّ على صانعيه ومموّليه وداعميه.
وتابع قائلاً: إنّ حزبنا يخوض معاركه السياسية على قاعدة بناء مجتمع تسوده العدالة والحرّية والثقافة، ويطرح الحلول الناجعة، وهو الذي قدّم مشروع قانون يقوم على اعتماد النسبية في الانتخابات النيابية في لبنان، على أساس الدائرة الواحدة. ولم يتلكأ الحزب يوماً في دعم المطالب الشعبية وإجراء الإصلاحات الاقتصادية التي تساهم في تعزيز الإنتاج الوطني.
وأكد سعد أن تمّوز سيبقى المنارة الدائمة التي يسير في ضوئها الحزب السوري القومي الاجتماعي. وسيبقى استشهاد المعلم في تمّوز والانتصارات القومية ضدّ العدو «الإسرائيلي» ملهماً في مسيرة عقيدة سعاده. وما يدفعنا إلى هذه القناعة صمود المسيرة الناصعة للقوميين الاجتماعيين منذ تأسيس الحزب، وصمود الذين لم يبخلوا يوماً في تقديم الغالي والنفيس من أجل انتصار قضيتهم القومية، وهم مؤمنون بأن الدماء التي تجري في عروقهم ليست ملكهم بل هي وديعة فيهم متى طلبتها وجدتها.
وتوجّه سعد إلى جميع الهيئات والأحزاب في الشوف بأن نعي أهمية هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ لبنان، بتحمّل مسؤولياتنا من أجل حفظ هذه المنطقة ولبنان والأمة ونواجه المؤامرة الشرسة التي تتهدّدنا.
وختم كلمته قائلاً: منذ شهادته الكبرى، مأسس سعاده مفهوم الشهادة وهو القائل: «مارسوا البطولة ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».
وفي الختام، قدّمت الفنانة القومية سمر أمان الدين لوحات فنّية للمسؤولين.