مدن الحداد
وكأنّني جسدُ المسيح
في الصبح تجلدني الرياحُ وفي المساء
تقتات من عينيّ أسراب الجراد
وتلوكني مدنٰ الحداد
مات البريق على شواطئ غربتي
أضحى رماداً
وأنا أصيح
أوّاهُ يا جسدي الذبيح
هبط المساء على المدينة والرياحُ تناثرت
جثثاً على طرقات معبدنا الجريح
والمجدليات اللواتي في المعابد
كنّ يحرقن الشموع
صلواتهنّ تناثرت وتساقطت
عطشاً وجوعاً
انشدن يا خشب الصليب
قطعوك من زيتونةٍ شرقيةٍ
نزفَتْ دموعاً
وأنا كعصفورٍ ذبيح
جسدي الجريح يجرّني
وسياط حرّاس المدينة تنهشُ الجسد القتيل
كبرتْ حقولُ الموت فوق عيوننا
موتٌ
وموتٌ
وموت
وتمرّ فوق قبورنا
سحبٌ بلا ماء
ولا برق
ولا رعد
وكأنّها أكفاننا البيضاء تمطرها السماء
ويمرّ طفلٌ نازفٌ
تتراقص الأحزان فوق جفونه
يبكي ويصرخ هاتفاً
يا سيّدي المصلوب قُمْ
يا سيّدي المذبوح قُمْ
يا سيّدي
أرجوك قُمْ!