احتفال حاشد في بنت جبيل بالذكرى العاشرة لانتصار تموز 2006

أكّد الأمين العام لحزب لله السيد حسن نصرالله، أنّ «التزامنا مع العماد ميشال عون للرئاسة يعود إلى ما قبل حرب تموز»، وقال: «من الواضح أنّ لبنان ينتظر ما سيحصل في المنطقة رغم أنّ الحل في أيدينا والجميع متفق على رئيس للجمهوريّة، ونحن نؤكّد التزامنا بالعماد عون». وشدّد على استمرار الحوار وعلى ضرورة تحمّل الحكومة مسؤوليّاتها في موضوع النفط والغاز في ظلّ العجز، مؤكّداً أنّ «طاولة الحوار ليست عبثيّة، وهذه محطة اطمئنان سياسي أمني في البلد».

ودعا «الجماعات التكفيريّة في سورية والعراق إلى وقف القتال وإلقاء السلاح إذا تبقّى لديهم شيء من الإسلام، لافتاً إلى أنّه «بعد «داعش» سيحين موعد حصاد بقيّة المجموعات التكفيريّة التي صنعتها أميركا وحلفاؤها». وشدّد على أنّ «لا خيار أمامنا إلّا أن نبقى في الساحات في حلب وفي كل مكان يقتضيه الواجب أن نكون».

كلام السيد نصرالله جاء خلال إحياء حزب الله الذكرى العاشرة للانتصار في حرب تموز 2006، باحتفال مركزيّ أقامه في باحة مجمع موسى عباس في مدينة بنت جبيل، تحدّث فيه وحضره النائب عبد المجيد صالح ممثّلاً رئيسي مجلسي النوّاب نبيه برّي والوزراء تمام سلام، سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد فتحعلي، سفير الجمهورية العربية السورية علي عبد الكريم علي، ممثّلون عن عدد من البعثات الدبلوماسيّة، عدد من الوزراء والنوّاب من كتل نيابيّة مختلفة، ممثّلون عن قادة المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة، رجال الدين من مختلف الطوائف، قيادات من حزب الله، شخصيّات سياسيّة وقضائيّة وتربويّة، ممثّلون عن أحزاب وقوى وفصائل لبنانيّة وفلسطينيّة، حشود من عوائل الشهداء ووفود من الجرحى والأسرى المحرّرين وعوائلهم، وفود من مختلف المجالس البلديّة والاختياريّة وحشود جماهيريّة من مختلف المدن والبلدات والقرى الجنوبيّة.

وقد ازدانت الطرقات المؤدّية إلى باحة الاحتفال بلافتات عن المناسبة، ورايات حزب الله وصور قادته وشهدائه. وتوسّطت مكان الاحتفال منصّة كبيرة حملت شعار المناسبة لهذا العام «زمن الانتصارات»، مع عدد من الصور التي تبرز انتصارات المقاومة ومفاجآتها، وأخرى تبرز هزيمة جيش الاحتلال. كما وضُعت عند دوّار الاستشهادي صلاح غندور آليّة عسكريّة مدمَّرة وبجانبها صورة للسيد نصرالله، كُتبَ عليها «إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت».

قدّم برنامج الاحتفال الإعلامي سهيل دياب، حيث كانت البداية مع القرآن الكريم للقارئ حسن نجفي، ثمّ النشيد الوطني ونشيد حزب الله، عزفتهما الفرقة الموسيقيّة في جمعيّة «كشافة الإمام المهدي». وقدّمت بعد ذلك فرقة المقاومة بقيادة المنشد علي العطار، باقة من أناشيد الانتصار والتحرير.

ثمّ أطلّ السيد نصرالله، عبر الشاشة، ملقياً خطاب المناسبة الذي استهلّه بشكر الله «الذي دافع عنّا ودفع عنّا وآوانا وأيّدنا بنصره»، و«كل الذين صنعوا هذا الانتصار، أو شاركوا في صنعه وإيجاده وحمايته ودعمه ومساندته، من رجال المقاومة والجيش الوطني والقوى الأمنيّة، من الشهداء والجرحى والأسرى والصامدين في أرضهم والمهجَّرين منها، والمحتضنين لهم والصابرين والمضحّين والمصابين، من القيادات الدينيّة والسياسيّة والعسكريّة والأمنيّة والإعلاميّة، والأحزاب والقوى والتيارات والهيئات والجمعيات ووسائل الإعلام، وكل الناس الطيّبين في لبنان وعلى امتداد العالم العربي والإسلامي وفي كل مكان من العالم». ووجّه شكراً خاصّاً لـ«الدول التي وقفت إلى جانب المقاومة وكانت معها في كل ما استطاعت، لسورية وللجمهوريّة الإسلاميّة في إيران، على الوقفة التاريخيّة لهما إلى جانب لبنان والمقاومة في حرب تموز 2006».

المقاومة أفشلت الأهداف الأميركيّة

وأكّد أنّ المقاومة أفشلت كل الأهداف التي سعى العدو «الإسرائيلي» لتحقيقها عبر الحرب في تموز 2006، ولفتَ إلى أنّ «هذا الإفشال يُعتبر من الأمور الهامّة التي تحقّقت في الحرب، لأنّها أسقطت أهداف العدوان الأميركيّة، لأنّ العدوان تمّ بقرار أميركي وتنفيذ «إسرائيلي»، وهو إنجاز كبير واستراتيجي للبنان».

وأشار إلى أنّ «من الأمور المهمّة التي تحقّقت خلال الحرب هو ما يتعلّق بنتائج الحرب»، ودعا «الباحثين والخبراء لاستقراء النتائج العسكريّة والثقافيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة لهذه الحرب، لنعرف جانباً آخر للانتصار في حرب تموز 2006»، مؤكّداً أنّ «هناك الكثير من النتائج التي لها تداعيات على الكيان الغاصب، وعلى لبنان والأمة».

وأوضح أنّ «من هذه النتائج اهتزاز المؤسّسة العسكريّة «الإسرائيليّة» من الداخل، حيث أصبح هناك حال تشتّت وضعف، وشبه حالة انهيار داخل هذه المؤسّسة»، لافتاً إلى «حصول خلافات بين القيادات العسكرية «الإسرائيليّة» فيما بينها من جهة، ومن جهة ثانية بينها وبين الجنود وصولاً إلى اتّهامات بالتخوين»، ورأى أنّ «هذه الأمور ليس لها سابقة في تاريخ الكيان الغاصب، ما أدّى إلى أزمة ثقة داخل المؤسسة العسكريّة على كافة الصُّعد، وبكافة الاتجاهات صعوداً ونزولاً».

وأشار السيد نصرالله إلى أنّ «من نتائج الحرب في 2006 حصول اهتزاز في ثقة الجمهور «الإسرائيلي» بالجيش الصهيوني بأنّه قادر على حسم المعركة وصنع الانتصار، وهذا أخطر شيء في الكيان الغاصب»، وتابع: «كما حصل اهتزاز في ثقة القيادة السياسيّة بالجيش الإسرائيلي»، وأضاف: «اهتزّت ثقة الجيش «الإسرائيلي» بالقيادة السياسيّة التي كانت خلال حرب تموز 2006 متردّدة وخائفة، واهتزاز ثقة الجمهور «الإسرائيلي» بالقيادة السياسيّة في الكيان»، لافتاً إلى أنّه «بعد 10 سنوات من الحرب لم ترمِّم «إسرائيل» قدراتها العسكرية، وقد عاد بعد حرب تموز في الكيان الغاصب السؤال عن الوجود والبقاء».

وأشار إلى أنّ «كل ما قالته المقاومة في لبنان يصدّقه «الإسرائيلي»، ونقول لهم اليوم إنّه لا يوجد نقطة في الكيان الغاصب بعيدة عن صواريخنا»، واشار إلى أنّه «بعد حرب تموز لم يعلنوا أهدافهم في حرب غزة، وذلك بسبب خوفهم من عدم تحقيقها»، وتابع: «نتيجة حرب تموز 2006 رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يقول، نحن نعلم أنّ الحرب القادمة إذا ما فُرضت علينا ستكون قاسية، ومع ذلك سنخرج ويدنا هي العليا لأنّه لن يكون لنا موعد ثانٍ»، وتوجّه لنتنياهو بالقول: «أنتم مجتمع أوهن من بيت العنكبوت، مجتمع تعب من القتال والدفاع عن نفسه»، وأوضح أنّ «المعركة كانت على الوعي، فانتصار تموز من بنت جبيل تكفّل بكيّ الوعي الإسرائيلي»، وشدّد على أنّه «في تاريخ الصراع مع «إسرائيل» يُعدّ انتصار تموز الإنجاز الأهمّ»، وأكّد أنّ «إسرائيل في حرب تموز أُصيبت في روحها وثقتها وإرادتها وجبروتها»، وأشار إلى أنّ «الإسرائيلي اليوم خائف من اجتياح الجليل بعد أن كانت بلداتنا تعيش على الخوف، و«إسرائيل» تعلم أنّ المقاومة في لبنان تزداد قوة وعزيمة وإرادة، وهذا ما يردع إسرائيل».

وعدّد السيد نصرالله بعض الأهداف التي أعلنها العدو «الإسرائيلي» لحرب تموز 2006 والتي فشل في تحقيقها، ومنها: «سحق المقاومة الذي كان أكبر هدف للعدوان، ومن ثمّ تحقيق أكبر قدر من تدمير وقتل لعناصر وقادة المقاومة وتدمير قدراتها ونزع سلاحها وشطب حزب الله من المعالة اللبنانية والإقليمية»، وتابع: «من أهادف العدوان نزع سلاح المقاومة في جنوب الليطاني وجعل منطقة جنوب الليطاني منطقة عازلة وتهجير الناس إلى شمال الليطاني».

وأضاف: «من هذه الأهداف التي تمّ إفشالها فرض قوّات متعدّدة الجنسيّات كالتي كانت تحتلّ العراق، ونشر هذه القوات على الحدود اللبنانية السورية لمنع انطلاق المقاومة من جديد، وإلحاق لبنان بالمنظومة السياسيّة لأميركا وحلفائها في المنطقة، ترميم قوة الرّدع «الإسرائيلي» التي كانت قد تآكلت بعد العام 2000 وإطلاق سراح العنصريّين الإسرائيليّين»، ولفتَ إلى أنّ «أهم من كل ذلك ما أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس، وهو ولادة شرق أوسط جديد ومن ثمّ السيطرة على سورية وضرب المقاومة في فلسطين ومحاصرة وعزل إيران، بما يعني السيطرة الأميركية على كل شيء في منطقتنا لمئات السنين»، مذكّراً بأنّ «كل هذه الأهداف سقطت في حرب تموز بفضل تضحيات المقاومين والجرحى والأسرى والأهالي والجيش اللبناني، وصمود الشعب والأحزاب، ونتيجة الإدارة والتكامل والشراكة في هذه المعركة».

حزب الله رأس الحربة

وتطرّق السيد نصرالله إلى ما يجري اليوم في المنطقة، فأكّد أنّ «حزب الله هو رأس الحربة في محور المقاومة، وهذا ما يفسّر محاربته عبر الأدوات الإرهابيّة»، وأشار إلى أنّ «الإدارة الأميركيّة صنعت الجماعات التكفيريّة الواسعة التي تدرّجت من القاعدة إلى «داعش» إلى «النصرة» من أجل بثّ هذه الفوضى الموجودة في منطقتنا، واعتمدت واشنطن سياسة الحرب بالوكالة عبر الدّعم من قِبَل السعودية وغيرها، وعبر تقديم التسهيلات وفتح حدود الدول لهم»، ولفتَ إلى أنّ «داعش والجماعات الإرهابيّة هي ورقة في الانتخابات الأميركيّة، لأنّ الجماعات الإرهابيّة تمّ استخدامها من قِبَل الأميركيّين، واليوم حان وقت التخلّص منهم والاستفادة من ذلك، فأميركا جاءت بهم ودعمتهم لتحقّق أهدافها ومن ثمّ تعمل للتخلّص منهم لتحقيق أهدافها في هذه المرحلة، وهذا ما سبق أن أعلنته لكل الجماعات الإرهابيّة».

ودعا «كل الجماعات الإرهابيّة في سورية والعراق وليبيا واليمن، وغيرها من الدول، إلى الوعي والإدراك أنّه تمّ استخدامهم لقتل أبناء المنطقة وتدمير دولها وتدمير محور المقاومة لمصلحة «إسرائيل» وأميركا»، ودعا «كل من ما زال يحمل السلاح من كلّ الجماعات الإرهابية لقتل أخيه في البلد والدين إلى التنبّه أنّ الحصاد الأميركي اليوم حان لـ«داعش»، والدور سيأتي على الجميع»، داعياً «الجماعات التكفيريّة في سورية والعراق إلى وقف القتال وإلقاء السلاح إذا تبقّى لديهم شيء من الإسلام».

وأسف «أنّ هناك من يفجّر نفسه وينتحر ليقتل أخيه الإنسان»، مشدّداً على «ضرورة وقف هذه الفتنة وبذل كل الجهود لذلك، لأنّه إذا استمر الإرهاب في خدمة الأميركي لا خيار لنا سوى بقتاله ومحاربته، وكل يوم يتأكّد لنا صوابيّة الخيار بالذهاب إلى سورية». وقال «سنكون حيث يجب أن نكون في حلب وفي غيرها، من أجل فلسطين وأسراها الذين يناضلون بالأمعاء الخاوية، من أجل المهجَّرين والمحاصرين من أجل لبنان وسورية واليمن وليبيا وغيرها من الدول».

نتعاطى بإيجابيّة مع أيّ طرح

في الشأن اللبناني، قال السيد نصرالله: «إذا كان هناك جهات معنيّة ولديها أسئلة حول الأزمة اللبنانيّة، وبالأخصّ حول رئاسة الحكومة، فنحن حاضرون للإجابة عن أيّ تفسيرات، ونحن سنتعاطى بإيجابيّة مع أيّ طرح»، مؤكّداً «أنّ مرشّحنا لرئاسة الجمهورية هو العماد ميشال عون، ومرشّحنا لرئاسة المجلس النيابيّ الوحيد والأكيد والقديم الجديد هو دولة الأخ الرئيس نبيه برّي، هو شريكنا وحركة أمل في الميدان والسياسة والمعاناة والتضحيات».

وشدّد السيد نصرالله على «أهميّة الحوار بين اللبنانيّين للتواصل بين الجميع وللبحث عن الحلول»، وطالب «الحكومة بتحمّل مسؤوليّاتها في مختلف المجالات»، ودعا «للاستفادة من الثروات اللبنانيّة، ولا سيّما استخراج نفطه وغازه وتسييله مالاً لمصلحة الشعب اللبناني»، مؤكّداً أنّ «لبنان لديه القدرة على حماية غازه ونفطه، وكل ما عليه هو الاستفادة من هذه الثروة».

وبمناسبة الذكرى السنويّة لتغييب الإمام السيد موسى الصدر، توجّه السيد نصرالله بـ«التحيّة إلى هذا الإمام المغيّب الذي يبقى إمام المقاومة، وإلى رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والأستاذ عباس بدر الدين»، كما توجّه السيد نصرالله بالتحية إلى الراحل السيد محمد حسين فضل الله ولدوره الأبوي خلال حرب تموز، حيث شبّه المجاهدين خلال الحرب بـ«البدريّين»، أي بصحابة رسول الله.

وختم: «نحن صمّمنا وحسمنا خيارنا، وسنواصل طريقنا هكذا بهذه الروح الصّلبة القويّة المؤمنة المصمّمة العازمة نفسها، نحن نواصل دربنا في لبنان، في سورية، في كل المنطقة. وأنا أقول لكم في ختام هذا الحفل المبارك، كما كان الانتصار في تموز، نحن دخلنا زمن الانتصارات، هذا عنوان الاحتفال، نحن دخلنا زمن الانتصارات، ولّى زمن الهزائم. المشروع الذي يتداعى الآن في العراق وفي سورية وفي المنطقة، النسخة الجديدة من المشروع الأميركي، وهو مشروع ضخم جداً، ومؤامرة خطيرة جداً، واستخدمت فيها كما قلت قبل قليل عشرات مليارات الدولارات، آلاف الأطنان، مئات آلاف المقاتلين، التحريض المذهبيّ، أقسى شيء تستطيع أميركا وأدواتها في المنطقة أن يفعلوه لم يفعلوه في تموز، وإنّما فعلوه الآن. كل شيء يستطيعون فعله فعلوه: فتنة طائفيّة، فتنة مذهبيّة، مال، فلوس، انتحاريّون، جمع للوحوش الكاسرة من كل أنحاء العالم، وهذا هو مشروعهم يتداعى، هذا المشروع لا مستقبل له، مستقبل لبنان هو المقاومة، مستقبل فلسطين هو المقاومة، مستقبل سورية هو المقاومة. ومستقبل المنطقة هو مستقبل شعوبنا وأمّتنا وكرامتها وعزّتها وسيادتها».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى