واشنطن وموسكو تفتتحان غرفة جنيف… وكيري يُبلغ الحلفاء مهلة للمعارضة لحسم موقفها من النصرة… وحلّ في ظل الأسد
كتب المحرر السياسي
فيما لا تزال تركيا في غرفة العناية الفائقة التي ستطول إقامتها فيها مع حفلة الجنون التي يقودها الرئيس التركي رجب أردوغان والتي كان جديدها إعادة هيكلة قطاعات الجيش والقضاء والتربية والإعلام، بما يتناسب وحملة أردوغان لوضع اليد على هذه القطاعات الأربعة، وكانت حصيلتها تشريد قرابة المليون طالب وخمسين ألف أستاذ بقرار إقفال أكثر من ستمئة مدرسة ومعهد تربوي، عقد مجلس الأمن القومي التركي ومجلس الوزراء اجتماعات متتالية لوضع آليات تضمن مشروع أخونة الدولة الذي قرّر أردوغان وضعه قيد التطبيق بذريعة ملاحقة قادة الانقلاب العسكري.
الحدث كان رغم الأضواء المركّزة على تركيا، في متابعة مفاعيل التفاهم الروسي الأميركي الذي افتتحت غرفة التنسيق المعلن عن الاتفاق عليها في التفاهم، واتخذت من جنيف مقراً دائماً لديبلوماسيين وضباط رفيعي الرتب، يتولون تمثيل الدولتين الأميركية والروسية في التنسيق حول سورية، بينما كان وزير الخارجية الأميركية جون كيري يترأس اجتماعاً يضمّ وزراء الخارجية والدفاع في دول التحالف الذي تقوده واشنطن تحت عنوان الحرب على داعش، لوضعهم في مناخات التفاهم مع موسكو، التي تقتضي، وفق ما أكدت مصادر مطلعة لـ «البناء»، الشروع بالاستعداد لعمل عسكري نوعي مطلع الشهر المقبل يستهدف بالتعاون مع روسيا جبهة النصرة وتنظيم داعش، على أن تمنح جماعات المعارضة المسلحة الراغبة في المشاركة في هذه الحرب الفرصة حتى نهاية الشهر الحالي، وإبلاغ حسم موقفها النهائي من جبهة النصرة وإنهاء كل تشابك وتداخل معها، تحت طائلة خروجها من أحكام الهدنة وعملية جنيف السياسية. وسيكون للقوى المنخرطة في الحرب أفضلية في العملية السياسية التي تتسع لمن يخرجون من عباءة النصرة حتى لو لم يشاركوا بالحرب ضدها، لكنهم ملتزمون بأحكام الهدنة مع الجيش السوري والسعي لحل سياسي، وتضمن الهدنة تجنيب مواقعهم الاستهداف، كما تضمن إجراءات تفصيلية لتجنيب المناطق السكنية والأماكن المدنية مخاطر الحرب بحدود قصوى، وفقاً لنصوص التفاهم الروسي الأميركي. أما عن العملية السياسية فقالت المصادر إنها ستجري في ظل رئاسة الرئيس الأسد، ويترك لقيادات المعارضة حرية المشاركة في حكومة موحدة فيها أو البقاء ضمن إطار أحكام الهدنة فقط، على أن تحسم الرئاسة وفقاً للقرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن في انتخابات تجري بعد التوافق على دستور جديد.
في الميدان السوري سجل الجيش نقلة نوعية بإفشال هجمات متتالية لجبهة النصرة وأحرار الشام على محاور الكاستلو الاستراتيجية في جبهات حلب، انتهت بإعلان الجماعات المسلّحة وقف العمليات بسبب الفشل المتتابع بإحداث أي اختراق، بينما انشغل العالم بالجريمة الوحشية التي نفذتها جماعة نور الدين زنكي المدعومة أميركياً بحق طفل حلبي قامت بذبحه وتصوير العملية ونشرها، ما أجبر واشنطن على التهديد بقطع علاقتها بـ «الجماعة»،
إذا ثبت تورط «الجماعة» بالجريمة البشعة، بينما عبرت باريس عن قلقها من انهيار الجماعات المسلحة في داريا بدمشق، وأحياء شرق حلب.
في لبنان بقي الجدل الدائر حول الموازنة وقطاع الاتصالات، محور اهتمام السياسيين والإعلاميين، قال السفير السوري في لبنان لـ «البناء» إن المطلوب في ملف النازحين الذهاب إلى التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، مشيراً إلى تأييد سورية للمرشح الرئاسي الذي يتفق عليه حلفاؤها.
التنسيق بين حكومتي سورية ولبنان
دعا السفير السوري علي عبد الكريم علي في حديث إلى «البناء» و»توب نيوز»، إلى «التكامل والتنسيق بين جيشي وحكومتي سورية ولبنان والتعاون لإعادة النازحين السوريين إلى أرضهم»، رافضاً «أي نية أو مخطط دولي لتوطينهم في لبنان».
وفي الملف الرئاسي، اعتبر علي عبد الكريم أنّ رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون «قامة وطنية نقدِّرها ونحترمها، كما أنّ مقام رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه كبير عند سورية، لكنّ اختيار الرئيس ليس شأن سورية التي تبارك ما يتفق عليه حلفاؤها، خصوصاً على رئيس يضمن الحفاظ على المقاومة والسيادة ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة».
وتمنى أن يصل الأشقاء في لبنان إلى الاتفاق على قانون انتخاب يضمن الخروج من أسر الطائفية والانقسام، لأنّ ذلك سيبقى نقطة ضعف في لبنان في مواجهة التحديات الخارجية، إذا كان الرئيس اختياراً صائباً وموفقاً ويضمن معايير السيادة والوطنية فيه مصلحة لسورية كما مصلحة كلّ المؤسسات في لبنان. نحن نرى أنّ القوى الفاعلة في لبنان إذا قرّرت الخروج من ربقة الضغوط الخارجية تستطيع، بناء على قراءة المصالح، الاتفاق على قانون انتخاب ورئيس للجمهورية.
وشدد على «أن المقاومة أعطت للبنان معنى السيادة الحقيقية ونيابة عن كلّ المنطقة، ويجب أن يكون انتصار تموز دافعاً لتأكيد هذا المعنى وليس لتشويهه. كلّ القوى السياسية في لبنان يجب أن تستثمر في هذه الذكرى وأن تدعم المقاومة وانتصارها وما تقوم به في وجه الإرهاب التكفيري دفاعاً عن كلّ لبنان والمنطقة».
الملفات السياسية في إجازة
تسافر الملفات السياسية اللبنانية في إجازة مع سفر رئيسي المجلس النيابي نبيه بري إلى إحدى الدول الأوروبية في إجازة خاصة تستمرّ حتى نهاية تموز، واستعداد رئيس الحكومة تمّام سلام إلى السفر بعد غد السبت إلى المغرب للمشاركة في القمة العربية التي سيتولّى سفير لبنان في الجزائر غسان المعلم مهمة تمثيل لبنان في اجتماعات مندوبي الدول الأعضاء واجتماع وزراء الخارجية العرب لكون وزير الخارجية جبران باسيل سيكون في عداد الوفد الرسمي برئاسة سلام الذي يغادر إلى نواكشوط السبت.
الليطاني اليوم في السراي وبانتظار أن يعود رئيسا السلطة التشريعية والتنفيذية من جولتهما الأوروبية والافريقية تدخل البلاد اعتباراً من يوم غد في عطلة. رحلت كل الملفات الاساسية الى الشهر المقبل بما فيها الإنترنت غير الشرعي بعدما قذفت لجنة الاتصالات الموعد المقبل شهراً. أما مجلس الوزراء الذي يعقد اليوم جلسة ببنود عادية يقف خلالها امام مشكلة الليطاني التي سيطرحها وزراء حزب الله وحركة أمل، سيلتئم مجدداً في 27 الحالي في جلسة خصصت للبحث في ملف الاتصالات والإنترنت غير الشرعي.
