«المنار»

كسرٌ جديدٌ لجحافلِ التكفير في راموسة حلب.. لم ينفع غضبُهُم ولا كلُّ موجاتِهِم وكَذِبُ إعلامهم، بإنقاذِ هيبتهِم أو تعويضِ خيبتهِم.

لم تُسعِفهُم صواريخُ التاو الأميركية المكتشفَة في مخازنهِم بتغييرِ الواقعِ الميداني، ولا صُراخُ الرئيسِ الأميركي الذي أصابتهُ تداعياتُهُم، فوجَّهَ اللومَ لنظيرهِ الروسي، متحدّثاً عن عدمِ الثِقةِ بأنَّ بوتين يريدُ التعاونَ معهُ من أجلِ حلِّ الأزمة في سورية. أزمة باتت تُقرأُ بينَ صفحاتِ الصحفِ العبريّة على أنها مشكلةٌ استراتيجيّةٌ لأميركا وحلفائِها.

هآرتس كتبت بناءً لِكبارِ المحلّلينَ الصهاينة، أنَّ السيطرةَ على حلب ستمكِّنُ الرئيس بشار الأسد وروسيا من إعلانِ الحسمِ الاستراتيجي الذي يَسمحُ لهُما بالوصولِ إلى المفاوضاتِ من موقعٍ قويّ، محذّرةً واشنطن من أنَّ «أدراجَها» ستنفَدُ من المخطّطاتِ إذا ما سقطَت حلب، وستُضطَرُ إلى مواصلةِ قَبولِ إملاءاتِ موسكو على ما قالَ محلّلوا هآرتس.

في لبنانَ، يَعجِزُ التحليلُ عن وصفِ الحال، بعدَ ثلاثيةِ الحوار التي لم تتمكّن من حلحلةِ العُقَدِ السياسية وبعضِ المعقّدينِ العالقينَ في أوهامهِم الحزبيةِ، بل التاريخية.. فأشاحت عدساتُ الإعلامِ تصويبَها إلى غيرِ مكان، لتعودَ وتصطدِمَ بالأليافِ الضوئيّةِ ومشاريعِ الإنترنت غيرِ الشرعيّة، العصيّةِ إلى الآن على المختصينَ التِقْنيّين والقضائيين، بفعلِ حِرَفيةِ بعضِ السياسيّين.

«او تي في»

في العلوم الطبيعيّة هناك جهاز دقيق لقياس الضغط الجوي اسمه بارومتر، وفي الهموم اللبنانيّة هناك شخص أكثر دقّة لقياس الضغط الخارجي، اسمه فؤاد السنيورة. منذ أسابيع رصد بارومتر السنيورة انحسار كل المنخفضات الجوية بين الرابية وبيت الوسط، فأعلن استنفاره، خوفاً من جوّ منقشع وسماء صافية وأحوال مناخيّة كاملة تمنع الصيد في الماء العكر. أمس أول من أمس ، تأكّد بارومتر السنيورة من هواجسه، فالذين قُدّر لهم على طاولة الحوار أن يرصدوا انقباضات وجهه، حين سمعت أذناه فريد مكاري يقول: «نعم لميشال عون»، أدركوا أنّ ردّه لن يتأخر، وبالفعل لم يتأخرْ ردّ السنيورة على فريقه ورفاقه. بعد ساعة على الحوار، كان الرئيس سعد الحريري قد رتّب عملية تبديل عبد المنعم يوسف بموظف جديد، حتى أنّه كان قد أوفد بديله إلى المسؤولين الحكوميّين للتعرّف عليه قبل تعيينه، لكن السنيورة انقلب على الحريري وبادر إلى إجهاض خطوته. اليوم أمس ، استمر بارومتر السنيورة في هجومه، حتى أطلق كل أبواقه.. فجأة طلعت جوقته بكلام من نوع: رئاسة عون تعني تسليم وكيل وليّ الفقيه … لم يقنعنا … الاتصالات فضيحة العهود الماضية … فصيلة زئبقيّة كاملة تطوّعت لتلبية نداء البارومتر. في الشكل والظاهر المستهدف ميشال عون، في الحقيقة والباطن الهدف هو سعد الحريري والتوازن الوطني وكل لبنان. الأكيد أنّ الهبّات السنيوريّة الشباطيّة ستنتهي. لا لزوم لاستعادة ماضي الزئبق والبارومتر، يكفي استذكار مصالحة الجبل، بعدها فوراً جاءت الضربة، بعد خمسة عشر عاماً انتصر المقموعون، وسقط القامعون. إلى الجبل تعود الـ»أو تي في» عشيّة الذكرى، لتفتح تاريخ الكنيسة المحاذية لقصر المختارة.

«أن بي أن»

لم يرفع راعي الحوار من توقّعاته وإن كان متفائلاً بما جرى في الخلوات الثلاث، لا بديل عن الحوار الآن، والرئيس نبيه برّي ينطلق من تفاؤله بوجود فرصة لتطبيق الإصلاحات المُدرجة في اتفاق الطائف، ومن هنا تأتي أهميّة عمل اللجنة التي ستُشكّل لوضع تصوّر عمليّ حول مجلس شيوخ واللامركزية الإداريّة، من دون أن يعني ذلك تجاهل أهميّة انتخاب رئيس الجمهورية في أسرع وقت.

فإذا لم يحصل انتخاب الرئيس حتى الآن هل يعني ذلك منع التفكير وتجميد العمل؟ بالعكس تماماً، فإنّ تطبيق الطائف سيريح البلد والرئيس العتيد، لأنّه سيزيح عن كاهله عبء تنفيذ البنود الإصلاحية.

وإذا كانت الاعتراضات جاءت للمزايدات، فليتحدّث المعترضون بصراحة عن كلّ الاحتمالات، فهل يتحمّل الوضع الداخلي المزيد من الجمود؟ وهل يستطيع البلد المراوحة في دائرة السلبيّة السياسيّة؟ بالطبع لا، تماماً كما الواقع لم يعدْ يستطيع تحمّل المزيد من الشغور الرئاسي، فإذا كان البلد الآن نصف عصفوريّة، فيصبح في حال استمرار الشغور عصفوريّة كاملة.

«الجديد»

انتهت مأساةُ الحوار ليَضرِبَ مِلفُّ الاتصالاتِ على كلِّ الطاولاتِ مِن جديد، فالمصالحُ الماليّةُ للسياسيّين سوف تقفُ في وجهِ التوسّعِ في القضيةِ التي يبدو أنّها لا تَستثني كثيراً مِن رموزِ الدولة وأفرعِها داخلَ المؤسّسات، لكنَّ هناك طرفين سيساعدانِ على تزويدِ المِلفِّ بالحطَب كلّما أُطفِئت النيران، وهما وزيرُ الاتصالات بطرس حرب ولَجنةُ الإعلامِ والاتصالاتِ النيابيّةِ التي بَلغت مصافيَ لجانِ الاستقصاء. هو نهرٌ متدفّق ولن يتوقّف، ولن يُحصَرَ بالسدِّ العالي لعبد المنعم يوسف، لأنّ تقصيَ الجديد يؤكّدُ المضاربةَ التجاريّةَ بربحٍ ماليٍّ سياسيٍّ لكلِّ مَن استطاعَ إلى قطاعِ الاتصالاتِ سبيلاً مِن وزراءَ سابقينَ إلى مملكةِ أوجيرو، فالشرِكاتِ الخاصّةِ المملوكةِ مِن صَنفٍ سياسيٍّ نادر»، ووصولاً إلى عملاءِ التفاوضِ على الأسعارِ ومندوبي الأحزابِ في الشرِكاتِ المعنيّةِ مِن الخلَويِّ إلى الخاصّ فأوجيرو.

وتكشِفُ الجديد اليومَ أمس عن غِلافِ هذا المِلفِّ فقط، حيث يتبيّنُ المسارُ الهرَميُّ للسرقات.. يبدأُ مثلّثُ برمودا بأوجيرو التي تحجُبُ الـ e one أو السَّعَاتِ عن شرِكتيّ الخلَويّ، وتمنحُها طلبَها بالقطّارة، ولمّا تَضيقُ السُّبُلُ يتدخّلُ السماسرةُ لإسداءِ النّصحِ بشراءِ السَّعَاتِ مِن الشرِكاتِ الخاصةِ بمبالغَ مضاعفةٍ مرّتين، فتُحرَمُ الدولةُ أموالَها ويَجري تقاسمُ الغَلةُ بينَ مَن اشترى ومَن باعَ في السوقِ السوداء. ثلاثةَ عَشَرَ مِليونَ دولارٍ أُهدرت في ضربةِ هواءٍ، ومنذ عامِ ألفينِ وأحدَ عَشَرَ إلى أنِ اندلعت حربُ الشيخ بطرس فأَوقفَ النَّزف، وكانَ النائب حسَن فضل الله قد فَتحََ قبلَ ذلك أولى الشَّرارات في اللَّجنةِ ليصلَ في النهايةِ إلى أنّ الشرارة استَحالت ناراً، يُحاولُ بعضُ السياسيينَ وأْدَها. اليوم تمتدُّ النيرانُ إلى طاولةِ مجلسِ الوزراء، وكلٌّ يدافعُ عن محميّتِه، وزراءُ يسعَونَ لتجميلِ المِلفِّ المرّ وتحييدِ الزعرور، لأنّ لهم مصالحَ على الشاشة، آخرون يُريدونَ رأسَ عبدِ المنعم، ووزراءُ يَسعونَ لضربِ الحديد وإن كان بارداً، لكنّ عبد المنعم لم يَسقُطْ بعد، لأنّ الرئيس فؤاد السنيورة لم يُطرِقْ على صَدرِه بعد، وما زال يشكّلُ المحميةَّ الطبيعيةَ ليوسف.

«ال بي سي»

بعد ستّ ساعات من الآن أمس ، يتسمّر ثلاثة مليارات شخص حول شاشات التلفزة لمشاهدة احتفال انطلاق الألعاب الأولمبيّة في استاد ماركانا في ريو دو جانيرو في البرازيل.

هذه الألعاب التي ستحبس الأنفاس من هذه الليلة ليلة أمس ، وحتى الحادي والعشرين من هذا الشهر، قد تطغى على أخبار العنف والإرهاب الذي ضرب ولايات أميركيّة كما دول أوروبيّة كما دول في الشرق الأوسط.

وإذا كانت الولايات المتحدة الأميركيّة تشارك بأكبر عدد من اللاعبين، فإنّ لبنان ستكون له مشاركة أيضاً، كما أنها المرّة الأولى التي تتمّ بها مشاركة فريق من اللاجئين من بعض الدول المشتعلة فيها الحروب.

الألعاب الأولمبيّة تجري في بلد يشهد توتّرات سياسيّة، وارتفاع منسوب الاتهامات بالفساد. أمّا في لبنان، فإنّ الحكومة عاجزة عن تنظيم أولمبيّات النفايات، تماماً كما مجلس النوّاب عاجز عن تنظيم أولمبيّات انتخاب الرئاسة أو حتى أولمبيّات إنجاز قانون جديد للانتخابات النيابيّة.

في البرازيل، نحو عشرة آلاف وخمسمئة لاعب يتنافسون على الميداليّات. في لبنان، ما أكثر اللاعبين لكن لا ميداليّات، لأنّ الألعاب السياسيّة التي يمارسونها تتجاوز القوانين والأعراف. الألعاب اللبنانيّة هذا الأسبوع أطاحت طاولتين طاولة الحوار التي قُذفت إلى الخامس من أيلول المقبل، وطاولة مجلس الوزراء التي شهدت نكايات بمقدار ما شهدت نقاشات.

«ام تي في»

لم تنضج إقليميّاً أم لم تنضج وطنيّاً؟ الحقيقة أنّها لم تنضج وطنيّاً، ومن هنا فإنّ الاسترسال في البحث عن فشل ثلاثية الحوار وإعطائها أبعاداً دستوريّة أو كونيّة يشكّل تواطئاً فالعقدة تكمن في رفض حزب الله العودة إلى لبنان، وفي تركه لبنان يعود إلى ذاته. في المقلب الآخر، يواصل بطرس حرب وشريكه فؤاد السنيورة البلطجة على الاتصالات عبر استماتتهما في حماية عبد المنعم، ولتحقيق ذلك كل الحرام حلال، ولو أدّى الأمر إلى خراب مؤسّسات عريقة وتشريد موظفيها .

وسط السواد نقطتان مضيئتان الأولى إنجاز الجيش ضدّ الإرهاب، والذي عزّزه اليوم أمس في مشاريع القاع، والثانية تأكيد مصالحة الجبل السبت في المختارة في حضور البطريرك الراعي، ودعوة المسيحيّين إلى الانخراط بالقلب والروح في العودة إلى الجبل وتمتين الوحدة المسيحية الدرزية بما هي نواة وحدة لبنان.

وقد مهّد جنبلاط للحدث باتصاله بأبي المصالحة البطريرك صفير، قائلاً لبنان والجبل بحمايتك، وستكون حاضراً بيننا مثلما كنت حاضراً معنا من أول الطريق».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى