فارس: لبنان نموذج للعيش الواحد ولا نعترف بحدود

اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي أنّ أهل بلدة القاع البقاعيّة يحملون رسالة كبيرة، لافتاً إلى أنّهم سياج الوطن والمنطقة، وقال «نحن هنا لنبقى ونحافظ على وطننا ولبنان الرسالة. المتطرّفون الإرهابيون لا صِلة لهم بأيّ دين، ونقول لكم نحن إلى جانبكم ومعكم على كل الصُّعد»، مؤكّداً أنّ «الدولـة هــي المسـؤولة الأولـى عــن وجودنـا وأمنـنا».

آتياً من الديمان المقرّ الصيفي للبطريركية المارونية، وصل البطريرك الراعي إلى مفترق رأس بعلبك محطّته البقاعيّة الأولى، حيث كان في استقباله حشد من الأهالي على رأسهم راعي أبرشيّه بعلبك – الهرمل للروم الملكيّين الكاثوليك المطران الياس رحال وكاهن الرعية الأب إبراهيم نعمو. وحيّا مستقبليه الذين نثروا الأرزّ والورد، ولم يُدلِ بأيّ تصريح.

ثمّ انتقل إلى بلدة القاع، وكان في استقباله النائبان مروان فارس وإميل رحمة، رئيس المجلس البلدي بشير مطر، وحشد من الأهالي، وسط تدابير أمنيّة مشدّدة.

ثمّ دخل إلى كنيسة مار الياس شفيع البلدة، وألقى المطران رحّال كلمة رحّب فيها بالضيوف، وقال: «إنّ القاع صخرة ثابتة لا تتزعزع وستبقى ثابتة، لأنّ هذه الأرض مقدّسة ونحن على هذه الصخرة سنبقى متمسّكين بأرضنا، وسنحمي قبور الشهداء بأرواحنا. وإذا كان لا بُدّ من الاستشهاد، فنحن لها ونكون شهداء في سبيل الله وأرض القاع. نحن هنا نعيش مع جيراننا وقلوبنا مفتوحة وأيدينا ممدودة للجميع، نعيش مع أهل أحبّاء يقفون بجانبنا ونحن وإيّاهم سنقف صفّاً واحداً في وجه الإرهاب والتكفيريّين».

وشكر للراعي زيارته المباركة لأهل القاع.

وباسم أهالي الشهداء، ألقى طوني وهبه كلمة، طالب فيها بـ«إحالة ملف الجريمة إلى المجلس العدليّ».

فارس

وكانت كلمة للنائب فارس، فقال: «لم نعرف يوماً في هذه المنطقة، لا مسلمين ولا مسيحيّين، الطائفيّة والمذهبيّة، فنحن نعيش عيشاً واحداً وشهداء القاع يمثّلون كل لبنان. كما أنّنا نرحّب بكم ونرى بزيارتكم رسالة محبّة ومودة ومجيئكم إلى القاع يخدم الوطن، هكذا علّمنا السيد المسيح. ونحن في لبنان نموذج في الوطن العربي للعيش الواحد وللوطنيّة، ولا نعترف بحدود. فنحن شعب واحد، وزيارتكم دمشق واللاذقية خير دليل، ونقول لكم: نقف إلى جانبكم من أجل وحدة وطننا ومن أجل بنائه من جديد، وانتخاب رئيس للبلاد اليوم قبل الغد».

الراعي

من جهته، قال الراعي: «أتينا اليوم واخترنا هذا النهار، 21 تموز، لنشكر معكم العناية الإلهيّة ومار الياس شفيع الرعيّة والكنيسة، لأنّ ما حصل كان يمكن أن يؤدّي إلى كارثة كبيرة، والكل يشهد أن لولا يد مار الياس لما كان اكتُفي بالشهداء الخمسة الذين افتدونا والمنطقة ولبنان بدمائهم، والجرحى الذين سقطوا ويحملون آثار هذه الحادثة والوحشيّة».

وأوضح أنّه «أتى لتقديم التعازي لأهالي الشهداء وتشجيعهم»، مشدّداً على أنّنا «هنا لنبقى ونحافظ على لبنان برسالته وجوهره، لبنان العيش معاً مسلمين ومسيحيّين، والقِيَم التي نملكها»، ومؤكّداً أنّ «المتطرّفين والإرهابيّين لا علاقة لهم بأيّ دين، بل هم يشوهوّن الديانات».

وتابع: «أتينا لنقول لكم إنّنا إلى جانبكم ومعكم على كل صعيد، الروحيّ والمعنويّ والاجتماعيّ والإنمائيّ والوطنيّ، ونحن نحمل صوتكم إلى الدولة. لقد عبّرتم عن مخاوفكم، ونحن معكم نحيّي الجيش اللبنانيّ والقوى الأمنيّة التي تساعد وتسهر، وقدّمت أكبر عدد من الشهداء والجرحى في سبيلنا وسبيل وطننا، نصلّي لأجلهم لكي يحميهم الرب».

وشدّد على أنّ «دولة القانون والحق، الدولة القويّة والنافذة والتي تمارس العدالة، هي التي تحمي وتحافظ على المواطن»، داعياً إلى «الكشف عن المجرمين»، ومعتبراً أنّ «إذا لم تتكوّن الدولة من رئيس للجمهوريّة وحكومة ومجلس نوّاب وجيش وقوى أمنيّة، لا يمكن أن تواجه الظروف الدقيقة التي نواجهها»، ولافتاً إلى أنّ «كل مكوّنات لبنان مسؤولة عن كل ما يحصل».

ووجّه نداءً إلى الأسرة الدوليّة، وقال: «نحن في لبنان، خصوصاً أبناء القاع والمنطقة، نتلقّى كل نتائج الحروب الدائرة في سورية والعراق وفلسطين، لذا نطالب من القاع، وباسم الشهداء والجرحى، الأسرة الدوليّة بإيقاف الحروب الدائرة في المنطقة، وإيجاد الحلول السياسيّة للنزاعات، وإعادة كل النازحين واللاجئين والمخطوفين إلى أراضيهم وبيوتهم، فهذا حقّهم الطبيعي».

وحذّر من «أنّه إذا استمرّت الأمور على حالها فالسلام العالمي مُهدّد»، وقال: «إذا بقي ملايين من الناس خارج بيوتهم ومحرومين من أدنى حقوقهم، هذا يعني أنّ الأسرة الدوليّة تقوّي كل المنظمات الإرهابيّة لأنّها تقدِّم لها البيئة الخصبة، وهكذا نهدّد السلام العالمي».

ثمّ قدّم واجب العزاء إلى أهالي الشهداء فرداً فرداً، وقام بجولة في أرجاء مستوصف البلدة، وشكر الجميع على حفاوة الاستقبال.

عيون أرغش

ومن القاع، توجّه الراعي إلى بلدة عيون أرغش المحطة الأخيرة في زيارته البقاعيّة، حيث وضع حجريّ الأساس لمشروعيّ مركز الرياضات الروحيّة، والمقرّ الصيفي لمطرانيّة بعلبك ودير الأحمر المارونيّة في البلدة، في حضور راعي أبرشية بعلبك – دير الأحمر المارونيّة المطران حنّا رحمة، راعي أبرشية جبة بشرّي المطران مارون عمّار وعدد من الكهنة، وقائد سرية درك بعلبك العقيد مارك صقر.

وألقى الراعي كلمة، حيّا فيها كل الأشخاص الذين يساهمون في هذا المشروع ليصل إلى خواتيمه.

وبعد كلمة للمطران رحمة، ترأّس الراعي رتبة إكليل لشاب من آل طوق في كنيسة البلدة، واختتم اليوم البقاعيّ بغداء في أحد مطاعمها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى