تراخي الدولة يشجع الإرهابيين على تكرار عدوانهم والتشدد لإطلاق العسكريين: مخطط «داعش» لإقامة إمارة ظلامية أصبح أكثر خطراً مما قبل الاعتداء على عرسال

حسن سلامة

طرح فشل وساطة هيئة العلماء المسلمين لإطلاق سراح العسكريين المخطوفين لدى المجموعات الإرهابية الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام ليس فقط حول مصير العسكريين بل أيضاً حول ما بلغه الوضع في عرسال ومناطق أخرى، وحل مخاطر جراء سياسة «طمر الرؤوس في الرمال» الذي يعتمده بعض الحكومة نتيجة ضغوط تيار المستقبل وسياساته التي لا تزال ترتهن للسياسة السعودية في التعاطي مع الجماعات الإرهابية.

ووفق مصادر سياسية بارزة فإن السياق السياسي الذي لجأت إليه الحكومة منذ بدء اعتداء المسلحين على الجيش وأهالي عرسال تحت ضغط المستقبل ومن خلفه السعودية أفضى إلى إدخال البلاد في معضلة غير محسوبة النتائج بحيث تحدد المصادر تداعياتها بالآتي:

– أولاً: كان يمكن للحكومة لو لم يخرج بعضها عن القرار الذي اتخذته أثناء العدوان على الجيش أن تعطي التغطية الكاملة للجيش لاستكمال محاصرة المسلحين، بما يؤدي في الحد الأدنى إلى مقايضة عملية انسحاب المسلحين بهدوء في مقابل إطلاق سراح العسكريين، خصوصاً لو أن الحكومة فتحت أبواب التنسيق مع سورية لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة الخناق على المسلحين، لكن بعض الحكومة فضل المساومة مع الإرهابيين وبتراخ من بعض المعنيين بالمعركة ذهب نحو فتح باب التسويات مع المسلحين بتشجيع واضح من قطر كما أن ذلك تزامن مع عودة رئيس المستقبل إلى بيروت لتسويق ما يسمى بالهبة السعودية في سعي مكشوف للتغطية على التسوية التي حصلت في عرسال.

– ثانياً: لقد أظهر كل ذلك أن السعودية مارست ضغوطاً عبر حليفها المستقبل لعدم استكمال محاصرة الإرهابيين الذين كانوا في وضع صعب بعد الضربات التي تلقوها على أيدي وحدات الجيش، بالتالي كان القرار السعودي في عدم هزيمة المسلحين تحت شعارات مذهبية وسياسية، ليس أقلها أن السعودية التي رفعت شعار مواجهة الإرهاب مؤخراً لم تقرنه بأي فعل حتى الآن، خصوصاً على الساحة السورية، لذلك كان القرار الحكومي بترك المسلحين ينسحبون بهدوء إلى جرود عرسال، ولاحقاً ظهرت الضغوط السعودية في تصرفات بعض الحكومة بعكس قرار مجلس الوزراء الذي كان رفض التفاوض مع المجموعات المسلحة.

– ثالثاً: بدا واضحاً أن ما حصل في عرسال من تسويات أفضت إلى انسحاب المسلحين ومعهم العسكريين أدى إلى ضرب هيبة الدولة وحتى ضرب هيبة المؤسسة العسكرية على رغم بسالة الجيش وعناصره بل أن الأخطر في كل ما حصل كما تؤكد المصادر أنه فتح شهية المجموعات الإرهابية لتكرار اعتداءاتها، بل الاستمرار في مشروع إقامة إمارة متطرفة في بعض المناطق عندما تسنح الظروف لذلك.

في ضوء هذه المعضلة، ما هو متوقع على صعيد العسكريين المخطوفين وعلى صعيد مخاطر المجموعات الإرهابية التي تهدد البلاد؟

في معلومات المصادر أن ما انتهت إليه وساطة هيئة العلماء المسلمين كان منتظراً نتيجة تراخي الدولة وكذلك توقع لجوء الإرهابيين إلى عملية ابتزاز كبيرة، ولهذا تقول المصادر إن الدخول القطري والتركي على خط الوساطات لن تؤدي إلى إلغاء لائحة الشروط الطويلة للمسلحين، وتعتقد أن عملية التفاوض هذه ستأخذ مساراً طويلاً ومعقد، خصوصاً أن التركي والقطري سيعملان في سبيل استثمار عملية أي صفقة لإطلاق العسكريين، إلا أنها أشارت إلى أن إنجاز أي صفقة يتطلب أولاً وقبل أي شيء آخر، أن تكلف الحكومة اللواء عباس إبراهيم بتولي عملية التفاوض من الجانب اللبناني مع التركي والقطري بعد أن أثبت جدارة وبراعة في المفاوضات لإنجاز صفقتي أعزاز وراهبات معلولا، وثانياً، أن تعطي الحكومة الضوء الأخضر للواء إبراهيم للتواصل والتنسيق مع سورية، خصوصاً أن الإرهابيين يطالبون بإطلاق سراح بعض المجرمين الموقوفين في سورية.

وفي الشق الآخر تؤكد المصادر أن خطر الإرهاب لم يسقط بل إن الذي حصل في عرسال زاد من خطر الإرهاب أكثر ما كان عليه قبل اعتداء عرسال، وتعيد الأمر إلى الآتي:

إن عرسال لا تزال مهددة بعودة المجموعات الإرهابية إليها حيث أن المسلحين عادوا للتنقل فيها بالإضافة إلى احتلالهم لجرود عرسال مع ما يشكله ذلك من خرق للسيادة وإمكانية أن يقوم المسلحون بالاعتداء على الجيش والمدنيين.

إن الأخطر من ذلك أن مشروع «داعش» الذي يستهدف التمدد إلى بعض قرى البقاع الشمالي ومنها إلى مناطق في عكار ما زال قائماً، حيث تتحدث معلومات المصادر عن وجود معسكرات للإرهابيين في بعض المناطق هناك بإشراف قطري، وبالتالي فإمكانية محاولة المتطرفين لإقامة «إمارة ظلامية « من البقاع الشمالي إلى عكار لم تسقط بل إن كل تقارير أجهزة الاستخبارات تحذر من تنامي الوجود الإرهابي في هذه المناطق.

لذلك تؤكد المصادر أن ما كان مطروحاً قبل العدوان على الجيش بات أكثر خطراً اليوم من حيث سعي المتطرفين لإقامة قاعدة إرهابية لهم في هذه المناطق للانطلاق منها نحو التمدد في مناطق أخرى وأيضاً لمحاولة تجديد الاعتداءات باتجاه الأراضي السورية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى