عربان النفط يحاربون الدراما السورية

بسام موسى

وصل الحقد والكره لدى دول الخليج العربي، التي تموّل الإرهاب الذي يضرب سورية منذ خمس سنوات، إلى إصدار قرارات قبل مدّة، طلبت فيها من جميع القنوات الفضائية المنوّعة الحكومية عدم شراء الدراما السورية، وأن تعوّض بالأعمال التركية والهندية والكورية المدبلجة، خصوصاً أن العلاقة بين دول الخليج ـ قطر والسعودية تحديداً ـ مع تركيا، كالسمن على العسل.

وأيضاً تتحمل شركات الإنتاج السوري الخاصة، مسؤوليةً وطنية في نشر الأعمال التركية الهابطة وشرائها ودبلجتها، والتي لا مقارنة بينها وبين الأعمال السورية.

القصة ليست جديدة، فقد بدأت قبل الأزمة السورية، وكتبنا في الصحف مقالات عدّة تحذّر من خطورة هذه الدراما على المسلسلات السورية، ولكن لا حياة لمن تنادي، لأن شركات الإنتاج الخاصة همّها الربح وجمع المال.

اليوم، ما النتيجة بعد سنوات؟ غزو تركي للفضاء العربي، وقد استباحت الدراما التركية المدبلجة القنوات، وكثر الطلب عليها، بينما الدراما السورية العريقة لا تجد لها سوقاً للعرض، وإلى الوراء تعود. فيما قدّمت دبلجة الأعمال التركية بالعربية شهرةًَ ومتابعةً لهذه الأعمال من الجمهور العربي، كونها تُحكى بصوت الفنان السوري. وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ بعض الفنانين السوريين أيضاً كسبوا من الدراما التركية المال، كونهم كانوا عاطلين عن العمل، وكلّ فنان يضع صوته في دبلجة عمل يتقاضى مبلغاً مهماً.

عام 1995، غزت الدراما السورية الفضاء العربي بكثافة، وكان الطلب عليها كبيراً، خصوصاً من دول الخليج التي كانت تموّل الأعمال السورية مقابل أن تعرَض عندها. وهذا ما كان يحصل، وكان شهر رمضان آنذاك يضمّ عشرات الأعمال التاريخية والاجتماعية والكوميدية، خصوصاً «مرايا» للفنان القدير ياسر العظمة، وأعمال القدير دريد لحام، وغيرها من الأعمال التي حفرت بالبال والذاكرة.

اليوم، الدراما السورية تحارَب، ويُمنَع عرضها في دول النفط والغاز، التي تحارب الشعب السوري وتقتله، وترسل المال والسلاح للعصابات الإرهابية المسلّحة من أجل تدمير سورية.

من هنا، المطلوب في المرحلة المقبلة، حماية الدراما السورية وإصدار قرار حكوميّ يمنع دبلجة الأعمال التركية في سورية، تحت الملاحقة القانونية لكل شركة إنتاج خاصة. تركيا ترسل لنا كلّ يوم عشرات الإرهابين لقتل الشعب السوري، ونسأل وزارة الإعلام السورية كيف تقبل دبلجة أعمال لدولة هي معادية لنا، وتشارك في الحرب التي تُشنّ على سوريانا حالياً. أين الوزارة ودورها وأين الرقابة على الأعمال؟

ونقابة الفنانين السوريين لها أيضاً دور في هذا الأمر، وعليها دعم الدراما السورية. ونخص بالذكر النقيب زهير رمضان، والمجلس الجديد، إذ لم نسمع من النقيب سوى الوعود والتصريحات في الإعلام. أين دور نقابة الفنانين في حماية الدراما السورية؟ فهي لها الفضل على مئات النجوم الذين جنوا منها عشرات الملايين من الليرات السورية ونالوا الشهرة والأضواء. ومع بدء الأزمة، هرب بعضهم خارج البلد، وظهروا على الفضائيات المعادية لسورية مثل «الجزيرة» و«العربية» ليعطوا الناس «دروساً في الحرّية والديمقراطية وحرّية التعبير».

أخيراً، نتمنّى أن تلقى هذه الصرخة صدى ومتابعة من القائمين على الدراما السورية، التي رغم الحرب والحصار، وعلى مدى خمس سنوات، وتحت الصواريخ والهاون، تعمل وتنتج أعمالاً جديدة، وتعطى للعالم دروساً وعبراً، أن الشعب السوري شعب صامد ويصنع ويقدّم دراما وأفلاماً سينمائية، وعلينا أن ندعم الدراما ونتصدّى لمن يحاربها. فهي قدّمت سورية للعالم ودخلت كلّ البيوت وجالت في كلّ القارات، وهي سفيرة بلاد الياسمين والورد الجوري إلى كلّ الناس.

كاتب سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى