أفضل طريقة للتعامل مع الشخص النرجسي
لدى الشخص النرجسي بشكلٍ عام إحساس متضخّم للغاية بأهميّته وقدراته، ممزوج باستخفاف نسبيّ بالآخرين من حوله.
ويتّسم معظم النرجسيّين بصفات محدّدة واضحة، أهمها:
1 – يدّعون أنّهم يعرفون كل شيء.
2 – يصرّون على أن يكونوا استثناءً من كل قاعدة.
3 – يُظهرون صورة متميّزة لشخصياتهم.
4 – يميلون إلى تعزيز غرورهم عن طريق «تحقير» من حولهم.
5 – يعتقدون أنّ جميع من حولهم يكنّون الاحترام لهم.
6 – يضعون ذواتهم ومشاعرهم فوق كلّ شيء أو أحد.
ويُسمّي علماء النفس هؤلاء الأشخاص بـ«النرجسيّين»، نسبةً إلى شخصيّة من عالم الأساطير الإغريقية، شاب يُدعى «نرجس» أو «نرسيسوس» وقد وقع في حبّ نفسه عندما رأى انعكاس وجهه في مياه إحدى البحيرات.
وعندما يقابل المرء شخصيةً على هذه الشاكلة، يمكن أن يفتنه في البداية، ولكن هذا الفتون سرعان ما يتلاشى، ويخفّ بريق النرجسيّ تدريجيّاً كلّما اتّضحت أكثر طبيعة سلوك هذا الشخص المتفاخر، وبانَ ازدراؤه لمن حوله.
وتشير بعض نتائج الدراسات إلى أنّ ردّ الفعل الأمثل حيال النرجسيين هو الرثاء لحالهم، على الأرجح، أو قد يكون إبداء العطف عليهم، لأنّ معظم هذه الدراسات تشير إلى أنّ الكثير من النرجسيين يعانون بحق من تدنٍّ مزمن في مستوى احترامهم لأنفسهم وثقتهم بها، وهو أمر يتخفّى خلف غطرستهم ونرجسيّتهم.
وقد تمّت البرهنة على صحة ذلك عبر طرق عديدة ومختلفة من بينها استخدام إحدى صِيغ ما يُعرف بـ«اختبار التداعيات الضمنيّة»، والذي يقيس في هذا السياق مدى السرعة التي يربط بها البشر ما بين المفردات التي تشير إلى أنفسهم وذواتهم، وبين الكلمات ذات الطابع الدالّ على السعادة أو الحزن.
وفي هذا الإطار، كشفت الدراسة الجديدة، أنّ الأشخاص الشديدي النرجسيّة، الذين قالوا للقائمين على الدراسة إنّ لديهم إحساساً عالياً باحترام الذات والثقة بالنفس، ثبتَ عبر الاختبارات العمليّة أنّهم يسارعون للغاية إلى الربط بين مفردات تعبّر عن ذواتهم مثل «أنا» و«يخصّني» و«نفسي»، وبين كلمات ذات سمت حزين مثل «الألم» و«العذاب» و«الموت».
وتعزّز نتائج الدراسات التي تشمل إجراء فحص بالأشعة على الدماغ باطّراد صورة النرجسي كشخصٍ يسعى من خلال نرجسيّته إلى التعويض بينه وبين نفسه عن إحساسه بعدم ثقته بذاته.
وفي الآونة الأخيرة، استخدم علماء المخ والأعصاب بجامعة كنتاكي أسلوباً آخر هو مسح الدماغ بالأشعة، فأظهرت الدراسة أنّ من الصعب على النرجسيّين التفكير بإيجابية في ذواتهم، وقد يفسَّر ذلك السبب الذي يحدو بهم لأن يسعوا دوماً باستماتة إلى نيل الاهتمام، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم.
ولكن حقيقة كون النرجسيّين يتّسمون بالهشاشة الداخليّة لا تشكّل السبب الوحيد الذي يجعلنا نشعر بالأسف تجاههم، فثمّة نتائج بحثيّة أخرى تشير إلى أنّ انتهاجهم للسلوكيّات النرجسيّة التي اعتادوا عليها يجعل حياتهم مفعمة بالتوتر.
وقد أظهرت نتائج دراسات متعدّدة، أنّ من يثبت أنّ لديه مستوياتٍ عالية من الشعور بالنرجسيّة، يتعرّض أكثر من غيره لمواقف مفعمة بالتوتر خلال حياته، مثل الإصابة بمرض، أو السقوط ضحيةً حوادث، أو الانهيار في علاقاته العاطفية.
وتشير هذه النتائج إلى أنّ النرجسيين مفرطو الحساسية حِيال النقد أو الإهانة، وهو أمر قد يثير الدّهشة.
وفيما نضع هشاشة هؤلاء الأشخاص في الحسبان يجدر بنا تذكّر أنّ لديهم ما يمكن تسميته «خصالاً تعويضيّة». ففي بعض المواقف، بوسعهم أن يكونوا متماسكين على نحوٍ غير معتاد في مواجهة الانتكاسات.
وثمّة أدلّة تُشير إلى أنّ بمقدور فرق العمل التي تتولّى مشروعات وبرامج ذات طابع إبداعي الاستفادة من وجود شخص نرجسيّ أو اثنين في صفوف كل منها، وذلك للمساعدة على إيجاد قدر من المنافسة الصحيّة بين أفرادها.
كما أنّ هناك ما يبرهن على وجود إمكانيّة لحثّ النرجسيين على إبداء قدرٍ أكبر من التعاطف مع من حولهم، وذلك بقليل من التشجيع كأن يُطلب منهم النظر إلى الأمور من الزاوية التي يراها منها الآخرون.
وفي ضوء كل هذه النتائج، يتّضح أنّ هناك سبباً وجيهاً يدعو المرء لمحاولة التعامل مع الأشخاص النرجسيّين الموجودين حوله بمزيدٍ من الصبر، وعلى نحو ودود أكثر، إذا كان ذلك بمقدوره.