خلاف مستقبلي حول الليطاني
من ناحية أخرى، حضر ملف تلوث نهر الليطاني في مجلس النواب، حيث عقد نواب زحلة والبقاع الغربي وراشيا مؤتمراً صحافياً، لفت خلاله النائب جمال الجراح إلى مساعي نواب المنطقة لمكافحة تلوث النهر، ووجود عدد من الخطط، وتأمين مبالغ لها. وعلمت «البناء» أن خلافاً دار بين النائبين الجراح والقادري من جهة والرئيس السنيورة من جهة أخرى حول الكلفة المالية، إذ اعتبر السنيورة أن كلفة 800 مليون دولار باهظة لتأهيل الليطاني، ولا تجوز الموافقة عليها رغم تفنيد الجراح للسنيورة بالأرقام كيفية صرف المبلغ الذي لن يذهب فقط لتنظيف مياه نهر الليطاني، إنما لمعالجة شبكات الصرف الصحي ومحطات التكرير ومعامل فرز النفايات وإزالة التلوث الصناعي والزراعي، وإنشاء المحطات اللازمة ومعالجة الاستملاكات والإشراف والحوكمة، أي من النبع حتى المصب».
الى ذلك من المتوقع أن يعقد اجتماع موسع على مستوى البلديات بين حزب الله وحركة أمل في البقاع الغربي والجنوب بهدف وقف التعديات على هذا النهر وإقفال مجارير على النهر، والعمل على الحلول التقليدية البدائية لحين إنجاز حل جذري.
تفعيل القانون الأميركي
في غضون ذلك، أشار حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة إلى أنه سيتأكد من التزام البنوك المحلية بقانون يستهدف المصادر المالية لـ «حزب الله»، مؤكداً أنه يجب تفعيل القانون الأميركي من أجل إبقاء البنوك اللبنانية في إطار النظام المالي العالمي وتحقيق الاستقرار للاقتصاد المثقل بالديون في الوقت الذي يتضرر فيه النمو وقطاع السياحة من الحرب الدائرة في سوريا.
وذكر أن «هذا القانون خلق الكثير من التوتر في البلاد والتوتر ليس جيداً للبنان، لكننا بشكل عام احتفظنا بأهدافنا». ولم يكشف سلامة عن عدد الحسابات المصرفية التي أغلقت حتى الآن أو عدد مَن يخضعون للتحقيقات.
وقال إن «هذه العملية تحظى باحترام البنوك وهناك لجنة للتحقيقات الخاصة تنظر في كل طلب لإغلاق حسابات يصفونها بأنها تخالف القانون». ولفت إلى أن «القطاع المصرفي في لبنان هو حجر الزاوية للاستقرار في البلاد… لبنان يجري تمويله من خلال القطاع المصرفي فقط».
وتحدّث سلامة في حديثه الى «رويترز» عن أزمة اللاجئين، وقال سلامة «الوجود السوري… في ما يتعلق بالنازحين خلق تكلفة على لبنان تنعكس في الاقتصاد… كما خلق استثماراً واستهلاكاً أقلّ… لأن الكثير من مواطني الخليج لم يعودوا يأتون للتسوق في بيروت أو لشراء عقارات في لبنان بسبب الحرب الدائرة في سوريا».
الراعي في القاع
وبعد أكثر من عشرين يوماً على تفجيرات القاع التي أثارت الذعر في قلوب المسيحيين يزور البطريرك الماروني بشارة الراعي القاع اليوم، برفقة وفد من المطارنة والكهنة لتقديم التعازي بشهداء العمليات الانتحارية التي ضربت البلدة.
وأكدت مصادر عسكرية لـ «البناء» أن ضغط الجيش وحزب الله في منطقتي عرسال وجرودها والقاع ومشاريعها أدى إلى فرار عدد من إرهابيي داعش تراوح عددهم بين 30 و40 ارهابياً الى سورية». وشددت على أن ما يقوم به الجيش وحزب الله أدى إلى أرجحية لبنانية دفاعية في عرسال والقاع.
وإذ أشارت المصادر إلى «حركة ناشطة للمسلحين برزت الاسبوع الماضي في عين الحلوة، باتجاه وضع اليد على المخيم»، أكدت أن هذه المحاولات قوبلت بجهد أمني لبناني استخباري في داخله وأمني في الخارج»، لافتة إلى «أن القوى الفلسطينية لا سيما حركة فتح تحركت درءاً لحصول أي انهيار أمني، لا سيما أن الجميع من قوى سياسية لبنانية وفلسطينية يحاذر أي سلوك يوتر الوضع لما لذلك من تبعات كارثية تفجيرية».
ومساء أمس، تعرّض مختار عرسال محمد عالولي لكمين مسلّح داخل البلدة. وقد تمّ نقله إلى مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس وهو في حال حرجة.