إذا قالت سورية فصدقوها فعند سورية الخبر اليقين

د. سليم حربا

منذ ثلاث سنوات ونصف ببصيرتها أبصرت سورية وأضاءت لعميان القلوب ومسطحي العقول مخاطر الغول من المغول وتلامذتهم وهابية الدواعش والنصرة والفروع والأصول، وقرعت سورية جرس الإنذار على مسامع العالم الأصم والأبكم وأسمعت من به صمم بأن هذا الإرهاب كوباء الجراد وأنفلونزا الخنازير وجنون البقر الذي سيعبر الحدود والقيود ويدمر الحجر والشجر والبشر ويهدد الحضارة قديمها وقادمها ويرتد على حماته ورعاته، وأن دعمه وشحذ سواطيره وتمشيط لحاه كمن يحفر قبر العالم لإسلامييه ومسيحييه ورسائل أنبيائه ورسله ليدفنها في مقبرة أبي جهل وأبي لهب، وبعد أن تحوّل الخيال إلى واقع والبشر إلى حطب في أفران نازية هذا العصر ذات اللهب والتي وصفها جاهليو هذا العصر بأنها جنات نعيم الربيع الإخواني الوهابي، بعد كل أبجدية الإرهاب التي اختُزلت بالتاءات القاتلة من تمويل وتسليح وتهريب وتحريض وتقطيع وتمثيل وتهجير وتزوير وتدريب وتدمير وتكشير عن الأنياب وأكل أكباد وإقامة دول مزعومة وإمارات أمّارة بالقتل، الآن يقول العالم هكذا قال الأسد. الآن وقبل فوات الأوان تمد سورية ذراعها وترسم خريطة الطريق لخلاص العالم وتقدّم حرصها وتعاونها ورغبتها من موقع حرصها وقوتها وبأس ومراس وخبرة وخيرة جيشها وشعبها وحكمة قيادتها ومخزونها المعرفي عن حسب ونسب والقائم والنائم من إرهاب محلي وإقليمي ودولي، لمواجهة هذه الجائحة الوهابية التي راحت تتسع وتهدد الخليج بنفطه وقواعده الأميركية وعروش حكامه وتهدد أردوغان وطربوشه العثماني بعمامة البغدادي وتصل حدة سواطيرها التي قطعت رأس فولي وتقتحم منامات الأميركيين والأوربيين، وفي وقت يصحو العالم المتحضر يبقى أولاند مأخوذاً بزرائب النعاج وخارج القطيع وخارج التغطية ليقول: «عنزة ولو طارت» وإن هناك إرهاباً معتدلاً.

إنها لحظة تاريخية ليقف العالم مع ذاته ويحدد مستقبله ويرسم ويطبق استراتيجية جديدة لمواجهة الإرهاب من الأسباب إلى النتائج تأسيساً على العقل والحسابات والقوانين والمواثيق والمصير والتعاون السوري والتطبيق الأمين للقرار 2170 ويشكّل حلفاً لخوض حرب عالمية ضد الإرهاب، وبما أن الأنكل سام يرى ما اقترفت يداه ونفخ فاه عليه أن يلتقط اللحظة ويصدق ولو مرة ويلجم حلفاءه وأدواته ويرمي عبواته ذات الاستخدام لمرة واحدة ويتصالح مع التاريخ والشعوب ويحمي مصالحه ويدرك بخبرته وخبرائه، أن الإرهاب ومكافحته حاجة وضرورة إقليمية ودولية، وأن هذا الإرهاب لا يُهزم بالجغرافيا فقط ولا يُهزم بالقوة العسكرية وفي إطارها الضربات الجوية الانتقائية على أهميتها، بل يحتاج إلى أعلى أشكال التنسيق العسكري والأمني مع سورية والعراق ولبنان من أجل الإرهاب المقبوض عليه في الأغلال والإرهاب في الميدان والإرهاب العابر ليتوازى ويستمر التنسيق السياسي والدبلوماسي والإيديولوجي والإعلامي والاقتصادي لقطع كل الأسباب التي أدت بهذا الإرهاب إلى أن يبقى ويقوى بقوته المضافة إقليمياً ودولياً أكثر من قوته الذاتية، إنها لحظة الحقيقة أعلنتها دمشق والميدان هو الميزان وعلى كل مدعٍ بمكافحة الإرهاب أن يدرك أن أي خروج عن مسار المصير وحسن التنسيق والتدبير سيجعل الإرهاب معنّداً يصعب اجتثاثه، وأن أي خلية إرهابية سرطانية في المنطقة ستبقى لتعود وتنتشر من لبنان وسورية والعراق والسعودية وتركيا وأوروبا فهل من يعتبر؟ ألا تتطلب هذه الاستراتيجية الكبرى على السياسات والحسابات الضيقة والأحقاد والضغائن والغرائز في سبيل أسمى هدف وأنبل غاية وأقدس رسالة، ولو تطلب الأمر ليس فقط التنسيق مع سورية والعراق ولبنان وإيران وروسيا بل حتى مع حزب الله، أم أننا سنبقى محكومين بمقولة «فالج لا تعالج» ويعود بعد سنين آلاف الضحايا ليقولوا إذا قالت سورية فصدقوها فعند سورية الخبر اليقين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى