هل بدأ القصر الملكي السعودي ينهار من الداخل؟

حسين الديراني

نشهد انتفاضة متعددة الاتجاه ضد النظام الديكتاتوري الحاكم في السعودية بدأت حركتها سلمية على الصعد كافة، وقد تتحول الى مواجهات عسكرية لاحقاً عندما يشتد الصراع.


سوف نتحدث عن الحوادث الحديثة العهد ومنها اعتصام زوجة الملك عبد الله بن عبد العزيز السابقة السيدة العنود الفايز بتاريخ 24 آذار 2014 أمام السفارة السعودية في لندن للمطالبة بإطلاق سراح بناتها الأربع المحتجزات منذ 12 عاماً، وتوفير الرعاية الطبية لهن. وقالت الفايز إن بناتها ممنوعات من الخروج لتوفير أبسط الحاجات، بما في ذلك الأدوية اللازمة، وناشدت الرئيس الأميركي اوباما التدخل لإنقاذهن خلال زيارته المملكة السعودية ولقائه الملك عبد الله، واشتكت من التعتيم الإعلامي على هذه القضية الانسانية بسبب المال السعودي الذي يُصرف على وسائل الإعلام العالمية.

ثم جاء دور بنات الملك عبد الله أنفسهن اللواتي يقبعن في سجن كبير مثل رهينات محتجزات منذ أكثر من 12 عاماً، عبر رسالة مصورة بثتها محطة بريطانية يحكين من خلالها معاناتهن بواسطة برنامج «سكايب». ورداً على سؤال حول المسؤول عن حالهن أكدت إحدى الاميرات أن والدهن الملك عبد الله هو بالتاكيد المسؤول عن ذلك. ورداً على سؤال ماذا يتوقعن من زيارة اوباما للملكة؟ أجابت أن لقاءات قادة بلدان العالم مع والدهن شيء مخجل بسبب التخلف الذي يعانيه الجهاز الحاكم في السعودية على مستوى حقوق الإنسان. وأوضحن أن الضغوط عليهن ازدادت مذ كشفن عن تلك الفضيحة، وفي جانب آخر، من اللقاء أشرن إلى أنهن يعانين الحرمان حتى في المشرب والمأكل، وهنّ ممنوعات من لقاء أحد. ولفتن الى أنهن جزء صغير من النساء اللواتي يتعرضن للحرمان في السعودية، متساءلات: إذا كان الملك يفعل هذا ببناته فما حال الأخريات؟

لكن خاب ظن الأميرة العنود وبناتها الأربع والعالم الحر بالرئيس أوباما، رئيس أكبر دولة «ديمقراطية» في العالم إذ لم يتطرق الى موضوعهن وحالتهن الانسانية، فالقلادة الذهبية المرصعة بالألماس التي قلده إياها الملك عبد الله خلال لقائهما أنسته كل القضايا الانسانية، وأنسته حتى ديمقراطيته التي يتباهى بها أمام دول العالم.

لكن ما أحدثه عرض هذا الفيلم على الصعيد الانساني العالمي كان بمثابة قنبلة متفجرة داخل القصر الملكي لا يمكن تجاهلها، إذ كانت فضحية مدوية تناولتها معظم الصحف العالمية رغم الأموال السعودية الهائلة التي بذلت لمنع نشرها.

جاء دور انتفاضة الشعب السعودي عبر نشر آرائهم ومواجهتهم النظام الديكتاتوري الحاكم في السعودية بواسطة «يوتيوب»، وكانت خطوات جريئة وتحدياً كبيراً للنظام، إذ يظهر المعارض للنظام باثاً صورته وصوته، فيقوم النظام باعتقاله وزجّه في السجون المظلمة. ثم يأتي معارض آخر ويقوم بالتحدي نفسه، لتصبح القضية مثل كرة ثلج تكبر فتكبر حتى تكاد تصطدم بالقصر الملكي العنكبوتي فتزيله. واستقطبت مقاطع الفيديو أكبر عدد من المشاهدين، إذ بلغ عدد المشاهدين للمقطع الأخير أكثر من 800 ألف مشاهد خلال أربعة أيام للمعارض السعودي غانم المصارير الدوسري الذي حيا به الأبطال الخمسة، الدوسري والغامدي والحربي والعسيري والجهني، وندّد بالملك السعودي وطالب بإطاحة النظام الملكي الديكتاتوري الظالم.

الانتفاضة التي تجتاح السعودية من الرياض الى المنطقة الشرقية الى المناطق السعودية كافة بدأت تقلق النظام، وبناء على هذا القلق الشديد بدأت في دراسة سبل قمعها، ومن هذه السبل الهرب الى الأمام، بتسهيل نقل المتشددين التكفيريين الى الأردن ومنها الى تركيا عبر جسر جوي للمساهمة في استمرار الحرب على سورية، وللتخلص منهم عبر حرب خاسرة مع الجيش العربي السوري.

ثانياً: دسّ الاستخبارات السعودية داخل الحراك السلمي في المنطقة الشرقية واستعمال السلاح ضدّ رجال الأمن السعودي لتبرير قمع الانتفاضة السلمية بالوسائل العسكرية، ثم لتجييش الشعب السعودي ضد إخوانهم في المنطقة الشرقية على أساس أنهم عملاء للخارج يريدون القضاء على الشعب السعودي، مستخدمين وعّاظ السلاطين لبث روح المذهبية البغيضة والتحريض على قتل الشيعة.

هذه الخطة يأمل منها النظام قمع الانتفاضة الشعبية السلمية في المنطقة الشرقية، وإخماد أو تأجيل الانتفاضة عند الشباب السعودي الذي بات يشعر بالإحباط واليأس من العيش في دولة تقمع أبسط الحريات، ويشعرون بأنهم عبيد لدى ملك يرمي إليهم فتات من بقايا مائدته، ويمنّ عليهم بالعطاء كأنه يملك الأرض وما في باطنها، والبحر وما في أعماقه، والسماء وما فيها من هواء.

فهل يستطيع النظام السعودي مواجهة تلك التحديات الداخلية كلها بدءأً من داخل قصره المتصدّع، ومن حركة الانتفاضة الشعبية في المناطق الشرقية والغربية؟ ناهيك عن حركة الإصلاح الاسلامية في السعودية التي يقودها المعارض السعودي الدكتور سعد الفقيه، وتدعو الى إزالة النظام الملكي بالطرائق السلمية. وهل يستطيع مواجهة التحديات الخارجية التي ورّط نفسه فيها من خلال دعمه الإرهاب في سورية والعراق ولبنان وايران؟

ماذا يخبّئ لنا المستقبل القريب في الداخل السعودي بعد رحيل الملك عبد الله الذي يعاني أمراضاً مزمنة؟ خاصة أن الصراع على الحكم وسط العائلة الحاكمة بدأ، وهذا الصراع على الحكم لن يكون بعيداً عن أنظار الشعب الحجازي بجميع أطيافه، وبات يتطلع الى نظام يحقق به طموحاته وينال به حريته المسلوبة من عائلة أكل الدهر عليها وشرب.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى