ما الذي يُبقي جمال عبد الناصر حياً في ضمير شعبه وأمته؟

معن بشور

ما الذي يُبقي جمال عبد الناصر حياً في ضمير شعبه وأمته رغم مرور 46 عاماً على رحيله، و64 عاماً على قيام ثورة 23 يوليو التي قادها مع رفاقه الضباط الأحرار…؟

بل ما الذي يُبقي الشعارات التي رفعها، والأهداف التي سعى لتحقيقها، والمشروع الذي حمله، عناوين نهوض الأمة ووحدتها واستقلالها…؟

بل ما الذي جعل من هذا الضابط الذي خرج من حصار الفلوجة الفلسطينية مغموراً، ليصبح واحداً من أهمّ الهامات الثورية في وطنه العربي والعالم، بل ليصبح نهجه اليوم معياراً نقيس به أهمية كلّ قائد أو زعيم من خلال اقترابه أو ابتعاده عن نهج هذا الرجل الكبير وسلوكه النقي والنظيف والعفيف…؟

بل ما الذي يجعل أبناء الأمة بأسرهم يترحّمون على عصر ذلك الرجل الذي قهر الظلم بالعدل، والاستعمار بالتحرّر، والفقر بالتنمية، والتجزئة بالوحدة، وجدران التعصّب الطائفي والمذهبي والعنصري بالعروبة الحضارية الجامعة…؟

بل ما الذي يجعل المخلصين وشرفاء الأمة وأحرار العالم يستحضرون روحه وتجربته بعد عقود على رحيله، فلا مال ينفقه على جماعات التطبيل والتزمير، ولا سلطة قامعة يمارسها اليوم ضدّ من يخالف رأيه وتوجهاته؟

انه باختصار التزام القائد الاستثنائي «بالكرامة الوطنية والعدالة الاجتماعية»، فخاض مع رفاقه ضباط ثورة يوليو معركة جلاء المستعمر عن بلاده، ومعركة العدالة بقوانين الإصلاح الزراعي التي أصدرها بعد 49 يوماً على بداية الثورة، بل خط بالتزامه بوحدة النضال العربي طريقاً لنضال الوحدة العربية…

في «الكرامة الوطنية» تجتمع كلّ قيم الاستقلال والحرية والسيادة والمقاومة والوحدة الوطنية والقومية، وفي «العدالة الاجتماعية» تجتمع كلّ معاني التنمية المستقلة وقيَم الكفاية والعدل وتكافؤ الفرص، وتجتمع في القيمتين كلّ عناصر التجدّد الحضاري لأمة لها في حضارتها الجامعة ما تعتز به وتباهي كلّ الأمم…

وإذ يحتفل اليوم الأوفياء لجمال عبد الناصر بالذكرى الرابعة والستين لثورة 23 يوليو، فإنهم يحتفلون بالذكرى العاشرة لانتصار المقاومة في جنوب لبنان، وبالذكرى الثانية لانتصار المقاومة في غزة الفلسطينية، ويضيئون الدرب لأمتهم من جديد، ويدعون قادتهم وحركاتهم ونخبهم أن يسترشدوا بتلك التجربة الهامة في حياتهم المعاصرة، فيطوّرون ما بها من إيجابيات ويسعون للتخلص مما علق بها من سلبيات.

في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا يلتقي لإحياء ذكرى ثورة 26 يوليو، ومعها ذكرى رحيل القائد المناضل الناصري مصطفى سعد جمع من المناضلين والمقاومين من مصر وفلسطين ولبنان في السادسة من مساء الخميس في 21/7/2016.

وفي دار الندوة في بيروت في السادسة من مساء يوم الأربعاء في 27/7/2016، يجتمع أهل المنتدى القومي العربي، واتحاد الكتّاب اللبنانيين، والمركز الثقافي الإسلامي في لقاء تحية لرمز من رموز الوفاء للحركة القومية العربية ولجمال عبد الناصر هو الراحل الكبير الدكتور محمد المجذوب…

وفي تونس يحيي ذكرى استشهاد القائد الناصري الشجاع محمد الإبراهيمي 23 يوليو حشد من رفاقه وإخوانه الذين يحملون قيم الوفاء لرجل دفع حياته ثمن تمسكه بعروبة بلاده وحرية شعبه….

وفي العديد من المناطق اللبنانية، والأقطار العربية، يجتمع أحرار الأمة حول رموز الحرية والكرامة فيها، ليؤكدوا أنّ من أعطى شعبه وأمته حياته لا يمكن أن يموت في ذاكرة شعبه وأمته…

الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى