العناق الأميركي… مكابح للنصر الروسي

لؤي خليل

ما نشاهده في ملاحم النصر الروسي السوري على جميع معاقل الإرهاب في ساحات الأرض والمعارك السورية، وما يحمله آخرها في حلب من جمالية وقوة وسرعة النصر السوري الروسي من بطولات، يبدو أنها سحبت البساط بسرعة من تحت أقدام الدول الغربية وحلفائها في دول التستر والعار الخليجي على أفعال إرهابيّيها في السعودية وقطر.

فسرعة الانتصار على أرض الواقع وما حملته الأيام الماضية من لقاءات أميركية روسية من كتابة أكثر البنود صعوبة في حلحلة بعض مفاصل الحلّ السياسي لصالح الروسي والقيادة السورية أرعب البعض في الغرب والإدارة الأميركية.

فموافقة الكرملين على وجود قطع أخرى من القوات الجوية على الأراضي السورية وسرعة التأثير العملياتي الروسي على الأرض السورية ليس إلا رسائل الى الغرب عن عمق الوجود العسكري في قلب المعارك في حلب وفي غوطة دمشق استخباراتياً وعملياتياً، والظهور السريع لوزير الدفاع الروسي شويغو وإعلانه عن بداية النصر مع القوات السورية في حلب وطبيعة الممرات التي فتحت واتجاهاتها ولمن يسمح فقط ومن ممنوع من عبوره تحت أعين الطيران الروسي الرديف، يبدو أنه غيّر الكثير في معادلات الصراع مع الغرب وسرّع في علاقة الغرام الأميركي الروسي، رغم برودة العواطف التي يحملها وزير الخارجية الاميركي كيري تجاه طاولة الحلول السورية.

ولكن ما كتب على الأرض غيّر قناعات كثير من الدول الغربية، أولاً بعد ضربات الصعق الإرهابي ضدّ مواطنيه، وربما السيناريو التركي الذي كان محضراً صهيونياً لخلط الأوراق أكثر مع التركي وعلى أرضه، وإسقاط هذه المسرحية، أعاد خلط الأوراق ميدانياً، وسرّع في ضياع وتشتّت الإرهابيين وفسح المجال لإيجاد أرضية أكثر وضوحاً بين الأميركي والروسي.

فشدّة العناق الأميركي وغزله في مؤتمرات السياسة وما اتفق عليه مؤخراً يفتح أرضية وربما سقفاً لا محدوداً لبداية غرام جدي يعيد الدفء الى مجرى الحلول السورية، وما تغيير الأسماء وتحسين وتلميع بعض جماعات التكفير الوهابي سوى بداية لما بعد طاولة المفاوضات التي ستختفي معها أسماء جماعات وتظهر أخرى سياسية وتجمّعات ترافق كلّ حفلات التعارف والغرام الجديد الذي سيغيّره ويعيد اصطفافاته أكثر حجم التأثير والنصر الميداني السوري الروسي على الأرض، فالمساحات الجغرافية التي يتمّ تحريرها وتعيد نقاط صفر حدود معينة لمناطق استراتيجية وحساسة ستغيّر من تفكير وغرام الأميركي الموقت بسبب انتخاباته.

فالسياسة التركية الأردوغانية وزلزالها الذي تحوّل فجأة الى هزة أرضية غير مؤثرة في بنية الحكم الإخواني سيغيّران كثير من واقع الأرض والارتباطات والعلاقات وبإرادة اميركية بحتة، فليس كلّ ما يخططه اللاعب الغربي يدركه، فالتغيّر التركي كان في لحظة ضعف غربية أدرك أردوغان انها لن تغيّر ايّ شيء على ارض الواقع السوري سوى انها ستزيد الانتصارات الروسية السورية، وتعيد العناق من جديد في محافل السياسة الدولية بين الدول الكبرى لإعادة اصطفاف وهدوء المنطقة، تحضيراً لما بعد الانتخابات الاميركية التي ستشهد واقعاً اقتصادياً مهلكاً وداخلياً غير طبيعي، سيغيّر وسيغيّب كثير من دول الغرب عن المنطقة بسبب ارتدادات الأزمات العربية على الغرب وصعوبة تحديد مجتمعات التكفير في منظوماتها السياسية الغربية او وسم طابع الإرهاب بالإسلام من جديد، فظاهرة «الإسلام فوبيا» بعد أحداث أيلول الاميركي وحرب العراق أفرزت مجتمعات غربية كثيرة، وزادت في ردّ الفعل ومقابله، فكيف الآن وقد اصبح هذا الردّ واقعاً على أراضيها؟

كلّ هذا وغيره من الملفات سيجعل من الحليف الروسي سيد الساحة المتوسطية وسيعيد رغم بداية نهاية الأزمة السورية والمشاكل الداخلية في سورية للحكم فيها ولسياستها دوره اللاعب الإقليمي من جديد، فالسوري وتأثيره القديم الجديد ومع القوات الرديفة هي من ستكتب حدود المنطقة السياسية من جديد، لأنّ جميع ملفات التورّط والسقوط الوهابي في المستنقع الإرهابي ضدّ الدول وخديعة المربع العربي وخريفه التي ابتكرها الصهيوني ونفذها الخليجي المتصهين لن ترتدّ الا خنوعاً، قد يعيد الهدوء الى نقطة صفر سابقة في الصراع، او يتورّط الوهابي أكثر مع الاسرائيلي في حرب تغطي الانتصار السوري الإيراني ضدّ المقاومة في حزب الله، ولكن هذا مستبعد لأنّ الترتيب القادم سيكون روسياً، وهذا ما لا يسمح للإسرائيلي باللعب أكثر في حدود النفوذ الروسي المتوسطي الجديد، خاصة أنّ العناق والمهادنة الأميركية ستكون أشدّ غراماً كلما تقدّمت مساحات النصر السوري الروسي الرديف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى