بلدات اتحاد جبل عامل.. من الاحتلال إلى الإنماء دُر 1

عباس زريق

في الاتحاد قوّة. تحت هذا الشعار، التقى عدد من بلديات قرى قضاء مرجعيون لإنشاء اتّحاد يجمع أهدافها المشتركة، ويوحّد رؤيتها المستقبلية نحو تنمية قراها التي غفلت عنها السياسات الحكومية منذ عقود، علّها تعوّض بمجهودها الخاص بعضاً من هذا الحرمان، لا سيما أنّ هذه القرى كانت تقع في منطقة تعيش اللاإستقرار الدائم.


عانت هذه المنطقة تاريخيًا الفقر والاضطهاد من جراء الاعتداءات المتكررة الناتجة عن الاحتلال «الإسرائيلي» الغاشم، ما أدّى إلى استنزاف بشري كبير، انعكس سلبًا على واقع المنطقة التنموي، وأخّر عملية التنمية فيها، ومعظم هذه البلدات حرّرت من الاحتلال في أيار من عام 2000، وانطلق العمل البلدي فيها بعد إنشاء البلديات رسمياً.

تعتبر قرى الاتحاد من بين جيوب الفقر الثمانين التي حدّدتها استراتيجية التنمية الاجتماعية في لبنان عام 2005، وبشكل عام، تعتبر قرى الاتحاد في المرتبة الرابعة في أسفل سلم خارطة أحوال المعيشة في لبنان.

وبناءً عليه، التقت كلّ من قرى: عديسة، الطيبة، مركبا، قبريخا، طلوسة، عدشيت، دير سريان، رب ثلاثين، القنطرة، مجدل سلم وحولا، لتأليف «اتحاد بلديات جبل عامل» الذي أبصر النور في 9-11-2006 بموجب مرسوم جمهوري حمل الرقم 18104.

يبعد الاتحاد بين 90 و115 كيلومتراً عن العاصمة بيروت، ويرتفع عن سطح البحر حوالي 650 متراً. وتعتبر الزراعة أهم مصادر الدخل لقرى الاتحاد. ويبلغ عدد سكانه زهاء 65 ألف نسمة، ويعتبر هذا العدد من السكان متدنياً نوعاً ما، ويعكس الانحسار السكاني ووضع المنطقة الانمائي.

الطيبة

تقع الطيبة على تلّتين متقابلتين، يحدّها من الشمال بلدة دير ميماس ووادي نهر الليطاني ومجراه، وخلفه بلدة يحمر في قضاء النبطية، ومن الشرق عديسة وكفركلا، ومن الجنوب عديسة وربّ ثلاثين وبني حيّان وطلوسة، ومن الغرب دير سريان وعدشيت والقنطرة.

يرجّح أن اسم الطيبة تحريف من السريانية والآرامية، ويعني الجّود والحسن والنعمة، أو «الأرض المهيّأة والمعدّة للزرع»، وهذا دليل على أن أرضها الشاسعة نحو 20 ألف دونم ، هي أرض طيبة للزراعة، وقد كانت في ما مضى، تعود بمعظمها إلى آل الاسعد، إلا أنّها اليوم تعود تدريجياً إلى أهالي البلدة.

تتمتّع الطيبة بموقع جغرافيّ مميّز يشرف على المنطقة كلّها، حتى أن البحر يمكن مشاهدته منها.

ترتفع عن سطح البحر 730 متراً، وتبعد عن مركز القضاء 10 كيلومترات، وعن المحافظة 30 كيلومتراً، وعن بيروت حوالى 100 كيلومتر، في حين يبلغ عدد سكانها 12335 نسمة موزّعين بين البلدة وبيروت وبلاد الاغتراب، في الخليج وأفريقيا، حيث يعملون في مجال المقاولات والتجارة. وتبلغ نسبة المغتربين نحو ثلاثين في المئة. ويقدّر عدد المقيمين في البلدة بشكل دائم بنحو ستة آلاف نسمة شتاءً، يرتفع إلى عشرة آلاف صيفاً. وقد شهدت البلدة نموّاً عمرانياً لافتاً خلال السنوات العشر التي تلت التحرير، إذ ارتفع عدد المنازل فيها من 600 قبل عام 2000 إلى 1300.

تأسّس المجلس البلدي في الطّيبة عام 1964، وترأّسه حسن محمود الأسعد وكان يتألّف من سبعة أعضاء، أما المجلس الثاني فقد انتُخب عام 2001 برئاسة محمد عبدالله صولي حتى عام 2004، حين انتُخب المهندس حسن علي قازان رئيساً استمر حتى عام 2007، وجاء بعده عباس ذياب مواليد 1960 وترأس البلدية حتى عام 2010، ثم أُعيد انتخابه مجدّداً بواقع الاستحقاق الانتخابي الذي شهد تنافساً بين لائحة مكتملة من 18 عضواً مدعومة من تحالف حزب الله ـ حركة أمل من جهة، ولائحة غير مكتملة من ثمانية أعضاء مدعومة من اليساريين، إلى عضو مستقل، وفي النتيجة فازت اللائحة الاولى بـ15 عضواً، وخرقت الثانية بعضوين وفاز المرشّح المنفرد كذلك.

دير سريان

اسمها لا يدل على معناها، فدير سريان ليست ديراً للسريان كما يُعتقد، ولكنّ إحدى الروايات التاريخية تذكر أنّ أتباع طائفة السريان ربّما مرّوا بالبلدة في طريقهم من مصر إلى الشرق. وتشير رواية أخرى إلى أن قوم الموسويين هم أوّل من سكنها، ويتردد أنّه كانت هناك بلدتان في خراج البلدة الحالية، إحداها تُدعى الدير والثانية سريان، فدُمج الاسمان وأصبحا دير سريان.

تتعدّد الروايات حول تسمية البلدة وتاريخها، لكنّ الأكيد أن انتماءها إلى جبل عامل يجعلها من البلدات التي عايشت أحداثاً وحقبات تاريخية مهمّة، لأنّها تعود إلى أكثر من خمسمئة عام، غير أن الإهمال الذي تعيشه المنطقة عموماً، يجعلها كمثيلاتها من البلدات والقرى الأخرى في مجاهل النسيان والحرمان.

تبعد دير سريان عن مركز القضاء نحو 20 كيلومتراً، ومثلها عن مركز المحافظة. ترتفع 550 متراً عن سطح البحر. تحدّها من الشرق الطيبة ومن الغرب القصير وعلمان ومن الجنوب الغربي عدشيت القصير ومن الشمال مجرى نهر الليطاني وقلعة الشقيف. يمكن الوصول إليها عبر طريقين: من مرجعيون نحو عديسة والطيبة، ومن النبطية نحو قاعقعية الجسر وعلمان والشومرية. يبلغ عدد سكانها نحو2303 نسمة، إلا أنّ عدد المقيمين فيها لا يتعدّى ألف نسمة شتاءً و1500 صيفاً. واللافت في دير سريان أن نسبة المغتربين فيها متدنّية خلافاً للقرى المجاورة.

تبلغ مساحة دير سريان الاجمالية نحو سبعة آلاف دونم، معظم أراضيها زراعية وحرجية، وتشكّل الزراعة عصب الحياة فيها، خصوصاً زراعة التبغ والحبوب، لكن عدداً من أبنائها يشغل وظائف رسمية في دوائر حكومية مختلفة، وللاغتراب حصّة منهم.

في البلدة مستوصف صحي أنشأته «مؤسّسات الصدر» عام 2003 بغية تعزيز صمود الاهالي وتوفير بعض الخدمات الطبية الضرورية لهم، نظراً إلى بعد المسافة عن أقرب مستشفى في مرجعيون أو النبطية.

وفي البلدة بعض المعالم الأثرية البارزة منها «خربة البركة»، وهي حارة قديمة يفوق عمرها ستمئة عام لا تزال فيها أطلال منازل قديمة إضافة إلى جرن لعصر الزيتون وآبار مياه منحوتة في الصخر بشكل دائري ومغارتين مدفنيتين. وفي البلدة أيضاً أشجار زيتون معمّرة تعود لأكثر من أربعمئة عام.

تأسّست بلدية دير سريان عام 2004، وتولّى رئاستها محمد لوباني حتى عام 2007، تلاه وفيق محمّد كريم حتى عام 2010 بناء على اتّفاق مسبق ليُعاد انتخابه مجدّداً على رأس مجلس بلدي من 12 عضواً 11 منهم من لائحة تحالف حزب الله ـ حركة أمل، وعضو خرق اللائحة من أصل ثلاثة مرشّحين منفردين. والرئيس الحالي من مواليد 1969.

بلدة عدشيت القصير

عدشيت القصير، بلدة صغيرة في قضاء مرجعيون، يغلب عليها الطابع القروي لجهة عادات أهلها وتقاليدهم التي تربطهم علاقات مودّة وطيدة مميّزة. كغيرها من القرى الحدودية عانت عدشيت من الحرمان والإهمال منذ زمن طويل، قبل الاحتلال وخلاله وبعده، ولكن، استبشر أهلها خيراً مع انتخاب أول مجلس بلدي فيها عام 2004 قد يعوّض عنها هذا الحرمان المزمن.

تتمتع عدشيت القصير بموقعها الجغرافي المميز، إذ تقع على تلّة تحيط بها الأودية من كل الجهات، لا سيما «وادي الحجير» الذي كان مسرحاً لمواجهات ضارية بين المقاومة والعدو «الإسرائيلي»، وهو يحدّها من الغرب، أما من الشرق فتحدّها الطيبة، ومن الجنوب القنطرة، ومن الشمال دير سريان وتبلغ مساحتها الإجمالية نحو ستة كيلومترات مربعة.

يبلغ عدد سكانها 1430 نسمة، يتوزّعون على 130 وحدة سكنية، ولا يقيم منهم سوى 250 شخصاً بشكل دائم، يعتاشون من الزراعة ورعي الماشية، في حين يسكن العدد الأكبر في العاصمة بيروت، إذ تتوافر لهم فرص العمل بشكل أكبر. يبلغ عدد ناخبيها 590 ناخباً، اقترع منهم 363 في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة. أما عائلاتها فلا يتجاوز عددها الستّ وهي: سويدان، بلّوط، فرحات، حجيج، رمّال، داود.

ترتفع عدشيت عن سطح البحر 550 متراً، وتبعد عن العاصمة 95 كيلومتراً، وعن مركز القضاء 17 كيلومتراً، وهي تتندر بمناخ معتدل صيفاً وشتاءً. وأكثر ما يميّز البلدة، شجرة «ملّول» يتجاوز عمرها 600 عام.

بلدية عدشيت حديثة العهد، تأسّست عام 2004 وترأّسها، بالتزكية، غالب بلّوط 1964 ، الذي أعيد انتخابه مجدّدا في أيار 2010 على رأس لائحة من 9 أعضاء فازت بالكامل بعدما شهدت تنافساً بينها وبين ثلاثة مرشحين منفردين.

بالتعاون مع «موقع بلديات لبنان الإلكتروني»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى