الجسر: للسعودية أولويات جديدة في مقدّمها اليمن وسورية ولبنان ليس ضمنها
حوار روزانا رمّال تحرير محمد حميّة
أكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر، أنّ «تيار المستقبل لا يضع «فيتو» على أيّ مرشّح لرئاسة الجمهورية، ولكن له حق الاعتراض على أيّ شخص وتأييد آخر، مشدّداً على أنّ السعودية تبارك أيّ اتفاق بين اللبنانيّين على رئيس، لكن لا مؤشّرات على الانتخاب في الوقت الراهن، إلّا أنّنا مستمرّون بالنزول إلى المجلس النيابي، وقال: «إذا استطاع حزب الله تأمين الأغلبيّة لانتخاب رئيس تكتّل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، فلينزل وينتخبه وسنبارك له في الرابية»، متحدّثاً عن أولويّات جديدة للسعودية في مقدّمها اليمن وسورية ولبنان ليس من ضمنها، ولكن لا يعني ذلك أنّها تغيّرت اتجاه لبنان.
وأوضح الجسر في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز»، أنّ «المستقبل» لم يرشّح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجيّة، بل هو رشّح نفسه والمستقبل تبنّى الترشيح، وما زال متمسّكاً به، نافياً الحديث عن أنّ «المستقبل» سيتبنّى ترشيح عون، مبيّناً أنّ الرئاسات الثلاث ليست للسنّة ولا للشيعة ولا للمسيحيّين، بل هي مواقع وطنيّة ولا يتمّ اختيار أي رئيس منها إلّا بخيارات وطنيّة، وليس بخيارات طائفية لها أثر خطير وتدفع البلد باتجاه الفدراليّة، وتساءل: «هل يفوز الرئيس نبيه برّي بأصوات الشيعة أم بأغلبيّة أصوات المجلس النيابي؟ وهل يُسمّى رئيس الحكومة من السنّة أم الكتل النيابيّة؟ وبالتالي رئيس الجمهورية يجب أن يُنتخب من المجلس النيابي كما يقول الدستور، ونحن طرحنا فرنجيّة وهو أحد الأقطاب المسيحيّين الذين طُرحوا في بكركي، فأين وقفنا ضدّ المسيحيّين؟».
وتوقّع الجسر حصول الانتخابات النيابيّة في موعدها وعلى قانون الستين في أسوأ الأحوال، متحدّثاً عن تقدّمٍ هامّ حصل في اللجان المشتركة على صعيد قانون الانتخاب المختلط، موضحاً أنّ «النقاش يدور حول النموذجين للقانون المختلط». وأيّد الجسر طرْح طاولة الحوار الوطني إنشاء مجلس شيوخ، مقترحاً أن تصبح المواضيع الأساسيّة التي يصوِّت عليها مجلس الوزراء وفقاً للمادة 65 من الدستور، من صلاحيات مجلس الشيوخ، مضيفاً: «هذا يعطي الضمانة لجميع الطوائف والمذاهب بأن لا يُمسّ بحريّاتها ولا معتقداتها، وهذا حلّ يساعد على إصدار قانون الانتخاب الوطني».
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً:
إلى أيّ مدى يرتبط الملف الرئاسي بالوضع في المنطقة، وهل الجلسات الرئاسيّة لا زالت منتجة وما هو الحل برأيكم؟
لبنان جزء من المنطقة، وفي البداية تأثّر بما يجري من حوله، ولكن حتى الآن تمكنّا من منع النار الموجودة في الجوار من الانتقال إلى لبنان، وهذا ربما بفضل السياسة اللبنانيّة أو السياسيّين اللبنانيّين، لكن من المؤكّد وجود قرار دولي واسع جداً يتضمّن روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وقرار إقليمي أيضاً بعدم نقل المعركة الخارجيّة إلى لبنان وهذا ما أمّن الاستقرار، لكن لا رابط مباشراً بين الأزمة الرئاسيّة وبين الوضع في المنطقة، ولا يجوز أن يكون هذا الربط. وفي حال اتّفق اللبنانيون على رئيس، لا أعتقد أنّ الخارج سيمنعهم من ذلك رغم وجود بعض الحسابات الدوليّة أو الإقليميّة أو الداخليّة.
هناك اتهامات متبادَلة بين تيار «المستقبل» وحزب الله بانتظار الخارج لحل الأزمة الداخلية؟
لبنان ليس من ضمن أولويّات القوى الدولية ولا القوى الإقليمية، ولديهم اهتمامات وأولويّات أكبر كسورية واليمن، وهذا عبّر عنه ممثّلون وسفراء بعض الدول الأجنبيّة بشكلٍ واضح خلال لقاءاتهم مع المسؤولين في لبنان، كل القوى الداخلية لديها اتصالات مع الخارج، لكن نحن كتيار «المستقبل» لا نتلقّى التعليمات من الخارج، وعلاقتنا مع السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي هي لمصلحة لبنان لارتباط المصالح الاقتصاديّة والتجاريّة اللبنانيّة بالخليج، ولذلك نحرص على تجنّب أيّ خطأ بحق دول الخليج، لكي لا ينعكس سلباً على اللبنانيّين العاملين في هذه الدول، وبالتالي يؤثّر سلباً على الوضع الاقتصادي اللبناني. السعودية لا تتدخّل في التفاصيل الداخلية ولا تعارض أي اتفاق داخلي، بل هي تسعى إلى التوفيق وتقريب وجهات النظر بين اللبنانيّين.
ألا تلاحظ أنّ السعودية تغيّرت اتجاه لبنان؟ وهل السبب تبدّل أولويّاتها أم هناك موقف من لبنان، مثلاً الوعود بتقديم الهِبات ولم تصلْ بعد؟
الاهتمامات الجديدة للسعودية لها أولويّات جديدة وحتماً لبنان ليس من ضمنها، مشكلة اليمن وسورية أولويّات كبيرة بالنسبة للسعودية، ولكن هذا لا يعني أنّها تغيّرت اتجاه لبنان، الهِبة جزآن: هِبة المليار دولار وهبة الـ3 مليارات دولار التي عُقدت مع الدولة الفرنسية، ولم توقف السعودية العقود مع فرنسا، وربما يتمّ حل الإشكالية ويأتي السلاح إلى لبنان، والموقف السعودي الأخير ناتج عن عتب سعودي على لبنان من تحفّظه على إدانة الهجوم على القنصليّة السعوديّة في إيران، ونحن مع تحفّظ وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب على تصنيف حزب الله بالإرهاب، لكنّنا لسنا مع تحفّظه على إدانة الاعتداء على القنصليّة السعوديّة في إيران، والوزير نهاد المشنوق اتّخذ الموقف نفسه في مجلس وزراء الداخلية العرب، وهذه سياسة تيار «المستقبل».
لوحظ في الفترة الأخيرة أنّ السعودية لم تعُدْ عاتبة على لبنان، وهناك معلومات بأنّ المملكة بصدد تقليص وجودها الدبلوماسي في لبنان بسبب الثلاثة أشهر المقبلة الخطيرة؟
كان من المقرّر أن يغادر السفير السعودي لبنان قبل حصول أزمة الرئاسة لانتهاء مدّة خدمته وحصل الفراغ الرئاسي، وفي هذه الحالة قرّرت المملكة إبقاء سفيرها كي لا يتدنّى مستوى التمثيل لتعذّر تعيين سفير جديد في ظلّ عدم وجود رئيس للجمهوريّة الذي يعتمد السفراء، ولا علاقة لذلك بالوضع الأمني، فالسفير الحالي كان موجوداً في لبنان في أحلك الظروف، وكان مهدّداً أمنيّاً.
الرئيس سعد الحريري رشّح رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وقيل أنّه حصل تصويت داخل كتلة «المستقبل»، وفقط 3 أصوات تريد وصول العماد ميشال عون للرئاسة، ما حقيقة ذلك، وهل ينسف ذلك أيّ إمكانيّة للتقارب بين «المستقبل» والتيار الوطني الحر؟
أولاً، المستقبل لم يرشّح فرنجيّة، بل أخذ مبادرة بتأييد الترشيح وتبنّاه. فرنجيّة هو الذي رشّح نفسه وهناك فرق بين الحالتين. في كتلة «المستقبل» ديمقراطيّة كبيرة ويُناقش البيان الصادر عنها بدقّة من قِبل جميع النوّاب. في جلسة الأسبوع الماضي حضر الرئيس سعد الحريري وطرح الملف الرئاسي، وتحدّث عن ترشيح فرنجيّة وعدم تجاوب الفريق الآخر، لكن لم يتغيّر شيء بالنسبة لنا، وما زلنا متمسّكين بترشيح فرنجيّة ولا صحة للحديث بأنّ «المستقبل» سيتبنّى ترشيح عون، وهناك اتصالات بين «المستقبل» و«التيار الوطني الحر»، وهي لم تنقطع منذ تشكيل الحكومة الحاليّة، وقد بدأ الخلاف منذ تعطيل التيار للحكومة بحجّة غياب الرئيس.
مواقع وطنية
المسيحيّون اتّفقوا على عون للرئاسة، لماذا لا يقتنع الشركاء المسلمون بذلك ويساعدون في وصول الرئيس المسيحي القويّ لرئاسة الجمهوريّة على غرار رئيسي المجلس النيابي والحكومة الأقوى في طائفتيهما؟
صحيح أنّ هناك عرفاً دستورياً بأنّ رئيس الجمهوريّة يجب أن يكون مارونيّاً، ورئيس المجلس النيابي شيعيّاً، ورئيس مجلس الوزراء سنيّاً، لكن هذه المواقع ليست للسنّة ولا للشيعة ولا للمسيحيّين، بل مواقع وطنيّة ولا يتمّ اختيار أيّ رئيس إلّا بخيارات وطنيّة وليس بخيارات طائفيّة الذي له أثر خطير ويدفع البلد إلى فدرالية، فهل يفوز الرئيس نبيه برّي بأصوات الشيعة أم بأغلبيّة أصوات المجلس النيابي؟ وهل يُسمّى رئيس الحكومة من السنّة أم من الكتل النيابيّة؟ وبالتالي رئيس الجمهوريّة يجب أن يُنتخب كما يقول الدستور من المجلس النيابيّ. ونحن طرحنا فرنجيّة، وهو أحد الأقطاب المسيحيّين الذين طُرحوا في بكركي، فأين وقفنا ضدّ المسيحيّين؟
لكن يجب أن يكون الرئيس مدعوماً من قِبل التيار الذي يمثّل الأغلبيّة في طائفته، كالرئيس تمام سلام الذي لم يكن ليصل إلى رئاسة الحكومة لولا دعم ومباركة «المستقبل»، فلماذا نتجاهل الرغبة المسيحيّة في وصول عون لرئاسة الجمهوريّة أو من يرشّحه؟
لماذا لم يرشّح فريق 8 آذار الحريري لرئاسة الحكومة الحاليّة؟ وحينها تحفّظ فريق 14 آذار على وصوله وتجاوزنا ذلك ودعمنا سلام، وبالمقابل طالما نحن متحفظّون على عون فلماذا لا يتمّ اختيار واحد من الثلاثة الآخرين؟
هل لديكم «فيتو» على العماد عون؟
لا يوجد «فيتو» على أحد، ولكن لنا حق الاعتراض على أيّ شخص وتأييد شخص آخر، وأي مرشّح سيُنتخَب سنبارك له.
لو نزل حزب الله وانتخب عون، كيف ستتعاطون مع تخطّي أكبر كتلة نيابيّة تمثّل الطائفة السنيّة؟ هل توافقون؟
إذا حصل ذلك لن تحدث أيّ مشكلة وسنبارك لمن يفوز، ولن نعطّل الانتخابات، وسنحضر في المجلس بمعزل عن أيّ مرشّح سيفوز إذا تأمّنت له الأكثريّة.
نلاحظ من خلال مواقف رؤساء الكتل النيابيّة وجود أغلبيّة نيابيّة تؤيّد عودة الحريري إلى رئاسة للحكومة، ولكن لا نرى اليد الخارجية لتكمل إنجاز رئاسة الجمهوريّة ولا رئاسة الحكومة، ولا إشارة سعوديّة وحماس لتعزيز وضعه المالي والسياسي؟
السعوديّون لا يستطيعون ترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، وهم يباركون أيّ اتفاق بين اللبنانيّين على رئاسة الجمهوريّة، لكن لا مؤشّرات على انتخاب رئيس، ونحن سنستمر بالنزول إلى المجلس ولن نتخلّى عن ذلك، وإذا استطاع حزب الله تأمين الأغلبيّة لانتخاب عون فلينزل وينتخبه، وسنبارك له في الرابية.
الانتخابات النيابيّة في موعدها
في ظل هذا الجمود الداخلي، هل ستُجرى الانتخابات النيابيّة في موعدها؟ ووفق أيّ قانون؟
الانتخابات النيابيّة ستُجرى في موعدها على قانون الستين بأسوأ الأحوال، ولا أحد قادر على تأجيلها، ونأمل أن يتمّ الاتفاق على قانون جديد، وقطعنا شوطاً هامّاً على هذا الصعيد في اللجان المشتركة. النقاش يدور حول النموذجين للقانون المختلط، المقدّم من قبل المستقبل والاشتراكي والقوات، وقانون الرئيس برّي، والفرق بينهما عدد النوّاب الذين سينتخبون على الأكثريّ أو النسبيّ، وهذه إشكاليّة يمكن أن تُحلّ، وتبقى إشكاليّة توحيد معايير تقسيم الدوائر، لذلك إمكان الاتفاق على المختلط كبيرة، فلا أحد رفضه، لذلك في اللجان المشتركة نبحث في الدوائر والنظام، أمّا باقي الأمور التقنيّة فنبحثها في لجنة فرعيّة لتسريع الأمر.
طُرح على طاولة الحوار الوطني موضوع إنشاء مجلس شيوخ وقانون انتخاب وطني تجري على أساسه انتخابات نيابيّة جديدة. ما رأيك بذلك، ولماذا طُرح اليوم؟
نحن في المبدأ مع تشكيل مجلس الشيوخ، وتحدّثنا على طاولة الحوار عن الصلاحيات وطريق الانتخاب وأُسُس التمثيل، نستطيع الوصول إلى طريقة لتحقيق ذلك، الطائف مدروس بشكلٍ دقيق، من ضمنه المادة 65 التي تتحدّث عن كيفيّة التصويت في مجلس الوزراء، هناك نوعان من القرارات: العاديّة والأساسيّة العاديّة يتمّ التصويت فيها بالأكثريّة المطلقة شرط حضور الثلثين، أمّا القرارات الأساسيّة فهي 14 قراراً تحتاج إلى تصويت مجلس الوزراء، كتعديل الدستور وقانون الانتخاب وقانون الأحوال الشخصيّة والجنسيّة، أي القرارات التي تُعتبر خطيرة وتمسّ كل المكوّنات اللبنانيّة يمكن أن تكون من صلاحيّات مجلس الشيوخ، وتعطي الضمانة لجميع الطوائف والمذاهب بأن لا يمسّ بحرياتها ولا معتقداتها، وهذا حلّ يساعد على إصدار قانون الانتخاب الوطني. الحل يجب أن يراعي ويحفظ حقوق كافّة الأطراف.
مواقف ريفي فيها بعض التطرّف
كيف ترى وضع تيار «المستقبل» بعد تراجع شعبيّته وخروج بعض الصقور من صفوفه، أي وزير العدل المستقيل أشرف ريفي؟
اللواء ريفي يقول إنّه مع الحريريّة السياسية، لكنّه ميّز نفسه عن تيار «المستقبل» منذ البداية. لديه حضور وشعبية، لكن لا يمكننا قياس الانتخابات البلديّة على النيابيّة. لكن ريفي في ظروف معيّنة اتّخذ موقفاً معارضاً فيه بعض التطرّف، وفي ظل أجواء التشنّج الطائفي والمذهبي في البلد حيث لا تسمع إلّا هذه الأصوات وترفض التي تتحدّث بلغة الاعتدال، لسنا بوارد الدخول في هذا الخطاب لأخذ شعبيّة ما لأنّه يؤدّي إلى منحىً خطير. لغة التعقّل يجب أن تسود في البلد. لسنا قلقين من الحالة التي يمثّلها ريفي في طرابلس، ونحن منفتحون على المجلس البلديّ الحالي ومستعدّون للتعاون معه.