«شمل»… الشباب يعيد بناء مستقبل سورية المشرق
دمشق ـ لورا محمود
لأنّ الشباب الشريحة الهامة والعنصر الأهمّ في سورية ولصمودها، كان لا بدّ من الاهتمام بهم حتى لا ينجرّوا إلى المتاهات الكثيرة، التي أراد أعداء سورية زجّهم فيها، خصوصاً في ظلّ الظروف الصعبة التي عاشها الشباب السوري خلال الحرب، من بطالة وغلاء، ومغريات كثيرة وُضعت أمامهم، فجعلت بعضهم إرهابيين بدل أن يكونوا باني سورية ومستقبلها.
أعداء سورية أرادوا أن يكون الشباب طعماً لتفتيتها، لكنهم كانوا الحصن الحصين الذي حماها على رغم كلّ الظروف. لذا، كان لا بدّ من حماية الشباب والتركيز على طاقاتهم لتبذل في الاتجاه الصحيح. وهذا ما يعمل عليه مشروع «شمل» الذي يجمع الشباب السوري ويعطيهم ما يلزم ليبدعوا وليكونوا فاعلين في مجتمعهم.
أطفأ مشروع «شمل» شمعته الأولى، وانطلق في سنته الثانية مع تطلعّات أكبر وأهداف أوسع. ونظّم القيّمون عليه حفلاً في المجمع الثقافي في مشروع دُمّر ـ دمشق، بحضور شخصيات رسمية وفكرية وأهلية. تضمّن الحفل معرضاً لرسوم الأطفال، وعروضاً فنّية وثقافية، وفيلماً وثائقياً يتحدّث عن مشروع «شمل» وما قام به خلال الفترة الماضية، وما يصبو إليه في السنوات المقبلة.
عضو قيادة فرع دمشق في حزب البعث العربي الاشتراكي، رئيس مكتب الشباب الدكتور عفيف دلا تحدّث إلى «البناء» قائلاً: خصوصية مشروع «شمل» تكمن في أنه استوعب شرائح مختلفة من المجتمع السوري. اليوم، لدينا حالات نزوح كثيرة من مناطق مختلفة، من ريف دمشق إلى دمشق وحتى خارج ريف دمشق، وهذا النزوح الداخلي أدّى إلى حالة اندماج، وهذا الاندماج يجب أن يتم احتواؤه بشكل منهجيّ وموضوعيّ، ويجب تأطيره وطنياً. وبالتالي، لهذا المشروع أهميته لأنه يستوعب الشريحة الأكثر حساسيةً عمرياً، والأكثر عرضة للتأثر بمفرزات الحرب. ويحاول المشروع تحصين الشباب من خلال الأنشطة التي يطرحها رياضياً وفنياً وعلمياً وثقافياً، ومن خلال خلق مفاهيم جديدة تحت راية العَلم السوري.
وأضاف دلا: في المحصلة، ما يهمّنا تحصين هذا الجيل وطنياً، وتحصينه اجتماعياً، وإبعاده قدر الإمكان عن مفرزات الحرب. هذا ما يجعل مشروع «شمل» مشروعاً مهماً جداً، خصوصاً أنّ الشريحة العمرية المستهدفة هي من عمر 15 سنة وما دون، وبالتالي هذه الشريحة حساسة كثيراً ومهمة. ولم نتوجّه إليها بالشكل الصحيح من وجهة نظري.
وتابع دلا: بطبيعة الحال، مشروع «شمل» لا يكفي. لكننا مقبولون فيه، ونعمل على تطويره على أمل أن تكون هناك مشاريع أخرى تأخذ بعين الاعتبار هذه الحاجات المرتبطة بهذه الشريحة العمرية المستهدفة. ونأمل أن نحقّق تقدّماً. فكل ما يمكن أن نقوم به، هو في المحصلة من أجل الوطن، لأننا نؤمن أنّ عملية البناء في سورية تبدأ ببناء الإنسان.
بدوره، تحدث أمين فرقة مشروع دُمّر محمد دلو عن المشروع قائلاً: عندما يُنهي الأطفال والشباب مدارسهم، سواء في المرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية وأيضاً الجامعية، نحاول أخذهم إلى المراكز الثقافية بالتعاون بين فرع دمشق في حزب البعث العربي الاشتراكي، والاتحاد الرياضي العام، ومديرية تربية دمشق، واتحاد شبيبة الثورة، لنثبت أننا قادرون على ضبط هذه الشريحة العمرية قدر الإمكان، ونرفدها بأعمال مفيدة لها وللمجتمع. إضافة إلى العناية بأُسَر الشهداء.
فنحن هدفنا تعليم هؤلاء الشباب أثناء العطلة الصيفية وبشكل مجانيّ. ولدينا حفلات وفعاليات وطنية بشكل دائم، وأيضاً لدينا فعاليات كرّمنا خلالها أسَر شهداء الجيش السوري، وعملنا على تأمين فرص عمل للجامعيين، سواء في دوائر الدولة أو غيرها. فنحن نحاول قدر الإمكان مساعدة هذه الشريحة.
ولفت دلو إلى أنّ وزارة الثقافة تتعاون معهم بشكل دائم، كالإيعاز للمراكز الثقافية من أجل استقبال الفعاليا، وتسهيل أمور كثيرة. وكذلك وزارة التربية وأعضاء المكتب التنفيذي في محافظة دمشق، الذين يحضرون غالبية الفعاليات، وهناك تماس دائم بين أعضاء المكتب التنفيذي و أصحاب القرار في محافظة دمشق، وبين أهالي الشباب.
ونوّه دلو إلى أنّ النشاطات المتعدّدة التي يقومون بها من تعليم اللغتين الفرنسية والإنكليزية والفنون القتالية، والموسيقى والطبخ. وقال: نحن نحاول أن نفعّل الفنون الشعبية في نشاطاتنا، إضافة إلى الدروس الخصوصية التي تُقدَّم لشبابنا قبل امتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية ومجاناً طبعاً.
وأكد دلو: نحن نستلهم القوّة من هؤلاء الشباب، وهم أيضاً، وبهذا الشكل نحارب الإرهاب والفكر التكفيريّ، فنحن نعيد بناء سورية بهم وبمشاركة القيادات العليا.
أما أمين شعبة المدينة الرابعة في الحزب حسن دياب فقال: مشروعنا يستهدف شريحة الشباب الذين يُعتبرون عماد مستقبل سورية، وهم جيل الغد الذي تعرّض خلال الأزمة لسلبيات كثيرة، منها الغزو الثقافي الفكري. وكانت نشاطاتهم واهتماماتهم محدودة. لذا، جاء مشروع «شمل» حتى يجمع هؤلاء الشباب من الشرائح العمرية المختلفة، بمشاركة عدّة مؤسسات ثقافية وتربوية ورياضية في سورية. ويوفر المشروع لهذا الجيل كل ما يطمح إليه، وكلّ ما هو بحاجة إليه.
وأضاف دياب: نحن نرى أن هؤلاء الشباب من الأفضل لهم أن يكونوا ضمن مؤسسات ومنظّمات، وأن يكون هناك اختصاصيون يعتنون بهم ويشرفون على تدريبهم وتأهيلهم. وثمة أولياء أمور كثيرون بادروا وسجّلوا أطفالهم في هذه النشاطات.
وقال أمين رابطة قاسيون في اتحاد شبيبة الثورة أسعد خليل: نحن اليوم نحتفل بالسنة الثانية لانطلاق مشروع «شمل». لدينا أكثر من مركز في دمشق لحسب قطاعات كلّ رابطة. وهذه المراكز تُعنى بمواهب الشباب على جميع المستويات الفنية والرياضية وأيضاً اللغات والحاسوب.
هذه السنة حاولنا أن ندعم المشروع ونطوّره بالمعدّات اللازمة والخبرات. فسابقاً كان يسمّى النادي الصيفي، وطوّرناه تحت اسم مشروع «شمل»، وفي السنة المقبلة سيكون هناك تطوّر أكبر في المشروع.
وتحدث عضو قيادة فرع دمشق في اتحاد الشبيبة، ورئيس مكتب الأنشطة الفنية رشيد عطوان قائلاً: نحتفل اليوم بافتتاح مشروع «شمل» للأنشطة الصيفية التي أطلقت السنة الفائتة. هذه الأندية مجانية لشريحة الشباب من عمر 15 سنة، وقد افتتحنا حوالى عشرة مراكز للأندية الصيفية على مستوى المحافظة السنة الماضية، وشارك الشباب والأطفال في مجموعة أنشطة فنية رياضية وثقافية. ونحن اليوم مع بداية الموسم الصيفي الجديد، نُطفئ الشمعة الأولى لنبدأ في المرحلة الثانية من مشروعنا الحالي، من خلال حفل الافتتاح هذا الذي ستُقدّم فيه مجموعة من الفقرات الفنية والرياضية.
والتقت «البناء» دانيا رحمة، إحدى المشاركات في النادي الصيفي في فرقة العزف، وقد عبّرت عن فرحها لوجودها في النادي الصيفي وتشجيع أهلها للمشاركة. وهي سجّلت اسمها في النادي عندما كانت مديرية التربية تعلن عن نشاطاتها في المدارس. وقالت: نحن نستمتع بوجودنا هنا، ونلقى كلّ العناية والاهتمام.
يُذكر أنّ مشروع «شمل» التطوّعي، هو مشروع تشاركي مع قطاعات عدّة تهتم بالعمل الشبابي، ويستهدف شريحة الأطفال ليكتسبوا مهارات في مجالات متنوّعة كالموسيقى والمسرح والغناء.