مجموعة الاتصال الأوكرانية تستأنف لقاءاتها في مينسك

أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن سلطات كييف لا تريد إجراء حوار حقيقي مع جنوب شرق أوكرانيا.

وقال في حديث صحافي أمس: «أعتقد أن السبب الرئيسي يتمثل في أن سلطات كييف الحالية لا تريد إجراء حوار سياسي ذي مضمون حقيقي مع شرق بلادها».

وبشأن أفعال المسلحين أشار بوتين إلى أن هدفهم هو إبعاد القوات المسلحة الأوكرانية والمدفعية عن المدن الكبرى في شرق البلاد لمنع قصف الأحياء السكنية، مؤكداً أن المهمة الرئيسية الآن تتمثل في إنقاذ المدنيين في المدن التي حاصرتها القوات النظامية الأوكرانية وتقوم بقصفها بشكل مباشر.

وذكّر الرئيس الروسي بأن عملية مفاوضات مباشرة مهمة جداً تبدأ حالياً، مؤكداً أنه عمل على ذلك مع الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو ونظراء أوروبيين وفي النهاية تمّ التوصل إلى اتفاق حول استئناف الاتصالات.

جاء ذلك في وقت استؤنفت أمس في العاصمة البيلاروسية اجتماعات مجموعة الاتصال الخاصة بتسوية الأزمة الأوكرانية، إذ شارك في اللقاء سفير روسيا لدى كييف ميخائيل زورابوف والرئيس الأوكراني الأسبق ليونيد كوتشما والممثلة الرسمية للرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون الأوربي هايدي تاليافيني، إضافة إلى نائب رئيس حكومة «جمهورية دونيتسك الشعبية» أندريه بورغين.

وتعول كييف وموسكو على لقاء مينسك في تحقيق تقدم ملموس على طريق حل النزاع مع مناطق جنوب شرقي أوكرانيا بالطرق السلمية، خصوصاً أن العاصمتين أطلقتا عشية اللقاء إشارات إيجابية في هذا الاتجاه.

فقد أعلن الرئيس الروسي إنه اتفق مع الرئيس الأوكراني بيوتر بوريشينكو على حل الأزمة الأوكرانية بالطرق السلمية. وقال: «أعتقد أن هذا درس جيد لنا جميعاً من أجل أن ننهي هذه المأساة بأسرع وقت ممكن وبالطرق السلمية والحوار، وفي المناسبة اتفقت على هذا الأمر مع الرئيس بيوتر بوروشينكو، كما اتفقنا على ألا يكرر أحد أبداً تلك الأخطاء التي ارتكبت في أوكرانيا خلال عملية الاستيلاء على السلطة، كونها كانت السبب الأول فيما يحدث حالياً».

من ناحية أخرى، أكد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أن بلاده لن تتدخل عسكرياً في النزاع الأوكراني، مشيراً إلى أن هدف لقاء مجموعة الاتصال في مينسك هو التوصل لوقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا. ولفت خلال كلمة أمام طلبة جامعة موسكو للعلاقات الدولية أمس إلى إن خطة الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو للسلام تتلخص في إرغام مقاتلي «الدفاع الشعبي» في شرق أوكرانيا على إلقاء السلاح والسماح بالقضاء عليهم.

وشدد لافروف على «وجوب الجلوس وإجراء محادثات بدلاً من التمسك بالمطالب غير الواقعية القاضية بأن يلقي «الدفاع الشعبي» سلاحه ليسمح مقاتلوه للآخرين بتصفيتهم. إن خطة بيوتر بوروشينكو للسلام تتلخص في ذلك تماماً».

ودعا الوزير الروسي إلى إجراء مفاوضات صريحة ومناقشة كل الخلافات القائمة من دون التهديد بفرض العقوبات. وأعرب عن قناعته بأن «العلاقات بين روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يجب أن تعود إلى التعاون البرغماتي وينبغي التخلي عن سياسة التهديد والوعيد والعقوبات التي لا آفاق لها».

وأشار لافروف إلى أن روسيا تأمل بإجراء حوار مع الغرب لا الإنصات إلى اتهامات فارغة. وقال: «تجب مناقشة ما لا نتفق عليه مع شركائنا الدوليين. نأمل بأن يتعاملوا معنا بشكل مماثل، وألا يتهمونا بلا أساس بارتكاب جميع الذنوب، بل أن نجلس معا ونبحث كل الادعاءات. إذا لم يحدث ذلك فنتوصل إلى استنتاج مفاده أن الانتقادات بعينها هي الهدف لتبرير الإنذارات والعقوبات».

وأكد لافروف أن بلاده لن تغلق أبواب التعاون مع شركائها رداً على فرض عقوبات جديدة ولا تنوي الانسحاب من منظمة التجارة العالمية، بل تنوي اللجوء إلى آلياتها. وقال: «بشأن خطوات مقابلة في حال فرض عقوبات جديدة ضد روسيا لن أتطرق إلى الحديث عنها لأنه يجب أن ندرسها بشكل جيد. وسنتخذ قرارات للرد على ذلك بعد أن نفهم ما هي الإجراءات التي يتخذها شركاؤنا الأميركيون والأوروبيون»، مشيراً إلى أن موسكو ستنطلق من مصالحها دفاعاً عن اقتصادها ومصالحها الاجتماعية ومصالح مواطنيها.

وذكر الوزير الروسي أن الولايات المتحدة تدعو الجميع إلى التخلي عن مناطق النفوذ لكنها تحافظ على حقها في توسيع نطاق مصالحها الجيوسياسية المحتملة. وأضاف: «الأنموذج الأحادي القطب فشل والجميع يوافق على ذلك. والشعوب تسعى بشكل متزايد إلى تقرير مصيرها بنفسها واختيار نماذج التنمية التي تأخذ في عين الاعتبار تقاليدها وهويتها الثقافية. هذه العمليات موضوعية، تتم عولمة العالم، ويصبح العالم أكثر تنوعاً، وتظهر فيه مراكز جديدة للتنمية الاقتصادية وهي الصين والهند والبرازيل. ويؤدي النمو الاقتصادي إلى نمو القدرة المالية وبعد ذلك إلى النفوذ السياسي، لذلك يعدّ تجاهل المراكز الجديدة للتنمية الاقتصادية وبخاصة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ رفضاً للتاريخ والعمليات الموضوعية».

ودعا لافروف إلى عودة المحققين الأوروبيين إلى موقع تحطم الطائرة الماليزية في مقاطعة دونيتسك شرق أوكرانيا. وقال: «أعتقد أن من الضروري عودة المحققين هناك. لماذا لا يدرسون الشظايا الموجودة هناك؟ من الممكن تصويرها، ومن الممكن الاقتراب منها. وسيتمكن الخبراء اعتماداً على تحليل طابع الثقوب على أجنحة وجسم الطائرة وغرفة الطيارين على الأرجح من فهم نوع الأسلحة التي أطلقت على الطائرة».

وفي السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية تشين كانغ إن الأزمة الأوكرانية تتطلب حلاً سياسياً، مضيفاً أن فرض العقوبات على روسيا كأداة لحل المشكلة قد يؤدي إلى تدهور الأوضاع. وعبّر تشين كانغ عن أمله بالتوصل إلى نتائج إيجابية في اجتماع مجموعة الاتصال الذي يعقد في مينسك.

وأكد أندريه ليسينكو المتحدث باسم مجلس الأمن والدفاع الوطني الأوكراني أن القوات الأوكرانية انسحبت أمس من مطار مدينة لوغانسك بشرق أوكرانيا، وقال إن 7 جنود أوكرانيين قتلوا وأصيب 25 آخرون بجروح خلال اليوم الأخير للقتال في شرق أوكرانيا.

ووصف المسؤول الأوكراني الوضع في محيط إيلوفايسك حيث جرت محاصرة عدد من الكتائب الأوكرانية بأنه «معقد للغاية»، وامتنع عن البوح بأية تفاصيل قبل انتهاء عملية فك الحصار، واعداً في الوقت ذاته بمعاقبة المسؤولين عن وقوع هذه الكتائب في هذا المأزق.

تصريح ليسينكو جاء في وقت أعلنت قوات «جمهورية دونيتسك الشعبية» في وقت سابق استمرار المعارك من أجل فرض السيطرة على مطار دونيتسك.

وأشار مصدر في قوات «دونيتسك الشعبية» إلى أن القوات الأوكرانية انسحبت من المطار جزئياً ولا يمكن الحديث عن فرض سيطرة تامة عليه من قبل القوات المحلية، لافتاً إلى أن المطار كان موقعاً استراتيجياً للقوات الأوكرانية وقاعدة لهجومها على المدينة.

من جهة أخرى أعلنت دونيتسك أن قواتها تمكنت بالقرب من مدينة ماريوبل الساحلية من قتل و جرح حوالى 100 جندي أوكراني وإسقاط مقاتلة للجيش من نوع «سو-25» ومروحيتين من نوع «مي-8».

وتمكنت قوات «الدفاع الشعبي» من مصادرة دبابتين ومدرعتين و24 سيارة عسكرية و14 وحدة من الأسلحة وراجمات القنابل. وأكدت أنها خاضت أول معركة بحرية ناجحة، وتمكنت من تدمير زورقين عسكريين أوكرانيين بعد محاولتهما قصف وحدات المسلحين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى