برّو لـ«البناء»: نخدم بلدنا بفنّنا كأيّ جنديّ يقف على الجبهة
دمشق ـ آمنة ملحم
لأن الفنّ لا يتجزّأ، والرقص أحد ألوانه الثقافية التي تتآلف معه الموسيقى والرياضة والثقافة والمرح. من هنا، تصرّ فرقة «سورية للمسرح الراقص» التي خُلقت من رحم المسرح السوري الزاخر بمبدعين مرّوا على خشبته من راقصين وممثلين ومغنّين، على صنع تجربة متفرّدة بذاتها، تحمل في طيّاتها عبق ياسمين الشام، ونسمات الساحل السوري، ودعسات خيول فرسان الصحراء السورية.
واحتفاءً بيوم الجيش السوري، أرادت الفرقة أن تكون حاضرة ومواكِبة للحدث برؤية فنية ناضجة، عبر عرض مسرحيّ راقص «سورية قصة حبّ»، قدّمته على مسرح دار الأوبرا في دمشق، حاملاً أبهى صورة للتعايش القومي والتاريخي لمختلف الأطياف السورية المتنوّعة، مروراً بنفحات تختزل سبعة آلاف سنة من الحضارة السورية بمختلف القوميات التي مرّت في دربها، والتي شكّلت النسيج السوري على مرّ السنين، كالكرد والأرمن والشركس والآراميين والسريان والآشوريين والعرب الذين كتبوا تاريخ هذه البلاد بصوَرها المتحضّرة والإنسانية بالحبر السوري المعتّق، من خلال استحضار قصص حبّ وجدانية وملحمية.
ركّز العرض الذي صنتعه أجساد الراقصين بأسلوب استعراضي متقن، على بطولات الجيش السوري وتضحياته في سبيل الحفاظ على أمن البلاد وتاريخها العريق، وهذا التعايش بين الجميع الذي إن فُقد في أيّ بلد من العالم، فهو موجود في سورية فقط رغم كل شيء. وفي كلّ قصة حبّ قُدّمَت، تجلّت صوَر الوطنية والولاء للأرض السورية، فهي قصص حبّ مع سورية «الحبيبة والأمّ والنفس» إذا ما عزّت عليها نفسها بذلتها لأبنائها جنوداً، وضباطاً وعاشقين. باختصار، هي «سورية… قصة حبّ».
وحول العرض ورسالته، تحدّث إلى «البناء» مدير الفِرقة ومؤلّف العرض ومخرجه الفنان نورس برّو، مؤكّداً أن الفِرقة تصرّ على التواجد على الساحة الفنية، وتعمل ضمن الظرف الصعب الذي تمرّ به البلاد، والذي أثّر على كافة مناحي الحياة. وأكّد أن الفرقة كرّست أعمالها لخدمة البلد أولاً، فهي لا تقدّم عروضاً ترفيهية، بل تحاول عكس الوجع السوري على المسرح بأجساد الراقصين، وتلامسه من داخلهم، وبهذا تؤدّي دورها كفنّ سوريّ.
ولفت برّو إلى أن مقولة العمل تتجلّى بأنهم كفنانين يداً واحدة مع كل شخص فاعل في المجتمع ومع هذا البلد حتى يستعيد عافيته، ناذرين أنفسهم لخدمته ولو حتى كان الأمر من دون مقابل، كأيّ جنديّ يقف على الجبهة ضدّ الأعداء.
وأعرب برّو عن رضاه النسبيّ على الحفل، لا سيما في ظل الظروف التي قُدِّم فيها، وفترة التدريب التي لم تتجاوز ثلاثة أسابيع، بينما يحتاج العرض إلى تدريب لمدّة شهرين وأكثر. متمنّياً أن تكون الأعمال المقبلة أقلّ أخطاء وأفضل جودة.
والعرض نسج مجريات أحداثه بألوان فنية راقصة متنوّعة، على مدى ساعة وعشرين دقيقة، وعبر لوحات استعراضية راقصة وغنائية، ثم لوحات درامية، حملت قصص الحبّ والقيم والملاحم والبطولة. أما الجديد في هذا العرض، فكان وجود مغنية، وهي الشابة نهى عيسى.
وعن تجربتها، قالت عيسى لـ«البناء» إنّ العرض قدّمها كموهبة سورية للمرّة الأولى على مسرح دار الأوبرا، فهي تغنّي منذ الصغر في المراكز الثقافية. وهي معتزّة بموهبتها، لافتة إلى التحضير السريع للعرض الذي لم يتجاوز بالنسبة إليها كغناء مدّة عشرة أيام، ولو أن مدّته كانت أكبر لربما استطاعت الفرقة كاملة تقديم عروض أكثر وتنوّع أكبر في لوحاتها.
وترى المغنية الشابة أن العرض يحمل رسالة للجميع بوجود فنّ ومواهب تتطلع إلى نشر البسمة رغم الدمار والحرب المحيطة بالبلاد، وترغب بالتعبير عن الحالة العامة المعاشة عبر فنّها ليخرج الناس من أجواء الحرب، راسمة مساحة بيضاء وزارعة البسمة والمرح.
«سورية قصة حبّ»، من إنتاج وزارة الثقافة ـ الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون، نصّ وإخراج كريوغراف الفنان نورس برو، دراماتورج: إدريس مراد.
يأتي هذا العمل بعد عدّة أعمال للفرقة ومنها: «إنسان»، «درب المجد»، «وجع»، «ليلة كحل»، و«تحية»، قدّمتها في الداخل السوري وفي بعض الدول الأخرى، وتعمل الفرقة بمبدأ الإدارة الحازمة، وفيها جيلان: جيل الأطفال، وجيل المحترفين، فنجدهم معها من عمر ثلاث سنوات وحتى الأربعين مع دمجهم بدروس مختلفة للرقص على المسرح. وهي مؤسّسة حريصة على عملها، ساعية إلى تقديم الأفضل بشكل مستمر، والهدف الأوحد دائماً: رفع اسم سورية عالياً.