«إرهاب القوميين» يتهدّد ألمانيا بعد الهجمات في جنوبها
تطرّقت صحيفة «موسكوفسكي كومسوموليتس» الروسية إلى عواقب الهجمات الإرهابية الأخيرة في ألمانيا، مشيرة إلى أن «إرهاب القوميين يتهدّدها» ردّاً على هذه الهجمات.
وجاء في المقال الذي نشرته الصحيفة أمس: بعد الهجمات التي وقعت في ميونيخ وفيرتسبورغ ورويتلينغن وأنسباخ، قرّرت ألمانيا تعزيز أجهزتها الأمنية لكن من المستبعد أن تجري إصلاحات في تشريعات الهجرة. هذا ما استنتجه خبراء من ألمانيا وروسيا، والذين يشيرون إلى أن الردّ على الهجمات التي وقعت جنوب البلاد قد يكون «إرهاباً قومياً».
يقول المحلل السياسي آلِكسندر رار: لا أحد في ألمانيا يريد تغيير التشريعات ولا تستطيع المؤسسة السياسية القيام بذلك، لأن هذا يعني نهايتها. فالدولة مبنية على النموذج الليبرالي، لا بديل هناك. وكما أعلن وزير بادن فيورتمبيرغ، حتى لو كان السوريون مسؤولين عن هذه الهجمات، فلن نستطيع ترحيلهم. لأنه يُمنع ترحيل أي شخص إلى دولة تدور فيها حرب، وفق القانون الألماني. فما الذي ستفعله السلطات الألمانية؟ ستعزّز الأجهزة الأمنية حيث يلاحَظ في بافاريا وجود الشرطة في كل زاوية. وفي بلجيكا حالياً يوجد في كل شارع عناصر شرطة مدججون بالسلاح، وقد يحدث هذا في ألمانيا أيضاً.
وبحسب رأيه، فإن برلين على خلفية الماضي الألماني، تشعر بأنها تتحمل مسؤولية أخلاقية أمام أولئك الذي اضطروا إلى ترك منازلهم نتيجة الحرب ونزحوا إلى أوروبا. وأضاف: بالنسبة إلى ألمانيا، هذه ليست مسألة اقتصادية، بل مسألة إنسانية أخلاقية. وبهذا تريد إظهار أنها منفتحة وليست دولة عنصرية، وأنها دولة متسامحة تدافع عن حقوق الأقليات، وتنتهج هذا النهج.
وعن الأجهزة الأمنية في ألمانيا قال رار: استقلالية الأجهزة الأمنية غير ممكنة عندنا حيث لدينا أجهزة استخبارات مختلفة، وجميعها توجد تحت سيطرة ديمقراطية. فإذا كانت الاستخبارات الخارجية تابعة مباشرة لمكتب المستشارة، فهناك في كل مقاطعة استخباراتها الداخلية. وهناك هيئة فدرالية. أي على هذه الهيئات الثلاث التعاون في ما بينها. كما يجب عليها تعزيز التعاون مع الأجهزة الأمنية في أوروبا، والذي أصابه الخلل بعد فضيحة التنصت. الإرهابيون يهددون ألمانيا من جانبين: الإرهاب الإسلامي، المدعوم جزئياً من الخارج، و«إرهاب القوميين»، الذي سيكون ردّاً على الإرهاب الإسلامي.
يذكر أن داود علي سنبلي 18 سنة ، الذي أطلق النار في المجمع التجاري في ميونيخ يؤمن بأفكار يمينية متطرّفة ومن المعجبين بأدولف هتلر وأندريس بريفيك. ومن بين ضحاياه ثلاثة مواطنين أتراك وثلاثة من كوسوفو.
يقول الكاتب الصحافي الألماني توماس فاسبيندر إن المستشارة آنجيلا ميركل كانت أحد المبادرين إلى سياسة الأبواب المفتوحة للمهاجرين مشيراً إلى فشل سياسة التعدّدية الثقافية، والاندماج. وقال: من وجهة نظري، هناك نقطتان في مفهوم الهجمات: النقطة الأولى مسألة اللاجئين فمن بين مليون شخص قدموا إلينا منذ سنة، كان هناك ألوف لا نعرف عنهم أي شيء. وأن نحو 70 في المئة من اللاجئين وصلوا كانوا من دون وثائق إثبات الشخصية. نحن نصدّق ما يخبروننا به. وهناك حالات عدّة عندما يقول اللاجئ إنه من سورية ولكنه في الواقع من أفغانستان. وطبعاً في جميع الأحوال يوجد بينهم أنصار لـ«داعش». والنقطة الثانية، تقيم في ألمانيا أقليات من تركيا والشرق الأوسط، ونحن نرى كيف أن الجيلين الثاني والثالث من هؤلاء اللاجئين على استعداد أقل من الجيل الأول للتكيف مع ظروف العيش في ألمانيا، وهم يظهرون عدم رضاهم عن نمط حياتنا.
أما أستاذ القانون الأوروبي المساعد في معهد موسكو للعلاقات الدولية نيقولاي توبورنين، فيقول إن الجرائم لا يقترفها الألمان أو الفرنسيون أو البلجيك، بل أناس جاؤوا إلى أوروبا منذ زمن أو قبل فترة، من تونس وتركيا وإيران وسورية. ومن السهولة ربط ازدياد الإرهاب بتدفق اللاجئين. هذا، وقد أعلنت ميركل في عام 2015 عن سياسة الأبواب المفتوحة، وقالت إن ألمانيا ستستقبل كل من يأتي إليها. ومنذ ذلك الحين بلغ عدد اللاجئين، الذي وصلوا إلى ألمانيا، نحو مليون ومئتي ألف شخص. وقد انخفض حالياً عدد القادمين بعد الاتفاق مع تركيا ولكنه مستمر. وطبعاً يوجد بين هؤلاء من جنّده «داعش» أو «القاعدة»، التنظيم الذي لم نعد نتذكره.
ويشير الخبراء إلى أن الحديث عن نهاية ميركل السياسية سابق لأوانه. ولكن توماس فيسبيندر يقول: حتى الآن توجد مجموعة كبيرة من الألمان تدعم ميركل ولكن الجميع يدركون أن القواعد تتغير. فمثلاً، ينمو بين الصحافيين إدراك بضرورة عدم السكوت عندما يكون واضحاً أن الجريمة اقترفها أجانب. وإذا كان يُعتقد سابقاً أن من الخطأ كشف جنسية المجرم، فإن الناس حالياً يطالبون بنقل الحقيقة إليهم.