في الربع الساعة الأخير…

عبد الحكيم مرزوق

على الرغمِ من أن عجلة النشاط الدبلوماسي المتعلق بحل الأزمة السورية بات واضحاً للعيان، إلا أنَّ ثمّة مؤشرات وتحركات لا تشي بحلٍّ قريبٍ للأزمة، وإذا حصل، فإن ذلك سيكون صادماً للأطراف الدولية، التي تآمرت وحشدت ودعمت كل الحركات والعصابات الإرهابية على الساحة السورية.

فهل تبدو الولايات المتحدة الأميركية راضية عن التقارب ببعض وجهاتِ النظر بين روسيا وتركيا؟ وهل فهمت الإدارة الأميركية الرسالة التي قدّمتها اللقاءات بين الروسي والتركي؟ وماذا يمكن أن تفعل إزاء ذلك، فيما إذا خسر الحليف التركي الذي كان كالمهرج يلعب على كل الحبال في سبيل تحقيق مصالحه، وربما أدرك متأخرا أنّ الإدارة الأميركية لا تهتمّ به أبداً، وتقدم مصالحها هي بالدرجة الأولى، حيث يمكن أن تدعس التركي والسعودي والقطري، في سبيل تحقيق أهدافها، وهي لا ترى أيا منهم سوى أداة تحركها كيفما تشاء، وسبق أن تخلت عن شخصيات ربما انتهى دورها في اللعبة كالرئيس السابق حسني مبارك، الذي كان خادماً مطيعاً للإدارة الأميركية، وكذلك زين العابدين بن علي، الرئيس التونسي، والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ويمكن أن نذكر أيضاً معمر القذافي في الأيام الأخيرة من عهده، حين أعلن عن فتح المنشآت الليبية أمام مفتشي الهيئة الدولية للطاقة الذرية، وهذا لم ينفعه، إذ كان قرار إنهائه قد اتخذ، ولم تفيده تلك الحركات، مع أنه كان يعادي الإدارة الأميركية في أيام عهده، التي كانت تعتبر ذهبية.

ماذا يمكن أن تفعل الإدارة الأميركية بأردوغان، الذي يبدو أنه سيشق عصا الطاعة، ويخرج عن العباءة الأميركية، فيما إذا صدق بتحالفه مع «الأصدقاء» الروس والإيرانيين، واستطاع أن ينفِّذ كل الاتفاقات التي يمكن أن يتوصل إليها معهم بشكلٍ نهائي، على الرغم من أنَّ بعض المحللين والدارسين لا يرون في أردوغان مصدراً للمصداقية، إذ ربما ينقلب على العهود والمواثيق التي أبرمها، وقد سبق أن فعل ذلك في السابق، وكانت مصالحه هي التي تحدد بوصلة حركته؟ ماذا سيفعل بعد أن لفِظه الاتحاد الأوروبي، وأعلن عن طلاقه الثلاثي لأردوغان، وأنه لا يمكن أن يكون ضمن دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك تآمر عليه الأميركي، وساعد في الانقلابِ الفاشل؟ وحدهم الأصدقاء الروس هم الذين مدوا له يد المساعدة لإنقاذهِ من المأزقِ الذي تورّط فيه مع حلفائه السابقين، الذين لا عهد لهم، كما تبيّن الأحداث التاريخية، لأن العلاقة بينهما لم تكن علاقة صداقة، بل علاقة ترسمها المصالح النفعية التآمرية العدوانية. فالإدارة الأميركية لم تكن في يوم ما ذات نوايا صادقة مع العرب ودول الشرق الأوسط، بل كانت نواياها تنبع من هدف واحد هو إضعاف الدول العربية، لصالح الكيان الإسرائيلي المحتلّ، الذي يقتل ويدمّر يومياً في فلسطين المحتلة، من دون أن يتحرك لديه أي شعورٍ بالخجلِ مما يرتكب من مجازر وقتل وتدميرلأهلنا الفلسطينيين وتهديم بيوتهم.

هل سيتعظُ أردوغان من الدروس السابقة، ويعود إلى رشده ويتعاون بصدق في الملف السوري مع الأصدقاء الروس؟ وهل يفتح أذنيهِ ليسمع الكلام الذي قاله معاون وزير الخارجية الإيراني حسين جابري أنصاري، بأن استمرار الأزمة السورية غير ممكن؟ لأنه سيتسبّب بأمواج من انعدام الأمن في المنطقة والعالم، وهذا يضرّ بمصالح الجميع، والجميع هنا من ضمنهم الطرف التركي، إذا لم يصح من سباته، فإنه سيكون أكثر الخاسرين.

هل فعلاً سيقوم التركي بالاتفاق مع الروس لحلّ الأزمة السورية؟ وهل سيغلق الحدود في وجه العصابات الإرهابية، التي تدخل عبر البوابة التركية؟ وهل سيمتنع عن مد الإمداد ويد العون «لداعش» ولتلك العصابات المجرمة؟ أم انه لم يحسم أموره بعد؟!!

اعتقد أن اجتماع القادة الروس مع الأتراك، قدَّم رسالة واضحة بأن ليس هناك «لعب أطفال» ولا مجال للتراجع أمام الأتراك، خصوصا بعد التصريح الأخير لوزير الدفاع التركي فكري ايشق، الذي قال: أن بلادهُ اتخذت وروسيا قراراً في ما يخص الشأن السوري. وهذا يعني بالبنط العريض لمن لا يتقن فك الأحرف، أننا الآن أصبحنا في الربع الساعة الأخير من نهاية الحرب على سورية، وهذا يعني أيضاً، أنَّ سورية قريباً ستعلن انتصارها، وأنَّ محور المقاومة في النهاية هو الفائز..

كاتب وصحافي سوري

Marzok.ab gmail.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى