أفظع أساليب القتل والإجرام

عبد الحكيم مرزوق

لم يعد خافياً تورّط الإدارة الأميركية في دعم «داعش» مع أنها تدّعي أنها تحاربه على كلّ المستويات فمن نصدق، هل نصدق ما تعلنه في الإعلام وعلى شاشات التلفزة؟ أم ما تقوم به تحت الطاولة وفي الخفاء عبر أجهزة استخباراتها المنتشرة حول العالم والتي تعتبر الذراع الأولى في تقديم كافة المساعدات اللوجستية إلى ذلك التنظيم الإرهابي؟ فالإدارة الأميركية كما أثبتت الوقائع بمائة وجهة ووجه، وهي تعلن عكس ما تخفي، أنها السياسة الأميركية التي لا تعرف لها رأساً من أساس، فهل نتذكر التصريحات تلوّ التصريحات حول سبل الحلّ في سورية علانية، وفي الوقت ذاته تعطي الإشارات الخضراء في التدمير والقتل الممنهج لكلّ العصابات الإرهابية في سورية، ومن يشغّلها من الأدوات المنتشرة على الحدود كالسعودية وتركيا وقطر والأردن.

وإذا استرجعنا بعض الحيثيات في التاريخ القريب للمخابرات الأميركية، نجد أنّ ثمّة علاقة وطيدة بين المخابرات العسكرية الأميركية مع شركة «سي ايه سي» الأميركية، وهي شركة تكنولوجيا معلومات استخباراتية كان مقرّها في سجن أبو غريب حيث تعاقد الجيش الأميركي معها مؤخراً لقاء خدمات تحقيق المعلومات الاستخبارية الخاصة بسورية، على الرغم من أنّ الحكومة السورية لم تسمح أن تدع على أقلّ تقدير القوات الأميركية أو المتعاقدين معها إلى دخول البلاد، مما يشكل انتهاكاً للقانون الدولي في ظلّ انتهاك سيادة سورية. فقد أكد مقال نشره موقع «مون أوف ألاباما» الأميركي أنّ إعادة توظيف هذه الشركة مقابل خدمات تقدّمها للقوات الأميركية ضدّ الدولة السورية تعود بفائدة كبيرة على تنظيم «داعش» حيث تحفز البعض ممن تعرّض للتعذيب على أيدي متعاقدي وزارة الدفاع الأميركية، على الالتحاق بصفوف التنظيم الإرهابي.

ماذا يعني هذا الكلام؟ هل يعني أنّ الولايات المتحدة الأميركية وبكلّ براءتها تقوم عن حسن نية أم عن سوء نية بدفع إرهابيّي «داعش» على القيام بالعمليات الإرهابية في سورية والعراق، بعد أن تعرّضهم للتعذيب في سجونها ومعتقلاتها، حيث تقوم بإعادة تأهيلهم وإرسالهم إلى جبهات القتال في سورية والعراق، كي ينفذوا رغباتها ومخططاتها في المنطقة؟ وإذا كانت هيلاري كلينتون التي كانت وزيرة الخارجية الأميركية والمرشحة الآن لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، قد اعترفت بلسانها أنّ الإدارة الأميركية هي من أوجدت العصابات الإرهابية المتأسلمة «داعش» لتحارب الاتحاد السوفييتي سابقاً، وهي ذاتها العصابات الإرهابية التي تقاتل تحت إمرتها في أكثر من جبهة من جبهات القتال في سورية والعراق.

وهل يمكن لنا أن نصدّق أنّ تلك الصناعة الأميركية قد انقلبت حقاً على مصنعيها، أم أنّ ما يجري على الأرض من أنّ «داعش» خرج عن الطاعة ولم يعد ينفذ تعليمات مشغليه من أميركان وآل سعود الذين يدعمونه بالمال والعتاد، أم أنّ ما يجري على الأرض هو مجرد مسلسل هزلي لم يعد يصدقه أحد، فأيّ غبيّ يمكن أن يصدق أنّ الإدارة الأميركية حقيقة تحارب «داعش»؟ وأيّ غبيّ يمكن أن يصدق أنّ أميركا تحارب الإرهاب…؟

الحقيقة الوحيدة على الأرض هي أنّ الإدارة الأميركية هي التي صنعت كلّ ذلك الإرهاب في المنطقة العربية، وهذا لم يعد خافياً على أحد، ومن يصنّع الإرهاب لا أعتقد أنه سيقوم في يوم من الأيام بمحاربته، طالما يقوم بتنفيذ ما يريد المصنّع، فالإدارة الأميركية تريد لسورية أن تتدمّر، وكذلك للعراق، وأن يكون البلدان ضعيفين، وأن يقوم «داعش» بكلّ ذلك، فكيف لها أن تحاربه والإدارة الأميركية تريد للعراق وسورية أن يعودا مئات السنين إلى الوراء من خلال تدمير البنية التحتية وسرقة المصانع والمعامل، و»داعش» يقوم بكلّ ذلك، والولايات المتحدة لا تريد أن تنهض سورية والعراق وأن يستفيدا من الثروات الباطنية وخاصة النفط، و»داعش» يقوم بسرقة النفط وبيعه والاستفادة منه… فكيف يمكن أن تقضي الإدارة الأميركية على «داعش» وأيّ غبيّ يمكن أن يصدق أنّ الإدارة الأميركية يمكن أن تقوم بذلك…؟

الأغبياء وقصيرو النظر وحدهم من يصدّقونها لأنهم لا يرون أنّ كلّ تلك الأمور التي تحصل هي في خدمة الكيان الإسرائيلي، الذي كسرت شوكته في أكثر من موقعة على يد محور المقاومة، ولذلك فإنّ كلّ ما يجري يفسّر مدى الحقد والكراهية لسورية الداعمة الأولى لمحور المقاومة، من قبل الإدارة الأميركية التي ترى أنّ أمن «إسرائيل» هو خط أحمر، ولذلك فإنها تستميت لإسقاط سورية وتدميرها عبر مخططاتها الدنيئة، التي بدأت بها منذ حوالي ست سنوات، ولكنها لم تلق إلا الخيبات والهزائم المتكرّرة لها ولمشاريعها في المنطقة و»لداعش» الذي تدّعي أنها تحاربه في العلن ولكن الوقائع والمؤشرات تقول إنها الداعم الأكبر له في المنطقة العربية، وتساعدها للأسف جوقة من المتصهينين كالسعودية التي كشفت عن وجهها القبيح مؤخراً والذي أعلنت علانية عن اجتماعات وعلاقات متبادلة مع قادة الكيان الإسرائيلي..

أميركا وأجهزة استخباراتها وجوه قبيحة للإرهاب تتجلى عبر «داعش» والعصابات الإرهابية، التي لم تشبع من الدم السوري خدمة للكيان الإسرائيلي الذي تعلموا على يديه أفظع أساليب القتل والإجرام

كاتب وصحافي سوري

Marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى