الأزمة السورية صراع تضارب حروب ثلاثة وتنظيمات ثلاثة
لؤي خليل
إنّ مشهد الساحات الكبرى في سورية والحرب الشرسة التي بدأت في الأسابيع الماضية، جعلت غير المباح يطفو على سطح العالم السياسي، مفرزاً تحالفات حقيقية وطلائع قوى ستسجل معارك يشهدها التاريخ، وان كانت سابقاً غير واضحة، أو جاءت تحت مسمى الحرب بالوكالة، فهي أظهرت في معارك حلب صورة حرب حقيقية إستخدمت فيها جميع القوات كجيوش منظمة، في وجه جيوش منظمات من بلدان عدّة.
فالحرب التي بدأت مؤخراً أثبتت أن جميع هذه المنظمات الإرهابية وإن كانت تعمل تحت مسميات إرهابية- تكفيرية معينة، وبأسماء تكفيرية هادفة، أثبتت، وبما لايقبل للشك، أنها تحت يد واحدة وفكر واحد، فجميع الدول المنظمة للوهابية عينت نفسها وكيلا للصهيونية ضد المحور المقاوم، خدمة لمشروع الشرق العميل، بديلا للشرق الأوسط الجديد.
صيحات المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية ترامب في ساحات واشنطن، وإن تراجع عنها سخرية، ما هي إلا إثبات واضح جدا بأن «داعش» هي الطبعة الجديدة لـ «قاعدة» أفغانستان ولـ «نصرة» سورية والعراق و«داعش» الزمن الوهابي الجديد.
الحروب الثلاثة التي خاضها الغرب واضحة من أفغانستان إلى العراق وسورية الآن، ما هي إلا لهدف واحد وحروب متعددة، وضد حلف واحد يمتد من موسكو إلى طهران ودمشق.
والمجموعات التي تتنقل بين سجون الإستخبارات الغربية وتتنظّم من جديد ضمن أطر إرهابية، وتحت مسمّيات جديدة، لأهداف جديدة، من محاربة موسكو إلى فصل ومحاصرة طهران، إلى هدم قلب المحور المقاوم في سورية، هو بأيدي منظمة الصهيونية العالمية، هي اسرار يجب ألا تخفى على أحد بأن العقل المدبّر واحد والمنفّذ متعدد، وهي الحرب الجديدة بالعقيدة والسلاح .
فالإسرائيلي وجد نفسه، بعد نصر تموز، الذي حققته المقاومة اللبنانية، انه أمام جيش منظّم متسلّح مدرّب وبمهارات على صنوف الأسلحة كافة.
وبعد خسارة اميركا لحرب العراق، واتهاماتها لسورية وايران بهذه الخسارة، ومن بعدها جاءت حرب تموز والهزيمة الكبرى للاستكبار الصهيوني- الوهابي، وما جاء بينها من اغتيال للرئيس الحريري ومحاولة زرع الفتن الطائفية وفشلها، كل هذه المعادلات رسمت للغرب قوة الحلف المقاوم وعلى رأسه موقع سورية الدولة القلب لهذا المحور.
الحروب الثلاثة التي منيت بها الإدارات الإميركية المتعاقبة بخسارات على يد الحلف المقاوم ومن خلفه موسكو، أوجد مسمى جديداً بالأدوات نفسها، لكن يميزه فارق واحد جديد وكبير، هو وضوح المسمّى الجديد المولود اللقيط والناتج عن تعدد الزيجات بين الوهابية والصهيونية، «داعش» مسمى سيظل يرافق وهابيتهم وجرائمهم بحق الاسلام ومن اتبعه.
فجميع مبررات الحروب كان يمكن ان تنضج وتنتهي فيسهل ايجاد الحلول السياسية، الاّ الحرب الوهابية الجديدة التي افرزتها الحروب الثلاثة الاخيرة، لتتفجر حرباً على الإسلام بوسيلة العقيدة الطائفية، حرباً صعبة الاطفاء انهكت العائلة والاخوة، سخّرت لها الوهابية الصهيونية كل صنوف الاعلام والحروب، وادخلت اليها حتى بعض عناصر التطرف الديني الكنسي واليهودي بين موسكو والغرب، محاولة تغيير إيديولوجية الأرض بين الشرق والغرب خدمة للصديق «الصهيوني» الواضح في مجازر الوهابية الداعشية .
التنظيمات الثلاثة وعلى رأسها «القاعدة»، كانت بإدارة الاستخبارات الإميركية، سخّرت في حرب العراق لتلد «داعشها» الجديد، ليبدأ حربه في سورية من سجون الموت الاميركي ومعسكرات التدريب الإستخباراتي المشترك مع عملاء الخليج، الذي وجه كل طاقته وأفكاره ضد الدولة الإسلامية الجارة في إيران والدولة العربية في سورية.
هي حروب ثلاثة، توجهها واحد لا يجعل للشك مكاناً بأن محركها وأدواتها واحدة، وذراعها وممولها واحد، لتدمير الحلف المقاوم، والذي اختلف بند صغير جدا لاينفك عن سابقيه وهو وضوح التوجه العقائدي الوهابي المتصهين لتلك المنظمات، وهو تدمير مقدرات الاسلام الفكري المقاوم تحت مسميات حروب «الفتح» التكفيري الجديد، الذي يوهمون به عناصرهم العمياء في حربهم هذه ضد الأرض السورية الطاهرة منهم ومن إجرامهم المقيت.