مباحثات روسيّة ـ أميركيّة حول التعاون في حلب

أكّد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم ضرورة عدم فرض أيّ نظام لإدارة الدولة السوريّة على أساس طائفيّ، وقال: «ينبغي مشاركة جميع مواطني سورية في تحديد مصير بلادهم، ولا يمكن فرض نظام لإدارة الدولة على أساس طائفيّ» مؤكّداً أنّه لا يوجد أيّ سبب للحيلولة دون تحقيق الحلّ في سورية بعد تنفيذ النقاط المذكورة آنفاً.

ولفتَ يلدريم إلى أنّ على تركيا مسؤوليّات اتجاه المنطقة، وأنّها ستعمل وفقاً لمتطلّبات تلك المسؤوليات، مضيفاً أنّ أنقرة مثلماً قامت بتطبيع العلاقات مع «إسرائيل» وروسيا وحلّ المشاكل معهما، فإنّها ستحلّ المشاكل على صعيد سورية والعراق.

رئيس الوزراء التركي أشار إلى أنّ بلاده لها شرطين لحلّ المشاكل في سورية هما احترام وحدة تراب تركيا، والحفاظ على وحدة الأراضي السوريّة، ومشاركة كافة المكوّنات في تحديد مصير بلادهم.

وأعرب عن رفض تركيا تقسيم سورية من خلال منح الجزء الغربيّ منها إلى جهة، والجزء الجنوبيّ إلى جهةٍ أخرى، ومنح الجزء الشرقيّ للأكراد، مُبدياً رفضه لفكرة إنشاء دولة كرديّة بين تركيا وبقيّة دول المنطقة، مبيّناً أنّ حلّ مشاكل المنطقة لا يكون بهذا الشكل.

وبيّن يلدريم أنّ دول المنطقة هي أفضل من تُدرك مشاكلها، ولذلك فإنّ إيران وتركيا أفضل من يعرف هذه المنطقة، وأنّ أفضل من سيأتي بحل للمشكلة في سورية هما تركيا وإيران، لافتاً إلى أنّ الولايات المتحدة وروسيا وبقيّة دول التحالف، إذا كانت تُريد الحل فعلاً، فإن الحلّ سيأتي، وقال: «أنا متأكّد أنّنا سنشهد معاً خلال الأشهر المقبلة تقدّماً هامّاً في هذا الصدد».

من جهته، بحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، مع نظيره الأميركي جون كيري، آخر التطوّرات الميدانيّة في مدينة منبج السوريّة، والأوضاع الميدانيّة والتطوّرات الحاصلة في سورية عامّة، ومحافظة حلب على وجه الخصوص. وكان جاويش أوغلو قد صرّح في وقت سابق، أنّ بلاده تنتظر من واشنطن الوفاء بوعودها بشأن انسحاب عناصر منظمة «pyd» من مدينة منبج، بعد تحرير المدينة من قبضة تنظيم «داعش» الإرهابي.

هذا، وتمكّنت «قوات سورية الديمقراطيّة»، أمس، من السيطرة على قرى الغزة الكبيرة والصغيرة وإيلان في ريف منبج، بعد عمليّات عسكريّة واسعة بهدف توسيع نطاق الأمان حول البلدة، ولإبعاد «داعش» عن المدنيّين.

وفي تطوّر لافت، أكّدت وزارة الدفاع الروسيّة، أمس، أنّ قاذفات استراتيجيّة روسيّة من طراز «تو-22 إم 3» انطلقت من مطار همدان في إيران وقصفت أهدافاً للمسلّحين في سورية. وأشارت الوزراة إلى أنّ هذه القاذفات وجّهت ضربات إلى تنظيمي «داعش» و«النصرة» في حلب ودير الزور وإدلب، أسفرت عن تدمير 5 مستودعات للأسلحة والمتفجّرات والمحروقات، تابعة للإرهابيين في محيط مدن سراقب، والباب، وحلب ودير الزور، إضافةً إلى 3 مراكز للقيادة في محيط مدينتي الجفرة ودير الزور، فضلاً عن تصفية عدد كبير من المسلّحين.

وحسب البيان، فإنّ مقاتلات من طراز «سو – 30»، و«سو- 35» انطلقت بدورها من قاعدة حميميم في سورية، وقامت بمرافقة القاذفات الروسيّة أثناء أداء مهمّتها، ومن ثمّ عادت جميعها إلى قواعد مرابطتها بعد أن أدّت المهمّة الموكلة إليها بنجاح.

وفي وقت سابق، كشفت وسائل إعلام عن أنّ القاذفات الروسيّة وصلت إلى مطار همدان الإيراني للمشاركة في توجيه ضربات لمواقع «داعش» في سورية، مشيرةً أنّ نشر الطائرات في الأراضي الإيرانيّة يُتيح الفرصة لتقليص زمن التحليقات بنسبة 60 .

على صعيدٍ أخر، أفاد مصدر عسكري دبلوماسيّ روسيّ في وقت سابق، بأنّ روسيا طلبت من سلطات العراق وإيران السماح بتحليق صواريخ «كاليبر» المجنّحة الروسيّة فوق أراضيهما.

وفي السياق، أعلن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، أنّ طهران سمحت للقوات الجويّة والفضائيّة الروسيّة باستخدام منشآت بُنيتها التحتيّة في الحرب ضدّ الإرهاب بسورية، مؤكّداً الطابع الاستراتيجي للتعاون الإيراني – الروسي في مكافحة الإرهاب في سورية.

المسؤول الإيراني أكّد تبادل القدرات والإمكانيّات بين إيران وروسيا في هذا المجال، مشيراً أنّه بسبب التعاون الفعّال وجد الإرهابيّون أنفسهم في وضعٍ حرِج. وتوقّع بأن تساهم العمليّات واسعة النطاق الأخيرة إلى «محو الإرهابيّين من على سطح الأرض»، مشدّداً على أنّ محاولات الإرهابيّين استخدام المدنيّين كدروع بشريّة، وتغيير أسماء تنظيماتهم، لن تساعدهم في إنقاذ أرواحهم.

جاء ذلك في وقت أكّدت وكالة «شينخوا» الرسميّة الصينيّة، أنّ وفداً عسكريّاً صينيّاً برئاسة الأميرال غوان يوفي، مدير قسم التعاون الدولي في اللجنة العسكريّة المركزيّة الصينيّة، زار دمشق يوم الأحد الماضي واتّفق مع وزير الدفاع السوري العماد فهد جاسم الفريج على توسيع برامج تدريب العسكريّين السوريّين، بالإضافة إلى تقديم الجيش الصيني مساعدات إنسانيّة لسورية.

وأشارت الوكالة الصينيّة، أنّ المسؤول العسكريّ الصينيّ وعد بتقديم مساعدات عسكريّة وإنسانيّة للحكومة السوريّة، ما يُعدّ خطوة جديدة تقدِم عليها بكين تعزيزاً لدورها في المنطقة.

ونقلت الوكالة عن الأميرال قوله خلال زيارة إلى دمشق، إنّ بكين تريد علاقات عسكريّة أوثق مع سورية، وأضاف: «يرتبط جيشا الصين وسورية تقليديّاً بعلاقات وديّة، ويريد الجيش الصيني مواصلة تعزيز التبادل والتعاون مع الجيش السوري».

كما اجتمع غوان مع سيرغي تشفاركوف، رئيس المركز الروسي المعنيّ بمصالحة الأطراف المتنازعة في سورية.

في غضون ذلك، أعلن مندوب روسيا الدائم لدى مقرّ الأمم المتحدة والمنظمّات الدوليّة الأخرى في جنيف أليكسي بورودافكين، أنّ موسكو وواشنطن تبحثان حاليّاً التعاون في إدخال المساعدات إلى حلب ومكافحة الإرهاب .

وأوضح بورودافكين، أمس، أنّ صيغة التعاون الروسي الأميركي في مدينة حلب ومحيطها تقضي بالتعامل بين الدولتين من أجل إيصال المساعدات الإنسانيّــة إلى سكان المدينة والتفريق بين المعارضة المعتدلــة والإرهابيّين، ما سيشكّل أرضيّة لنجاح مفاوضات جنيف، التي تأمل الأمم المتحدة في عقد جولة جديدة منها قبل نهاية الشهر الحالي.

وأضاف الدبلوماسيّ، أنّ العسكريّين الروس والأميركان يُجرون حاليّاً مشاوراتٍ مكثّفة حول المسائل المتعلّقة بإجراء عمليّة معيّنة في هذا الشأن، مؤكّداً أنّ إضفاء الصبغة الرسميّة لهذه الاتفاقات سيُسفر عن تهيئة الظروف الأكثر ملاءمة للتنسيق بين موسكو وواشنطن لمحاربة الإرهاب في سورية، وإحراز تقدّم في بحث مسائل تخصّ تحقيق إصلاحات سياسيّة في سورية أثناء مفاوضات جنيف، مشدّداً أنّ بلاده تبذل قصارى جهدها من أجل بلوغ هذا الهدف، وتتّخذ الموقف البنّاء في المفاوضات مع واشنطن.

ميدانيّاً، استعاد الجيش السوري السيطرة بشكل كامل على مشروع 1070 شقة، و باتَ يسيطر ناريّاً على معظم المناطق الخاضعة للمسلحين في ريف حلب الجنوبي الغربي.

كما شنّت الطائرات الروسيّة والسوريّة عشرات الغارات على مواقع المسلّحين في المحاور الغربيّة لحلب، واستُهدفت مواقعهم في محيط الكليات العسكريّة جنوب غربيّ حلب بالقصف الجوي وكافّة أنواع الأسلحة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى