نصرالله لـ«إسرائيل»: ستبقون أوهن من بيت العنكبوت… ولكم المزيد من المفاجآت لـ«داعش» و«النصرة»: يساومون على رؤوسكم… وللحريري: رئاسة الحكومة ممكنة

كتب المحرّر السياسي

لا تزال مفاعيل التفاهمات التي يُصرّ الروس والإيرانيون والأتراك على كونها ثمرة المشاورات العالية المستوى التي شملت صناع القرار في الدول الثلاث التي تلعب دوراً مفصلياً حاسماً في سوريا على ضفتي الحرب، والتي ارتبطت موازين قوتها بحاصل هذه الحرب، وبينما تتحدث جماعات المعارضة السورية عن الثقة بالموقف التركي وتلقيها ضمانات، بأن لا تعديلات تطال موقف أنقرة، تؤكد مصادر متابعة للملف التركي في موسكو وطهران استحالة أن يكون لمصطلح التفاهم سوى تفسير واحد هو تراجع تركيا وفقاً لخطة تدريجية ومرحلية متفق عليها، عن موقعها السابق في الحرب لحساب موقع جديد، يتلقى نتائج الإنجازات العسكرية للحلف الذي يضم روسيا وإيران مع سوريا وحزب الله، ويوظفها اجتذاباً للمزيد من الجماعات المسلحة إلى خيار التسوية السياسية، بعد عزلها عن جماعات النصرة وداعش، بينما تفسّر المصادر نفسها جولات التصعيد التي تخوضها الجماعات المسلحة على كل الجبهات، كترجمة لقرار سعودي «إسرائيلي» لفرملة الاندفاعة التركية، وتقديم أوراق اعتماد هذه الجماعات للقيادة التركية بما يقول لها، لا زلنا أقوياء ولا داعي للتنازلات، بينما النقاش في أنقرة يدور حول أن المهم لم يعد بقدرة الجماعات المسلحة على الصمود، أو خوض حرب استنزاف، أو مواصلة القدرة على اقتطاع جزء من الجغرافيا السورية، بل حول انعكاس كل من هذه الاحتمالات على تجذر الوضع الكردي على الحدود، وهو وضع لا يزيله إلا أحد خيارين، انتصار الفريق الذي يقاتل ضد الدولة السورية بالسيطرة على الجغرافيا السورية الموحدة، أو الانخراط في تسوية تعيد توحيدها، على قاعدة التسليم بإدراك المكانة المحورية للرئيس السوري وجيشه وقيادته في أي صيغة جديدة لدولة سورية موحدة. وجاءت تطورات الأمس لتحمل جديدين لافتين في التطورات المتصلة بالدور التركي في الحرب. الأول بإلغاء أوامر المهمة الممنوحة لتحركات الجماعات المسلحة في المناطق الحدودية، وبداعي إجراءات تنظيمية جديدة لما بعد الانقلاب، والثاني بالتفجير الذي حصد مئة من قادة الجماعات المسلحة بين قتيل وجريح من فيلق الشام وصقور الجبل وسواهما من الجماعات، على معبر أطمة على الحدود التركية السورية، وصدور اتهامات من عدد من الجماعات المسلحة لتركيا بالوشاية بالقافلة ومن فيها.

في مناخ الارتباك الذي يصيب الجماعات المسلحة، وتفسيراتها لما يشهده الوضع التركي في الحرب، أطلّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الذكرى العاشرة للانتصار في حرب تموز، مستنفداً المناسبة في كمية من الرسائل المتعددة الاتجاهات، رغم أولوية ما يخصّ إسرائيل منها، محورها تركيز استحضار معادلة بيت العنكبوت كعقدة تصيب القيادة والمجتمع في كيان الاحتلال، واعداً بتعميق وهن بيت العنكبوت هذا والمزيد من المفاجآت، بينما توجه لقادة وعناصر جبهة النصرة وتنظيم داعش بمكاشفتهم، أن رؤوسهم معروضة للبيع والحصاد، وأن الحرب التي يخوضونها بلا أفق، وأن مشغليهم استنفدوا أغراضهم منهم، داعياً هؤلاء للحظة تأمل عن مغزى مواصلة غباء القتال الذي صار انتحاراً، يمكن وقف التمادي فيه بإلقاء السلاح، والبحث بحلول ومخاجر وتسويات، إن كان ثمّة من يريد أن يفكر، ولكن في كل حال، قال السيد ما دمتم تقاتلون فخيارنا قتالكم حتى النصر.

التفت السيد نصرالله للداخل اللبناني، في رسالة وجّهها للرئيس سعد الحريري، مفادها باختصار، إذا كانت مشكلتكم في التوافق معنا على خيار العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية هي القلق على مستقبلكم في رئاسة الحكومة، ويقتصر الأمر على طلبكم سماع تطمينات منا بهذا الصدد، فلا مشكلة نحن مستعدون لنطمئن ونتعامل بإيجابية مع هذا الأمر، إذا بدرت منكم إيجابيات تجاه الملف الرئاسي.

الذكرى تفرض نفسها على الخطاب

فرضت مناسبة الذكرى العاشرة لانتصار تموز 2006 نفسها على خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الذي وضع الشأن «الإسرائيلي» في أساس خطابه، كان تعريجه على ملفات المنطقة السورية، اليمنية، العراقية سريعاً، فضلاً عن الملف اللبناني، لكي لا تخطف هذه الملفات بريق المواجهة مع العدو الصهيوني.

ويؤكد مصدر مطلع في 8 آذار لـ «البناء» أن السيد نصر الله كان أكثر وضوحاً من خطاباته السابقة في تناول «إسرائيل»، فكلامه كان تفصيلياً في هذا الشأن، ركز عن «المجتمع الإسرائيلي»، لجهة أنه «أصبح ضعيفاً لا يثق بجيشه وقيادته، غير مطمئن، فقيادته السياسية تفتش على عدم شنّ حرب على لبنان». ولفت المصدر إلى «أن السيد تحدث من زاوية اعتراف الإسرائيلي بوضعه السيئ، وهذا الجديد في كلامه، لا سيما أنه ركز في الخطابات السابقة على قدرات المقاومة وإمكاناتها، وأن مشاركتها في الحرب السورية لم تؤثر على تفوقها بالقدرات، في حين أنه ركز أمس الأول على الاعترافات الإسرائيلية بقدرات المقاومة من 2006 حتى اليوم، وهذا مقنع أكثر بالنسبة لكل المعنيين».

دعوة «داعش» و«النصرة» إلى إيقاف القتال

ولفت المصدر إلى «أن كلام السيد نصر الله عن التطورات في حلب كان خاطفاً، ومرده أن المعارك محتدمة، وليس معلوماً إذا كانت حلب ذاهبة نحو هدنة، أو تصعيد وتعزيز للجبهات من الطرفين الجيش السوري وحلفاؤه من جهة و المسلحين من جهة أخرى، لا سيما أن السيد في إطلالته السابقة تحدث بالتفصيل عن حلب وأكد أنها معركة كبرى واستراتيجية، وشهدنا التطورات الميدانية التي حصلت اما اليوم فليس بالإمكان الاتجاه نحو التصعيد، في الوقت أن الامور ليست في اليد». وشدّد المصدر على أن الجديد هو «دعوة داعش وجبهة النصرة وكل الجماعات التي ما زالت تقاتل في سورية والعراق اليمن إلى إيقاف القتال وإلقاء السلاح والتكلم بمصالحات»، مشيراً الى أن «هذه الدعوة تحمّل الولايات المتحدة مسؤولية ما يقوم به هؤلاء من عمليات انتحارية وتفجيرات، وتدعو تلك المجموعات إلى الاستيقاظ من حالة اللاوعي، لا سيما أنها ستتخلّى عنهم في النهاية وتقضي عليهم».

فرصة غير مضمونة للحريري

وفي الشأن الداخلي، وفي ما جدّد السيد نصر الله التزام حزب الله بالعماد ميشال عون للرئاسة، مؤكداً أن مرشح الحزب القديم والجديد والقدير لرئاسة المجلس النيابي هو الرئيس نبيه بري، وأن حزب الله منفتح على التوافق على رئيس للحكومة، اعتبر مصدر مطلع لـ «البناء» أن السيد نصر الله لم يأخذ موقفاً سلبياً من الرئيس الحريري، وهذا نوع من إرباك الطرف الآخر وإحراجه، فهو لم يقل إنه يريد الحريري رئيساً للحكومة، انما ترك الأمور مفتوحة، باعتبار أن الموافقة على انتخاب العماد عون من شأنها أن تفتح الباب أمام التفكير برئاسة الحكومة. ولفت المصدر إلى «أن السيد نصر الله أكد من خلال مبادرته أن المشكلة عند الحريري وعند السعوديين في ملف الرئاسة، وقد لا يكون لديه مانع في انتخاب العماد عون رئيساً وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، لكن المشكلة تكمن في قانون الانتخاب، لا سيما أن النظام النسبي لن يعطي الحريري الأكثرية النيابية». ورأى المصدر أن السيد نصر الله باع الحريري فرصة غير مضمونة وغير محددة، وفي الوقت نفسه لم يأخذ موقفاً سلبياً، فهو أكد التزامه بترشيح عون لرئاسة الجمهورية وبترشيح الرئيس بري لرئاسة المجلس النيابي، لكنه لم يلتزم بترشيح الحريري لرئاسة الحكومة، وفي الوقت نفسه لم يعارض وصوله الى السراي.

النفط … ومعادلة الردع

وأشارت أوساط سياسية لـ «البناء» إلى «أن محاولة السيد نصر الله إدخال النفط بمعادلة الردع أمر جديد ومهم، فهو ألقى لأول مرة بثقله في هذا الملف من خلال اعتبار كل بئر نفطي في فلسطين المحتلة يوازي كل بئر نفطي في لبنان، وهذا أيضاً عنصر إيجابي لملف النفط ويجعل «الإسرائيلي» يعدّ للألف قبل ان يتجرأ ويمد يده على هذه الثروة الوطنية. وفي الوقت نفسه دعوة الداخل اللبناني لإكمال الخطوات المطلوبة للسير بهذا الملف لبنانياً».

ولفتت الأوساط إلى ان دعوة السيد نصر الله الحكومة الى تفعيل عملها وتحمّل المسؤوليات يشير الى أنه يدرك أن هذه الحكومة لا زال دورها طويلاً في ظل حالة الإفلاس السياسي والعجز في حل الملفات العالقة كلها، في ظل الأزمات المتصاعدة وارتباط أزمة لبنان فيها.

رئاسة الحكومة مرهونة لحزب الله

وفي المواقف السياسية، من خطاب السيد نصر الله، سارع تيار المستقبل إلى الردّ بسلبية على خطاب السيد، وفيما التزم الرئيس سعد الحريري الصمت، على غير عادته، أكد النائب أحمد فتفت الذي يسير في جناح الرئيس فؤاد السنيورة «إذا كان الرئيس سعد الحريري سيصل الى رئاسة الحكومة، فإنه سيصل بتسمية مجلس النواب وبما يمثل سياسياً وليس بتسمية نصرالله».

وأكدت مصادر قيادية مقرّبة من السنيورة لـ «البناء» أن لا جديد في كلام السيد نصر الله، سوى بعض التلميحات، لا سيما أن السبب في تعطيل المؤسسات يعود الى تمسك حزب الله بترشيح الجنرال عون». وإذ أشارت إلى أن الكلام عن انفتاح ربما هو رسالة للرئيس الحريري أو اشارة أو مغريات، لكن التجربة لم تكن ناجحة في السابق من إعلان بعبدا وصولاً الى الدوحة، من إسقاط حكومة الرئيس الحريري، لذلك لا تزال الأمور تراوح مكانها، فالوعود الى ما بعد تعيين رئيس للجمهورية لا تزال مجهولة. وشدّد على أن «وصول الحريري إلى رئاسة الحكومة سيكون مرهوناً لإرادة حزب الله ولن يتغير شيء، فإذا اتخذ قراراً يخالفه، فإن حزب الله سيعطل الحكومة ويسقطها على حد قول المصادر نفسها».

لا جديد في الموقف الرئاسي

وعلى مقلب تيار المرده، أكدت مصادر قيادية في التيار لـ «البناء» أن «تمسك السيد نصرالله بترشيح العماد عون ليس جديداً، ويؤكد أن لا تغيير في مسار الأمور في هذه المرحلة، ونحن لم نستغرب الموقف». واعتبرت المصادر «أن العماد ميشال عون لم ينجح في كسب دعم الرئيس سعد الحريري، على عكس الوزير فرنجية المقبول من فريقي 8 و14 آذار». ورأت المصادر ان الرئاسة ليست قريبة، فالمؤثر الأقوى في الشأن الرئاسي هو الدول الاقليمية غير المستعجلة، وما يجري من حوارات داخلية لا يتعدى المراوحة.

إلى ذلك، قال الرئيس أمين الجميل: «لنتفق على الإتيان برئيس قوي وله القدرة على قيادة البلد، ولا اعتقد أن البلد يفتقد لشخصيات والأولوية هي انتخاب رئيس للجمهورية».

التمديد لقهوجي

حكومياً، تتجه الأمور داخل مجلس الوزراء الاسبوع المقبل للتمديد للأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير على أن يتم التمديد بعده لقائد الجيش العماد جان قهوجي.

وأكدت مصادر وزارية لـ «البناء» أن «معارضة وزيري التيار الوطني الحر التمديد لن تعطل قرار الحكومة، لا سيما أن أحداً من المكونات الحكومية الأخرى سيسمح بأن يتمدد الفراغ إلى المؤسسة العسكرية في هذه الظروف الاستثنائية».

شكري غداً في بيروت

وسط هذه الأجواء يصل وزير الخارجية المصري سامح شكري بيروت غداً حاملاً للمسؤولين السياسيين تمنيات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بانتخاب رئيس جمهورية جديد في أسرع وقت ممكن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى