أردوغان بعد المحاولة الانقلابية تحت المجهر العالمي

لا تزال المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حصلت في تركيا يوم الجمعة، تستحوذ الحيّز الواسع من تقارير الصحف الغربية. هذه التقارير التي تتحدّث عن تركيا وأردوغان ما بعد المحاولة الانقلابية، وعلاقة السلطان العثماني الجديد بأوروبا والناتو والولايات المتحدة، الآخذة بالاهتزاز بسبب الإجراءات القمعية القاسية والمبالَغ فيها التي يتخذها أردوغان، من الاعتقالات إلى الإعفاء من الوظائف، وصولاً إلى تشريع حكم الإعدام، وهذه النقط بالذات تهدّد وجود تركيا كعضو في الناتو.

كما لا ننسى حماية الولايات المتحدة الأميركية لفتح الله غولن، الذي يتّهمه أردوغان بأن جماعته هي التي نفّذت المحاولة الانقلابية.

صحيفة «كومرسانت» الروسية تناولت الإجراءات التي تتّخذها السلطات التركية بحق الضالعين في المحاولة الانقلابية، مشيرة إلى أن هذه الاجراءات قد تكون سبباً في تعكير علاقات تركيا مع الغرب. وقالت: إن إجراءات السلطات التركية الرامية إلى استعادة النظام بعد فشل المحاولة الانقلابية تهدّد بتعكير علاقات أنقرة مع الغرب. فقد شدّدت الولايات المتحدة الأميركية وكذلك الاتحاد الأوروبي الضغوط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمنع وقوع أعمال قمع جماعية واضطهاد خصومه السياسيين بحجة ضلوعهم في المحاولة الانقلابية الفاشلة. وستكون تفاحة الشقاق المطالَبة بإعادة عقوبة الإعدام. إذ أعلنت بروكسل بوضوح أن إعادة هذه العقوبة تعني وضع حد لطموحات أنقرة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ومع تعزيز أردوغان مواقفه داخل البلاد، فإنه يفقدها في الخارج.

وقد أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما في شأن ما يجري في تركيا، وتخوفهما من تحول معاقبة المتهمين في المحاولة الانقلابية إلى عملية تمشيط ضدّ المعارضة، وقمع كل من يحمل أفكاراً مخالفة. وقد حذّرت المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني من أن رئاسة الاتحاد الأوروبي أعلنت فوراً عن ضرورة حماية المؤسسات الشرعية.

أما صحيفة «تلغراف» البريطانية، فنشرت مقالاً لكون كوغلين يتساءل فيه إن كانت تركيا اليوم أضحت تشكّل مزيداً من المتاعب أكثر من فائدتها .وقال إن أجندة أردوغان الإسلامية تجعل أنقرة ـ التي كانت في السابق تعتبر عضواً هاماً في الناتو ـ حليفاً غير مستقر.

صحيفة «غارديان» البريطانية نشرت مقالاً لكريم شاهين بعنوان «أردوغان وغولن من حليفين إلى عدوّين». وقال شاهين إن غولن رأى أن الانقلاب كان مخطّطاً له من قبل الحكومة التركية نفسها.

«كومرسانت»: تركيا مدعوّة إلى التقيّد بالنظام الديمقراطي

تناولت صحيفة «كومرسانت» الروسية الإجراءات التي تتّخذها السلطات التركية بحق الضالعين في المحاولة الانقلابية، مشيرة إلى أن هذه الاجراءات قد تكون سبباً في تعكير علاقات تركيا مع الغرب.

وجاء في المقال: إن إجراءات السلطات التركية الرامية إلى استعادة النظام بعد فشل المحاولة الانقلابية تهدّد بتعكير علاقات أنقرة مع الغرب. فقد شدّدت الولايات المتحدة الأميركية وكذلك الاتحاد الأوروبي الضغوط على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمنع وقوع أعمال قمع جماعية واضطهاد خصومه السياسيين بحجة ضلوعهم في المحاولة الانقلابية الفاشلة. وستكون تفاحة الشقاق المطالَبة بإعادة عقوبة الإعدام. إذ أعلنت بروكسل بوضوح أن إعادة هذه العقوبة تعني وضع حد لطموحات أنقرة إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ومع تعزيز أردوغان مواقفه داخل البلاد، فإنه يفقدها في الخارج.

وقد بدأ أول أيام الأسبوع في تركيا بالبحث عن المشاركين وأنصار المحاولة الانقلابية الفاشلة بين أفراد الأجهزة الأمنية والجيش ومؤسسات الدولة على خلفية الاجتماعات الحاشدة والشعارات الوطنية والدعوة إلى الالتفاف حول السلطة. وعلى رغم القضاء بسرعة على التمرد، فإن التوتر لم ينحسر في المدن الكبيرة مثل أنقرة واسطنبول وغيرهما. لذلك دعا أردوغان أنصاره إلى عدم مغادرة الشارع على الأقل حتى يوم الجمعة المقبل، ولم يستبعد إعادة عقوبة الإعدام تلبية لمطالب الجماهير.

وقال موجّهاً كلامه إلى حشد من أنصاره: نحن لا يمكننا تجاهل هذه الطلبات. وأضاف أنه يمكن للبرلمان أن يدرس مسألة إعادة النظر في إلغاء تنفيذ هذه العقوبة عام 2004 عندما انضمت تركيا إلى مجلس أوروبا.

كذلك، لم تتوقف حملة الاعتقالات بين أفراد القوات المسلحة من الجنود إلى كبار القادة العسكريين، ومن بينهم أكثر من 100 جنرال، والتي رافقتها إهانات وجّهت إلى المعتقلين باعتبار أنهم أعداء الشعب. وقد نشرت وسائل الاعلام وشبكات التواصل الاجتماعي العديد من الصور للمعتقلين وهم عراة ومقيّدو الأيدي ومعروضون أمام الملأ. كما تعرَّض جهاز الشرطة لحملات مماثلة، وكذلك عاملو النيابة العامة والقضاة.

وقد أعربت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن قلقهما في شأن ما يجري في تركيا، وتخوفهما من تحول معاقبة المتهمين في المحاولة الانقلابية إلى عملية تمشيط ضدّ المعارضة، وقمع كل من يحمل أفكاراً مخالفة، ومن تراجِع تركيا في مجال الحقوق والحريات الديمقراطية الأساسية. وقد حذّرت المفوضة العليا للشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني من أن رئاسة الاتحاد الأوروبي أعلنت فوراً عن ضرورة حماية المؤسسات الشرعية. وأضافت: نتحدث اليوم عن ضرورة مراعاة سيادة القانون. وأن أي خطوة تحرف تركيا عن هذا الاتجاه لا مبرر لها.

كما أصدر وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي بيانا مشتركاً في شأن ما يجري في تركيا، خصوصاً في شأن المطالبة بإعادة عقوبة الإعدام. لذلك، فإن إحدى النقاط الأساسية للبيان تتمثل في تنبيه أنقرة إلى أنها مرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي. وقد أعرب الوزراء في بيانهم عن استعدادهم لاحقاً للعمل مع تركيا الديمقراطية المستقرة. ولكن بشرط واحد، أن تراعي تركيا الاتفاقية الأوروبية في شأن حقوق الإنسان ومن بينها بروتوكول تجميد عقوبة الاعدام. أما ممثل الحكومة الألمانية فقال إن وجود مؤسسة عقوبة الإعدام في أي دولة، يعني عدم إمكانية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

أما وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري، فقد علق على الأوضاع خلال مؤتمر صحافي عقده مع موغيريني بقوله: لا يجوز اتخاذ إجراءات تنتهك إطار تعزيز المؤسسات الديمقراطية وسيادة القانون.

ويبدو أن أردوغان بتعزيز مواقعه داخل البلاد، يدخل في مرحلة جديدة من تأزم علاقاته مع الغرب. وسيتوقف استمرار هذه الأزمة وحدّتها على عوامل عدّة: على تصرّفات أنقرة من ناحية، ومن ناحية أخرى على مدى استعداد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للالتزام بخطّ مبدئي في العلاقات مع تركيا التي تحتفظ بأدوات عدّة للتأثير على الغرب.

«تلغراف»: أجندة أردوغان الإسلامية تجعل أنقرة حليفاً غير مستقرّ

نشرت صحيفة «تلغراف» البريطانية مقالاً لكون كوغلين يتساءل فيه إن كانت تركيا اليوم أضحت تشكّل مزيداً من المتاعب أكثر من فائدتها .

وقال كاتب المقال إن أجندة أردوغان الإسلامية تجعل أنقرة ـ التي كانت في السابق تعتبر عضواً هاماً في الناتو ـ حليفاً غير مستقر.

وأضاف أنه منذ انضمام تركيا إلى حلف الناتو عام 1952، فإنه كان ينظر اليها كحليف يحمي الحدود الأوروبية من أي تهديدات روسية أو من العالم العربي.

وتابع أنّ موقع تركيا في المنطقة لعب دوراً أساسياً في إقامة وجود قاعدة إنجليرك الأميركية في جنوب تركيا، لا سيما في ضوء التهديد الإرهابي الجديد المتمثل بتنظيم «داعش».

وقال: حقيقية أن واشطن تفكر بصوت عال بإمكانية تعليق عضوية تركيا من حلف الناتو، فإن هذا يكشف مدى تدهور العلاقات بين أنقرة وحلفائها الأوروبين منذ الانقلاب الفاشل.

وأشار الكاتب إلى أن هناك عدداً من التساؤلات حول مصير عضوية تركيا في حلف الناتو، لا سيما بعد فشل الانقلاب فيها وحملات التصفية التي شنّتها الحكومة التركية ضدّ مؤيّدي الانقلاب.

وختم بالقول إن حملة أردوغان التطهيرية شملت قضاة ومدرّسين وضباطاً وعناصر في الجيش قُدّر عددهم بخمسين ألف شخص، اعتُقلوا أو أُعفوا من مناصبهم.

«غارديان»: أردوغان وغولن… من أقرب حليفين إلى ألدّ عدوّين

نشرت صحيفة «غارديان» البريطانية مقالاً لكريم شاهين بعنوان «أردوغان وغولن من حليفين إلى عدوّين». وقال كاتب المقال إنه بعد فشل الانقلاب في تركيا، فإن البلاد تشهد حملة تطهير لا سابق لها.

وأضاف أن السلطات التركية اعتقلت آلاف القضاة والجنود والمسؤولين الأتراك في محاولة لتطهير هذه المؤسسات من المؤيدين لرجل الدين التركي فتح الله غولن الذي يعيش في بنسلفانيا الأميركية.

وأشار الكاتب إلى أن غولن دعم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أسّس حزب العدالة والتنمية عام 1997، لكنهما بدأ يختلفان بشكل علنيّ في عام 2013 بعدما كشف قضاة قيل إنهم من أنصار غولن فضيحة فساد داخل أجهزة الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان.

ورأى شاهين أن غولن كان حليفاً مقرّباً من رجب طيب أردوغان في السابق، لكن الرجلين اختلفا منذ بدأ أردوغان يستشعر الخطر من حركة غولن التي اتهمها بأنها تسعى إلى تأسيس كيان مواز للدولة التركية داخل البلاد.

وتابع بالقول إن المسؤولين الحكومين الأتراك يزعمون أن مؤيدي غولن هم من سرّبوا شريطاً مصوراً للشاحنة التي كانت تنقل أسلحة للمعارضين في سورية تحت مظلة المساعدات الإنسانية.

وبرأي الكاتب، فإنه بعد الانتخابات التي أجريت في تركيا في 2011، بدأ الشعور بالإحباط يتغلل في صفوف حركة مؤيدي غولن ـ والمعروفة أيضاً بـ«حزمت» ـ وشعروا بأن الأخير يؤسّس لأجندة إسلامية سياسية، كما أن أردوغان أضحى أكثر قوة ويتنقل من انتصار إلى آخر.

وختم الكاتب بالقول إن غولن رأى أن الانقلاب كان مخطّطاً له من قبل الحكومة التركية نفسها، مضيفاً أن المؤيدين لهذه الفكرة يرون أن الانقلاب قد يكون باكورة تخطيط ضباط في الجيش التركي مستائين من التوتر الذي سببه الأكراد وفكرة اللااستقرار على الحدود السورية ـ التركية.

«إيزفستيا»: إما الأمن أو المكاسب الليبرالية

نشرت صحيفة «إيزفستيا» الروسية مقالاً بقلم المحلل السياسي فيودور لوكيانوف، شدّد فيه على ضرورة إعادة النظر في نمط الحياة في أوروبا.

وجاء في المقال: إن الأحداث المأسوية في مدينة نيس، أبرزت من جديد مدى استعداد أجهزة الأمن الأوروبية لمنع الأعمال الإرهابية، لا سيما أن الأجهزة الأمنية الفرنسية تعمل في حالة الطوارئ منذ كانون الثاني 2015. أي أن اهتمامها يتركز على مكافحة النشاط الإرهابي.

بيد أن الإجراءات المتخذة لم تكن فعّالة على ما يبدو، ولم تعط النتائج المطلوبة. وقد يكون السبب في تركيز اهتمام هذه الأجهزة على ضمان أمن بطولة أوروبا بكرة القدم، التي نظّمتها فرنسا قبل أسابيع. ومن المحتمل جدّاً أن يكون مخطّطو العملية الإرهابية في مدينة نيس قد استغلّوا هذا العامل النفسي: كل شيء انتهى من دون وقوع حوادث، الحمد لله يمكننا أن نتنفس الصعداء.

ولكننا إذا أخذنا بالاعتبار تكرار العمليات الإرهابية في فرنسا، فسيظهر أن على السلطات الفرنسية التفكير بجدّية ووضع منظومة فعّالة واسعة لمكافحة الإرهاب. وأن على المجتمع الذي يعيش هذه الأوضاع أن يعيد بناء نمط حياته.

وبالطبع، فإن أوروبا ليست معتادة على العيش بنمط حياة آخر ولا ترغب في ذلك. وأكثر من هذا، بعد كل عملية إرهابية تطلق وسائل الاعلام شعارها: لن نسمح للإرهابيين بإجبارنا على التخلّي عن نمط حياتنا، وعن المكاسب الليبرالية لمجتمعنا المنفتح. غير أنه يجب في الظروف السائدة الاختيار بين الأمن والمكاسب الليبرالية.

وفي هذا السياق، تصبح مسألة جاهزية الأجهزة الأمنية جزءاً من المشكلة، وقد بلغ تأثير الهجمات الإرهابية مستوى مرتفعاً ما يعني أن إعادة بناء الوعي العام أصبح أمراً ملحّاً وضرورياً.

فرنسا، دولة عظمى ذات أجهزة أمنية قوية. والأهم من هذا ذات تقاليد عريقة لاستخدامها في مختلف الظروف، مثل: مكافحة اليمين أو اليسار أو الإسلام الراديكالي.

لكن فرنسا تخلّصت بألم من ماضيها الاستعماري، وكان قطع علاقاتها مع مستعمراتها موجعاً جداً، حيث كانت تتمسك بقوة بالامبراطورية، حتى خاضت الحروب من أجل المحافظة عليها، ومنع تفككها.

والآن أصبح واضحاً أن تصريحات نيكولا ساركوزي عن فشل سياسة التعدّدية الثقافية التي أطلقها قبل سنوات، لم تكن مجرّد شعارات، أو محاولة للفت الانتباه إلى مشكلة اجتماعية إضافية.

إنها حقيقة! لم تنجح الأفكار التي تفترض إمكانية التعايش في مجتمع متناغم من دون اندماج، ومن دون الطلب من القادمين التخلي عن نموذج سلوكهم المعتاد.

وتشكلت نتيجة هذه العمليات شريحة من الفرنسيين، الذين لا يشعرون بالمواطنة الفرنسية الكاملة، ولا يشعرون بأي شيء مشترك مع مجتمع هذا البلد. وطبعاً، تلاحَظ هذه الظاهرة في عدد من البلدان، بيد أنها في فرنسا واضحة جداً.

وجميع هذه الأمور لا تلغي المطالب المشروعة من الأجهزة الأمنية الخاصة لأن عربدة الإرهاب وأعمال العنف في فرنسا لا وجود لمثلها في بريطانيا مثلاً، على رغم أنها تتعرض لهجمات من جانب الإرهابيين. كما لا وجود لذلك في ألمانيا على رغم وجود جالية تركية كبيرة هناك منذ عشرات السنين. إضافة إلى أن وصول مليون مهاجر من الشرق الأوسط لم يضف استقراراً.

إذا، يمكن أن نقول إن الأجهزة الأمنية الفرنسية قد فقدت الحذاقة والمهنية، اللتين كانت تملكهما على مدى عشرات السنين السابقة. كما يجب أن نشير إلى أن هذه الأجهزة في تلك الفترة كانت قاسية جداً. في حين أن الرئيس ديغول لم يحاسب هذه الأجهزة على سلوكها وقسوتها، اللذين يعدّان حالياً أمراً مرفوضاً.

«وول ستريت جورنال»: قصص الناجين من «داعش»

نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال الأميركية تقريراً جاء فيه: هذا هو دليل انهيار تنظيم «داعش»، الذي أجبر الملايين من اللاجئين على الفرار خلال السنتين الماضيتين، وارتكب جرائم إبادة جماعية ضدّ أقليات مثل الإيزيديين.

كانت الساعة 7:30 مساء يوم الأحد في العراق، عندما توغّلت شاحنتان ممتلئتان بالعشرات من اللاجئين عبر نقطة تفتيش لقوات البيشمركة الكردية. وكانت الشمس حينذاك تسطع وسط تصاعد الدخان في السماء، بسبب الحرائق التي أشعلها تنظيم «داعش» لحجب مواقعه عن طائرات التحالف. وعلى بعد عدّة كيلومترات، كان الجيش العراقي يقاتل التنظيم قرب القيارة، لكن هؤلاء اللاجئين كانوا قد وصلوا بأمان أخيراً.

قوات البشمركة الكردية يخشون من أن يكون لدى اللاجئين أعضاء داخل تنظيم «داعش»، ومع ذلك، يعملون جنباً إلى جنب مع الميليشيا السنّية والحشد الوطني والجيش العراقي، لتجميع اللاجئين وتمريرهم من خلال نقاط التفتيش الأمني. ويعدّ هذا رمزاً للعراق المحطم، حيث المجموعات المختلفة من الجنود تتواجد للتعامل مع هؤلاء الناس.

وتصل قوات البيشمركة إليهم مع الماء والوجبات، لتوزيعها على اللاجئين الخائفين. والأطفال يصرخون، والنساء الشابات يلهثون للبحث عن زجاجات المياه التي يتم توزيعها. كما تتجمع النساء في مجموعات للجلوس في الحقول المجاورة وتعلو ملابسهم الأتربة. حيث أن بضعة أكياس فقط هي التي تشمل ممتلكات حوالى 50 شخصاً.

إنهم لا يملكون هواتف محمولة ولا مالاً، فقط يحملون بعض الخبز معهم في رحلتهم الطويلة. ولا منظمات دولية هناك لمساعدتهم ورعايتهم، ومشى بعض منهم مسافة تصل إلى 45 كيلومتراً عبر خطوط جبهة تنظيم «داعش»، واجتازوا الجيش العراقي الذي يقول البعض إنهم يخشونه.

كما ظهرت امرأة تبدو بشكل محموم تظهر بطاقة تعريفها للجنود، وتقول إنها تبحث عن ابنها. الذي أصيب برصاص قناص، وهو في مستشفى أربيل. وهناك غيرها من النساء اللذين فرّوا من قبضة تنظيم «داعش»، ووصلوا إلى عدد قليل من الخيام الموقتة، حيث وصلوا بعد عدة ساعات من فرارهم من بلدة بدير، جنوب الموصل. وكان معظمهم من النساء والفتيات الصغيرات.

وعلى الرغم من الظروف القاسية، كان الأطفال ينشغلون باللعب والابتسام والضحك. فهم لديهم تعطش للحياة، بعيداً عن تنظيم «داعش»، والجحيم الذي يحيط بهم. كما كان هناك امرأة تجلس مع طفل ولد قبل ستة أيام فقط.. وتقول المرأة، وهي تضع غطاء على وجهها خوفاً من التنظيم، كنا نريد المغادرة منذ اليوم الأول لوصول تنظيم «داعش».

ويوضح بعضهم أن الأمر استغرق سنتين تحت قبضة المتطرفين، قبل أن يتمكنوا في النهاية من الهرب. فبعد وصول الجيش العراقي لقصف منطقتهم، انسحب تنظيم «داعش» وهربوا هم.

وتحدّثت امرأتان أن تنظيم «داعش» لم يكن ليسمح لهم أبداً بمغادرة منازلهم، وكانوا يسألونهم دائماً لماذا لا ترتدي بناتهم النقاب والعباءات السوداء لتغطية أجسادهن. وردّت عليهم امرأة قائلة إنهم فتيات صغيرات وغير متزوجات. كما تشعر بناتهم الآن بحرّية في ارتداء غطاء الرأس والملابس الملوّنة وإظهار شعورهن، إن أرادوا ذلك.

وتحكي امرأة أخرى أن تنظيم «داعش» اتهم ابنها وصديقه بالتدخين، ومن وجهة نظر التنظيم، التدخين ممنوع. ووقعوا العقاب على الابن. واتهموه بالتدخين مرة أخرى وألقوا القبض عليه. وقالت أيضاً إن التنظيم كان يدق أبواب البيوت كلها بشكل روتيني، ويسألون لماذا لم يكن الرجال في المسجد، ووفقاً لما قالته المرأة، يأتي أعضاء التنظيم في النهاية إلى البيوت ويأخذون طعامهم، مدّعين أنهم لا يملكون طعاماً.

إن التحالف المدعوم من الولايات المتحدة، وقوات البيشمركة الكردية والجيش العراقي، جميعهم يتمنون استعادة الموصل، وهي ثاني أكبر مدينة في العراق، وآخر أكبر معقل لتنظيم «داعش» في البلاد، وذلك خلال الأشهر المقبلة، والعمل على تدمير تنظيم «داعش»، لكن هذا خلف الملايين من المدنيين وبعض الأقارب، الذين خدموا مع تنظيم داعش.

وبالنسبة إلى الأكراد الذين يقفون حراسة، أصبح اللاجئون عبئاً اقتصادياً. ويخشى كثيرون من اللاجئين، الذين يتبعون للعرب السنّة، من دور المليشيات الشيعية والجيش العراقي في تحرير الموصل، ويفرون إلى إقليم كردستان، حيث يسعون إلى معاملة أفضل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى