معادلة الكاستيلو الراموسة.. هل تتوقّف معركة حلب؟
عامر نعيم الياس
حقّقت المجموعات الإسلامية المسلّحة خرقاً على جبهة جنوب غرب حلب، تمثّل بالسيطرة على الكلّيات العسكرية، وفتح ثغرة من الراموسة إلى أطراف حيّ العامرية في شرق حلب، لا يتجاوز عرضها 900 متر وفق مصادر إعلامية متطابقة. هذه الثغرة التي ضخّم أثرها في الإعلام المضادّ للدولة السورية وقوات الحلفاء، «أعادت التوازن» إلى المشهد السوري وفق الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان. ربما يكون هذا التوصيف ليس خاصاً فقط بلقاء المصالحة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي في سان بطرسبرغ يوم غد، لكنه توصيف يختصر حجم الرهان وأمر العمليات والأهداف التي بدأ من أجلها الهجوم المعاكس على مدينة حلب من محورها الغربي.
يذهب الرئيس التركي إلى لقاء نظيره الروسي وفي جعبته الكلّيات العسكرية في حلب، وثغرة شكلية في الحصار على الأحياء الشرقية يمكن استخدامها في المحادثات حول سورية التي ستحضر في اجتماع الرئيسين. كما يحضر والمدينة الثانية في سورية وأرض معركة الأطلسي فيها باتت تحت الحصار ومعزولة عن العالم الخارجي. فالطرق إلى الأحياء الغربية مقنوصة، وطريق الراموسة مغلق بقرار من الجيش السوري، فيما الهجوم واستكماله من قبل الدولة السورية والحلفاء باتا محكومَيْن أوّلاً باسترجاع ما فُقِده خلال الأيام الماضية من المواجهة مع الموجات البشرية، أو ما يمكن تسميته «كتائب الاقتحام الإسلامية المجّهزة بسلاح برّي ثقيل ومتكامل».
ما سبق طرح فرضية الكاستيلو مقابل الراموسة، والعودة إلى التفاوض الموقت تحت ستارة الحلّ السياسي بين الأطراف المتحاربة على الأرض السورية. خصوصاً تلك المتحاربة في حلب. أي الأطلسي من جهة وسورية وقوات الحلفاء من جهة أخرى. فهل من الممكن التعايش مع الوضع الميداني الحالي في حلب؟ وهل يجوز تبسيط الأمور إلى حدّ معادلة الكاستيلو الراموسة؟
مما لا شك فيه أن سيناريو من هذا النوع وارد ومحتمل لا يمكن إسقاطه في إطار سيناريوات المرحلة المقبلة في حلب. فالعودة إلى المسار السياسي والتسليم بالأمر الواقع الحالي ولو موقتاً لالتقاط الأنفاس وإعادة تنظيم القوات ومعالجة الثغرات أمرٌ وارد، لكنه ضعيف في ضوء سلسلة من العوامل أهمها:
ـ السيطرة على الراموسة، وتأمين صلة اتصال بين الأحياء الشرقية والحدود التركية يفرغان إنجاز الكاستيلو بني زيد من مضمونه، وهو الإنجاز الذي كان ينتظر بدء مرحلة جديدة لاستكماله تقوم على السيطرة على مخيّم حندرات وحريتان وعندان وصولاً إلى كفر حمرة.
ـ الراموسة تعني إغلاق الأحياء الغربية، وبالتالي حصار الجيش السوري والمدنيين في هذه المناطق، وعزل حلب عن الجمهورية. وهذا ما يشكّل اختلالاً كاملاً في موازين القوى في عاصمة الشمال والعاصمة الثانية للبلاد لا يتوقع أن يتم السماح به، وهو لا يحتاج إلى تفاوض لترسيخه إن تم التسليم بالوضع الراهن طوعاً.
ـ لا يؤمن جانب المجموعات المسلّحة التي تصرّح علناً أنها تريد استكمال هجومها على الأحياء الغربية في حلب. وبالتالي فإنّ الركون إلى الوضع الراهن والمناورة السياسية يعتبر مجازفةُ غير محسوبة المخاطر.
إن السيناريو السابق يوازن بين الكاستيلو والراموسة وهو أمر يجانب المنطق. كما أنه يحاول أن يصوّر وجود قناعة لدى حلفاء سورية وعلى رأسهم روسيا بأنها في موقف قوة تفاوضيّ في حلب بقدرتها على الحفاظ على الكاستيلو مغلقاً. فهل يتناسب ذلك مع كامل موقف محور حلفاء سورية؟
رُفع السقف فيشأن حلب، والمعركة فيها هي معركة مصير سورية وروسيا وكامل الحلف الذي يقف إلى جانب الدولة السورية. وبالتالي، فإنّ الملف السوري ليس خاضعاً للتفاوض بين القوى الكبرى والقوى الإقليمية المنخرطة في معسكرين متقابلين في سورية. فمعركة حلب بدأت ولا مجال للتوقّف والقبول بأمر واقع سيكون مدمّراً في هذا التوقيت.
كاتب ومترجم سوري