موسكو: مباحثاتنا مع الأميركيين دخلت مرحلة حاسمة
أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أنه من غير الممكن تحقيق حل مستدام في سورية من دون مشاركة روسيا، وقال «لدينا قناعة بأن روسيا وإيران تدعمنا في حماية أمن حدود الدولة السورية ووحدة أراضيها، كما أنني على ثقة بأنه بفضل تعاوننا يمكننا حل هذه المشكلة».
الوزير التركي قال في مقابلة مع وكالة «سبوتينك» الروسية، أمس، أنه «إذا لم يتم القضاء على الإرهاب، فإنه سيستمر في الانتشار إلى كافة أنحاء العالم مثل الوباء، مهدداً تركيا وروسيا وأوروبا والكوكب بأكمله. لهذا من الواجب علينا إقامة تعاون وثيق في هذا الشأن. ونحن نعتقد أنَّ المسألة السورية يمكن حلها إذا وحدت الأطراف جهودهم الخالصة لحل هذه الأزمة».
من جهتها، قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إنَّ موسكو وأنقرة تبذلان جهداً «إيجابياً وبناءً» بخصوص الأزمة السورية، مشيرةً أنَّ البلدين باشرا في عمل مُفصّل بشأن سورية، دون ذكر طبيعته، قائلة «هناك خلافات مع الجانب التركي إزاء موضوع سورية. فإما نحل ذلك عن طريق المفاوضات، أو نفضل عدم الاستماع إلى بعضنا البعض، والآن يتحقق الخيار الأول».
المتحدثة الروسية أضافت أنه «لا يمكن حل الخلافات القائمة بين الجانبين فى يوم واحد، غير أننا نبذل جهدا نراه إيجابياً وبناء، وسيستمر هذا العمل في أشكال مختلفة»، ووصفت الاتصالات الثلاثية بين روسيا وإيران وتركيا بأنها آلية بناءة ومثمرة لحل القضايا الإقليمية، لكنها شددت على أن هذه الآلية ليست بديلاً عن أي من صيغ التعاون الموجودة.
وفي سياق متصل، أشارت زاخاروفا أن موسكو وواشنطن أحرزتا خلال الأشهر الستة الماضية تقدماً فيما يخص صياغة مقاربات مشتركة من التسويَّة السورية، مؤكدةً أنَّ العمل مستمر، و أنه دخل مرحلة حاسمة، واستطردت قائلة «تجري حالياً عملية صعبة ومعقدة جداً عبر القنوات الدبلوماسية والعسكرية، من أجل تنسيق صيغة الآلية المرجو إقامتها».
وأكدت المتحدثة الروسية أن بلادها تبذل كل ما بوسعها من أجل إنجاح الجهود الرامية إلى إنشاء هذه الآلية، محذرة في الوقت نفسه من أنه في حال عدم اتخاذ خطوات معينة من جانب الدول الكبرى، من أجل تغيير الوضع، قد تستمر الأزمة السورية لخمس سنوات أخرى.
هذا و أكدت زاخاروفا أنَّ اختلاط مواقع التنظيمات الإرهابية وفصائل «المعارضة المعتدلة» في سورية، يمثل حجر العثرة في إطار تسويَّة الوضع في سورية، مضيفةً أنَّ عملية الفصل بين الإرهابيين و«المعتدلين» تقترب من طريق مسدود. قائلة «فيما يخص مسألة عجز واشنطن عن فصل الإرهابيين من المعارضة وتحديد المعارضة المعتدلة لماذا تكتسب هذه المسألة مثل هذه الأهمية؟ هناك أسباب عدة تحولها إلى حجر أساس فيما يخص الوضع الذي نشاهده في سورية اليوم».
وأوضحت أنه في حال انفصال المعارضة عن الإرهابيين، لن تبقى هناك أي تساؤلات حول كيفية توجيه الغارات إلى مواقع الإرهابيين، بما في ذلك تساؤلات وسائل الإعلام حول مقتل مدنيين جراء الغارات الجوية .
وذكّرت زاخاروفا بأنَّ الولايات المتحدة قد تتعهد علناً بضمان فصل المعتدلين عن مواقع التنظيمات الإرهابية، ومن ثم أكدت لروسيا على مستوى الخبراء أنَّ هذه العملية لن تستغرق أكثر من أسبوعين. لكن في حقيقة الأمر، تستمر هذه العملية منذ أشهرٍ طويلة وباتت تقترب من طريق مسدود.
المسؤولة الروسية اعتبرت أنَّ دعوات مايكل موريل نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية سابقاً إلى قتل الروس والإيرانيين في سورية بشكلٍ خفي، تُعيد إلى الأذهان تصريحات تنظيم «داعش».
زاخاروفا أشارت أنَّ تصريحات موريل أثارت صدمة ليس لدى الجانب الروسي فحسب، بل ولدى ممثلي الخارجية الأميركية الذين سارعوا إلى النأي بأنفسهم عن كلام المسؤول السابق. وأضافت «للأسف الشديد، تؤدي مثل هذه التصريحات الصادرة عن شخصيات ذات مواقع مميزة في النخبة الأميركية، إلى تخفيض قيمة العملية التي أطلقها الطرفان الروسي والأميركي من أجل صياغة مقاربة مشتركة من الأزمة السورية»… «إننا نعتبر مثل هذه التصريحات الصادرة عن مسؤولين حاليين وسابقين في أي بلد، مرفوضة مطلقاً».
في غضون ذلك، أعربت وزارة الدفاع الروسية عن دعمها لاقتراح المبعوث الأممي إلى سورية ستافان دي ميستورا، إعلان تهدئة أسبوعية في حلب السورية لمدة 48 ساعة.
وقال اللواء إيغور كوناشينكوف الناطق باسم الوزارة، إنَّ الجانب الروسي يقترح إرسال القوافل الإنسانية ليس إلى الأحياء الشرقية التي تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة فحسب، بل وإلى الأحياء الغربية لحلب الخاضعة لسيطرة الجيش السوري.
وقال كوناشينكوف تعليقاً على اقتراح دي ميستورا «يكمن الشرط لتطبيق هذه المبادرة في إرسال القوافل الإنسانية إلى الأحياء الشرقية لحلب والتي تسيطر عليها العصابات، وإلى الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، عبر مسارين».
وأوضح أنَّ المسار الأول يجب أن يمر من مدينة غازي عنتاب التركية بأحد المعبرين الحدوديين المذكورين في القرار الدولي رقم 2165، ومن ثم بطريق الكاستيلو إلى الأحياء الشرقية لحلب.
أما المسار الثاني، فترى وزارة الدفاع الروسية أنه يجب أن ينطلق من ريف حلب الشرقي، مروراً بطريق يحيط المدينة من الشرق وشمال الشرق وصولاً إلى مخيم حندرات، ومن ثم بطريق الكاستيلو إلى أحياء حلب الغربية.
وأكَّد أنَّ الجانب الروسي مستعد للمساهمة في تنسيق المسائل المتعلقة بضمان أمن القوافل الإنسانية إلى حلب مع الحكومة السورية، لكنه ينتظر من الولايات المتحدة بذل جهود مماثلة خلال اتصالاتها مع «المعارضة المعتدلة» لضمان أمن القوافل لدى مرورها بالأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضين.
وتابع أنَّ الدفاع الروسية مستعدة للاستجابة لطلب الأمم المتحدة و«بذل جهود إضافية من أجل زيادة فعالية آليات الرقابة وضمان الأمن لمرور القوافل الإنسانية المتجهة إلى شرق حلب».
وأوضح أنَّ مثل هذه الآلية ستزيل قلق السلطات السورية إزاء طابع الشحنات المتجهة إلى الأحياء التي تسيطر عليها المعارضة، مؤكداً أنَّ ممثلين عن المركز الروسي المعني بمصالحة الأطراف المتنازعة، سيقدمون المساعدات الضرورية للعسكريين السوريين لتفتيش الشحنات لدى مرورها بالنقاط الأمنية على تخوم مدينة حلب.
وكان المبعوث الأممي أوضح خلال مؤتمر صحفي، أمس، أنَّ فريق العمل الخاص بوقف العمليات القتالية سيبحث موضوع الهدنة في حلب. وتابع أنَّ روسيا والولايات المتحدة، بصفتهما الرئيسين المتناوبين لمجموعة دعم سورية، تشاطرانه قلقه من الوضع في حلب وتبحثان عن الحل.
واستطرد قائلاً «إنني أصر على ذلك ، نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة. يجب إعلان تهدئة إنسانية مدتها 48 ساعة في حلب كخطوة أولى، ويتطلب ذلك جهوداً مكثفة ليس من جانب الرئيسين المتناوبين روسيا والولايات المتحدة فحسب، بل ومن أولئك الذين لهم تأثير على الوضع الميداني».
دي ميستورا قال أنه قرَّر تعليق اجتماعه مع فريق العمل المعني بتقديم المساعدات الإنسانية في وقتٍ سابق من الخميس، بعد مرور 8 دقائق على بدء اللقاء، ليبعث برسالة إلى أعضاء مجموعة دعم سورية، تعبر عن خيبة آماله حيَّال فشل مساعي الإغاثة. وأكَّد أنَّ الفريق سيستأنف اجتماعاته الأسبوع المقبل. وأوضح أنه لا مساعدات أممية وصلت إلى سورية هذا الأسبوع، باستثناء المساعدات المخصصة لدير الزور. وتابع أنَّ المناطق المحاصرة في سورية لم تصلها قوافل المساعدات منذ شهر.
وفي شأن متصل، أعلنت الدفاع الروسية أنَّ قاذفات «تو-22 إم 3» بعيدة المدى وقاذفات «سو-34» شنت ضربة مكثفة جديدة ضد مواقع «داعش» في سورية، انطلاقاً من مطارات في روسيا وإيران.
وأوضحت الوزارة أنَّ الغارة التي نفذتها القاذفات، أمس، استهدفت مواقع لـ«داعش» في ريف دير الزور، و أسفَّرت عن تدمير 5 مستودعات كبيرة تحوي على الأسلحة والذخيرة والمحروقات، بالإضافة إلى إصابة 6 مراكز قيادة، والقضاء على عدد كبير من الإرهابيين، وتدمير مرابض مدفعية ومدرعات تابعة للإرهابيين.
وفي سياق متصل، اعتبر نائب وزير الخارجية الروسي أنَّ ادعاءات واشنطن بأن روسيا تنتهك قرار مجلس الأمن حول برنامج إيران النووي، محاولة لتشويه صورة التعاون الروسي الإيراني في مكافحة الإرهاب.
وفي التعليق على التعاون بين موسكو وواشنطن في سورية، أكد ريابكوف أنَّ التعاون بين عسكريي البلدين منذ بداية العام على هذا المسار، كان تعاوناً غير مسبوق. وأضاف «التعاون مستمر بين البلدين، ولا يقتصر على التنسيق في الجو لمنع وقوع الحوادث العرضية، بل يمتد إلى ما هو أبعد وأوسع من ذلك». وختم بالقول «نأمل في استمرار الاتصالات المكثفة مع الجانب الأميركي حول سورية، بما يشمل جميع القضايا التي يبحثها عسكريونا».
ميدانياً، استهدفت طائرات الجيش السوري، مقار للاتحاد الديمقراطي في مدينة الحسكة شمال شرق سوري»، والمواقع المستهدفة «تتوزع بين ثلاثة حواجز وثلاث مقار لوحدات حماية الشعب الكردية، وشرطة الاسايش» التابعة لها.
وأفادت «فرانس برس» أنَّ الطائرات شنت غارات على مواقع عدة في المدينة التي تشهد منذ ليل أمس معارك عنيفة، بين قوات الدفاع الوطني وقوات «الاسايش» الكردية.
وتدور اشتباكات عنيفة بين الطرفين وتتركز في حي مرشو في وسط المدينة، وحي النشوة في جنوبها.
وأوضح مصدر حكومي في المدينة أنَّ اجتماعات عدّة عُقدت بين الطرفين في وقت سابق «لاحتواء التوتر وحلّ الخلاف سلميّاً، لكن الوحدات الكردية طالبت بحل قوات الدفاع الوطني في المدينة». وأضاف أنّ هذه الضربات الجوية «هي بمثابة رسالة للأكراد للكفّ عن مطالبات مماثلة من شأنها أن تمس بالسيادة الوطنية».
من جهة أخرى، أفاد مصدر أن الجيش السوري استعاد زمام المبادرة وانتقل إلى موقع الهجوم جنوب غرب حلب، مشيراً إلى أنَّ عشرات الغارات نفذتها مروحيات عسكرية ضد أرتال إمداد المسلحين في منطقة حلب. وأضاف المصدر أن اشتباكات عنيفة متواصلة على جبهة الكليات العسكرية جنوب غرب حلب.