الجيش السوري يمتصّ الهجمات المعاكسة في ريفَيْ حلب الجنوبي والغربي بري لإخراج الحوار من المراوحة… وحردان لقانون انتخاب يطبق الطائف
كتب المحرّر السياسي
طرح تطوّر نوعية المواجهات في شمال سورية الأسئلة الكبرى في موسكو حول جدية السير الأميركي بالتفاهمات، ومدى صدقية الوعود الأميركية بالفصل بين الإرهاب والمسلحين المنضوين في فصائل تصنّفها واشنطن بالمعتدلة، بينما يجري تحت هذا الوعد تمديد مهل لا تثمر، وتكون نتيجتها نجاح «النصرة» ومَن معها بالحصول على المزيد من الفرص للتسلّح والاستعداد لمزيد من النزيف في دماء السوريين، بينما تظهر وقائع المعارك والمواقف أنّ هذه الجماعات المصنّفة بالمعتدلة لدى واشنطن، ليست إلا الوجه الآخر لجبهة «النصرة»، يتقاسمان العقيدة الوهابية نفسها، والتقاليد التنظيمية والعسكرية التي تعمل وفقها فروع «القاعدة»، ويتبادلان الاستثمار على الميزات التي يستطيع كلّ فريق تحصيلها، لتصير رصيداً مشتركاً. فهذه الجماعات توظف تصنيفها ضمن المعارضة لتأمين سلاح ومقدرات تصير لحسابها وحساب «النصرة»، و»النصرة» توظف قدرتها على تحشيد المقاتلين من أنحاء العالم لتوضيعهم في معارك تتيح لهذه الجماعات تسويق كلّ ما تنتجه من مكاسب كانتصارات لما ترتاح واشنطن بتوصيفه بالمعارضة.
بعد سقوط المروحية الروسية فوق ريف إدلب، وخصوصاً فوق منطقة تبلّغت موسكو وفقاً للخرائط التي زوّدتها بها واشنطن، أنها تحت سيطرة فصائل مدعومة من واشنطن، يجري التداول في موسكو بفصل الردود العسكرية الروسية والمواقف العملياتية عن التفاهمات السياسية، خصوصاً في ظلّ تداعيات تتصل بمهابة الجيش الروسي ومكانة موسكو كدولة عظمى، وتداول رهانات تتحدّث عن أوهام تكرار حرب أفغانستان بوجه روسيا.
في الميدان واصلت جبهة «النصرة» المعدّلة محاولات كسر الحصار عن الأحياء الخاضعة للجماعات المسلحة التي سلّمت القيادة رسمياً وعلناً لـ «النصرة»، وكانت محاور القتال في الريفين الغربي والجنوبي لحلب، حيث حشدت «النصرة» آلاف مقاتليها لربط وجودها في ريف إدلب بالأحياء الجنوبية من مدينة حلب، وخصوصاً على محوري الراموسة والمشرفة، حيث قالت المعلومات التي أكّدتها مصادر عسكرية لـ «البناء» إنّ المئات من القتلى قد سقطوا في صفوف المهاجمين، وإنّ الجيش وحلفاءه لا زالوا يسيطرون على خطوط التموضع التي كانت قبل أسبوع مع حسم معارك الكاستيلو والليرمون، إضافة لتحقيق تقدّم حاسم في مخيم حندرات، بينما استردّ الجيش كتل الأبنية التي تسلّلت إليها الجماعات المسلّحة في جنوبي حلب خصوصاً تلة الـ1107 التي استردّها الجيش السوري من المسلحين بعدما استردّ أول أمس مدرسة الحكمة.
لبنانياً، راوح الحوار الوطني في جلسته الأولى التي رعاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ولم تحدُث اختراقات في الملفات الرئيسية، لكن المراوحة لم تنتج إحباطاً في ظلّ السقف المنخفض للتوقعات، بينما يسعى الرئيس بري لإطلاق المزيد من المبادرات ينتظر أن تشهدها جلسة اليوم، بينما وجّه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان الدعوة إلى المتحاورين لمنح التفاهم على اعتماد اتفاق الطائف كإطار دستوري وطني فرصة التظهير عبر اعتماد قانون انتخاب ينسجم مع نصوص هذا الاتفاق، خصوصاً بعدما صارت نصوصه موادّ دستورية، تنص على السير بخيار مجلسي النواب والشيوخ، فيقدّم مجلس الشيوخ الضمانات التي يفترضها المتحدثون عن هواجس الطوائف، بينما يتمّ انتخاب أول مجلس نيابي خارج القيد الطائفي.
خلوة اليوم الأول.. لا جديد
لم تخرج هيئة الحوار الوطني في اليوم الأول من خلوتها، بأي نتائج في البنود المطروحة لا على صعيد الاستحقاق الرئاسي ولا في قانون الانتخاب اللذين شكّلا محور نقاشات المتحاورين، وتقرر استئناف الحوار ظهر اليوم في جلسة ثانية.
جلسات الحوار التي تشهدها عين التينة ليست سوى محاولة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري لخلق وقائع ربط فعلي ما بين الأزمة الداخلية والاستحقاق الرئاسي، خصوصاً وبين السلة المتكاملة للحل، علماً أن التطبيق التنفيذي لأي اتفاق إن حصل سيبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، وعلى الرغم من التعقيدات الخارجية إلا أن بري يعمل من خلال طاولة الحوار على إيجاد أرضية داخلية وخلق بيئة مهيأة لتلقف أي تسوية خارجية، ولبننة الأزمة تمكن المتحاورين من تجاوز العوائق الداخلية إذا حسنت النيات، وبالتالي يمكن الاقتراب من الهدف، لكن إذا لم تحسن النيات، فجلسات الحوار ستمر من دون أي خرق بموضوع الرئاسة ولا في قانون الانتخاب ما يعني استمرار الأزمة.
الجولة العشرون من الحوار لم تتقدّم خطوة واحدة رئاسياً، وبالتالي انتخاب الرئيس لا يزال عالقاً عند تموضعات القوى السياسية التي انتقلت تلقائياً للبحث في قانون الانتخاب واللامركزية الإدارية ومجلس الشيوخ الذي طرحه رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان وفلسفة الطرح تنطلق من أن إنشاء مجلس شيوخ يطمئن الطوائف، وبالتالي يساعد على خلق ظروف مؤاتية للاتفاق على قانون انتخاب من خارج القيد الطائفي وعلى أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة وعندها تنتفي الاعتراضات على قانون انتخاب من خارج القيد الطائفي.
تفاصيل ص 3
بروجردي: لبنان في الصف الأوّل للمقاومة والممانعة
الحوار الوطني والأزمة السياسية في لبنان حضرا في مواقف رئيس لجنة الأمن القومي والسياسات الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي إثر لقاءات عقدها مع كل من رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس النيابي النائب عبد اللطيف الزين والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. وأعلن بروجردي أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية تدعم بقوة الوحدة الوطنية الداخلية في لبنان وكل ما من شأنه أن يعمل على استتباب الأمن والهدوء والاستقرار في ربوع هذا البلد الشقيق كما تدعم بقوة الحوار الوطني الجاري بين التيارات والشخصيات السياسية الفاعلة والمؤثرة على الساحة اللبنانية. هذا الحوار الذي ينطلق اليوم مجدداً بدعوة من رئيس مجلس النواب ونحن على أتمّ الاستعداد للقيام بكل خطوة من شأنها أن تؤدي الى تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين استناداً الى كل الاتفاقات ومذكّرات التفاهم التي سبق أن وُقّعت بين الحكومتين». وأشار من جهة أخرى الى «أن لبنان يُعتبر حقاً يقف في الصف الأول للمقاومة والممانعة ضد العدو الصهيوني».
دعم لمواقف نصرالله ضد السعودية
وقالت مصادر مطلعة لـ «البناء» إن «لقاءات المسؤولين الإيرانيين مع السيد نصرالله غالباً ما ترتبط بالوضع الإقليمي والشأن الداخلي»، لكن «الأهم في الزيارة هو التوقيت الذي تزامن مع السقف المرتفع الذي اتسم به خطاب السيد نصرالله الأخير ضد السعودية وخطاب الإمام علي الخامنئي الأخير ضد المملكة الذي اعتبر أن علاقتها مع إسرائيل هي خنجر في ظهر العالم الإسلامي، وبالتالي زيارة بروجردي تأكيد إيراني على مواقف السيد نصرالله».
وأشارت المصادر الى أن «زيارة بروجردي تؤكد حرص إيران على ما يمثله لبنان في السياسة الإقليمية لطهران في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط، وإظهار الحضور الإيراني المؤثر في لبنان ودعم مواقف السيد نصرالله الداخلية والإقليمية، والإشارة الى الترابط اللبناني – السوري من خلال حركة الزيارة من بيروت الى دمشق وبالعكس وتجديد تمسك إيران بالمواقف المبدئية من الملفات في المنطقة لا سيما الملف السوري».
التوافق الداخلي هو المدخل
ولفتت المصادر إلى أن «بروجردي نصح مَن التقاهم خلال زيارته بأن تكون الأطراف اللبنانية هي المؤثرة في الملف الرئاسي، وربطت المصادر نصائح بروجردي بكلام وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف للرئيس الفرنسي فرنسوا خلال زيارته الى فرنسا حيث قال بأن إيران لن تعارض أي اتفاق بين اللبنانيين على انتخاب رئيس. وأشارت المصادر إلى أن «إيران أبلغت القوى السياسية في الداخل بأن رئيس تكتل التغير والإصلاح العماد ميشال عون هو المرشح الأكثر تمثيلاً من بين المرشحين المطروحين للرئاسة وبالتالي على الجميع التحدث معه لحل الأزمة ما يعني أن التوافق الداخلي هو المدخل وليس التدخلات الخارجية».
جلسة للحكومة الخميس
وتزامناً مع الجلسة الثالثة والأخيرة من الخلوة الحوارية، يعقد مجلس الوزراء جلسة بعد ظهر الخميس المقبل للبحث في ملف الاتصالات واستكمال البحث في جدول الأعمال السابق، إضافة إلى بعض المشاريع الجديدة.
التمديد لقهوجي الخيار الوحيد
وأكد وزير الإعلام رمزي جريج لـ «البناء» أن إقرار الموازنة بات أمراً ضرورياً. وهناك تصميم من رئيس الحكومة ومجلس الوزراء على إقرارها في الجلسات المقبلة، لكن ذلك يتوقف على بحث الأمر في طاولة الحوار وبناء عليه يطرح الملف من خارج جدول الأعمال في جلسة الخميس في حال أجمع عليه المتحاورون».
وأوضح جريج أن «موضوع إقرار مراسيم النفط والغاز غير مطروح على جدول أعمال الجلسة المقبلة ويحتاج الى وقت لدراسته والأمر بيد رئيس الحكومة». وإذ لفت إلى أنه من المبكر الحديث عن موضوع تعيين قائد جديد للجيش، شدّد جريج على أن «أمام مجلس الوزراء متّسع من الوقت حتى أواخر شهر أيلول وعندها يُعرَض الموضوع على المجلس وإذا لم يتوصل الى اتفاق على تعيين مرشح حينها فلن يُترك موقع قيادة الجيش بلا قائد، وبالتالي يصبح التمديد للقائد الحالي جان قهوجي الخيار الوحيد».