محظوران يهدّدان النسيج الوطني: التمديد للنيابي وانتخابات بـ «الستين» القوى الإصلاحية والعلمانية ملزمة بالنزول إلى الشارع لمعارضة التمديد و«الستين»

ناصر قنديل

ربع السنة الأخير قبل الانهيار، هذا هو الانطباع الذي يرسمه لك المشاركون في الحلقة الأولى من الندوة التي دعت إليها «البناء» بالتعاون مع الشبكة الوطنية للإرسال «أن بي أن»، والتي شارك فيها إضافة لراعيها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو، النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي ووزير الداخلية السابق زياد بارود والباحث الأكاديمي في القانون الدستوري الدكتور وسيم منصوري.

ربع سنة ما قبل الانهيار هي الشهور التي تفصلنا عن تشرين الثاني، الموعد الأخير المفترض لإقرار قانون انتخابي جديد، قبل الدخول في العطل، ليتسنى قانونياً وإدارياً إجراء الخطوات المحددة بمهل مثل إعداد لوائح الشطب خلال ثلاثة أشهر، والتحضير لدعوة الهيئات الناخبة خلال ثلاثة أشهر أخرى، وتخطي هامش الأعياد والعطل وترك هامش شهرين لوزارة الداخلية لترتيباتها الإدارية استعداداً للانتخابات، وما لم يُقرّ قانون انتخابي جديد في الفترة التي تفصلنا عن تشرين الثاني، فهذا يعني استحالة بلوغ شباط بلا قانون جديد والحديث عن انتخابات نيابية وفق قانون جديد، كما قال الوزير السابق زياد بارود، إلا وفقاً للقانون القائم والمختلَف حول شرعيته، كما يقول الدكتور وسيم منصوري، والمقصود به قانون الستين الذي قالت فيه هيئة الاستشارات في وزارة العدل إنه أقر للعمل به مرة واحدة، ما يعني أن الهيئة التشريعية، مجلس النواب ألزمت نفسها بإقرار قانون جديد ليتم إجراء أول انتخابات نيابية تلي اعتماد هذا القانون.

وبكل الأحوال أجمع المشاركون على استحالة إجراء انتخابات وفقاً لهذا القانون فالرئيس الفرزلي يقطع بلا تردد بأن التيار الوطني الحر لن يدخل انتخابات على أساس هذا القانون، ويربط الفرزلي كل مشاركة مسيحية وازنة في الاستحقاقات المقبلة بإجابة وافية ومباشرة على مفهوم الشراكة الذي يتجسّد أولاً وأخيراً في قانون الانتخاب. وهو ما دأبت الصياغات السابقة له على تصميمه لخطف وسرقة المقاعد المسيحية بتقسيم دوائر يتيح إنتاج الشراكة بتزوير التمثيل المسيحي بأصوات غير المسيحيين. وهذا ما كان السعي لوضع حد له بالأصل وراء فلسفة القانون الأرثوذكسي الذي حظي بشبه إجماع مسيحي ويعود الآن إلى الواجهة مع مناقشة انتخاب مجلس للنواب خارج القيد الطائفي، وفقاً للبنان دائرة انتخابية واحدة واعتماد النسبية من خارج القيد الطائفي، وانتخاب مجلس للشيوخ وفقاً للقانون الأرثوذكسي لتنتخب الطوائف ممثليها لمجلس يتولى طمأنتها تجاه الثوابت التي يفترض أن توافق اللبنانيين يحميها، بمعزل عن تغيّر النسب العددية بين طوائفهم، وفقاً لمفهوم ميثاق العيش المشترك.

يقول الوزير السابق علي قانصو، إن المماطلة والتسويف من الذين تسنّى لهم إنتاج غالبيات تتيح التحكم بالنظام السياسي، وفقاً لقوانين انتخاب فصلت على قياسهم، وتعيد معهم إنتاج النظام الطائفي، لا يأتيان بالصدفة. فالتخطيط لإحباط الفرصة التي وضعها رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام المجتمعين في هيئة الحوار الوطني يريد أخذ لبنان واللبنانيين إلى كمين محكم يخيّرهم بين انتخابات تعيد إنتاج هذه القوى، ومعها إعادة إنتاج النظام الطائفي بأبشع تعبيراته، وفقاً لقانون الستين، وإلا التذرع بعدم إمكانية التوافق على قانون جديد للانتخابات، وعدم إمكانية إجراء الانتخابات على اساس قانون الستين الذي ترفضه قوى أساسية في المجلس النيابي والمشهد السياسي للذهاب إلى تمديد جديد للمجلس النيابي يسمّونه حينها تقنياً. وهذا ما يستدعي من كل الداعين للإصلاح والرافضين لهذا الدوران في الحلقة المفرغة حشد قواهم دعماً لصيغة المجلسين، التي لا يجوز أن تضيع فرصتها لأنها آخر فرص ما قبل الانهيار.

ماذا يحدث إذا لم نذهب لقانون جديد ورفضت قوى وازنة انتخابات على أساس قانون الستين، وحالت توازنات المجلس النيابي دون التمديد مرة أخرى، خصوصاً بعدما أسقط المجلس الدستوري هذه الفرصة بقوله بسقوط الذريعة التي بررت التمديد للمجلس النيابي، بعدما نجحت وزارة الداخلية بإجراء الانتخابات البلدية؟

يجيب الجميع، ندخل في الفراغ الكامل الذي يصير معه المؤتمر التأسيسي خياراً حتمياً وما يعنيه من سقوط لاتفاق الطائف المذبوح بسكين عدم تطبيق آخر وأهم ما تبقى من بنوده بلا تطبيق. وسيكون عرابو ذهابنا إلى المؤتمر التأسيسي ودفن الطائف، دعاة الطائف نظرياً الذي يتولى بعضهم تعطيل فرص التوافق على قانون انتخاب جديد، ويحاولون تفريغ صيغة المجلسين من مضمونها بالسعي ليكون المجلسان على أساس طائفي خلافاً للطائف والدستور، وخلافاً لمنطق الحاجة والضرورة. فما الحاجة لمجلس شيوخ إن بقي مجلس النواب على اساس طائفي أصلاً؟ والمبرر الوحيد لمجلس الشيوخ هو طمأنة هواجس الطوائف من انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي بمنح مجلس الشيوخ الذي يضمن تمثيلاً طائفياً مفرطاً يوفره القانون الأرثوذكسي، ليمنعوا حدوث ما يخشون حدوثه مع مجلس نيابي خارج القيد الطائفي.

ربع السنة ألأخير قبل الانهيار لا يحول دون وقوعه أن تأتي توافقات إقليمية ودولية تتيح صناعة تسويات داخلية. كما وجد المشاركون في ابتعاد العالم عن التطلع لغير الوضع الأمني في لبنان، ولم تعد لنظامه السياسي صفة وظيفية في توازنات المنطقة. وهذا ما يفسر النأي الدولي والإقليمي عن السعي لبلورة مخارج للفراغ الرئاسي، رغم مرور سنتين ونصف عليه، والتفاهمات الإقليمية والدولية تتيح إنتاج التفاهم الداخلي لكنها لا تصنعه، فالأزمة رغم ضراوة المشهد الإقليمي والدولي تبدو، بامتياز ذات شق داخلي عميق، يعبر عن عجز متمادٍ لم يشهد لبنان مثله من قبل، حيث لا تطلعات طائفية لتعديلات دستورية تعدل النصاب بين الطوائف، كما كان الحال في الأزمات السابقة طوال القرن الماضي، التي طواها الطائف، والتي نجح النظام السياسي بإعادة إنتاج الرئاسة خلالها، رغم الحروب المحلية والإقليمية، وعندما عجز كان العجز مدخلاً للتغيير الذي أدخله اتفاق الطائف على النظام السياسي، بينما هذه المرة، تتيح النصوص الدستورية فرصاً لتفاهمات يعجز السياسيون عن القيام بها والتوافق حولها، كما يعجزون عن إجراء انتخابات نيابية، وسيعجزون عن التمديد لمجلسهم مرة جديدة، وعن إجراء الانتخابات وفقاً للقانون القديم، ويواصلون العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، لن يقدر تفاهم الخارج على تحقيق التوافق حوله دون عبور حقول الألغام اللبنانية التي تراكمت حول الاستحقاق الرئاسي ضمن مفهوم السلة التي تتضمن قانون انتخاب جديداً.

ربع السنة الأخير قبل الانهيار، ما لم يتحرك الرأي العام، هي خلاصة الحلقة الأولى من ندوة «صيغة مجلسي النواب والشيوخ من اتفاق الطائف إلى الفراغ الرئاسي، والتي خصصت للبحث في الإطار السياسي للموضوع، والتي ستبث وقائعها قناة «أن بي أن» الساعة الثامنة والنصف من مساء اليوم، لتليها الأسبوع المقبل حلقة ثانية تحت عنوان الإطار الميثاقي، وبعد أسبوع آخر حلقة ثالثة حول الإطار الدستوري والقانوني، أملاً أن تخرج الحلقات الثلاث بتوصيات وخلاصات تضعها «البناء» بين أيدي اللبنانيين ونخبهم وقادة الرأي فيهم إسهاماً في نقاش وطني عام يحتاجه اللبنانيون أكثر من أي وقت مضى.

قدّم رئيس تحرير «البناء» ناصر قنديل للندوة قائلاً: «بدعوة من صحيفة البناء والشبكة الوطنية للارسال أن بي أن برعاية رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصوه نقوم بتخصيص ورشة عمل سياسية وقانونية حول موضوع إنشاء مجلسي الشيوخ والنواب الأمر الذي يشكّل العنوان الأبرز في الحياة السياسية اللبنانية في ظل الفراغ الرئاسي يعيشه لبنان.

هل يمكن إستيلاد قانون للانتخابات النيابية يشكل مدخلاً للخروج من الأزمة أو يتلازم مع انتخاب الرئيس لصياغة السلة المتكاملة التي يجري الحديث عنها في هيئة الحوار، وهل أن صيغة المجلسين النواب والشيوخ التي ولدت في الطائف كإطار مرحلي للخروج من الطائفية وضمان صحة التمثيل والتي بدأت هيئة الحوار بنقاشها تشكل الوصفة الأمثل لتحقيق هذا الخروج من المأزق؟ سواء معالجة الأزمة الرئاسية أو ما بعد الأزمة الرئاسية وثانياً هل صيغة المجلسين تطمئن الطوائف وما هي الصيغة القانونية للمجلس التي تلبي التطلعات بعد أن بات هناك شبه اجماع على أن النسبية هي الأمثل ولبنان دائرة واحدة ومجلس نيابي خارج القيد الطائفي والقانون الأرثوذوكسي لمجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف؟

هذه العناوين سنحاول مع ضيوف في الحلقة الأولى من الورشة المخصصة للإطار السياسي للعنوان الأكبر صيغة مجلسي الشيوخ والنواب من الطائف الى الفراغ الى هيئة الحوار وسنكون مع حلقة ثانية وضيوف آخرين للاطار الميثاقي والثالثة للاطار القانوني والدستوري.

ممر إلزامي

وسلم الكلام إلى الرئيس الفرزلي فقال: النسبية هي الأساس في الإقتراح الأرثوذكسي، عندما طرحت هذا الإقتراح حصلت نقاشات كثيرة مع الأحزاب ومنهم الحزب السوري القومي الاجتماعي مع تمسكه بموقفه المبدئي لكن المنطق مطروح لديه، الفكرة الأساسية في الإقتراح هي النسبية ولا يبقى شيء من القانون الأرثوذكسي بلا النسبية، تحويل لبنان إلى دائرة إنتخابية واحدة تحافظ على وحدة البلد وتسقط المناطقية والشرذمة، عبر انتخاب كل طائفة لنوابها على قاعدة النسبية مرحلياً وبصورة إنتقالية.

سأل قنديل: هل لديك رقم لعدد مجلس شيوخ؟

الفرزلي: الأمثل 44.

قانصو: طرح السنيورة على طاولة الحوار بين الـ 40 والـ50 عضواً، وطرح آخر أن تتساوى المذاهب في توزيع عدد المقاعد.

الفرزلي: موضوع مجلس الشيوخ ممر الزامي للطريق السليم. واستطرد: يجب ألاّ يعتقد أحد من هؤلاء أنه باستطاعاته أن يناور للوصول الى مرحلة تطبيق قانون الستين في الإنتخابات النيابية المقبلة، وهذه المرة لن يستطيع الاستثمار بالدم لتحصيل أكثرية نيابية لوضع اليد على البلد، أي محاولة لفرض قانون الستين سيتحرك الشارع ويبدأ الإعتراض والعصيان المدني، وقد أحسن الرئيس نبيه بري عندما قال إن الذي يريد الستين يريد ثورة، أبلغ الرأي العام وكل القوى السياسية المعنية أن يكون هذا الأمر معلوماً عند كل الأطراف وأحمل مسؤولية كبيرة للرئيس فؤاد السنيورة بما يمثل كتيار بأنه يريد إبقاء البلد بالتعاطي مع المكون المسيحي على قاعدة 22 نائب مسيحي مستولدين في كنف المكونات الأخرى، وستبدأ مؤشرات المواقف قريباً لتبعث بالرسائل ليفهمها القاصي والداني، لا أحد يقول لي الطائف، الطائف ليس منزلاً ومقدساً، كما كانت المارونية السياسية سابقاً، لا طائف ولا من يحزنون اذا لم يتم التسليم بالتمسك بالشراكة الوطنية بطريقة سليمة متمسكون بالطائف بمقدار الإلتزام بتنفيذه، أما إذا نكثه الطرف الآخر فلا علاقة لنا بالطائف، وأحسن الرئيس بري عندما قال إن الذين يدعون الحفاظ على الطائف هم الذين يهرولون إلى مؤتمر تأسيسي.

قنديل: أضفت يا دولة الرئيس إلى المسلمة التي اقترحها معالي الوزير بارود أن لا إمكانية للحديث عن إصلاح من دون المادة 22 وأن لا إمكانية لتطبيق المادة 22 بلا القانون الارذوذوكسي.

مرحلة خطر

وتحدث بارود قائلاً: نحن في مرحلة الخطر اعتباراً من تشرين المقبل للدخول في المحظورين، لكن إذا تم انتخاب رئيس تصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال بانتظار تشكيل حكومة جديدة ثم توقيع مرسوم تشكيلها وبيان وزاري وجلسة ثقة،وربما حينها يقال أعطونا أشهراً إضافية للتمديد للمجلس النيابي لإقرار قانون جديد للانتخابات وإجراء إنتخابات نياية جديدة.

أزمة سياسيين

ثم تحدث منصوري قائلا: للمرة الأولى في تاريخ لبنان نرى أن السياسيين هم في أزمة وليست أزمة نظام، منذ العام 1840 ما يسمى بفكرة الميثاق الوطني، استكملت بالميثاق الوطني غير المكتوب في العام 1943 ثم المكتوب في العام 1989 لا شرعية لسلطة تناقض ميثاق العيش المشترك ، كل هذه الميثاقية التي نشأ عليها النظام للمرة الأولى نحن أمام سياسيين يريدون دولة لكن عاجزين عن حل أزمة، أو تطبيق نص سيء أو غير سيء، ووقف تعطيل عجلة عمل الدستور والقانون في لبنان، لا يمكن قراءة نص قانوني إلا من نظرة سياسية، اليوم نحن أمام أزمة حقيقية، أساس القاعدة السياسية هو المجتمع والعمل السياسي هو المجتمع، لكن القانون يجب أن يحكم العمل السياسي أي أن الرأي الاجتماعي يتحول الى قاعدة قانونية ومن ثم القاعدة تحاكم العمل الاجتماعي الذي يمارس من خلال السياسة، الأزمة اليوم تتأتى من أن القدرة القانونية والدستورية لمحاسبة السياسة باتت منعدمة، إنشاء مجلس شيوخ وتطبيق المادة 22 من الدستور هو الأساس والنص واضح، إذا كنا نعلم أن إنشاء مجلس نيابي وطني من خارج القيد الطائفي بات مستحيلاً، وإلغاء الطائفية السياسية أصبح أمرا صعبا، لا بد من البحث عن تفعيل النصوص وإيجاد مخارج مثل إنشاء مجلس شيوخ وقانون أرثوذكسي مع مجلس نيابي من خارج القيد الطائفي، يثبت النظام الديقمراطي اللبناني الذي يقوم على ثلاث أسس: الحرية السياسية والإعلامية وأن يكون الفرد محترما في مجتمعه، والتعددية، لا يوجد تعددية سياسية في لبنان بل تعددية طائفية، ويجب أن نحول التعددية الطائفية الى سياسية بما يحافظ على النظام الديمقراطي في لبنان، ولا بد من طمأنة كل المكونات كنقطة أساسية. الطوائف لا تخشى على مصالحها، والسياسي نجح في ان يقول للطائفة أنه يحافظ على وجودها وليس على مصالحه، بينما الطوائف تخشى على وجودها وبالتالي تخشى أي تغيير، ما نحتاجه طمأنة المكونات اللبنانية، صيغة المجلسين تحقق الغرض، طاولة الحوار هي أقرب لمجلس الشيوخ.

الشرعية الشعبية

الفرزلي: «هناك أمران مهمان قالهما الدكتور، إن القاعدة الشعبية لم تعد قاعدة قانونية، ليس المهم أن تطرح الأمور على الرأي العام، بل المهم وجود رأي عام يستطيع محاسبة المسؤول على مدى تمتعه بالأخلاقية الدستورية والقانونية، وبالتالي تنافس سياسي بين الأحزاب ونظام إنتخابي ينتج معارضة وموالاة حقيقيتين، تحتاج الى إعلام حر حقيقي.

بارود: «هكذا يا دولة الرئيس يبدو الإعلام والرأي العام هما المسؤولان عن الأزمة ونعذر الطبقة السياسية».

الفرزلي: «الأهم في القانون الارثوذكسي هو نتائجه المباشرة، أي تحويل التعددية الطائفية الى تعددية سياسية، فعندما تلزم الطوائف بالنسبية ستتفجر من الداخل وتفرز تيارات متعددة، لا قيمة لها في الخريطة الانتخابية والسياسية إذا لم تتفق مع تيارات أخرى ضمن طوائف أخرى، وهكذا في مجلس الشيوخ».

منصوري: «على الناس مسؤولية، لكن على السطة المسؤولية الأكبر. الأساس هو قانون انتخاب على النسبية بغض النظر عن شكلها، من منطلق دستوري النسبية ضرورة ملحة والسبب كي يتمثل كل المواطنين في البرلمان. وعلى كل من يدعو للنسبية أن يثق بنفسه بأنه سيبقى في الندوة البرلمانية، والقوى السياسية تخاف على وجودها وحجمها».

قوة الرأي العام

قنديل: هل هذه القوى السياسية التي خلقت الأزمة بإمكانها أن تخرج بحلول، أم أن الوضع ذاهب الى مهوار؟ وربما هي بحاجة الى المحظور الذي حذر منه بري «إياكم أن تذهب البلاد الى ثورة أو حرب أهلية أو مؤتمر تأسيسي»، هل نحن أمام هذه الخيارات الثلاثة أم هناك كوة تفتح في الجدار؟

بارود: في حالة الإنتظار وصيغة المجلسين المستجدة، هل نضع قانون الإنتخاب على الرف بانتظار حل أزمة مجلس الشيوخ، خصوصاً أن قانون الإنتخاب تأسيسي؟ وماذا لو لم ننجح بمجلس الشيوخ، هل نصرف النظر عن كل شيء؟

قانصو: اذا سننتظر، بلا قوة الراي العام لن يتخلو عن مصالحهم، لن يتخلوا عنها الا بالنزول الى الشارع، والمح اليها الفرولي.

قنديل: هل تشبه هذه الأزمة مرحلة ما قبل الطائف، حيث جاء الطائف وفتح كوة السلم الأهلي ودورة المؤسسات الرسمية والدستورية؟ هل نصل اليوم الى انسداد مشابه؟ وفر لنا الطائف، من حسن الحظ، فرصة ومدخلا للخروج من هذا الإنسداد، من بوابة صيغة المجلسين. والنقطة الثانية من السؤال هل هناك أمل للقانون الأرثوذكسي، من بوابة هذا الطرح، وفرصة لتصحيح التمثيل؟

الشراكة الوطنية

الفرزلي: الغاية والهدف من تشكيل مجلس الشيوخ هو طمأنة المكونات الطائفية الموجودة من القضايا التي تشكل حالات خلافية، وبالتالي، تنعكس على طمأنة الطوائف من الخلافات الحقيقية حول مسألة صيغة الشراكة الوطنية وتهديد هذه الصيغة التي تجسدت بثلاثة صور واضحة صارخة جلية بعد اتفاق الطائف، الذي بالرغم من عوراته، لكننا معه عندما تم التعامل مع المكون المسيحي في لبنان على أنه تفليسة يجب توزيع حصصها النيابية والوزراية والإدارية على مختلف الطوائف الأخرى، ولا أحد يتجرأ من كل السلطة أن يقول إن هذا الكلام غير دقيق، وعن كيفية التصرف على قاعدة الإيحاء بأن الوصاية السورية آنذاك كانت تريد ذلك، بل أن المستفيدين يريدون ذلك، والدليل ما الذي منع بعد خروج سورية من لبنان أن يقر قانون نيابي جديد يلحظ فكرة تطبيق الدستور اللبناني، ويعيد إنتاج مكونات جديدة على قاعدة شراكة حقيقة؟ المعركة اليوم هي إعادة إنتاج شراكة حقيقية، وخيراً فعلوا عندما تحدثوا عن اقتراح الغاء الطائفية السياسية. يجب أن تمر البلاد بمرحلة إنتقالية ويتم التركيز على مجلس الشيوخ لطمأنة المكونات، ونبدأ بالتجربة الوطنية وإنجاحها لتاكل تدريجياً من فكرة الطائفية، وهذا هو الممر الإلزامي أي أن ننتقل من حالة الى حالة في البلد.

قنديل: هل فعلاً فقط المشكلة هي الطائفية بالحديث عن دائرة واحدة وتمثيل نسبي، أم ان هناك بيوتات سياسية مهددة بالإنقراض، عندما نتحدث عن دائرة واحدة وتمثيل نسبي الى أي مدى يمكن أن يكون مجلس الشيوخ إطارا يطمئن الفريقين: الطوائف وهواجسها والبيوتات السياسية، قانون نسبي شامل أم نذهب الى دائرة فردية؟

تلازم المجلسين

بارود: تحدث دولة الرئيس عن أزمة نظام تشمل كل ما تحدثت به دولتك ومستمرة منذ عقود، ولا شيئ يظهر أننا سنخرج منها لاننا نطرح دائماً من يستفيد من هذا القانون او ذاك. من غير المقبول أن تحرك البيوتات التشريع بناءً على مصالهحا، الطاولة المستديرة التي دعينا اليها مشكورين بموازاة طاولة الحوار وحصول طاولات حوار أخرى تقدم مساهمات متواضعة في نقاشات الضرورة، ومشكورة «البناء» و أن بي أن ، نحن في أزمة نظام وخيارات والدستور ليست جامدة وليست غاية بل وسيلة، والغاية هي استقرار البلد وازدهاره. النسبية وسيلة لادارة المشاركة والتنوع السياسي قبل أن يكون التنوع طائفيا، وهناك أقليات لا تتمثل الا بالنسبية، لا نتمسك بالنسبية كباب إصلاحي قط، بل لأنه يشبه البلد ومتنوع، وإدارة التنوع عبر النظام الانتخابي. موضوع السلة ومن ضمنها مجلس الشيوخ لا تعني التلازم في التطبيق، بل مجموعة موضوعات وجزء من كل، لا يعني ان نطبقها كلها وممكن جدولة التطبيق، وهذه الجدولة جزء من الحل، والإتفاق يقضي مرور شيئ قبل الآخر، ولو طبق الطائف وشكل مجلس الشيوخ منذ 1990 لما طرح اللقاء الأرذوذكسي، نحن في مرحلة إنتقالية ومن أدق المراحل، إذا أردنا تطبيق المادة 22، هل نضع قانونا من خارج القيد الطائفي ثم نذهب الى مجلس الشيوخ؟ الرئيس بري يعرف البلد جيداً وكان بمرحلة من المراحل لا يمانع البحث في موضوع التلازم بين المجلسين إذاكان ذلك يريح البلد.

قنديل لقانصو: هل تم طرح التلازم على طاولة الحوار؟

قانصو: أشار الرئيس بري الى مجلس نيابي ثم مجلس شيوخ، لكنه قال أنه «ومع ذلك أتحمس للتلازم لأطمئن الطوائف، ساحمل النص أكثر ما يحتمل لنطبق التلازم ومعظم أطراف الحوار سلموا بذلك».

بارود: مجلس الشيوخ يعني ان الطوائف تنتخب ممثليها، والأمور المصيرية في البلد أي المواضيع الأساسية في المادة 65 تصبح أغلبها من صلاحياته، مجلس الشيوخ ليس محكمة دستورية بل حالة تمثيلية.

قانصو: على طاولة الحوار كنا سباقين وطرح حردان تصورا لصلاحيات مجلس الشيوخ، وفي الجلسة الثانية فتح السنيورة الدستور وبدأ بالمقدمة، مثلا لبنان لجميع اللبنانيين، مثلا لا شرعية لسلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، واعتبرها السنيورة ثوابت الوفاق الوطني وأي قرار يخرج أو قانون يناقض هذه الثوابت يعطى لمجلس الشيوخ استخدام الفيتو لتعطيلها. وعاد الى الأحوال الشخصية وكان شبه توافق على أن مجلس الشيوخ سلطة فيتو وليس سلطة تشريع. ثم ضم بري الموازنة اليه.

قانصو متابعا: الحزب السوري القومي الاجتماعي لم يكتف في الموقف، بل تقدم باقتراح قانون عام 1997 للمجلس النيابي لإقرار قانون انتخابات نيابية على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة، وعلى قاعدة النسبية وخارج القيد الطائفي، وهذ النظام الإنتخابي يؤمن صحة وعدالة التمثيل وصهر اللبنانيين، فيتراجع الخطاب الطائفي ونجنب المواطنين الصدام الدائم، لأن المذهبية والشعارات الطائفية عامل مؤجج للعصبيات، ولا حل للصراع الطائفي إلا بقانون النسبية، على ان يتزامن مع مجلس شيوخ يطمئن العائلات الروحية. فكرة النزول الى الشارع وتعبئة الشارع وأخذ الناس الى مواقف كبيرة وشجاعة طلباً للاصلاح السياسي حاولنا طرحها على مجموعة أحزاب وكانت نصيحتنا الدائمة أيانا أن نخطو دعسة ناقصة بالنزول للشارع، من دون التنسيق مع كل الشرائح والنخب والأحزاب، ندعو «تيار المستقبل» و»القوات» و»الكتائب» للنزول معنا، إذا لم تنزل مروحة واسعة من الأحزاب وقوة شعبية كبيرة لا قيمة للنزول الى الشارع.

النزول الى الشارع

هتاف: هل الأحزاب التي تطالب بقانون انتخابي على أساس دائرة انتخابية واحدة وفق النسبية وخارج القيد الطائفي على استعداد للنزول الى الشارع رفضاً للإبقاء لقانون الستين؟

قانصوه: نحن طبعاً

قنديل: الحزب السوري القومي الاجتماعي هو من رواد الدعوة للنسبية، ومشروعه والأحزاب العلمانية الأخرى والوطنية يفترض أن تكون فرصتها السياسية ومشروعها، لذلك يجب على الأحزاب فرض قوة ضغط في الشارع لتحريك الرأي العام، في هذه اللحظة ألا يستدعي إعلان حالة طوارئ في الأحزاب والنخب والمثقفين وهيئات المجتمع المدني من خارج استقطاب 8 و14 آذار للدفاع عن فكرة المجلسين، وأن يكون للحزب السوري القومي الاجتماعي دور ريادي في إطلاق هذا الملتقى؟ هل يمكن أن تلتقي القوى التي تقول إنها مؤمنة بصيغة المجلسين على قرار يعلن للناس أننا لن نرضى تمديداً جديداً لمجلس النواب تحت أي ظرف ولا إنتخابات نيابية على قانون الستين تحت أي ظرف، والمعبر الإلزامي إما أن تمروا به وهو صيغة المجلسين لنذهب الى لبنان جديد، أو تتحملوا انهيار الهيكل على رؤوسكم.

قانصوه: الحزب السوري القومي الاجتماعي لم يكتف بالموقف بل تقدم باقتراح قانون عام 1997 للمجلس النيابي لإقرار قانون انتخابات نيابية على أساس لبنان دائرة إنتخابية واحدة، وعلى قاعدة النسبية وخارج القيد الطائفي. وهذ النظام الإنتخابي يؤمن صحة وعدالة التمثيل وصهر اللبنانيين، مع تراجع الخطاب الطائفي، ونجنب المواطنين الصدام الدائم لأن المذهبية والشعارات الطائفية عامل مؤجج للعصبيات. فلا حل للصراع الطائفي إلا بقانون النسبية ويتزامن مع مجلس شيوخ يطمئن العائلات الروحية. فكرة النزول الى الشارع وتعبئة الشارع وأخذ الناس الى مواقف كبيرة وشجاعة طلباً للاصلاح السياسي، حاولنا طرحها على مجموعة أحزاب وكانت نصيحتنا الدائمة أيانا أن نخطو دعسة ناقصة بالنزول للشارع، من دون التنسيق مع كل الشرائح والنخب والأحزاب، من كل الأحزاب. ندعو «تيار المستقبل» و»القوات» و»الكتائب» للنزول معنا، إذا لم تنزل مروحة واسعة من الأحزاب وقوة شعبية كبيرة لا قيمة للنزول الى الشارع. خطوة أولى المروحة الواسعة والثانية بالقوى السياسية المؤمنة بالفكرة الإصلاحية وتحتاج الى حوار وبرنامج تحرك.

قنديل: «لا إمكانية لتجاوز خطر الانهيار بالتمديد أو بانتخابات على قانون الستين، إذا لم تنزل الناس للشارع لمنعه من خلال التمسك بصيغة المجلسين. ولا يمكن النزول الى الشارع والنجاح إذا لم يكن النزول جامعا والقوى التي تملك قدرة المنع وقدرة الجمع هي مع الستين ومع التمديد، وبالتالي تعطل حركة الشارع.

الفرزلي مقاطعا قنديل: «هناك قوى ومروحة واسعة من القوى عندما تقدم على محاولة تسويق الفكرة مع الجميع حينها ينعزل الفريق الممانع.

قنديل: إذا كانت هناك فرصة لإنتاج هذا التشبيك السياسي القادر على إنتاج شارع غير طائفي، ألا يكون هذا كافياً على مستوى المؤسسات لإنجاز تفاهم بلا الشارع؟

قانصوه: خطوة أولى المروحة الواسعة والثانية بالقوى السياسية المؤمنة بالفكرة الإصلاحية وتحتاج حوارا وبرنامج تحرك.

قنديل: هل يمكن أن تلتقي القوى التي تقول إنها مؤمنة بصيغة المجلسين على قرار يعلن للناس أننا لن نرضى تمديداً جديداً لمجلس النواب تحت أي ظرف، ولا إنتخابات نيابية على قانون الستين تحت أي ظرف، وهذا المعبر الزامي، إما أن تمروا به وهو صيغة المجلسين لنذهب الى لبنان جديد، أو تتحملوا انهيار الهيكل على رؤوسكم؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى