اعوجاج أردوغان لا يستوي وإنْ تغيّر القالب السياسي…

جمال رابعة

طالما كان لحزب العدالة والتنمية وحكومته وفي مقدّمتهم ديكتاتور أنقرة الدور الهامّ والتنفيذي لمخططات المحور المعادي الأميركي الصهيوني الخليجي التركي كاملة، تلك التي استهدفت الدولة والشعب السوري والخزان البشري والعابر والملجأ لكلّ مجاميع الإرهاب الدولي طال لظاها الشعب العربي السوري ودولته الوطنية. اما ما يدور حالياً في مدينة جرابلس فما هو الا مسرحية نشاهد فصولاً منها بانسحاب داعش من جرابلس بدون ايّ اشتباك أو صدام أو معارك، وبأوامر من مشغلهم بالوكالة المخابرات التركية وبدعم مسرحي من قبل القوات الجوية الأميركية لتحلّ مكانهم عصابات انسحبت من جبهات حلب، قدّرت بحوالي ألف مقاتل يتبعون لفرقة حمزة وفيلق الشام والسلطان مراد وحركة احرار الشام وحركة الزنكي وجيش التحرير وصقور الجبل والجبهة الشامية، وإحلال إرهابيين اوزبكستانيين وشيشان وإيغور مكان السوريين بناء على طلب المخابرات التركية الى مدينة جرابلس محاولة منها للسيطرة على بقع جغرافية محدّدة وبسقوف منخفضة المطالب لتحقيق اكثر من هدف، منها إيجاد دور والدخول بالعملية السياسية التي يمهّد لها اليوم لافروف وكيري ومنع قيام جغرافية متصلة تكون تحت السيطرة الكردية وما يؤكد انخفاض مستوى سقوف المطالبة التركية تصريح رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم لا لتقسيم سورية…

وأضاف في مقابلة بثت على الهواء مباشرة على قناة «خبر» التركية أنّ حكومة الرئيس السوري بشار الأسد لا يمكن تجاهلها من أجل إيجاد حلّ سياسي للصراع السوري المتعدّد الأطراف.

أسئلة عديدة تتبادر للذهن دون جواب واضح لما يحدث في الشمال السوري، وأخصّ بالذكر في مدينة جرابلس، وهل الحدث في سياق الاستثمار الإقليمي والدولي لتلك الحرب الظالمة التي شنّت على الشعب والدولة السورية؟

تستند السياسة الخارجية الأميركية على استثمار مكوّنات الصراع في المنطقة، من هنا كان استثمارها للإرهاب عبر داعش والقاعدة والنصرة وما شابهها من التنظيمات التكفيرية الوهابية لتحقيق الأهداف والاستراتيجيات والمصالح الاقتصادية وفق المشروع الصهيوأميركي.

من هنا أرى ما تقوم به الإدارة الأميركية في إشاعة حالة اللااستقرار في المنطقة يدعمها بعض الفصائل من المكوّن الكردي كقوات سورية الديمقراطية والأسايش في الشمال السوري لجهة طموح وتطلعات هذه الجهات لإنشاء كيان كردي لا يمكن تحقيقه لعدم توفر أيّ عامل من عوامل نجاح إنشاء هذا الكيان إقليمياً ودولياً، وداخل المكوّن الكردي بتناقضاته وحتى يبقى الجرح السوري مفتوحاً ولجهة إطالة أمد الصراع في سورية واستنزافها دولة وشعباً تتلقى الدعم الأميركي والصهيوني اللامحدود، وما مشاهدة اليهودي هنري ليفي في الشمال السوري الى جانب قيادات كردية من الأسايش وقيادات أخرى من «قسد» وفي الميدان خير دليل على وجود الأصابع الصهيونية في كلّ ما يحصل في الشمال السوري.

وحتى يبقى الصراع قائماً ويستثمر بالشكل الأمثل جاءت تصريحات نائب الرئيس الأميركي جو بايدن بإعطاء الأوامر الى قوات سورية الديمقراطية بالتراجع إلى شرق الفرات، حيث هدّد بايدن الأكراد بعدم حصولهم على الدعم الاميركي ما لم يفوا بالتزاماتهم، في هذا السياق يأتي الدعم الأميركي للطرفين الكردي والتركي مما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك إصرار الجانب الاميركي على المضيّ قدماً بسياساته للاستثمار في الصراع التركي الكردي لجهة إبقاء بؤرة الصراع ملتهبة ومخرجاتها متعدّدة الأوجه تستثمر في سورية وتركيا والمنطقة عموماً وعلى حساب شعوبها.

من تجليات أهمّ النتائج لتلك السياسات استمرار الصراع في المنطقة وإطالة أمد الحرب وإبقاء التوتر قائماً لتحقيق الأهداف المرسومة، كالفوضى الخلاقة وصولاً الى التقسيم مع شركائهم الإقليميين الذي تآمروا على أوطانهم يتقدّمهم ديكتاتور أنقرة أردوغان، وكما جاء وفق تصريحات قادة حزب الوطن التركي.

في سياق آخر زار سورية وفد من حزب الوطن التركي المعارض، وضمّ الوفد نائب رئيس حزب الوطن الأميرال العماد البحري سونير بولات رئيس دائرة الاستخبارات في القوة البحرية سابقاً، والعماد اسماعيل حقي رئيس استخبارات اركان الجيش التركي سابقاً ونائب رئيس حزب الوطن، والعماد السابق في القوى الجوية بيازيد قرطاش ويونس سونير مدير العلاقات الخارجية في حزب الوطن المعارض، والمحامي أنور غوزاوتان ممثل حزب الوطن في مصر، إضافة الى نوري تركش رجل أعمال وعضو في الحزب والدكتور محمد يوفا رئيس لجنة الصداقة السورية ـ التركية.

قدموا إلى دمشق يحملون المحبة والتقدير للشعب السوري وغصن زيتون يعيد السلام الى العلاقات السورية ـ التركية التي أساء لها وعطلها أردوغان وحزب العدالة… قدموا إلى دمشق ليقولوا إنْ قُسّمت سورية فمصير تركيا التجزئة، وإنْ دخلت واشنطن الى حلب فتركيا في طريقها الى التجزئة أيضاً.

نقتبس بعض التصريحات بقولهم جئنا نصحّح المسار السياسي ونطرد شياطين التقسيم… أمن الأتراك من أمن السوريين… الجيش التركي قادر على إغلاق الحدود خلال 24 ساعة أمام الإرهابيين لو توفرت الإرادة السياسية… وتركيا أكبر من أردوغان وحزبه الإخواني.

الخارجية السورية أدانت «الخرق السافر لسيادتها»، وأكّدت أنّ «ما يجري في جرابلس ليس محاربة للإرهاب كما تزعم تركيا، بل هو إحلال لإرهاب آخر مكانه».

ختاماً، أرى أنه لا يمكن دخول القوات التركية إلى جرابلس ما لم يكن هناك تفاهم مع الحلفاء بشروط ما زلنا نجهلها، لأنه طالما كان يحلم أردوغان بتحقيق ذلك وعبر سنوات خمس ونيّف لم يفلح بها لتأمين منطقة آمنة، كما يدّعي.

أهمّ ما يميّز دكتاتور أنقرة الغدر والخيانة وعدم الوفاء. وهذا ما أتوقعه منه.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى