هل يُعاد طرح «قهوجي» للرئاسة بمبادرة مصرية؟
روزانا رمَّال
على وقع الزيارات والاتصالات التركية الروسية والإيرانية التركية المنتجة وتعزيز التعاون الاستراتيجي العسكري بين روسيا وإيران، يتحرك وزير الخارجية المصري سامح شكري نحو بيروت في زيارة لثلاثة أيام يجول فيها على كافة الأفرقاء السياسيين فيه مقدّماً ما أمكن من تعاطف تجاه لبنان العالق في دوامة أزمة الاستحقاقات، ومبدياً استعداد بلاده لتوفير الشروط التي تساهم في توفير أرضية توصل نحو التفاهمات. وهنا يبدو الوزير المصري مهتماً بشكل بارز بالملف الرئاسي الذي أخذ حيّزاً أساسياً من زيارته الاستطلاعية التي تبدو أنها محاولة لحجز مقعد عربي في الساحة اللبنانية قبل بدء المفاوضات في المنطقة التي تعيش لحظات دقيقة ومفاجئة بالتوازي بين الحراك السياسي النشط والحراك الميداني المباغت والقرارات الإقليمية الكبرى على غرار تلك التي أخذت روسيا نحو تعزيز حضورها في إيران كقاعدة انطلاق لعمليات أكثر كثافة من الجهة الإيرانية نحو سورية.
يشكّل وزير الخارجية المصري بما يمثل من موقع لبلاده وواقع لطبيعة العلاقات مع الجوار العربي واحداً من أصل فريق عمل أسس ما يكفي من علاقات جيدة وطيبة مع المملكة العربية السعودية التي كان لها يد طولى في تعزيز حضور هذا النظام وعزل فريق مرسي بعد اندلاع الثورة المصرية الثانية. بالتالي فان الزيارة المصرية لا يمكن حصرها باطار الجولة العادية لجهة غير قابلة للصرف في حساب الرياض التي تبدو مشرفة بشكل مباشر على الزيارة ومستعدة لإرسال رسائل عبرها تتحدث عن استعداد أولي للتقدم نحو نصف الطريق. وها هو المبعوث المصري شكري احد ابرز الدلالات. فمصر المقبولة من روسيا مقبولة ايضا من المملكة العربية السعودية التي فوّضتها، ومقبولة ايضاً والولايات المتحدة ولا تشكل راس حربة بالنسبة لجزء اساسي من اللبنانيين الذي يعتبرون السعودية احد أبرز الاطراف التي ادّت الى تعقيد المشكل اللبناني بعدم التوجه نحو إلزام حلفائها بتسريع الحلول والحرص على ما تطلبه حماية الدستور اللبناني ومواعيد الاستحقاقات المنصوصة فيه.
رسالة «منتصف الطريق» السعودية وصلت الى لبنان الذي على ما يبدو يدخل تدريجياً لحظة الحسم الرئاسي بتصريح كبرى مرجعياته السياسية فرئيس كتلة حزب الله بمجلس النواب اللبناني النائب محمد رعد يقول في موقف منذ ايام «أخال أنّ الطريق أصبحت ناضجة لانتخاب رئيس للجمهورية، ونأمل في أن تحل في القريب العاجل». رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري كان قد سبق رعد وأعرب عن تفاؤله بانتخاب رئيس جمهورية من الآن إلى رأس السنة الجديدة ليؤكد مجدداً رعد على كلام بري.
تسارع السعودية لحجز مكان في اللعبة اللبنانية التي تبدو هذه المرة في وضع أشدّ تعقيداً من سابقاتها وهي المرات التي كان يوعز لقطر فيها بالتدخل لحلّ الأزمة اللبنانية والدوحة كانت قد دعمت منذ لحظة الإعلان عن المصالحة المسيحية بين عون وجعجع عبر موقف سريع في تلك الليلة نفسها من وزير خارجية قطر الذي أثنى على مبادرة جعجع بترشيح عون للرئاسة واصفاً المبادرة بـ «الحكيمة». يهمّ السعودية ان تضع اولى محاولاتها قبل ان يوعز مجدداً لقطر عبر واشنطن للتدخل في حل أزمة الرئاسة اللبنانية، لكن وبالعودة الى مساعي مصر السابقة. فلا تزال مرحلة الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان أبرز المحطات التي يمكن الاستفادة منها في معرض شرح المعطيات الحالية، لأن وصول العماد سليمان إلى قيادة الجيش، وبعدها إلى رئاسة الجمهورية، جاء برعاية مصر عام 2008، وبدعم لمبادرة رئيس المخابرات المصرية آنذاك اللواء الراحل عمر سليمان، التي أوصلها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط الى بيروت وبحث على اساسها في ملف انتخاب الرئيس، ونشط الحراك المصري، وساعد بالمبادرة وقت ذاك رئيسا المخابرات السعودية الأمير مقرن بن عبد العزيز، وبناء على التوافق الخارجي والداخلي تمّ انتخاب ميشال سليمان رئيساً.
وبين مبادرة جدية يطرحها الوزير المصري على اللبنانيين من عدمها، تطرح مصادر متابعة إمكانية أن تعاود مصر التجربة على غرار ذلك الدور الذي لعبه اللواء المصري عمر سليمان عام 2008، وبالتالي فإنّ هذا يعني انّ اسماء جديدة قد تكون مطروحة عربياً ليست من بين الأسماء المرشحة للرئاسة اليوم أبرزها العماد ميشال عون ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وهنا يكشف مصدر متابع في 8 آذار لـ «البناء» عن تساؤلات من ان تكون المحاولات المصرية السعودية متمثلة بطرح قائد الجيش العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية على اساس انه اكثر مقبولية من الافرقاء اللبنانيين الذين لن يشعروا بانكسار معنوي هنا او هناك، فيما لو وصل أحد الأقطاب لسدة الرئاسة ما يعني إعادة مسألة الرئيس التوافقي او الوسطي الى الواجهة».
واذا كانت هذه المقترحات جدية، فانّ التوجه نحو حزب الله هو الاساس بهذا الإطار وهو الذي قدم في الأيام الماضية ما من شأنه إعادة تأكيد وتزخيم طرحه بدعمه العماد ميشال عون للرئاسة عبر أمينه العام السيد حسن نصرالله «ان عون هو مرشحنا منذ ما قبل حرب تموز»، ما يعني استحالة ان يتمّ تمرير الاستحقاق من دون الاتفاق على عون بالنسبة لحزب الله او ما يرتضيه عون من أسماء وهو لا يبدو مستعداً لتكرار تجربة الرئيس ميشال سليمان، ولا يبدو ايضاً أنه مستعد لتكرار طرح دعم عون لقائد الجيش ميشال سليمان من أجل مصلحة البلد آنذاك وتخليه بالتالي مجدداً عن الرئاسة دون أن ينتقص هذا من تقديره العالي للعماد قهوجي كقائد للجيش ولا من مكانة الوزير فرنجية لديه بين الحلفاء.