«داعش» والتنظيمات الإرهابية في خدمة الحركة الصهيونية

جاك خزمو

عندما يقول أيّ شخص إنّ تنظيم «داعش» الإرهابي يخدم الحركة الصهيونية، فإنه لا يبالغ القول، ولا يكون الاتهام عفوياً، أو كيدياً، بل هو واقع يمكن إثباته وبكلّ سهولة من خلال ممارسات هذا التنظيم، والتنظيمات الأخرى على شاكلته ونمطه وصورته، ومن خلال ما ينتج عن إرهاب هذه التنظيمات من أمور سلبية تخدم الحركة الصهيونية، لا بل هي تقوم بدور هذه الحركة في العالم كله.

إنّ الإرهاب الذي تمارسه هذه التنظيمات وبأبشع صوره، هو لبث الرعب في عالمنا العربي والعالم، ولضرب الاستقرار سواء في الشرق الأوسط أو في الغرب. وهذا الإرهاب أدّى الى تدمير دول عربية، وتأجيج نار الفتنة الطائفية والمذهبية، وهذا بحدّ ذاته خدمة لـ «إسرائيل»، لأنّ الفتنة تضعف عالمنا العربي، وتدخله في نفق مظلم، وفي شتاء حالك ومخيف.

هذه الفتنة تؤدّي أيضاً، كما هو الهدف الجوهري منها، الى تجزئة وقسمة العالم العربي، حتى يتحوّل الى دويلات دينية صغيرة مشتّتة ومتناثرة. وهذا ما تريده الحركة الصهيونية حتى لا تكون هناك دول عربية قوية تنادي بإحقاق الحق للشعب الفلسطيني. وما يجري في عالمنا العربي وضع القضية الفلسطينية، سواء شئنا أم أبينا ذلك، على الرفّ، وبدأ العالم العربي يتحدث أولاً وأخيراً عن كيفية التصدّي ومواجهة «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى.

ويسعى «داعش» للإساءة إلى الدين الإسلامي من خلال تشويه صورته، ومن خلال إدخال المنتمين إليه في فئات ومجموعات ومدارس فكرية لتتقاتل في ما بينها أيضاً. وهذا الأمر يخدم «إسرائيل» بشكل كبير لتظهر أنها هي الدولة الوحيدة المستقرة في الشرق الأوسط، وأنها هي أيضاً الدولة الديمقراطية في حين أنّ الديمقراطية الممارسة في «إسرائيل» لا تطبق على الفئات كلّها، ولا يتمتع بها اليهود كلّهم، إذ إنّ هناك تمييزاً بين الذين جاؤوا من أثيوبيا أو من روسيا وأوكرانيا أو من العالم العربي أو من أوروبا.

فمن خلال تدمير ليبيا، والقضاء على نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، وجدت «إسرائيل» أرضاً خصبة كي يمتدّ نفوذها الى أفريقيا، وتتقوّى علاقاتها مع الدول الأفريقية، وإذا كان القذافي وراء طرد «إسرائيل» من عضوية الاتحاد الأفريقي كمراقب في العام 2002، ها هو رئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو يصول ويجول في دول أفريقية عدة في حوض منابع نهر النيل، وسيكمل جولته في دول أفريقيا الغربية مع نهاية العام الحالي.

كذلك فإنّ عمليات «داعش» الإرهابية في أوروبا، وخاصة في فرنسا، ساهمت الى حدّ كبير في هجرة يهود فرنسا الى «إسرائيل»، فهي تقوم بدور الحركة الصهيونية في إجبار اليهود على الهجرة إلى «إسرائيل» خوفاً من الانتقام منهم، ولأن «إسرائيل» آمنة بالنسبة إليهم. وهذه الاعتداءات الإرهابية تذكر من يتابع التاريخ أنّ الحركة الصهيونية كانت تزرع القنابل في أماكن يقطنها اليهود في العراق والعديد من الدول العربية في الأربعينيات من القرن المنصرم، حتى تجبرهم على الهجرة الى «إسرائيل» كملاذ آمن لهم… أيّ انّ العمليات الإرهابية لهذا التنظيم قامت بدور إيجابي لصالح «إسرائيل» عوضاً عن الوكالة اليهودية، وعوضاً عن مؤسسات عديدة تحاول تشجيع اليهود في العالم على الهجرة الى «إسرائيل».

خلاصة القول إنّ هذا التنظيم الإرهابي الذي صُنع من أجل ضرب العالم العربي، وتمزيقه وإضعافه، ومن أجل بث الرعب في المنطقة والعالم، لا يخدم أحداً سوى مساعي وأهداف الحركة الصهيونية، وخير دليل على ذلك ما ذكر سابقاً، وإضافة إليه فإنّ أدبيات هذا التنظيم لا تمسّ «إسرائيل» من قريب أو بعيد، بل إنّ بعض هذه التنظيمات تحصل على مساعدات ومعونات ودعم من «إسرائيل»، وخاصة تلك التي تتواجد في جنوب سورية على تخوم الجولان المحتلّ.

ويمكن في النهاية الاستنتاج بأنّ تردّد أميركا في ضرب هذا التنظيم، ووصف التنظيمات الأخرى على أنها «معارضة معتدلة»، يأتي لسبب واحد وهو أنّ أميركا لا تريد معاداة الحركة الصهيونية التي تمتلك نفوذاً قوياً داخل أميركا، لأنّ إدارتها تعرف أنّ هذه التنظيمات هي في خدمة هذه الحركة، ولا بدّ من بقائها حتى تحقق أهدافها، مع أننا على يقين بأنّ هذه التنظيمات سيتمّ القضاء عليها عاجلاً أم آجلاً، لأنّ الشعوب العربية، وفي المقدمة الشعب السوري، تتصدّى لهذا الإرهاب، خادم ومأمور الحركة الصهيونية، ولن تسمح بتحقيق أهدافه مهما كان الثمن، ومهما كانت المعاناة.

ناشر ورئيس تحرير مجلة «البيادر» ـ القدس

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى