وتوقعات بأن يتجاوز الإنفاق على الطاقة 700 مليار دولار

يبدو أنّ معدل الاكتشافات النفطية لا يزال مخيباً للآمال بعدما سجل مستوى قياسياً منخفضاً في العام الماضي، كما أنّ بعض الشركات قد تضطر، على رغم ذلك، إلى خفض موازنات التنقيب لتقليص النفقات وهو ما يهدّد الإمدادات والأسعار على المدى الطويل.

وقال مسؤولون تنفيذيون في مؤتمر نفطي كبير في النروج «إنّ الشركات لا تعثر سوى على كميات ضئيلة للغاية وإنّ كثيراً منها ينسحب من مناطق عالية المخاطر إلى رهانات أكثر أمناً مثل النفط الصخري في أميركا الشمالية. وسيدفعهم هذا على الأرجح إلى شراء اكتشافات باهظة التكلفة بمجرد أن تحول معنويات المستثمرين التركيز من التدفقات النقدية إلى الاحتياطات».

وقال هلجي لوند الرئيس التنفيذي لـ «ستات أويل»: «إذا نظرنا إلى عام 2013، سنجد أنّ الموارد الجديدة المكتشفة فيه سجلت مستوى قياسياً منخفضاً. ومنذ بداية العام وحتى الآن بلغت حوالى 4.4 مليار برميل من المكافئ النفطي وهو أدنى مستوى منذ عقود».

وأشارت مؤسسة وود ماكنزي الاستشارية إلى أنّ حجم الاستهلاك في العام الماضي بلغ نحو نصف الاكتشافات الجديدة من الخام. ولم تسفر حملات تنقيب كبيرة في مناطق جديدة مثل غرب أفريقيا وبحر بارنتس في القطب الشمالي عن اكتشافات تذكر.

وأشارت «ميرسك أويل» التابعة لمجموعة «مولر-ميرسك» الدنماركية للشحن إلى أنها ستوقف فعلياً التنقيب في البرازيل وخليج المكسيك الأميركي بسبب آبار ضعيفة وجافة، على رغم أنّ احتياطاتها تعادل إنتاج 4.6 عام فقط مقارنة مع متوسط يتراوح بين خمس وعشر سنوات لنظيراتها.

ومن المتوقع أن يستهلك العالم حوالى 34 مليار برميل من النفط هذا العام. وتقدر وكالة الطاقة الدولية أنّ هناك ضرورة لاستثمار حوالى تريليون دولار سنوياً لمجرد الحفاظ على استقرار الإنتاج.

الإنفاق على الطاقة

وتوقع محللون أن يتجاوز الإنفاق الرأسمالي العالمي على النفط والغاز 700 مليار دولار في العام الحالي وهو مستوى قياسي، لكنّ أغلب النمو يأتي من شركات نفط حكومية في حين تقول شركات كبرى مثل «شل» و«شيفرون» و«بي بي» و»ستات أويل» أنها تخفض الإنفاق أو تبقيه من دون تغير.

وتوقع بنك باركليز أن ترفع الشركات الحكومية الإنفاق عشرة في المئة هذا العام في حين سيبقى إنفاق الشركات الكبرى مستقراً.

وقال أشلى هيبنستال الرئيس التنفيذي لشركة «لوندين بتروليوم» إحدى أكثر الشركات نجاحاً في إضافة احتياطات جديدة: «يواجه كثير من الشركات ضغوطاً كبيرة من المستثمرين لتحقيق عوائد في الأجل القصير. وعندما تستثمر في التنقيب ينبغي أن تفكر وتستثمر للأجل الطويل».

بين الاكتشاف والإنتاج

وعندما اكتشفت «كونوكو فيليبس» حقل «إيكوفيسك» العملاق قبالة سواحل النروج في الستينات احتاجت الشركة عامين لبدء الإنتاج من الحقل. وبعد نصف قرن من الزمن ستحتاج «ستات أويل» عشر سنوات لبدء الإنتاج من حقل «يوهان سفيردروب» وهو اكتشاف كبير مماثل.

وأضاف هيبنستال: «أعتقد أنّ الشركات الكبرى ستدرك أنها لا تملك موارد كافية. لذا أعتقد أنّ المستثمرين سيغيرون تركيزهم فجأة وستضطر الشركات الكبرى إلى شراء الموارد».

ويتكلف شراء النفط في مناطق غير مطورة مثل بحر الشمال حوالى 8-10 دولارات للبرميل أما تكلفة الاكتشاف فتبلغ 1-3 دولارات للبرميل ومن ثم تواجه الشركات الكبرى تكاليف استحواذ كبيرة في المستقبل أو ستنخفض مواردها.

وقال جون أولايسن المحلل لدى «إيه بي جي سندال كولير»: «هذه الحلقة مشابهة للأزمة الآسيوية في 1998 عندما ظلت أنشطة التنقيب مستقرة طوال ست سنوات». وأضاف: «ستؤثر في سعر النفط وأعتقد أنها تؤثر بالفعل، لأننا لو نظرنا إلى أسعار العقود الآجلة للنفط حالياً فستجد أنها تتحرك صعودياً في الوقت الذي يتراجع السعر الفوري».

وفي الوقت الذي تراجعت عقود شهر أقرب استحقاق أكثر من سبعة في المئة هذا العام، فقد ارتفع سعر العقود للتسليم في حوالى 2020 بنسبة 12 في المئة.

وتعتبر الزيادة في إنتاج النفط الصخري من بين العوامل المتسببة في تراجع التنقيب نظراً الى أنّ الفترة بين عمليات الحفر والإنتاج تعادل عُشر الفترة اللازمة لتطوير حقل بحري.

ولفت أندرو لاثام نائب الرئيس لخدمات التنقيب في «وود ماكنزي» إلى أنّ «عدد كبير من الشركات لا سيما الشركات المستقلة الكبرى في أميركا الشمالية انسحبت من سوق التنقيب الدولية وتتجه إلى فرص محلية أكثر أمناً».

وأشارت شركات الطاقة إلى أنّ زيادة الكميات المستخلصة من الحقول القائمة ستعزز الاحتياطيات وهو ما سيعوض انخفاض معدل الاكتشافات. ويبلغ معدل الاستخلاص العالمي حوالي 30-35 في المئة من الاحتياطات الإجمالية لأي حقل في حين أنّ الشركات في المناطق مكتملة التطوير في بحر الشمال تستخلص أكثر من 50 في المئة من الاحتياطيات. لكنّ الواقع قد يكون مختلفاً.

واعتبر غريث موين الرئيس التنفيذي لشركة بيتورو التي تشرف على استثمارات النفط والغاز الحكومية في النروج أنّ «زيادة استخلاص النفط أمر هامشي بطبيعته. إذا كان ترتيب الأولويات بالنسبة إلى رأس المال يخضع لقيود مشددة، وخفضت موازنة الاستثمارات فسيكون أسهل شيء هو تقليص تلك المشاريع».

وتمثل التكاليف مشكلة كبرى، إذ قفزت كلفة الحفر إلى ثلاثة أضعافها في عشر سنوات بسبب بطء العمل وارتفاع أسعار الحفارات وتزايد البيروقراطية وهو ما يحبط عمليات التنقيب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى