بوتين يبحث مكافحة الإرهاب في القرم مع مجلس الأمن الروسي
بحث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع أعضاء مجلس الأمن الروسي اتخاذ إجراءات إضافية لضمان أمن المواطنين في شبهِ جزيرةِ القرم بعد نجاح الاستخبارات الروسية في إحباطِ مخططٍ إرهابي هناك.
وأعلنت الدائرة الصحفية التابعة للكرملين، أمس، أنَّ بوتين ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن، ركَزَ على الإجراءاتِ الإضافية التي تتخذ في القرم لضمانِ أمن المواطنين والمنشآت الحيويَّة للبنية التحتيَّة. وجرت المناقشات على خلفيةِ إحباط الاستخبارات الروسية لمخططٍ إرهابي في شبه الجزيرة، إذ ناقش المشاركون في الاجتماع بالتفاصيل سيناريوهات اتخاذ الإجراءات المختلفة لضمان الأمن ومحاربة الإرهاب على الحدودِ البريَّة وعند سواحلِ القرم وفي المجالِ الجويِّ لشبه الجزيرة الروسية.
كما تناولت المناقشات خلال الاجتماع الاتفاقات التي تمَّ التوَّصل إليها خلال لقاءاتِ القمةِ التي عقدها الرئيس الروسي مؤخراً مع زعماء أذربيجان وإيران وتركيا وأرمينيا، بالإضافةِ إلى حُزمة من المسائل الاجتماعية والاقتصادية الداخلية.
وكان الرئيس الروسي قد أعلن أولَّ من أمس، أنَّ موسكو لن تَترك المخطط التخريبي الإرهابي، الذي تقف وراءه الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، بدونِ ردٍ، مؤكداً مقتل إثنين من العسكريين الروس في اشتباكاتٍ اندلعت أثناء إحباط محاولات تسلل مخربين أوكرانيين عبر الحدود إلى القرم.
وفي هذا الخصوص، ذكرت مصادر طبية، أمس، أنَّ الاشتباكات التي دارت ليلتي الأحد والإثنين الماضيين في محيط مدينة أرمينسك القريبة من حدود القرم مع أوكرانيا، أسفَّرت عن إصابةِ عسكري روسي آخر.
بدورها أعلنت هيئة الأمن الفدرالي الروسية عن اعتقال مجموعة مخربين في أراضي القرم، تسللوا عبر الحدود مع أوكرانيا، وإحباطِ سلسلةَ أعمالٍ إرهابية خططت لها المديرية العامة للاستخباراتِ التابعةِ لوزارةِ الدفاع الأوكرانية.
و كانت صحيفة «كوميرسانت» كشَّفت نقلاً عن مصادر في الاستخبارات الروسية أنَّ المخربين، ومعظمهم من سكانِ القرم الذين كانوا يتلقون تعليماتٍ من الاستخبارات العسكرية الأوكرانية، خططوا لتدبير سلسلةِ تفجيرات متوسطة القوة في مختلفِ المنتجعات بالقرم، بغيَّة تخويف السيَّاح و»قتلِ قطاع السياحة» في شبهِ الجزيرة، لكن المخطط لم يستهدف قتل الناس.
وأوضحت الصحيفة أنَّ أول مجموعةِ مخربين عبرت خليج بيريكوف ونزلت في محيط مدينة أرميانسك ليلةَ الأحد. وكانت المجموعة تضم 7 مسلحين. وتمكنت دوريَّة من الوحداتِ الخاصة التابعةِ لهيئةِ الأمن الفدرالي من رصدِ مجموعة المخربين. لكن الدورية الروسية كانت تضم 3 أفراد فقط، وقُتل خلال الاشتباك الذي اندلع بين الطرفين أحد العسكريين الروس وإثنين من المخربين. وبعد وصولِ تعزيزاتٍ من حرسِ الحدود الروسي إلى المنطقة، تمَّ إلقاء القبض على المخربين الآخرين، الذين كشفوا عن تفاصيل المخطط، بما في ذلك العملية المخطط لها لإرسال مجموعة ثانية من المخربين تحمل متفجرات.
كما وألقي القبض على مجموعةِ المخربين الثانية ليلة 8 آب. وأسفَّر الاشتباك بين الطرفين عن مقتلِ عسكريٍ روسيٍ آخر وعددٍ من المخربين، وتمَّ اعتقال الآخرين.
وأعلنت هيئة الأمن الفدرالي الروسية أنَّ هؤلاء المعتقلين يدلون حالياً بشهاداتهم ويقرون بذنبهم، ومنهم أحد مدبري سلسلة الهجمات الفاشلة، وهو يفغيني بانوف من مواليد عام 1977، من سكانِ مقاطعةِ زابروجيه الأوكرانية وموظف في المديريةِ العامة للاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية.
وحسب معلومات نشرتها وسائل إعلام أوكرانية سابقاً، شارك بانوف بنشاط في الأعمال الدمويَّة التي رافقت الانقلاب على السلطة في كييف في شباط عام 2014، ومن ثم حارب في صفوفِ المتطرفين الأوكرانيين في منطقة دونباس.
في غضونِ ذلك، رد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو على إعلان الجانب الروسي عن إحباط المخطط الإرهابي التخريبي في أراضي القرم بوضعِ وحدات القوات المسلحة الأوكرانية المنتشرة على الحدود مع القرم وعلى خط التماس بين طرفي النزاع في منطقة دونباس، في حالة الاستعداد القصوى.
وصدر هذا القرار في أعقاب اجتماع عقده بوروشينكو مع قادة المؤسسات العسكرية والأمنية ووزارة الخارجية الأوكرانية، بعد أن كانت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية قد نفَّت ما جاء في بيان هيئة الأمن الفدرالي الروسية.
وفي السياق، نقلت وكالات الأنباء الروسية عن وزارةِ الدفاع قولها، أمس، إنَّ البحريَّة الروسية ستُجري تدريباتٍ في البحر الأسود على صدِ هجمات المخربين تحت سطح البحر، بعد كشفِ المحاولة التخريبية الأوكرانية.
وفي شأنٍ متصل، أعلنت الخارجية الروسية أنَّ موسكو ستتخذُ إجراءاتٍ مقابلة قويةً رداً على تعزيز «الناتو» لوجودهِ العسكري على حدود روسيا، إلا أنَّ هذه الإجراءات يجب ألا تُقلق أوروبا لأنَّ «لا أحد يريد الحرب».
وقال مدير قسم التعاون الأوروبي في وزارة الخارجية الروسية أندريه كيلين، «طبعاً، ستتخذ إجراءات مقابلة لكي لا يتحول هذا التهديد المحتمل إلى خطرٍ عسكري حقيقي على روسيا».
وأكَّد أنَّ الإجراءات المقابلة هي الأخرى من عواملِ الردع، مشيراً إلى أنَّه في حالِ عدم اتخاذ مثل هذه الإجراءات فإنَّ حلف الناتو قد يتجاوز الخطوط الحمراء تحت ضغط «دول واقعة على الجبهة» تستغل الوضع وتوظِفه لمصلحتها.
ومع ذلك قال الدبلوماسي الروسي « لا أحد يريد الحرب»، موضحاً أنه لا توجد هناك أي مواجهة بين نظامين اقتصاديين مختلفين، كما كان هو الحالُ سابقاً بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة. وأضاف أنَّ أساس العلاقات بين الجانبين حالياً أقوى إلى حدٍ بعيد.
من جهةٍ أخرى، أشار كيلين إلى أنَّ مصالح الصناعات العسكرية الأميركية تقف وراء قرارات قمةِ حلف الناتو الأخيرة في بولندا، مؤكداً في ذاتِ الوقت أنَّ التاريخ أثبت أنَّ سباق التسلح أمرٌ غير مجدِ، وقال إنَّ «ردنا يجب أن يكون معقولاً، و متكافئ للخطر الناشئ».