الحرب لم تنتهِ… ولا نزال في الميدان

جمال محسن العفلق

كنا وما زلنا على العهد بأننا لن نرضى الذلّ والهوان، وكنا وما زلنا على الوعد بأنّ أيّ احتلال او اعتداء على أرضنا هو هدف مشروع لنا لنقاومه بالرصاص وبالقلم وبكلّ ما لدينا حتى بأرواحنا… فنحن قوم ندافع عن الحق ونردّ الظلم ولا نظلم، وإذا كان العالم اجتمع بأحقاده وماله كلّها، وجمع قطعان الإرهاب لزجّها في معركة حلب، فهذا لن يزيدنا إلا إصراراً على البقاء وليس لدينا ما نخسره وعلى الآخرين تحمّل الخسارة. فالحرب سجال وحربنا اليوم ليست على أمتار هنا أو هناك إنما هي حرب عقول وحرب بين النور والظلام، بكلّ ما لهذه العبارة من معنى.

فالشرّ الذي صدّره العالم إلينا وموّله العرب ودعمه الإعلام العربي والعالمي لن يجد في سورية مكاناً ليعيش فيه. ما زلنا نحارب حتى اللحظة وسنبقى… فراية الاستسلام لا وجود لها في قاموسنا ولن يكون.

حلب جوهرة المدن السورية عاشت تحت حصار عالمي وجريمة أهل حلب الوحيدة أنهم رفضوا خيانة الوطن، فقرّر العالم معاقبتهم وفتح عليهم النار دون رحمة، وما زالوا صامدين.

إنّ المعارك اليوم وكما اتفق جميع المراقبين والمحللين العسكريين من أصدقاء وأعداء على تسميتها هي معارك طاحنة وصمود الجيش السوري وحلفائه كان وما زال استثنائياً، وما ينشره الإعلام المعادي للشعب السوري هو مجرد لعب على الكلمات تعوّدنا عليه منذ الغزو الأميركي للعراق، وإسقاط بغداد على شاشات التلفزة قبل أن تسقط.

فما يريده العدو اليوم ليس هزيمة القوات المدافعة على الأرض بقدر ما أنه يريد كسر إرادتنا وهزيمتنا نحن الداعمين للجيش والمقاومة. وما يريده العدو اليوم هو إدخال اليأس الى صدورنا وكسر الثقة بيننا وبين المقاتلين على الأرض. فالمعركة معركة كسر إرادات قبل أن تكون معركة أمتار ومواقع. تثبت الحرب اليوم انّ دخول المفاوضات أصبح أمراً مستحيلاً فلا شيء مع أعداء الشعب السوري ليفاوضوا عليه ووفد الرياض ضعيف بما لديه من أوراق يحلم أن يحقق منها شيئاً، اما ما يسمّى قطعان الإرهاب فمشكلتها ليست بالتفاوض انما مع الحسابات المصرفية. فهذه القطعان تعمل من اجل المال ويهمّها ان تستمرّ الحرب طالما المموّل يدفع ما عليه. وعلى الجانب التركي يلتزم ما يسمّى ائتلاف الدوحة الخائن بخط انقره وينتظر تعليمات مكتب رئيس الوزراء التركي في موضوع المفاوضات والإعلان عنها.

ولكنه الائتلاف يمارس دوره في الإعلام بشكل جيد وأصبح اليوم أكثر خبرة وتمرّساً في الكذب، فمرّة يحدّثنا عن معابر إنسانية، ومرة أخرى عن حماية الصحافيين في المناطق المشتعلة، ونسي أعضاء هذا الائتلاف أنهم ومنذ تشكيلهم في مكتب «الجزيرة» في قطر تحت إشراف أجهزة الاستخبارات المعادية لسورية، أنّ آلاف الضحايا من صحافيين وأطباء وطلاب ومدنيين سوريين قضوا حتفهم على يد ما يُسمّى الجماعات المسلّحة التابعة أصلاً لهذا الائتلاف والمموّلة من الدول الداعمة للإرهاب.

وهذا الإصرار من قطعان الإرهاب على التمسّك في حلب هو لتقديم هدية للرئيس الاميركي بارك اوباما قبل تركه للبيت الأبيض لعله يعوّض عن بعض الشيب في رأسه نتيجة فشله في تدمير إرادة السوريين.

الحرب اليوم هي حرب أميركا وتموّلها اميركا. وما تريده الادارة الاميركية في أيامها الأخيرة شيء من النصر لا كلّ الانتصار. فلا يجوز بعد ست سنوات من الدعم للإرهاب ان تخرج الإدارة الحالية للبيت الأبيض بصفر إنجازات…

وما يقلق حلفاء أميركا في المنطقة هو نتائج الانتخابات الأميركية المقبلة، ومَن سيأتي الى البيت الأبيض، الإدارة المقبلة لا يمكن معرفة أهدافها ومدى تعاونها في قضايا الشرق الاوسط ما عدا موقف المرشحين الديمقراطي والجمهوري من «إسرائيل»، اما ما عدا ذلك فهو ليس على جدول الأعمال، واولويات اي ادارة مقبلة كما الادارات السابقة حماية ما يُسمى «أمن إسرائيل».

لن نتحدث عن الميدان اليوم في حلب، وسوف نترك الأمور لتعلن عن نفسها، ولكننا واثقون من النصر وواثقون بأنّ عدونا لن يجد وقتاً لأخذ استراحة، فمن يرسَل اليوم الى حلب من قطعان الإرهاب يرسَل الى الموت المؤكد ولا خيار أمام المرتزقة… إما الموت أو الهزيمة، فقدرنا في سورية أن نحارب بالنيابة عن شعوب الأرض هذا الإرهاب الأسود، وقدرنا أن نقدّم الدم والتضحيات من أجل منع قطعان الإرهاب من الانتشار ويعلم كلّ أصحاب القرار في العالم أنّ الجيش السوري وحلفاءه يحاربون بالنيابة عن العالم بأسره إرهاباً أسود إذا ما انتشر فإنّ العالم بأسره سيعود الى عصر الظلام والانحطاط.

والحرب اليوم ليست حرب مذاهب وطوائف، الحرب اليوم على الإرهاب، فلا وجود لمصطلح «قوات ثورية» أو «ربيع عربي»، و«أفضل» المعتدلين عند قطعان الإرهاب هم جماعة نورالدين الزنكي التي أعدمت طفلاً وقصفت المدنيين بالغاز السام الذي لا يمكن الحصول عليه إلا عبر دولة متقدمة بهذه الصناعات وهي معروفة والوحيدة التي تملك حق التصنيع والبيع في العالم.

ومن يتذكر حرب الـ33 يوماً في 2006 عليه أن يعلم انّ النصر يليق بنا ويحق لنا. فنحن نقاتل من أجل قضية إنسانية وأخلاقية، وهم يريدون منا التطبيع والرضوخ للعدو الصهيوني وفتح أبواب العواصم العربية لمجرمي الحركة الصهيونية، يطلبون منا أن نقبل بنظرية سقوط الحق بالتقادم وتقبيل أيدي من ارتكبوا المجازر بحق شعوبنا وما زالوا! يريدون منا أن نصدّق أنّ الذئب يمكن أن يصبح حملاً وديعاً وانّ الارض يمكن التنازل عنها… فمعارك اليوم ليست منفصلة عن اول معركة كانت بين أهل الشام وقطعان الصهيونية. والحرب على سورية اليوم ما هي الا استمرار لعدوان تموز على لبنان وفشله في تحقيق معادلة كسر القوة وتوقيع اتفاقيات الاستسلام.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى