الإعلام المقاوم.. «الميادين» نموذجاً
نظام مارديني
جاهل مَن ينكر دور الإعلام في الحرب التي تشنّ على سورية، إن لم نقل إنه كان في أساس العدوان على سورية من خلال الفبركات والكذب و»شيطنة» القيادات، والشحن المفرط الذي أجج النعرات المذهبية والعرقية بين السوريين، كما في تأليب الرأي العام العربي خدمة لهوى دول أجنبية.
ندرك حقيقة أن الإعلام في أي مكان لا يمكن بأية حال أن تنعتق يدا حريته وقدما بشكل مطلق وكامل من ثالوث أثافي المال والعقيدة السياسية وقبضة المصالح، ولكن رغم كل ذلك يظل بحثنا عن الإعلام المتوازن في حريته حقاً مشروعاً لنا لا ينبغي أن تُقعدنا دونه فرضية الاستسلام لقيود الإعلام المعادي الذي افتقر الى الحد الأدنى من الأخلاق ومن معقولية الطرح ومسؤولية البحث التي لا تحتمل مسايرة!
كل الشاشات المعادية، كل الصحف المعادية، كل الإذاعات المعادية، كانت تحثّ على دخول المجموعات المسلحة «الاحتفالي» إلى حلب، في ما كان فرانز كافكا، بسوداويته الهائلة، يصفها بـ «ليلة العدم».. قال الليلة الجميلة، ليلة الزفاف مع… العدم!
كان يُراد للوطن السوري وللعالم العربي كله ومن خلال الإعلام المفبرك أن يُعاد تركيبه الآن لتكون «تل أبيب» هي قبلة «الشرق الأوسط».
في «همزة وصل» سابقة 8/8/2016 تحدثنا عن دور هذا الإعلام المعادي في معركة حلب التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه ضد الإرهاب الدولي، وفي مقالتنا الراهنة اليوم سنشير إلى أهمية الإعلام المقاوم ودوره ورسالته السامية في بث الحقائق وإيصالها إلى السوريين بخاصة ومواطني العالم العربي بعامة. وقد أخذنا هنا قناة الميادين كنموذج حي ورائد في خلق هذا التوازن المؤثر في ساحات فلسطين والعراق وسورية ولبنان.. وصولاً إلى اليمن والبحرين، ومصر وليبيا، رغم التشويش الذي تتعرّض له، عبر ملاحقتها وتشويه رسالتها المقاومة الوطنية.. ومن دون أن يعني هذا الدفاع عن الأخطاء وعن الذين يخطئون وعن الذين لم يدركوا ما يعنيه إيقاع الزمن واستراتيجية الزمن في هذا القرن.
أهمية «الميادين» انها أخرجت إعلامها من الغرف المقفلة ومن المفاهيم المقفلة، وهي تدرك الآن أنها أمام زمن آخر يحتاج في عالمنا العربي إلى إعلام موضوعي يواكب الحدث بكلمة الحقيقة والصورة المباشرة التي تؤكد حقيقة هذه الكلمة.. فالحقيقة هنا وجود ومعرفة.
الإعلام المعادي الضالع في الكوميديا، وفي التراجيديا، كان لا يزال يهلل للاستيلاء على تلة، أو على قرية، أو على طريق يُطل على حلب.. وكان البعض يوزع الحلوى على المارة في طرابلس وربما في غيرها، وبتلك الفوقية وبتلك الميكيافيلية.. ولكن ماذا يعني حين تسقط هذه الهياكل العظمية التي رأينا صورها في محرقة الإعلام وفي محرقة المذاهب؟
عبدالله المحيسني السعودي قال إن تحرير حلب يقتضي وقتاً قصيراً.. يا رجل! لا يستحقّ المحيسني، التائه بين موقف وموقف، وبين عاصمة وعاصمة، وبين سفارة وسفارة، بضع كلمات.. لكن ما تفوّه به يُظهر مدى جهله لطبيعة شعبنا السوري في حلب؟
كاد إعلام مشيخات الخليج المتواطئ ضد كل بيت سوري، ضد كل جدول ماء، ضد كل حديقة، ضد كل مصنع، ضد كل جامعة، ضد كل كائن بشري.. كاد هذا الإعلام أن يفوز ليعلن أن سورية الدولة ذاهبة الى «ليلة العدم»، لولا أن «الميادين» وبما ملكته من رصيد أخلاقي لكان الإعلام المعادي حوّلنا إلى مستودعات للغيب.. كما الى مستودعات للغياب؟