بوتين وأردوغان يبحثان الملف السوري بمشاركةِ وزيرَيْ الخارجية وممثلي الاستخبارات
أكَّد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان خلال لقاء القمة في بطرسبورغ، أمس، عزمهما التوصل إلى تفاهمٍ مشترك للتسويةِ في سورية.
وفي مؤتمرٍ صحفي بعد المحادثات الواسعة النطاق، ذكر الرئيسان أنهما لم يتناولا المسألة السورية خلال المحادثات بمشاركةِ أعضاء الوفود، بل يخططان لعقد لقاءٍ منفصل بمشاركةِ وزيري الخارجية وممثلي الاستخبارات لبحث سبل التسوية السورية بشكل مفصل.
وأكّد الرئيس بوتين أنَّ تركيا تُشاطر روسيا تفاهماً بشأنِ ضرورة مكافحة الإرهاب، وقال «سنتبادل المعلومات وسنبحث عن حلٍ يرضي جميع الأطراف».
وذكر الرئيس الروسي بأنَّ مقاربات بلاده من سبل التسوية في سورية لم تكن تتطابق دائماً مع المقاربات التركية في السابق، لكنه شدّد على أنَّ لموسكو وأنقرة هدفاً مشتركاً في هذا السياق، هو تسوية الأزمة السورية. وشدد قائلاً «انطلاقاً من هذا الموقف المشترك سنبحث عن حل مشترك مقبول». «إننا ننطلق من استحالة التوصل إلى تحولات ديمقراطية إلا بالوسائل الديمقراطية. هذا هو موقفنا المبدئي».
في غضونِ ذلك، أعلن المندوب الروسي لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين أنَّ خبراء من روسيا والولايات المتحدة يبحثون حالياً تعزيز الهدنة في حلب وكذلك فرض فتراتِ تهدئة إنسانية لمدة 48 ساعة.
وقال «فيما يتعلق بوقف إطلاق النار في حلب فإنَّ هذه المسألة تحديداً يبحثها عسكريون روس وأميركيون بمشاركةِ ممثلين عن الأممِ المتحدة»، مؤكداً أنَّ الجانب الروسي لم يُشكك أبداً في ضرورةِ فرض الهدنة في كافة أراضي سورية، بما في ذلك حلب، بل فرض إضافة إلى ذلك ما يسمى بنظم «التهدئة» في حلب وغيرها من المناطق بمبادرات من روسيا والولايات المتحدة.
وأعرب بورودافكين عن أسفهِ من أنَّ بعض الجماعات المعارضة «المعتدلة» تنضم إلى «جبهة النصرة» وتنتهك هذه الهدن، داعياً واشنطن للتأثير على هذه الجماعات لوقفِ الانتهاكات، مضيفاً أنَّ موسكو لم تحصل حتى الآن على أي معلومات حول مواقع قوات تابعة للمعارضة «المعتدلة»، مما يؤدي إلى تعقيد مكافحة الإرهابيين للغاية، خاصة مكافحة تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي.
وكانت الأمم المتحدة قد دعّت سابقاً إلى التوصل إلى اتفاق ملزم حول وقف إطلاق النار أو فرض فترات تهدئة لمدة 48 ساعة كل أسبوع لإيصال المساعدات إلى سكان المدينة.
وقال يعقوب الحلو وكيفن كينيدي، منسقا الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية، إنَّ هذه العملية يجب أن تشمل عمليات ترميم شبكات الكهرباء والصرف الصحي في المدينة والتي تضررت بقدرٍ كبير بسبب المعارك المستمرة.
وأوضح المسؤولان الأمميان أنَّ ما يربو عن مليوني شخص من سكان حلب ما زالوا بدون تيار كهربائي ومياه للشرب.كما تقترح الأمم المتحدة تنظيم توريد المساعدات الإنسانية من أراضي تركيا المجاورة.
وفي السياق، تلقت وزارة الدفاع الروسية اقتراحات من وزارات دفاع عددٍ من الدول بشأن المشاركة في العملية الإنسانية الروسية في مدينة حلب السورية.
وعبّرت وزارة الدفاع الروسية عن امتنانها وشكرها للصين وصربيا اللتين كانتا قد بادرتا بإعلان تأييدهما للعملية الإنسانية التي بدأتها روسيا بالتنسيق مع السلطات السورية لنقل المواد الإغاثية إلى سكان حلب.
جاء ذلك في وقتٍ، اعترف قائد تنظيم «جيش الفتح» الإرهابي، السعودي عبد الله المحسيني بعدم تمكن الجماعات المسلحة حتى الآن من كسر الطوق في أحياء حلب الشرقية.
ونقلت إذاعة «دعاة الجهاد» التابعة للتنظيم الإرهابي، عن المحسيني قوله إنّ «الهدف من العملية العسكرية ليس فقط كسر الطوق إنما العمل من أجل السيطرة على حلب بشكلٍ كامل» مشيراً إلى أنهم لا يملكون «الضمانة أو المقومات العسكرية لتحقيق هذا الهدف» فيما وصف المعركة بأنها «ليست سهلة وشرسة».
ويأتي كلام المحسيني ليؤكد بأنَّ الثغرة التي فتحتها الجماعات المسلحة في حلب لا يمكن اعتبارها كسراً للطوق المفروض على هذه الجماعات خصوصاً وأنَّ هذه الثغرة لا يتجاوز عرضها الكيلومتر الواحد.
هذا و كان الإعلام الحربي المركزي التابع لحزب الله في سورية، قد أعلن، أمس، أنَّ الثغرة التي تمكن المسلحون من فتحها باتجاه الأحياء الشرقية لحلب، تمَّ اغلاقها بالكامل عبر رصدها بالأسلحة الأرضية المباشرة من عدة اتجاهات.
من جهةٍ ثانية استعاد الجيش السوري السيطرة على تلة الصنوبرات التي كانت الجماعات المسلحة قد سيطرت عليها عندما تمكنت من الوصول إلى الراموسة.
وبالتزامن تواصلت الغارات المكثفة للجيش السوري في الجبهتين الجنوبية الغربية والشمالية الغربية لحلب، واستهدف سلاح الطيران غرفة عمليات للجماعات المسلحة في بلدة خان طومان حيث تم تدميرها.
كما قتل 20 مسلحاً بعد استهدافهم بغارات مكثفة خلال محاولتهم التسلل باتجاه ضاحية الأسد من الجهة الغربية. واستهدف سلاح الصواريخ المساكن الجنوبية لمدينة دارة عزة المعروفة بأنها مساكن المسلحين الأجانب في هذه المنطقة. وبحسب المعلومات فإن 20 مسلحاً قتلوا وأصيب 100 آخرون من الأجانب.
واستهدفت الغارات فجر أمس، تحركات الجماعات المسلحة القادمة من معرة الأرتيق وبلدة كفرحمرا في بداية ريف حلب الشمالي إلى ضهرة عبدربه الواقعة إلى الشمال الغربي من حلب.
وفي ريف حمص، فسيطرالجيش السوري على قرى المشيرفة ورجم الصوان وأم صهريج في الريف الشرقي للمدينة، بعد معاركٍ عنيفة مع تنظيم «داعش» أدت لسقوط قتلى وجرحى من عناصر التنظيم.
أما في ريف اللاذقية، فلم تتوقف عمليات الجيش السوري، بل واصلت الوحدات العسكرية عملياتها وتقدمت إلى مناطق عين البيضا وتلة رويسة رشو المشرفتين على طريق اللاذقية حلب القديم على بعد كيلومترات قليلة من ريف إدلب الجنوبي الغربي.
إلى ذلك، رفضت جيسي شاهين المتحدثة باسم المبعوث الأممي إلى سورية إمكانية الحديث عن إلغاء المفاوضات السورية مجددة الأمل بإمكانية تحقيق تقدم قريباً.
وفي معرض جوابها على سؤال في مؤتمر صحفي بجنيف، حول ما سيعنيه عدم توقف القتال الدائر في سورية قبل نهاية آب الجاري بين الأطراف السورية المتناحرة، قالت شاين «لا اعتقد أننا وصلنا إلى ذلك»، مشيرةً إلى أنها تتمسك بالأمل الذي أعرب عنه في الأسبوع الماضي نائب الموفد الأممي الخاص بسورية رمزي عز الدين رمزي خلال موجز صحفي.
ورأت شاهين أنه قد يتم تحقيق بعض التقدم في الأيام القليلة المقبلة وشددت على أهمية الثقة في المفاوضات، وعلى أن تُشارك فيها الأطراف ذات العلاقة بجدية. وأشارت إلى أنَّ تحقيق ذلك يتطلب بذل الجهود من الأطراف الإقليمية وأن يكون الوضع في البلاد ملائماً من الناحية الإنسانية والعسكرية.
بدوره، كشّف المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا في جلسةِ مشاوراتٍ مغلقة لمجلس الأمن أن الوضع في حلب يجعل استئناف المفاوضات السورية في جنيف أواخر الشهر الجاري أمراً صعباً.