ولادة نور

هناك، حيث الشمس تشرق باشتياق، حيث الزهرة والندى أروع عشّاق، حيث يشهق الفجر حتّى الإشراق، حيث الدمع يفيض نشوةً في المآقي، حيث أنا أهوى أن أعيش وأغزل حلمي فكرةً من ريش، وأرسلها إلى تلك الهضاب التي كلّ ما عليها صواب. هناك، يغتسل المرء بماء الحياة. لا قيود، لا حقد، لا كره، لا حبّ، لا أطفال، لا زوجات، لا أمهات. انعتاق في انعتاق في انعتاق. على هضبة التيبت سأكمل ما تبقّى من حياتي، ويكون مولدي في لحظة مماتي.

هناك، تنعتق روحي من القيود، وأقيم في الفردوس المفقود. هناك أتحرّر من مشنقتي التي تخنقني، من حبّي وكرهي وحسدي وحقدي وحنيني إليك. أتحرّر من طفولتي وذلّي وأمّي وأختي وجيراني وأحبّتي جميعاً. ما لي بهم وأنا على قمّة التيبت؟ هناك، رهبان وهبوا أنفسهم للشمس يقيمون في مغائر مجهولة. لديهم قوى خارقة، قد نسوا اللغة والكلام والمدينة والخصام. باتت الدنيا بكاملها في عيونهم كومة حطام، تجرّدوا لدرجة الذوبان. هي سعادتهم تلك البقاع… لو أعيش معهم ووحدتي واليراع، كانت حتى بشاعتي إبداعَ الإبداع.

نور القضماني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى